العزف على وتر الذكرى


ساحة الكلية المظللة بالاشجار والتى تنتشر فيها المقاعد تعج بالطلبة والضيوف اليوم احتفال الكلية السنوى بالطلبة المتخرجين
لمحتها وسط الزحام تلاقت الاعين ابتسمت لها فى ود بادلتنى  بأبتسامة واثقة اقتربت منها سالتها هل انتى متخرجة؟ قالت لا السنة القادمة قلت فى نفسى الحمد لله هناك متسع من الوقت
انها تمتلك جمال له طعم مختلف يستعصى على وصفه له نكهة جذابة وساحرة اثر نفسى بصورة سريعة جدا
تحدثنا حديث عام عن الكلية والدراسة حديثها حلو ومرح وواثق 0 تعارفنا اخذنا موقعا هادى من الساحة الطلبة والطالبات يمرون من امامنا فى ملابس زاهية ومشكلة واخرى خليعة فاليوم
تحرروا من الزى الموحد 0
قلت لها اليوم عرض ازياء انهم يمضون بهذه الخلاعة للضياع
قالت بل هو الضياع
خيمت علينا لحظة صمت احسستها دهرا من التعب قلت لها لااحب لحظات الصمت الطويل
ضحكت وقالت ا ن فى الصمت كلام عميق احيانا 0 احترمتها اكثر
تواصل اللقاء وتولدت مشاعر جديدة مع كل لقاء تشعبت مواضيع الحديث تحدثنا عن الامـــل
والمستقبل تحدثنا عن الحلم وهذا الزمن الصعب حدثتنى عن اسرتها ومحافظتها ميسان ومدينتها العمارة التى لم تراها طول عمرها
قلت لها أذا انتى بغدادية
قالت ولدت فى بغداد وترعرت فيها ولم ابرحها شبر اذا انا بغدادية
حدثتها عن عادات وتقاليد بلادى اهديتها روايات الطيب صالح تحدثنا عن الاخوة كارامازوف والادب الروسى فهى مولعة بالادب الروسى قرات لى انشودة المطر للسياب غنت لى طالعة من بيت ابوها تحدثنا عن الرومانسية والواقعية والاشتراكية تحدثنا عن الحرية حلمنا بعالم جميل بلا قيود زائفة ننطلق فيه بلاحدود
قلت لها كم انتى رائعة كبغداد منسابة كالحلم مدهشة كالقصيدة
قالت تاخر لقانأ
قلت لها حدثينى عن الحب
قالت تتلاشى كل الاشياء وتصبح صغيرة وتافهة اذا احس المرء بوجود انسان قريب الى نفسه يقدم حبه صادقا
قلت اخترتك من بينهن حلاوة وعفة امراءة تتجاوز قشور المجتمع الزائفة فكونى مرفا دافى لاشواقى المتعبة نخلة تجزل العطاء رطبا حلو وحبا
قالت ان نخلتك اذا اخلصت
قلت لااملك سوى شريانى النازف صدق وصراحة
قالت انت قدرى
سوف تفصلنا المسافات الشاسعة انا لااستطيع  تطويع ظروفى وفقا للواقع احتاج سنينا هى لا تستطيع ان تعيش معى فى الديار
مضى العام بسرعة مدهشة سافرت لامضى الاجازة مع اهلى بالديار تاخرت هناك لظروف اسرية عندما عدت كنت اعلم بانى لن اجدها فعلا لم اجدها تخرجت واكملت كل اجراتها  وتركت لى رسالة مع صديق قالت لى  سوف اظل دائما ازكر اجمل لحظات صادقة حلوة ستظل فى
زاكرتى انشودة رائعة كما الخريف وسيبقى الحب ابدا ماحييت لظروف تعرفها وتحدثنا فيها كثيرا يصعب ان نقترن ببعض وحتى لانعيش العذاب دوما كما اتفقنا يجب ان نفترق على الحب دون وداع دون تبادل العناوين فالزمن كفيل بمعالجة الموقف تمنياتى لك بحياة سعيدة فى عالم يتلاشى منه القبح ويسوده الجمال والسلام والحرية كما حلمنا وداعا وداعا يا اعز واصدق واحب انسان عرفته فى هذه الدنيا
امتلكنى حزن رهيب ظل يلازمنى لم اكن اتخيل ان تاتى على مثل هذه اللحظة التى اتعذب فيها هكذا ساعة مااتخذنا القرار ان نفترق  فى لحظة لم نستيطع ان نكسر فيها حاجز واحد من الحواجز التى تعترض طريقنا
الناس من حولى يمرحون يمارسون الحياة كل كما يهوى يحبون يغنون  وصار الصمت المتكسر على الجدار لغتى وصورتنا انا وهى وصديقة لنا فى ساحة الكلية تؤنس صمتى ووحشتى وتغذى شوقى الملتهب
سالت عنها وعن اخبارها لم اجد من يدلنى زاد عذابى فانا الذى جلبت العذاب لنفسى  وربما لها ايضا
قابلها صديق صدفة سالته عنى بحرارة وعن اخبارى سالته  هل ذهب الى ليلة الشاعر محمود درويش بمهرجان المربد0 قال لى صديقى انها قاومت رغبة كبيرة منها للحضور معه لمقابلتى فارسلت لى معه سلام حار
عشت مع الذكرى ومازلت وظلت طوقا جميل يطوقنى 0 اخذتنى دوامة الحياة فى الديار الالتزامات الاسرية  العمل القهر القائم  تكميم الافواه ورغم ذلك ودوران الفصول والايام والسنين مازلت اعزف على وتر الذكرى تلك الاغنية الحزينة والشجن الملازم
عبدالرحمن غزالى
طرابلس/ليبيا
3/10/1993
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق