سقط النظام..وفاز الشعب

بقلم/ الطيب الزين
نعم لقد سقط النظام، كون المشاركة جاءت ولم تتعدى نسبة 16% وهذا التقدير ربما يعترض عليه البعض ويقول ان النسبة الحقيقية للمشاركة، كانت أقل من ذلك بكثير، لكن حتى لو افترضنا نسبة المشاركة كانت كذلك، فهي تقول ما نشهده الآن ما هو إلا بعض مظاهر فرفرة مذبوح لا أكثر، ويتجلى هذا، في مسرحية الإنتخابات المضروبة، التي أصر على أجراءها، بغرض خداع الشعب والمجتمع في المحيطين الاقليمي والدولي، وهو في لحظاته الأخيرة، لعله أن يضيف ركيزة جديدة تمنحه روحا جديدة، لركائز حكمه الاربعة المتهالكة .
1- الركيزة الأمنية...2- الركيزة السياسية..... 3- الركيزة الاقتصادية.....4- الركيزة العسكرية.....
1- الركيزة الأمنية قائمة على عدد من الأجهزة الأمنية، التي يتبع لها عدد كبير من رجال الأمن من أنصاره وأتباعه في حزب المؤتمر الوطني، وبعض ضعاف النفوس من المخبرين هنا وهناك. لإخضاع الشعب، عبر زرع الخوف في نفوس وعقول الناس..! بأن النظام يعرف كل ما يقوم به الاخرون، حتى في غرف نومهم، لانه يجيد أساليب الاختراق، وهذا النوع من الممارسات هم فالحون فيه جداً..! كونهم جاءوا للسلطة بلا شرعية قانونية.. لذلك لجؤوا لهذا السلوك المشين مع الشعب خلال سنوات حكمهم الماضية.
لكن هذه المنظومة الأمنية أنهارت يوم أن أكلت من علمها السحر التجسس والملاحقة والتجنيد، وهو صلاح قوش، ومن معه في أنصار ومؤيدين داخل الأجهزة الامنية والجيش، يومها شعر النظام بصعوبة أمر إدارة البلاد عبر القبضة الامنية لذلك حاول عاجزا هذه الايام الحصول على تأييد الشعب، حتى يتحرر من خوف ظل يلازمه طوال سنوات حكمه البائسة، فهذه المسرحية، كشفت عن صعوبة الاعتمادعلى الركيزة الامنية لوحدها، لأنها لم تحل دون وصول حركة العدل والمساواة لقلب الخرطوم في عام 2008 ، ولم تمنع الشعب من الخروج في سبتمبرمن العام الماضي، أو إضافته هذه الايام، مدماكا جديداً، لمداميك النضال الوطني، بامنتاعه ومقاطعته، لمسرحية الإنتخابات.
2- الركيزة الثانية سياسية: تقوم على مبدأ حكم الأقلية تحت شعارات الدين الذي تنتعله العصابة المجرمة، لتبريرعهرها السياسي الذي تمارسه باسم الدين. وبأسم الدين قضت على الشرعية السياسية الديمقراطية القائمة في حينها، واقامت بدلا عنه نظاما متهالكا ألحقت به بعض النفعيين والانتهازيين السياسيين الذين باعوا ضمائرهم، ومن ثم مارست باسمهم وباسم الدين كل الموبغات والمحرمات، تجاه المعارضيين الحقيقين تمثل في المتابعة والملاحقة والإعتقال والتعذيب والمحاكمات الصورية، والإعدامات الجائرة التي طالت المئات من الشرفاء، فحكمت البلاد بمنطق الهمجية والعنف والفساد. وليس مسرحية الإنتخابات البائسة هذه الأيام إلا دليلاً على أن النظام قد شاخ فكراً وسلوكاً وممارسات ووجوها. وتجلت شيخوخته وفشله في نهجه السياسي تجاه شعبه الذي اتسم بالعنف وإنتهاك حقوق الإنسان، الأمر الذي جعله نظاماً معزولاً خارجياً كالكلب الأجرب، كون رئيسه مازال مطلوبا لمحكمة الجنايات الدولية. برغم مشاركته في عاصفة الحزم التي تقودها السعودية بكل حكمة وإقتدار، لكن الذي يخشى منه أن تكون مشاركته، بعقلية الاختراق، لصالح إيران وجماعات الإسلام السياسي التي تنشر الفوضى والخراب..!
3- أما الركيزة الاقتصادية، فقد أدارها النظام بعقلية جوع كلبك يتبعك، فالنظام سيطر على موارد البلاد من زراعة وصناعة وغاز وبترول وذهب وغيرها، بعد ان باع أغلب مؤسسات القطاع العام، دون أن يعوض المواطن عن هذا الضرر، بل فرض عليه نظاما ضريبيا، حول حياته إلى جحيم لا يطاق، وأخيراً استولى على اراضي المواطنين في الجريف شرق بذريعة الاستثمار، لكن للأسف الإستثمار هذا، هو إستثمار طفيلي لا يخدم الاقتصاد الوطني، بل يضره كونه جعل السودان خاضعاً لمشيئة بعض الدول.. وحتى لو افترضنا ان للإستثمار الخارجي فائدة فهي حتماً لا تعود بالفائدة على الأغلبية من الشعب، بل تذهب لجيوب القلة الحاكمة ومن يخدمها من الانتهازيين.. لذلك إنهارت العملة السودانية في مقابل الدولار رغم كثرة الضجيج والتصريحات والوعود الكاذبة، التي وعودوا بها الشعب، بان المعاناة ستزول لانهم رافعون لراية الدين. لكن الذي حدث، هو العكس تماما اذ تعطلت التجارة والصناعة والزراعة، وقلت عائدات النفط بعد انفصال الجنوب فأصبح الريع قليلاً والمصروفات كبيرة. فتراجعت الأوضاع الاقتصادية، ولم يعد منجم النفط، كما كان عليه الحال قبل انفصال الجنوب فالدخل اصبح ضعيفاً، وخوت الخزائن، ولولا الدعم المالي الي يتلقاه من قطر وايران وغيرها لأفلس النظام منذ سنوات. وحتى الرفع الجزئي للحصار الاقتصادي الذي وعدت به الادارة الامريكية النظام، لن يحسن من الوضع الاقتصادي في البلاد، ما لم يتم التوصل لحل يضع حداً للحروب المتناسلة في البلاد بسبب التناقضات السياسية والمظالم الإجتماعية التي زادت حدتها بسبب سياسة همجية العنف التي يتبعها النظام.
4- الركيزة الاخيرة، وهي عسكرية، لمواجهة الحركات الثورية، التي تعمل على وضع حد للمظالم التاريخية عبر العمل المسلح، فهذه الاستراتيجية قد فشلت حتى الآن في إستعادة الاراضي التي حررتها الحركات الثورية من سيطرة النظام، اذن هذه الاستراتيجية جربت في الماضي وفشلت، وستفشل الآن، وفي المستقبل،لانها لا ليست الوسيلة المثلى لحل مشكلات سياسية ومظالم اجتماعية تاريخية. لذلك ليس من مصلحة البلاد الإستمرار في الحرب ضد نفسها، في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق، بعد ان نخسرنا الجنوب.. وحتما أن نتائج مسرحية الانتخابات ستنعكس على معنويات الجيش ومن معه من مليشيات متحالفة، أو متوافقة بسبب المصلحة والمال، لان هذه الاطراف قد وقفت على الوزن الحقيقي للنظام، وبالتالي لابد ان تشعر أن الاستمرارية في ذات الخط والنهج سيقودانها الى مصير مظلم، بينما هناك خطوط اخرى ان حاولت السير فيها ستقودها حتما لمصير مشرق، وفيه مكاسب كبيرة لجميع أبناء الوطن. فلما لا يضغط كل طرف منها بوسائله المتوفرة لديه، لتغيير قواعد اللعبة، عبردفع الأقلية الحاكمة لتسليم مقاليد الحكم للاغلبية من الشعب، أو في الحد الأدنى تضغط عليه لفتح قنوات العمل السياسي بصدق ويتبني أجراءات عملية حقيقية لوضع حد للحرب ومن ثم التوصل لحل المظالم التاريخية، بأخوي وأخوك، وهذا ليس مستحيلاً،إن توفرت الإرادة والقناعة لدى النظام بضرورة وضع حد للحرب، وتخفيف حدة الصراع السياسي في البلاد عبر التوصل الى صيغة تتراضى عليها الأغلبية وليس بالضرورة الجميع ،ومن ثم إحتكام الجميع للديمقراطية خياراً لحل ما تبقى من تناقضات، بدلا من العنتريات الفارغة..!
الطيب الزين
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق