لقد مقت كلا السيدين "على عبد اللطيف" مقتا شخصيا، ومع ذلك استغلا بمهارة دعوته لوحدة وادى النيل كي يوطدا فى اذهان البريطانيين انهما الممثلان الحقيقيان للسودانيين.
تاريخ
السودان الحديث للكاتب روبرت او كولينز
**************************
**************************
ان ذلك
المقت لعلى عبد اللطيف من جانب السيدين ينطوى فى داخله حقائق متعددة حول اكذوبة
النضال السودانى من اجل التحرر الوطنى وتحقيق الاستقلال من الاستعمار.
فالخيار الثورى الذى انتهجه على عبد اللطيف وزملاؤه يشبه بدرجة اكبر اشكال النضال الوطنى التحررى الثورى والذى خسرت فيها الشعوب ارواحا ودخلت السجون وتظاهرت لكى تنال حريتها من المستعمر،لكن يبدو ان ذلك النوع من النضال لم يكن ابدا الخيار المفضل للسيدين ومن اتخذوهم دعما روحيا وجماهيريا لهم من صناع الاستقلال السودانى السلس والناعم فى ١٩٥٦.
فالخيار الثورى الذى انتهجه على عبد اللطيف وزملاؤه يشبه بدرجة اكبر اشكال النضال الوطنى التحررى الثورى والذى خسرت فيها الشعوب ارواحا ودخلت السجون وتظاهرت لكى تنال حريتها من المستعمر،لكن يبدو ان ذلك النوع من النضال لم يكن ابدا الخيار المفضل للسيدين ومن اتخذوهم دعما روحيا وجماهيريا لهم من صناع الاستقلال السودانى السلس والناعم فى ١٩٥٦.
فبالعودة
للوقائع التاريخية التى ادت الى استقلال السودان، والذى ينسب الى مؤتمر الخريجين
وقادته ورعاته الروحيين السيد الميرغنى والامام عبد الرحمن المهدى، نجد ان استقلال
السودان لم يتم سوى فى اطار سلسلة من القرارات البريطانية والتى كانت تتفاعل
بدورها مع الوضع العالمى والاقليمى ، وبالاخص كانت تحاول التخلص من الاطماع
المصرية فى ضم السودان الى التاج المصرى. فبعد الحرب العالمية الثانية اصبح من
اللازم مناقشة ماسمى ب (مسألة السودان)بين الانجليز والمصريين، وبعد فشل المفاوضات
قرر الانجليز حتمية مشاركة السودانيين فى السلطة كوسيلة لمنع السيطرة المصرية المستقبلية
على البلاد. وهذا كان قرار للحاكم هيوبرت هيلسون والذى بموجبه اعلن انشاء اول
جمعية تشريعية فى ١٩٤٧. ولم تلتئم الا فى اواخر ١٩٤٨.
ومن المثير للسخرية ان تكون رؤية الرجل الذى رفع علم استقلال السودان وحتى وقت قريب قبل الاستقلال كانت " الاتحاد مع مصر تحت التاج المصرى" بحسب رسالته التى بعثها للحاكم العام فى ابريل ١٩٤٥. وهذا الموقف للازهرى ظل ثابتا حتى وقت قريب من الاستقلال بل حتى حين الغت مصر من جانب واحد اتفاقية الحكم الثنائى لسنة ١٨٩٩واعلنت ضم السودان للتاج المصرى فى ١٩٥١، و اعلنت مصر دستور للسودان لم يعلم عنه السودانيون شيئا، الامر الذى استنكرته كافة القوى السياسية فى السودان عدا حزب الاشقاء بقيادة الازهرى.
ومن المثير للسخرية ان تكون رؤية الرجل الذى رفع علم استقلال السودان وحتى وقت قريب قبل الاستقلال كانت " الاتحاد مع مصر تحت التاج المصرى" بحسب رسالته التى بعثها للحاكم العام فى ابريل ١٩٤٥. وهذا الموقف للازهرى ظل ثابتا حتى وقت قريب من الاستقلال بل حتى حين الغت مصر من جانب واحد اتفاقية الحكم الثنائى لسنة ١٨٩٩واعلنت ضم السودان للتاج المصرى فى ١٩٥١، و اعلنت مصر دستور للسودان لم يعلم عنه السودانيون شيئا، الامر الذى استنكرته كافة القوى السياسية فى السودان عدا حزب الاشقاء بقيادة الازهرى.
واما
موقف مؤتمر الخريجين لا نجد ابلغ مما وصفه به روبرت كولينز قائلا" ان مؤتمر
الخريجين لم يمثل السودانيين قط، ولم يحقق شيئا من خططه لتطوير التعليم والتنمية ،
كما لم يترك للاحزاب السياسية الناشئة برنامجا للاصلاح او التنمية لم يترك سوى
شعارى الاتحاد او الاستقلال". ان هذا الوصف يغنى عن التعبير عن حال ذلك
المؤتمر الاسطورى. بل ان وصف كولينز يجمع داخله جملة الفشل التاريخى والمستمر
للنخب السودانية ، التى لم تترك خلفها برامج ولا انجازات ولم تنفذ وعودا ولا خططا
قط، لم تقوم بترك تاريخ يحتذى من خلفها سوى صراعات شخصية وطائفية ضيقة وقاصرة عن
رؤية المستقبل.
ان
من لا يعرف تاريخه لن يستطيع فهم حاضره ولا صناعة مستقبله، وفى ظل الكتابة
الاحادية للتاريخ الذى غالبا ما تسطره النخب لتمجد ذاتها، تغيب الحقائق. ولكن تلك
الحقائق على قسوتها هى بداية الطريق نحو تحرر حقيقى للوعى السودانى المتشظى بين
التوهم والتوهان. وعلى عكس ما يعتقد البعض، فان هكذا ماضى ليس سببا لليأس بقدر ما
هو تحدى لتجاوزه بمواجهتة وكشفه، حتى لا يتكرر. والمزيد من التغطية على الحقائق
وتصديق الاوهام واتباع السادة والنخب النرجسية والانانية لن يؤدى بنا الا الى
البقاء مستعمرين بارادتنا الى الابد، فى حين لا يوجد حاكم انجليزى اليوم ليمنحنا
استقلالنا.
0 comments:
إرسال تعليق