هيومن رايتس ووتش تقرير 2016/السودان

وهو نقرير عن المراجعة السنوية لحقوق الانسان حول العالم وهذاالتقرير صادر اليوم 27يناير2016

السودان: الاغتصاب سلاحا في الحرب

على البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة زيادة تحقيقاتها وتقاريرها حول الانتهاكات



(نيروبي) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم في التقرير العالمي 2016 إن قوات عسكرية سودانية وميليشيات استخدمت الاغتصاب كسلاح حرب في دارفور ونزاعات أخرى. إذ يتضح من أنماط الاغتصاب في دارفور خلال عامي 2014 و2015 أن عدة وحدات سودانية ارتكبت عمداً عمليات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي ضد أعداد كبيرة من النساء خلال هجمات متعددة في مختلف المواقع والأوقات. ولكن لم يحدث أن خضع أي شخص للمساءلة عن هذه الجرائم.
وقال دانيال بيكيلي، مدير قسم أفريقيا: "القوات السودانية اغتصبت وروّعت المدنيين بشكل متكرر بدون عقاب. نمط وحجم وتواتر الاغتصاب يشير إلى أن قوات الأمن السودانية اعتمدت هذه الممارسة الوحشية كسلاح حرب".
وتستعرض هيومن رايتس ووتش في التقرير العالمي الصادر في 659 صفحة، في طبعته الـ26، ممارسات حقوق الإنسان في أكثر من 90 دولة. وقال مديرها التنفيذي، كينيث روث، في المقال الافتتاحي إن انتشار الهجمات الإرهابية إلى خارج نطاق منطقة الشرق الأوسط وتدفق اللاجئين بأعداد كبيرة بسبب القمع والنزاعات تسببا في اتجاه عدد كبير من الحكومات إلى التقليل من الحقوق في مساع خاطئة تهدف إلى حماية أمنها. وفي الوقت نفسه، شنت حكومات استبدادية في شتى أنحاء العالم حملات مشددة على جماعات مستقلة بسبب خوف هذه الحكومات من المعارضة السلمية، التي كثيرا ما تضخمها وسائل التواصل الاجتماعي ـ
برز العنف الجنسي كتوجُّه رئيسي في السودان خلال فترة الـ18 شهرا السابقة. ففي دارفور استخدمت قوات الدعم السريع، وهي وحدة عسكرية تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، العنف الجنسي في جبل مرة ومناطق أخرى خلال عام 2015.
وفي يناير/كانون الثاني، اشتملت الهجمات الحكومية على بلدة قولو، في منطقة جبل مرة، على عمليات قتل وضرب واغتصاب طالت عشرات النساء في مستشفى قولو. وقالت مريم (اسم مستعار)، البالغة من العمر 42 عاماً، إن الجنود "اغتصبوا بعض النساء وأجبروا الرجال على حمل الحجارة من مكان إلى آخر كنوع من العقاب". وقالت مريم أيضا: "شاهدت بنفسي اغتصاب 7 نساء". تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من النساء تعرضن للاغتصاب الجماعي، وفي أغلب الأحيان كان ذلك أمام أفراد من المجتمع المحلي أُجبروا على مشاهدة عمليات الاغتصاب ومن رفض ذلك كان مصيره القتل.
تعرضت البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) لضغوط من السودان لحملها على خفض مستوى قواتها. وكان السودان قد أغلق مكتب الاتصال التابع للبعثة بالعاصمة الخرطوم أواخر العام 2014، وطرد موظفي الأمم المتحدة، ورفض تجديد تأشيرات الدخول لموظفين آخرين.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحاجة إلى زيادة البعثة المشتركة لتحقيقاتها وتقاريرها العامة حول الانتهاكات باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى. إذ يتعيّن على موظفي البعثة جمع المعلومات حول الانتهاكات المزعومة حتى عندما يمنعهم السودان من الوصول إلى إليها، مثلما يفعل دائماً.
قامت هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول 2014 بتوثيق عمليات اغتصاب جماعي ارتكبتها قوات حكومية طالت أكثر من 200 امرأة وفتاة في بلدة تابت بولاية شمال دارفور. وكانت الحكومة قد منعت البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور من التحقيق بشكل مستقل في هذه الجرائم، كما منعت منظمات الإغاثة وغيرها من الوصول إلى البلدة. وتفيد تقارير إعلامية أن القوات الحكومية واصلت استخدام العنف الجنسي ضد السكان في تابت وأماكن أخرى، في الوقت الذي نفت فيه الحكومة عمليات الاغتصاب الجماعي، ولم تُخضِع أي شخص للمساءلة.
يعكس انتشار العنف الجنسي تمييزا واسعاً ضد النساء والفتيات في مختلف أنحاء السودان. إذ استهدفت قوات الأمن النساء في حملات القمع ضد المحتجين والاعتقالات السياسية. وبموجب قوانين النظام العام يمكن محاكمة النساء والفتيات وجلدهن بسبب "جرائم" مثل ارتداء بنطلون أو إظهار شعرهن، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً للمواثيق الأفريقية والدولية الخاصة بحظر التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. كما أن جريمة الزنا تستخدم بصورة تتسم بالتمييز ضد المرأة، وهي جريمة يُعاقَب عليها بالجلد والغرامة والرجم حتى الموت. كما تعرضت المدافعات عن حقوق الإنسان للمضايقات والاعتقال وسوء المعاملة من السلطات.
قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن القوات الخاصة التابعة للحكومة السودانية نفذت نوبتين من عمليات القتل والاغتصاب الجماعي بحق المدنيين في عشرات القرى والبلدات في دارفور منذ فبراير/شباط 2014. على الحكومة وقف هجمات قوات الدعم السريع، وأن تحاكم المسؤولين عنها. وعلى البعثة المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) أن تحسن بصورة عاجلة حماية المدنيين.
يوثق تقرير "رجال بلا رحمة: قوات الدعم السريع السودانية تهاجم المدنيين في دارفور" المكون من 88 صفحة، الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين، خلال حملتين لمكافحة التمرد في دارفور. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الانتهاكات تبدو هجمات واسعة النطاق وممنهجة بحق السكان المدنيين، بحيث قد تشكل جرائم ضد الإنسانية.
على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي زيادة الحماية للمدنيين فورا
قال دانيال بيكيلي، المدير التنفيذي لقسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "قتلت قوات الدعم السريع واغتصبت وعذبت المدنيين في عشرات القرى بصورة متعمدة، وبطريقة منهجية منظمة. وعلى الحكومة السودانية أن تنزع فورا سلاح قوات الدعم السريع وأن تقوم بتسريحها، وأن تحقق مع وتحاكم القادة والمسؤولين عن هذه الجرائم الفظيعة".
أجرت هيومن رايتس ووتش في الفترة ما بين مايو/أيار 2014 ويونيو/حزيران 2015، مقابلات مع ما مجموعه 212 من ضحايا وشهود الانتهاكات في دارفور، بمن في ذلك 151 شخصا فروا إلى تشاد وجنوب السودان، و16 أجريت معهم المقابلات داخل دارفور. وقد أجريت 45 مقابلة أخرى عبر الهاتف من خارج دارفور.
تشكلت قوات الدعم السريع في عام 2013، وكانت في الأصل تحارب في جنوب كردفان قبل نشرها في دارفور في عام 2014. وكثيرا ما كانت تتم هجماتهم في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة أو متنازعا عليها من قبل مختلف فصائل التمرد في دارفور. ومع ذلك، فإن ما يقرب من جميع الانتهاكات المبلغ عنها لـ هيومن رايتس ووتش تمت على أيدي قوات الدعم السريع أو قوات حكومية أخرى في قرى وبلدات لم تكن تشهد أي وجود لمتمردين وقت الهجمات.
كانت الهجمات في يناير/كانون الثاني 2015، على بلدة قولو في جبل مرة، رمزا للفظائع. وقال 21 شخصا من قولو والقرى المجاورة لها في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش إنهم شهدوا عمليات القتل والاغتصاب والضرب والنهب على نطاق واسع، بما في ذلك اغتصاب عشرات النساء في مستشفى قولو. وقالت مريم (اسم مستعار)، 42 عاما، "إنهم ]الجنود[ فصلوا الرجال عن النساء، واغتصبوا بعض النساء، وجعلوا الرجال يحملون الحجارة من مكان لآخر كنوع من العقاب. ثم تم اغتصاب بعض ]النساء[ في المستشفى، رأيت اغتصاب سبعة بأم عيني".
تعرض كثير من النساء إلى الاغتصاب الجماعي، في كثير من الأحيان أمام أفراد المجتمع الخاص بهم الذين أجبروا على مشاهدة ذلك، وتم قتل بعض الذين قاوموا. لم تحصل الناجيات من الاغتصاب في قولو على الخدمات الطبية أو النفسية.
استقبلت منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) تقاريربأن  ما لا يقل عن 130 ألف شخص تم تشريدهم من منطقة جبل مرة الجبلية منذ يناير/كانون الثاني. وفر العديد منهم إلى مناطق لا يمكن الوصول لها بصورة منتظمة من قبل وكالات الغوث. يواجه الفارون الافتقار إلى الغذاء الكاف والمأوى والرعاية الطبية، وغير أنهم غير قادرين على العودة إلى ديارهم أو مزارعهم، كثير منهم يواجه خطر الموت أو المرض أو التعرض للمخاطرالطبيعية.
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع خمسة من المنشقين، الذين كانوا إما أعضاء في قوات الدعم السريع أو قوات حكومية أخرى. أكد أربعة منهم أن الضباط أمروا واحداتهم بتنفيذ أعمال وحشية ضد المدنيين. واعترف واحد بارتكاب جرائم خطيرة بنفسه. وقال آخر إنه في اليوم التالي لاستيلائهم على بلدة: "قال قائد القوات الخاصة لنا إن هذه القرية للمتمردين وأنصار المتمردين، ونسائهم حريم لهم. يمكنكم ان تذهبوا إلى هناك وتغتصبوهن وتقتلوهن".
وقال دانيال بيكيلي: "تشير طبيعة الهجمات وروايات المنشقين إلى تورط القادة في هذه الانتهاكات المروعة. ينبغي على وجه السرعة وبنزاهة فتح التحقيق بشكل كامل حول هذه الجرائم ومحاكمة المسؤولين عنها".
قالت هيومن رايتس ووتش إن الهجمات الحكومية المستمرة تظهر الحاجة إلى قوة دولية فعالة وسريعة الاستجابة التي يمكنها أن تساعد في حماية المدنيين في دارفور. كما تظهر الهجمات أن قوة حفظ السلام الحالية لم تنفذ بشكل كاف مسؤوليتها الأساسية في حماية المدنيين. فعلى الرغم من أن مسؤوليتها تشمل الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنه نادرا ما قامت البعثة بالإبلاغ علنا، ولم تصدر أي وثائق شاملة عن انتهاكات ضد مدنيين، خلال أي من حملات مكافحة التمرد الذي تقوده قوات الدعم السريع.
وعلى مجلس الأمن الدولي، ومجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي، وبعثة يوناميد، اتخاذ خطوات ملموسة لحماية المدنيين في دارفور من إساءة المعاملة، بحسب هيومن رايتس ووتش. ينبغي أن يُعاقب المسؤولون عن الهجمات على المدنيين، وأن يتم توسيع إمكانية حصول الضحايا على المساعدة، بما في ذلك الخدمات المتخصصة للناجيات من الاغتصاب، والضغط من أجل التعاون مع ممثل الإدعاء في المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق حول ارتكاب جرائم خطيرة في دارفور.
قال دانيال بيكلي: "لقد تخاذل مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي في الوقت الذي قامت فيه الحكومة السودانية بتجهيز حملتين تستهدفان المدنيين في دارفور. وعلى الهيئتين ضمان حصول المدنيين على الحماية الكافية، قبل أن تبدأ حملة ثالثة".
شهادات مختارة
قالت نور الهدى (اسم مستعار)، فتاة صغيرة من قولو، التي كانت عائلتها في منزلهم عندما هاجمت قوات الدعم السريع: "قتلوا والدي. كان والدي يدافع عنا حتى لا يمكنهم من اغتصابنا، وتعرض للضرب حتى الموت.. وبعد أن قتلوا والدي اغتصبوا ثلاثتنا... أنا واثنتين من شقيقاتي، وبعدما اغتصبونا سرقوا كل شيء".
قالت محاسن (اسم مستعار)، 38 عاما، وتعرضت للاغتصاب من قبل الجنود وهي في طريقها للسوق في قولو: "صادر]الجنود الحكوميون[ ممتلكاتنا، وأخذوا ماشيتنا. ضربوا الرجال. ثم اغتصبونا. اغتصبونا في مجموعة. بعض النساء تم اغتصابهن على أيدي 8 أو 10 رجال. تعرضت 17 سيدة إلى الاغتصاب الجماعي. حتى أنه تم اغتصاب الفتيات القاصرات".
قال حسن (اسم مستعار)، مدرس يبلغ من العمر 26 عاما من قرية دايا، الواقعة بين قولو وروكيرو: "كنت في المدرسة ]في قرية مجاورة[ صباح يوم الهجوم.. وجاءت طائرتي أنتونوف ]طائرة تابعة للحكومة السودانية[ في الصباح الباكر وبدأت القصف... ركضت ]من المدرسة[ إلى منزلي وشاهدت الجنجويد ]ميليشيات[. تم إلقاء القبض على شقيقاتي الثلاثة. تعرضت جدتي للضرب. ثم قبضوا علي. قاموا بتفتيشي وأخذوا هويتي، ثم ربطوا يدي وراء ظهري.. دفنوا ]بصورة جزئية[ زجاجة ]صودا زجاجية[ في الأرض، وأجبروني على الجلوس من أعلى منها ]حتى منتصف الزجاجة دخل في مؤخرتي[. كانوا يسألونك إن كنت متمردا، إذا لم تكن الإجابة نعم يقوموا بعد ذلك بركل الزجاجة من تحتك ]حتى يتكسر الزجاج[. لقد وقعت على الزجاج المكسور. لا يمكنني أن أسيطر على التبول... اغتصبوا ]شقيقاتي الثلاث[. أخذوهن واحدة تلو الأخرى خارج المنزل ]إلى كوخ آخر[. بعد أن كانو يغتصبوا إحداهن كانوا يحرقونها ]حية[. وكنت أسمع صراخهن وكنت أرى النار الموقدة فيهن".
قال إبراهيم، 19 عاما، وهو من منشق عن قوات الدعم السريع: "أنا شخصيا حاولت اغتصاب واحدة من النساء، وهي ضربتني، وفقدت رباطة جأشي وأطلقت النار عليها... حتى الموت ... كنت أشعر بالأسف البالغ، ولكني يجب أن نفهم أن هذا لم يكن مسعاي، فأنا كنت تحت قيادة رجال بلا رحمة. أتمنى لو أعيد الزمن إلى الوراء".
الصراع والانتهاكات في جنوب كردفان والنيل الأزرق
هجمات القوات الحكومية على المدنيين من خلال القصف الجوي وهجمات قوات المشاة في جنوب كردفان تسببت في سقوط ضحايا وسط السكان، بما في ذلك مقتل 26 طفلاً على الأقل خلال عامي 2014 و2015، إذ احترق بعضهم أحياء أو تحولوا إلى أشلاء بسبب القنابل أو القذائف التي سقطت على منازلهم. واشتمل القصف الحكومي على هجمات استهدفت فيما يبدو العيادات الطبية.
دمّر القتال والهجمات على المدنيين المنازل والممتلكات وتسبب في فرار آلاف إلى مخيمات اللاجئين المكتظة أصلاً في دولة جنوب السودان. كما ألقت طائرات الحكومة ذخائر عنقودية على مقاطعتي أم دورين ودالامي في ولاية جنوب كردفان خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار 2015. وعلى الرغم أن اتفاقية الذخائر العنقودية، التي تحظى بدعم دولي واسع، تحظر استخدام هذا النوع من القنابل، فإن السودان لم ينضم بعد إلى هذه المعاهدة.
تسببت الهجمات الحكومية في مايو/أيار 2015 على قرى بولاية النيل الأزرق في عمليات نزوح واسطة النطاق للسكان من محلية باو. وأوردت جماعات سودانية أنباء عن حرق القوات الحكومية 3 قرى على الأقل، حيث اضطر السكان للانتقال لمناطق خاضعة لسيطرة الحكومة. وتلقى السكان تهديدات بالاعتقال في حال عدم مغادرتهم وجرى اعتقال بعضهم.
منعت الحكومة وكالات العون الإنساني من العمل في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وفشلت في التوصل إلى اتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال على شروط حول دخول بعض المناطق لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للسكان، بما في ذلك حملة الأمم المتحدة الطارئة للتطعيم ضد شلل الأطفال. نتيجة لذلك لم يتم تطعيم معظم الأطفال الذين وُلِدوا في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون ضد أمراض يمكن الوقاية منها. استقبل العاملون في المجال الصحي نحو 2000 حالة يشتبه في أنها حصبة خلال تفشي هذا المرض في مناطق جنوب كردفان خلال الفترة بين أبريل/نيسان وديسمبر/كانون الأول 2014.
الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب
اعتقلت السلطات المدافع عن حقوق الإنسان أمين مكي مدني وزعيم المعارضة السياسية فاروق أبو عيسى، والناشط السياسي فرح إبراهيم العقّار يومي 6 و7 ديسمبر/كانون الأول 2014 على خلفية دعمهم للإعلان الذي أطلقت عليه المعارضة “نداء السودان”، وجرى اعتقال ثلاثتهم لفترة أربعة أشهر. جرى احتجاز المعتقلين الثلاثة في الحبس الانفرادي لمدة 15 يوماً، قبل نقلهم إلى سجن كوبر، حيث وجّهت لهم السلطات تهماً تتعلق بارتكاب جرائم ضد الدولة تصل عقوبتها الى الإعدام في حال الإدانة. وتم إطلاق سراحهم في 9 أبريل/نيسان 2015، بعد أن أصدر وزير العدل قراراً بإسقاط التهم الموجهة إليهم مستخدماً سلطته التقديرية.
اعتقلت قوات الأمن خلال الفترة التي سبقت الانتخابات الوطنية، خلال الفترة من 13 حتى 16 أبريل/نيسان 2015، وخلالها وبعدها العشرات من أعضاء أحزاب المعارضة والطلاب والنشطاء السياسيين الذين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات. وأفاد عدد منهم باحتجازهم لعدة أيام وتعرضهم للضرب المبرح قبل أن يُطلق سراحهم بدون أن توجّه لهم السلطات أي تهم.
ظهرت ناشطة معروفة في أواسط أبريل/نيسان وعليها آثار كدمات وضرب بعد احتجازها 3 أيام. نفى جهاز الأمن والمخابرات الوطني مسؤوليته عما حدث ووجّه إليها تهم تشهير وإشانة سمعة. اعتقلت السلطات مدرب حقوق الإنسان عادل بخيت في 16 أبريل/نيسان لمدة 17 يوماً في حراسات الشرطة ووجّهت له السلطات تهمة ارتكاب جرائم ضد الدولة لمشاركته في تدريب تثقيفي حول الانتخابات. اعتقلت السلطات ناشطان في مايو/أيار على خلفية حديث حول التحرش الجنسي والفساد، وجرى إطلاق سراحهما بدون توجيه اتهام.
تواصل في أغسطس/آب احتجاز الناشطين السياسيين بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، بمن في ذلك أعضاء حزب المؤتمر السوداني الذين شاركوا في مظاهرات ضد سياسات الحكومة. تعرّض كثيرون منهم لعنف واعتداءات وطُلِب منهم مراجعة جهاز الأمن بصورة يومية.
حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتعبير
استخدمت قوات الأمن السودانية القوة المفرطة لتفريق تظاهرات تتعلق بمجموعة من القضايا، كما منعت انعقاد فعاليات عامة أو فرضت عليها قيوداً، لا سيما خلال الفترة التي سبقت الانتخابات العامة. إذ أطلقت قوات تابعة للشرطة والجيش الغاز المسيل للدموع والرصاص في أبريل/نيسان على محتجين في ندوة بمعسكر للنازحين وسط دارفور. كما داهمت الشرطة جامعة الفاشر بشمال دارفور واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق مجموعة كانت تدعو إلى مقاطعة الانتخابات واعتقلت حوالي 29 طالباً.
شنت السلطات أيضاً حملة مشددة على منظمات المجتمع المدني. فقد داهمت عناصر جهاز الأمن والمخابرات الوطني مركز “تراكس للتدريب والتنمية البشرية”، في مارس/آذار وصادروا أجهزة كمبيوتر وموجودات أخرى، واتهموا موظفيها بدعم مقاطعة الانتخابات. سحبت السلطات تراخيص 3 منظمات ثقافية في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2014 ويناير/كانون الثاني 2015 دون تقديم توضيح أسباب، وأغلقت معرضاً للكتاب وفعالية ثقافية في الخرطوم.
داهم عناصر جهاز الأمن في 21 ديسمبر/كانون الأول 2014 “المرصد السوداني لحقوق الإنسان” خلال استضافته اجتماعاً للتحضير للمراجعة الدورية الشاملة للسودان في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. أسس المرصد الدكتور أمين مكي مدني، الذي اعتقل في 6 ديسمبر/كانون الأول لمدة 4 أشهر على خلفية دعمه لإعلان “نداء السودان”.
واصلت السلطات أيضا فرض قيود على وسائل الإعلام. إذ صادر أفراد جهاز الأمن والمخابرات الوطني أعداداً مطبوعة من 14 صحيفة في 16 فبراير/شباط، و10 صحف في 25 مايو/أيار، بسبب مقالات حول مواضيع حساسة على ما يبدو. واتهمت السلطات في يناير/كانون الثاني 2015 رئيسة تحرير صحيفة “الميدان” اليومية المعارِضة بارتكاب جرائم ضد الدولة على خلفية نشر مواد صحفية تضمنت إشارات إلى حديث واحد من قادة التمرد، وهي تهمة يُعاقب عليها بالإعدام في حالة الإدانة. وفي يوليو/تموز ألقي القبض في على 3 صحفيين أثناء تغطيتهم إضراب للأطباء بمدينة القضارف.
الإصلاح القانوني
يتمتع جهاز الأمن والمخابرات الوطني بصلاحيات واسعة للاعتقال والاحتجاز لمدة تصل إلى 4 أشهر ونصف الشهر بدون مراجعة قضائية، وهي فترة تتجاوز بأشهر الفترة المسموح بها في المعايير الدولية. كما أن التعديلات التي أُجريت على الدستور في يناير/كانون الثاني 2015 عززت صلاحيات جهاز الأمن الوطني واعتبرته قوة نظامية تتمتع بصلاحيات لمكافحة مجموعة واسعة من التهديدات السياسية والاجتماعية واتخاذ تدابير وقائية ضدها. ومعروف عن جهاز الأمن والمخابرات الوطني تكتيكاته وأساليبه التعسفية، بما في ذلك تعذيب المعارضين السياسيين أو من يُشتبه في انهم معارضون سياسيون.
أجرى السودان في فبراير/شباط تعديلات على القانون الجنائي خفف بموجبه من خطر اتهام النساء بالزنا عندما يبلغن عن الاغتصاب. ومع ذلك أخفقت الحكومة في تنفيذ إصلاحات أخرى مختلفة، بما في ذلك القوانين التي تنظّم وسائل الإعلام والمنظمات الطوعية والنظام العام.
واصلت السلطات تطبيق عقوبات الشريعة الإسلامية، التي تنتهك الحظر الدولي على العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويتم تطبيق العقوبات على نحو غير متناسب تجاه النساء والفتيات وعادة على “جرائم” مثل الزنا أو مخالفة الأعراف الأخلاقية.
الأطراف الدولية الرئيسية
واصلت “الآلية الافريقية رفيعة المستوى الخاصة بالسودان وجنوب السودان”، التي يقودها رئيس جنوب إفريقيا السابق ثابو مبيكي، التوسط في محادثات السلام في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور والمحادثات حول عملية الحوار الوطني.
الصراع الدائر في جمهورية جنوب السودان، واتهامات السودان بدعم المعارضة المسلحة هناك، تسببا في استمرار عرقلة إحراز تقدم بشأن القضايا العالقة مثل ترسيم الحدود والأمن ووضع منطقة أبيي المتنازع عليها، حسبما نصت متطلبات اتفاق التعاون لعام 2012.
نتيجة ضغوط السودان على يوناميد في دارفور كي تغادر البلاد، قام مجلس الأمن الدولي في أغسطس/آب 2014 بخفض حجم البعثة بنحو 5000 جندي. وعلى الرغم من دعوات حكومة السودان للبعثة بالانسحاب من أجزاء “مستقرة” في دارفور، قام مجلس الأمن في أغسطس/آب عام 2015 بتمديد ولاية البعثة حتى يونيو/حزيران 2016. كما اتخذ مجلس الأمن قراراً بتمديد صلاحيات “قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة” لأبيي حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول 2015.
سافرت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة حول العنف ضد المرأة إلى السودان في مايو/أيار 2015 للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات. ومن المتوقع أن يصدر تقريرها عام 2016. قام “مجلس حقوق الإنسان” في سبتمبر/أيلول 2015 بتمديد ولاية الخبير المستقل لسنة واحدة، وحثّ الحكومة السودانية على بدء تحقيق علني مستقل في إطلاق النار على متظاهرين في سبتمبر/أيلول 2014 ومارس/آذار 2014، والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في معسكرات النازحين.
صادف مارس/آذار 2015 الذكرى العاشرة لإحالة مجلس الأمن الوضع في دارفور إلى “المحكمة الجنائية الدولية”، ومنذ ذلك الحين أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق 5 أفراد بينهم الرئيس البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية على خلفية الفظائع التي ارتكبت في دارفور. رفض السودان التعاون مع المحكمة في أي من القضايا. وأبلغت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، مجلس الأمن الدولي في ديسمبر/كانون الأول 2014 بأنها بصدد “تجميد” تحقيقاتها بشأن دارفور، وحثّت المجلس على اتخاذ “تحول كبير” في نهجه إزاء الدول التي لا تتعاون مع طلبات المحكمة باعتقال المشتبه فيهم في هذه القضية.
لا يزال البشير هارباً لكن سفره خاضع لقيود، إذ تم إلغاء عدد من رحلاته المتوقعة إلى الخارج أو أعيدت جدولتها، أو نُقلت إلى مكان آخر وسط احتجاج دبلوماسي وشعبي، لا سيما من جانب منظمات المجتمع المدني الأفريقية.
رابط موقع هيومن رايتس ووتش للاطلاع على التقارير ذات العلاقة/ المنقول منه هذا التقرير 


Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق