اوردت
بعض المصادر روايات عن ان انحياز الازهرى للاستقلال حدث بعد اجتماع فى لندن قبيل
الاستقلال، وضح له فيه الانجليز مساوىء الانضواء تحت الحكم المصرى خاصة بعد انقلاب
يوليو ١٩٥٢، والذى اطاح بالديمقراطيةفى نظرهم. ونتيجة لهذا التغيير نصح
البريطانيين الازهرى بتبنى مسار الاستقلال الكامل للسودان. وان صحت تلك الرواية
فانها تزيد من مقدار الشك لدى السودانيين فى حقيقة استقلالهم، والذى صار الكثيرين
يسمونه تندرا بالاستغلال، حتى ان البعض وضع هاش تاق بهذا المعنى فى ذكرى الاستقلال اليوم على موقع التواصل المختلفة.
وتلك
الشكوك بالطبع تدعمها مواقف النخب التى صنعت الاستقلال التى اتسمت بقدر عالى من
انعدام الرؤية المستقبلية والتخبط وانعدام الثقة فى النفس والميل للخضوع للقوى
الكبرى. الامر الذى ادى بالسودان وبعد ستين عاما لان يصل الى ما هو عليه الان من
التشرذم والتفكك. وعلى هذا النهج ايضا سارت العملية السياسية ما بعد الاستقلال.
فطبقا لدراسة للدكتورة فدوى عبد الرحمن طه عن اتفاقية ١٩٥٣ التى تمت بين الانجليز
والبريطانيين والتى اقرت حق السودانيين فى تقرير مصيرهم، فان استقلال السودان لم
يكن نتاجا فقط للنضال السودانى بل اسهم فيه ما اسمته بالعامل الانجليزى والمصرى
والعامل الامريكى ايضا. فان الخلاف على ما اصطلح عليه دوليا بالمسالة السودانية
بين مصر وبريطانيا وصل الى الامم المتحدة. وكانت لامريكا مخاوف من عرقلة تلك
الخلافات مصالحها فى خلق تحالف ضد الشيوعية فى المنطقة وتامين قناة السويس. حيث
كان للضغط الامريكى على بريطانيا لحل مسالة السودان سريعا دورا مهما فى تسريع نقل
السلطة للسودانيين واجلاء الانجليز.
وهذا
التشعب فى العوامل الخارجية او غير السودانية فى تقرير مسار استقلال السودان ، هو
انعكاس لضعف وتمزق القوى السياسية السودانية، كما انه يعبر عن حالة غياب الرؤية
لتلك النخب التى لم تركز بالقدر الكافى فى بناء شعب واعى ومتعلم وملتحم مع قيادته
بقدر ما ركزت على خلافاتها الشخصية والطائفية، وتركت السودان ساحة لصراعات القوى
الدولية والاقليمية فى ظل غياب قدرة تلك النخب على توحيد الامة واستيعاب كل
مكوناتها فى عملية بناء الوطن.
0 comments:
إرسال تعليق