تقرير منظمة العفو الدولية السنوي لعام 2015/2016

السوادن 2015/2016

قمعت السلطات وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة، وقلصت بشدة حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع. واستمر النزاع المسلح في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق متسبباً في نزوح جماعي، ومخلفاً ضحايا مدني�ن. وارتكبت جميع الأطراف في هذه الصراعات انتهاكات لحقوق الإنسان. ودمرت القوات الحكومية مبان مدنية في مناطق الصراع، بما فيها المدارس والمستشفيات والعيادات، وأعاقت وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الذين يحتاجون إلى الدعم بسبب القتال الدائر.
خلفية
في يناير/ كانون الثاني 2015، أقر البرلمان إدخال تعديلات مثيرة للجدل على الدستور الوطني المؤقت الصادر عام 2005. وزادت هذه التعديلات من سلطة جهاز المخابرات والأمن الوطني (جهاز الأمن الوطني) ومنحت الرئيس صلاحيات أكبر في تعيين كبار المسؤولين وعزلهم، بمن فيهم حكام الولايات وغيرهم من كبار المسؤولين الدستوريين والقضائيين والعسكريين والمسؤولين في الشرطة والمواقع الامنية. والتعديل الدستوري للمادة 151 نص على تحويل جهاز الأمن الوطني من وكالة المخابرات تركز على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة إلى هيئة متكاملة للأمن تمارس الوظائف التي عادة ما تقوم بها القوات المسلحة أو وكالات إنفاذ القانون.
في أبريل/ نيسان، أجريت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأعيد انتخاب الرئيس عمر البشير لمدة خمس سنوات وسط تقارير عن انخفاض نسبة مشاركة الناخبين، والتزوير والتلاعب في الأصوات. وقد قاطعت الأحزاب السياسية المعارضة الرئيسية الانتخابات. وفي الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في ابريل/ نيسان، فرضت الحكومة قيوداً على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي واعتقلت العشرات من المعارضين السياسيين1.
ظل مناخ الإفلات من العقاب الذي يعززه غياب المساءلة عن جرائم بمقتضى القانون الدولي وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ظل سائداً في مناطق الصراع. وذكرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في أغسطس/ آب، أنه خلال 2014، وقع مالا يقل عن 411 من حوادث العنف في دارفور سقط فيها 980 فرد بين مصاب وقتيل. وشملت هذه الاختطاف والاعتداءات الجسدية والهجمات المسلحة ضد المدنيين، وخاصة النازحين داخليا. تم التحقيق في قليل من هذه الحالات أو أدى إلى اعتقالات. وفي ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق استمرت الصراعات بآثارها المدمرة على المدنيين ووسط آفاق محدودة للحلول السلمية2. وبدأ القتال في منتصف 2011؛ وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، علقت محادثات السلام المباشرة بين الحكومة السودانية و"حركة تحرير شعب السودان-الشمال"، التي عقدت تحت رعاية فريق التنفيذ الرفيع المستوى التابع لمنظمة الاتحاد الأفريقي.

حرية التعبير

كثف جهاز الأمن الوطني من مضايقاته ورقابته على الصحف التي واجهت مصادرة تعسفية منتظمة لمنشوراتها. وفي 56 مناسبة مختلفة صادر جهاز الأمن الوطني طبعات مالا يقل عن 21 صحيفة مختلفة. كما واجهت الصحف أيضا متطلبات تعسفية فرضها جهاز الأمن الوطني. فعلى سبيل المثال، كانت الصحف تمنع من الكتابة المنتقدة لتصرفات الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والشرطة، وعن الرئيس. وعلاوة على ذلك، كانت ممنوعة من الكتابة عن حالات الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، والوضع في مناطق الصراع.
في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط منعت صحيفة "الميدان"، التابعة لـ "لحزب الشيوعي السوداني"، من النشر. وتواجه مديحة عبد الله، رئيس تحرير الصحيفة، عدة اتهامات بموجب القانون الجنائي لسنة 1991 بما في ذلك تقويض النظام الدستوري، والتي تصل عقوبتها الى الاعدام3. في 16 فبراير/ شباط، صادرت عناصر جهاز الأمن الوطني من المطابع كافة النسخ المطبوعة من 14 صحيفة، دون أي مبرر. وبدعم الحزب السياسي الحاكم، حزب المؤتمر الوطني بعض الصحف ويمولها بشكل مباشر أو غير مباشر. في 25 مايو/ أيار، صادرت عناصر جهاز الأمن الوطني كافة النسخ المطبوعة من تسع صحف في الخرطوم.

حرية تكوين الجمعيات

ازداد قمع المجتمع المدني على مدار العام. وفي يناير/ كانون الثاني أغلق جهاز الأمن الوطني ثلاثاً من منظمات المجتمع المدني على أساس أنها انتهكت تراخيص تسجيلها. والجمعيات هي مركز محمود محمد طه الثقافي، والمنتدى الوطني المدني واتحاد الكتاب السودانيين4. في يونيو/ حزيران، تم إغلاق جمعية حماية المستهلك السودانية، وألقي القبض على اثنين من أعضائها وقام بالتحقيق معهما جهاز الأمن الوطني. ثم أطلق سراحهما بعد سبعة أيام دون توجيه اتهام. وفي يوليو/ تموز ذكر اتحاد منظمات المجتمع المدني السودانية أنه منذ بداية 2015، فشلت أكثر من 40 منظمة مسجلة في تجديد رخصها بسبب الإجراءات القانونية المعقدة أو العرقلة من قبل الهيئة الحكومية المختصة، وهي مفوضية العون الإنساني.

حرية التجمع

انتهكت الشرطة وعناصر جهاز الأمن السوداني بشكل متكرر حرية التجمع قبل وأثناء الانتخابات التي عقدت من 13-17 أبريل/ نيسان.
تم منع الأحزاب السياسية المعارضة مرارا وتكرارا من تنظيم الأحداث العامة خلال فترة الحملة الانتخابية قبل الانتخابات من 24 فبراير/ شباط -10 أبريل/ نيسان. وفي 28 فبراير/ شباط، فرقت الشرطة بالقوة اجتماعا للأحزاب السياسية المعارضة في دنقلة عاصمة الولاية الشمالية، مما أدى إلى إصابة العديد من المشاركين إصابات خطيرة. وفي 12 مارس/ آذار، منعت الشرطة في شمال كردفان بالقوة أعضاء حزب الأمة القومي من تنظيم حدث عام. وألقت الشرطة القبض على 50 من اعضاء الحزب وأغلقت مكتب الحزب. وفي 2 ابريل/ نيسان، منعت السلطات المحلية في مدينة النهود في غرب كردفان حدثاً عاماً رتبه حزب المؤتمر السوداني للإعلان عن مقاطعته للانتخابات.
في أغسطس/ آب، منع جهاز الأمن الوطني انعقاد ندوة سياسية لحزب المؤتمر السوداني وألقى القبض على ثلاثة من كبار أعضائه. وفي أغسطس/ آب كذلك، حل وزير العدل واحدة من أقدم النقابات العمالية في البلاد، "اتحاد المزارعين السودانيين"، والتي كانت موجودة منذ 1954. وفي 5 سبتمبر/ أيلول، أغلقت السلطات مكاتب "الحزب الجمهوري" في أم درمان.

الاعتقالات التعسفية والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة

قام جهاز الأمن الوطني بعمليات اعتقال واحتجاز تعسفي، وكان وراء عدد منها دوافع سياسية. وتم إطلاق سراح بعض المعتقلين دون تهمة. ولا يبدو أنهم حصلوا على تعويض، ولا يبدو أنه تمت مساءلة أي من ضباط الأمن.
في 9 إبريل/ نيسان أطلق سراح كل من فاروق أبو عيسى، زعيم " تحالف قوى الإجماع الوطني" المعارض، والدكتور أمين مكي مدني، رئيس تحالف منظمات المجتمع المدني السودانية وفرح العقار، العضو السابق في "حزب المؤتمر الوطني" في ولاية النيل الأزرق، بعد أن أمضوا 124 يوما في الاحتجاز. وكانوا قد ألقي القبض عليهم في ديسمبر/كانون الأول 2014.5 وألقي القبض عليهم بعد توقيعهم وثيقة تدعو للتحول الديمقراطي، وتفكيك الأمر الواقع لدولة الحزب الواحد ووضع حد للنزاع في السودان. واتهم كل من الدكتور أمين مكي مدني وفاروق أبو عيسى بجرائم يعاقب عليها بالإعدام بموجب القانون الجنائي لعام 1991 من بينها " تقويض النظام الدستوري".
وخلال فترة الانتخابات بلغ مجموع من تم القبض عليهم ما لا يقل عن 30 من النشطاء السياسيين في جميع أنحاء البلاد. وفي 14 ابريل/ نيسان، نظم طلاب جامعة الفاشر في شمال دارفور مظاهرات سلمية تدعو لمقاطعة الانتخابات الرئاسية وتغيير الحكومة. واعتقلت الشرطة وجهاز الأمن الوطني 20 طالباً واتهمتهم بارتكاب جرائم مختلفة بموجب القانون الجنائي، بما في ذلك إنشاء " منظمة إجرامية وإرهابية" والقيام بأعمال شغب والتسبب في الإزعاج العام. وقد تعرضوا للتعذيب وغيره من سوء المعاملة أثناء الاحتجاز. وقد أطلق سراحهم على ذمة المحاكمة.
في 6 يوليو/ تموز، حاكمت إحدى محاكم الخرطوم وأدانت ثلاثة من أعضاء "حزب المؤتمر السوداني" من بينهم الأمين السياسي للحزب، مستور أحمد محمد. وقد أدينوا بتهمة تكدير السلم العام، وحكم على كل منهم بعشرين جلدة.

الصراع المسلح

استمرت الصراعات المسلحة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، مخلفة آثاراً مدمرة على المدنيين في جميع أنحاء السودان، بدءا من خسائر في الأرواح والحرمان من المساعدات الإنسانية وانعدام فرص الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة. وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يستهدف تقديم الدعم لعدد يقدر بنحو 5.4 مليون شخص تضرروا من النزاع في السودان في 2015.

جنوب كردفان والنيل الأزرق

واصلت قوات الحكومة مهاجمة المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في جبال النوبة في جنوب كردفان والنيل الأزرق باستخدام القوات البرية والغارات الجوية العشوائية.
في أوائل مايو/ أيار زارت منظمة العفو الدولية جنوب كردفان ووثقت انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات الجوية والبرية التي تستهدف المدنيين والأهداف المدنية، ومنع وصول إلى المساعدات الإنسانية. إن عدم وصول المساعدات الإنسانية يديم الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان، بما في ذلك انتهاكات الحقوق في الصحة والتعليم والغذاء والمياه الصالحة للشرب والسكن الملائم. وخلصت منظمة العفو الدولية إلى أن الحكومة السودانية تقوم بارتكاب جرائم حرب في جنوب كردفان(6).
حصلت منظمة العفو الدولية على أدلة تشير إلى أن الطائرات الحكومية قصفت عمدا المستشفيات والمرافق الإنسانية الأخرى، وألقت قنابل عنقودية على مناطق مدنية في جبال النوبة جنوب كردفان في فبراير/ شباط ومارس/ آذار ويونيو/حزيران 2015. وبين يناير/ كانون الثاني وأبريل/ نيسان، ألقت القوة الجوية 374 قنبلة على 60 موقعا في جنوب كردفان. ومنذ 2011، قامت القوات الجوية بقصف 26 مرفقاً صحياً (مستشفيات وعيادات ووحدات صحية). وبحلول 2015 لم يكن هناك سوى مستشفيان اثنان فقط يعملان لخدمة سكان تعدادهم 1.2 مليون نسمة.
في يناير/ كانون الثاني قُصف مستشفى " أطباء بلا حدود": إذ أسقطت طائرة مقاتلة من سلاح الجو السوداني 13 قنبلة، منها اثنتان سقطتا داخل مجمع المستشفى وسقطت الأخرى خارج سياج المستشفى.
وكان للقصف الجوي أيضا تأثير ضار على الحق في التعليم في جنوب كردفان. فعندما بدأ الصراع كانت هناك ست مدارس ثانوية في المناطق التي تسيطر عليها "الحركة الشعبية – الشمال"، وفي 2015، لم يبق ما يعمل منها غير ثلاثة فقط، وتناقص عدد الأطفال في المدارس الثانوية في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية -الشمال من 3000 إلى حوالي 300-500، في حين أغلقت 30 مدرسة ابتدائية مع انكماش أعداد التلاميذ المسجلين بالمدارس منذ 2011 بمقدار23 ألف عما كان عليه من قبل.
و منذ 2011، أصبح استخدام القصف الجوي والطيران فوق القرى والمجتمعات المدنية ممارسة ثابتة من سلاح الجو السوداني وكان لذلك أثر نفسي عميق على مسار الصراع. وعطل القصف الجوي في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران 2015 الأنشطة الزراعية قبل موسم الأمطار.
واستمر القتال بشكل متقطع في ولاية النيل الأزرق بين "الجيش الشعبي-الشمال" والقوات المسلحة الحكومية، مما أدى إلى تشريد نحو 60 ألف مدني. وفي مايو/ أيار، أدت المواجهات المسلحة في النيل الأزرق إلى مقتل 22 وتشريد 19 ألف من المدنيين.

دارفور

دخل الصراع المسلح في دارفور عامه الثاني عشر. وعلى الرغم من أن القتال واسع النطاق بين الحكومة والجماعات المسلحة قد هدأ، كانت هناك اشتباكات متفرقة، وأعمال قطع الطرق وحوادث العنف الطائفي. استمرت القيود على حرية الحركة والحريات السياسية في جميع أنحاء دارفور. وخلال العام نزح ما يقدر بنحو 223 ألف شخص من ديارهم بسبب الصراع، ليصل بذلك إجمالي عدد النازحين داخليا في دارفور الى 2.5 مليون نسمة.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2014، شنت الحكومة من جديد عملية صيف الحسم، بالهجوم على القرى في جبل مرة وشرق جبل مرة جواً وبراً. وفي تقريره الصادر في يناير/ كانون الثاني 2015، وصف فريق خبراء الأمم المتحدة في السودان خصائص استراتيجية الحكومة في دارفور بأنها " عقاب جماعي للقرى والمجتمعات التي يعتقد أن جماعات المعارضة المسلحة تأتي منها أو تنشط فيها" و " إحداث أو تحفيز النزوح القسري لتلك المجتمعات "، مع" الاشتباك المباشر، بما في ذلك القصف الجوي، من [جماعات المتمردين المسلحين] عندما يمكن تحديد مواقعها. "
ظل العنف الجنسي، والعنف القائم على نوع الجنس، منتشرين في دارفور. وبعد زيارتها للسودان في مايو/ أيار، حثت المقرر الخاص للأمم المتحدة حول العنف ضد المرأة الحكومة على تشكيل لجنة للتحقيق في مزاعم الاغتصاب الجماعي، بما في ذلك الادعاءات باغتصاب أكثر من 200 امرأة وفتاة في أواخر 2014 في قرية ثابت. 
للاطلاع على كامل التقرير عن حالة حقوق الانسان حول العالم انتقل الى الرابط
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق