اعتداءات جنسية
وتهديدات من قبل قوات الأمن:
(نيروبي) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته
اليوم إن قوات الأمن السودانية استخدمت العنف الجنسي والتهديد وأشكال أخرى من
الانتهاكات لإسكات المدافعات عن الحقوق الإنسان في مختلف أنحاء البلاد. على
الحكومة السودانية التحقيق في كل هذه الادعاءات، ومحاسبة مرتكبيها، وإجراء إصلاحات
قانونية لحماية حقوق النساء.
يوثّق
التقرير "الفتيات المحترمات لا يشاركن في الاحتجاجات: قمع المدافعات عن حقوق
الإنسان في السودان"، الممتد على 61 صفحة، جهود السلطات السودانية لإسكات
أصوات النساء المشاركات في الاحتجاجات والحملات الحقوقية ومجالات النشاط العام
الأخرى، واللائي يعملن في مجال تقديم الخدمات الاجتماعية والمساعدات القانونية
والصحفيات. النساء اللائي يعملن في هذه المجالات يتعرضن للاستهداف بمختلف أنواع
الانتهاكات، من الاغتصاب إلى التهديد ومحاولات تشوية السمعة، فيما زملاؤهن الناشطون
أقل عرضة لهذه الانتهاكات.
Related Content
قال دانيال بيكيلي، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس
ووتش: "تتعرض المدافعات عن حقوق الإنسان السودانيات للقمع السياسي شأنهن شأن
زملائهن الرجال، لكنهن أكثر عرضة للاعتداءات الجنسية والتهديد لأنهن نساء. كثيرا
ما يستغل مسؤولو الأمن السودانيون القوانين التمييزية والأعراف الاجتماعية لإسكات
النساء".
وثقت هيومن رايتس ووتش أكثر من 12 حالة لناشطات تعرضن
للاغتصاب أو التهديد بالاغتصاب من قبل عناصر الأمن في سياق الاعتقال التعسفي في
غالب الأحيان. كثيراً ما تُحذر الضحايا من الحديث عما تعرضن له، وتضطر بعضهن
لمغادرة البلاد.
تقول ناشطة اعتقلت في أبريل/نيسان 2015 عندما
كانت في طريقها لتوزيع منشورات تحث المواطنين على مقاطعة الانتخابات: "قالوا
لي: أنتُن النساء الناشطات وعضوات الأحزاب كلكن عاهرات. قلت لهم إنني أعمل فيما
أؤمن به. بدؤوا بعد ذلك يضربونني، وخلع أحدهم بنطلونه وبدأ في اغتصابي".
تعرضت الناشطة للاعتقال مجدداً عقب إطلاق سراحها، وحذرها ضباط الأمن من مغبة
الحديث عن الاغتصاب الذي تعرضت له.
ازدادت الانتهاكات فيما يبدو مع تصاعد الاحتجاجات
والمظاهرات عقب انتفاضات الربيع العربي وانفصال جنوب السودان في 2011 وتدهور
الاقتصاد واشتعال حروب جديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق. بالإضافة إلى المشاركة
في الاحتجاجات، ظل عدد كبير من النساء يعبّرن بنشاط عن كثير من المظالم في مظاهرات
صغيرة وخطابات وكتابات وأشكال أخرى من التعبير.
ارتكب عناصر الأمن بالخرطوم، غداة الاحتجاجات التي قادها
الشباب في أوائل 2011، انتهاكات جنسية بحق ناشطات، بمن في ذلك صفية
اسحق، عضو حركة "قِرِفنا"، التي حظيت قضيتها باهتمام واسع. كانت الحكومة
قد نفت من جانبها ادعاءات الاغتصاب في تلك الحادثة، ووجهت تهماً إلى عدد من
الصحفيات اللائي كتبن عنها. كما أفادت ناشطات من جبال النوبة ودارفور بأنهن تعرضت
للاعتقال والاغتصاب أو التهديد بالاغتصاب ولإساءات عنصرية.
اعتدي عناصر الأمن، في أكتوبر/تشرين الأول 2014، على
طالبات من دارفور بالضرب والمضايقات الجنسية خلال احتجاج على إجراء بإخلاء سكن داخلي
للطالبات بجامعة الخرطوم. قالت واحدة من قادة الاحتجاج، بعد أن اعتقلت لأكثر من
شهر، إن ضباط الأمن اغتصبوها عدة مرات خلال فترة الاحتجاز. قالت أيضاً إنهم حذروها
من مغبة الحديث عن الاغتصاب الذي تعرضت له. غادرت هذه الناشطة السودان في وقت
لاحق.
في أبريل/نيسان 2015، اعتقل أعوان أمن الناشطة المعروفة
ساندرا كدودة عندما كانت في طريقها إلى حضور اجتماع. ظهرت ساندرا بعد 3 أيام من
الاعتقال وقد بدت عليها آثار الضرب واضحة. نفى جهاز الأمن الوطني من جانبه مسؤولية
اعتقال ساندرا، لكنه حذرها وحذر آخرين من الحديث عن هذه القضية، وفَرض رقابة على
تغطيه الصحف لها.
على حد علم هيومن رايتس ووتش، لم يخضع أيّ من عناصر الأمن
لإجراء إداري أو محاكمة على اغتصاب ناشطات أو الاعتداء عليهن جنسياً أو مضايقتهن.
ظل السودان ينفى باستمرار حجم العنف الجنسي الذي ترتكبه قواته، لا سيما في دارفور.
قوانين مثل قانون الأمن الوطني لسنة 2010، الذي يمنح عناصر الأمن سلطات واسعة،
يحول عملياً دون محاكمتهم.
أضاف بيكيلي: "فشل الحكومة في التحقيق بشأن ادعاءات
العنف الجنسي والمضايقات يساهم في خلق بيئة معادية تعيق عمل الناشطات".
قوانين الآداب العامة، الغامضة والفضفاضة، تميّز ضد
النساء، وتحدد الزي الذي يجب أن يرتدينه، وتحد من حركتهن ودورهن في الحياة العامة،
وتفرض عليهن عقوبات جسدية مهينة مثل الجلد والرجم. قال عدد كبير من الناشطات لـ
هيومن رايتس ووتش إنهن يشعرن أنهن مقيدات بهذه القوانين.
فرقت الشرطة وقوات الأمن احتجاجات مناوئة لهذه القوانين
واعتقلت المشاركين فيها. في 12 مارس/آذار 2016 ألغت السلطات ندوة كان من المقرر أن
تتحدث فيها الناشطة الحقوقية أمل هباني حول قوانين الآداب.
قالت هيومن رايتس ووتش إن عناصر الأمن درجوا على تهديد
النساء بتشويه سمعتهن. قالت ناشطة أطلق سراحها بعد 3 أيام من الاعتقال على خلفية
مشاركتها في احدى الاحتجاجات إن عناصر جهاز الأمن الذين اعتقلوها أبلغوا والدها
بأنها "تتابع شباباً يتعاطون المخدرات والخمور وإنها ستشوّه سمعتها وسمعته هو
أيضاً". نتيجة لذلك، أجبرتها أسرتها على وقف نشاطها.
قالت طالبة نوبية، ناشطة ضد الحرب في جنوب كردفان، لباحثي
هيومن رايتس ووتش، إن شقيقها اعتدى عليها بالضرب وحبسها داخل المنزل لمدة شهور بعد
أن مارس جهاز الأمن ضغوطاً على أسرتها مطلع 2013 لوقف نشاطها. قالت لـ هيومن رايتس
ووتش: "لم يعد مسؤولو الأمن في حاجة إلى اعتقالنا، لأن أفراد الأسرة يمكن أن
يقوموا بهذا العمل نيابة عنهم".
قالت نساء كثيرات إنه لم يعد أمامهن خيار سوى التخلي عن
نشاطهن أو مغادرة البلاد وترك حياتهن الأسرية والمهنية خلفهن. على المنظمات
السودانية والدولية بذل مزيد من الجهود لدعم المدافعات عن حقوق النساء.
يستمر السودان في قمع الاحتجاجات بعنف وفرض
قيود على وسائل الإعلام وكافة أطياف المجتمع المدني المستقل. في 29 فبراير/شباط
2016 داهم عناصر الأمن مكاتب مجموعة "تراكس للتدريب والتنمية البشرية"
للمرة الثانية خلال عام، وخضع بعض موظفي المجموعة، حتى منتصف مارس/آذار، للاستجواب
بشكل يومي تقريباً. كانت السلطات قد أغلقت في يوليو/تموز 2014 "مركز سالمة
لدراسات ومصادر المرأة" وصادرت ممتلكاته وباعتها في مزاد علني.
دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة السودانية على مدى سنوات لإصلاح القوانين القمعية،
مثل قانون الأمن الوطني وقوانين النظام العام والآداب التي تكرس التمييز. على
الحكومة إلغاء عقوبات الجلد والرجم والعقوبات الجسدية الأخرى التي ترقى إلى المعاملة
اللاإنسانية والمهينة، التي تشكّل انتهاكاً لاتفاقيات حقوق الإنسان التي صادق
السودان عليها.
قال بيكيلي: "خلق قادة السودان مناخاً معادياً
للناشطات، وعليهم الآن اتخاذ خطوات ملموسة لوقف هذه الانتهاكات ورفع القيود
المفروضة".
0 comments:
إرسال تعليق