حكاية الأرنب الذكي (4) ... محمد نياتو


 سلسلة أدب الأونشو ...
... مسرح الطفل ...
ذكرنا بالأمس أن الأرنب طلب من اللبؤة إختيار أحد كومي اللحم المطبوخ فإختارت ( لغفلتها) كوما كبيرا ولكنه كان كثير العظم قليل اللحم....!
وقبل البدء في إلتهام اللحم فكر الأرنب في حيلة تمكنه من الفوز بحصة اللبؤة من اللحم فقال لها..... دعينا نطرق( نشحذ) أسناننا ونجعلها حادة قبل البدء في الأكل لأن لحم الواركروم ( التيس الخصي) يحتاج لأسنان حادة لمضغه......!
وإقترح الأرنب أن يمضغا أوراق شجرة الشيكدا ( العرديب) لأنها لوجود الحموضة بها فهي تجلي الأسنان وتجعلها حادة كالأمواس.....
وذهب الإثنان لتلك الشجرة وجعلا يخرطان من أوراقها الطرية ويمضغانها.... ولكن الأرنب إحتال قبل مجيئهما للشجرة علي إخفاء شئ من الإيقج ( كبد التيس) المطبوخ في أذنه.... فكان يخرط أوراق العرديب ويلقيها من خلفه خلسة ويضع شيئا من الإيقج في فمه ويمضغه بدلا عن الأوراق الحامضة... بينما إجتهدت اللبؤة في مضغها لبراعم الأوراق حتي أصبحت تشعر بحساسية حادة من مرور أقل نسمة علي أسنانها
وحتي يتأكد الأرنب من أن اللبؤة لن تستطع أكل اللحم جراء ماتشعر به من حساسية الأسنان فقد فتح فمه وجر كمية من الهواء قائلا... هاقد شحذت أسناني فأصبحت حادة.... فكيف بأسنانك أيتها الأم...؟
ففعلت اللبؤة كما فعل الأرنب وكادت أن تطير قافزة من فرط شعورها بالحساسية في أسنانها وقالت.... لاحول ولاقوة إلا بالله... إن أسناني أصبحت حادة جدا جدا.... هلم نلتهم طعامنا....!
وعادا وبدءا في تناول طعامهما فجعل الأرنب يلتهم قطع اللحم الصافي بسرعة بينما اللبؤة تلحس العظام لحسا لعدم تمكنها من المضغ نتيجة شعورها بحساسية الأسنان.... فقال لها الأرنب بعد أن أنهي نصيبه.... أعطني حصتك لأمضغ لك......!
وبالفعل أعطته الأم نصيبها فنهش مابها من لحم وكسر العظام وأعطاها القليل من النخاع( دهن العظم) فتلهت به حتي قضي الأرنب علي المتبقي....!
وفي المساء فكر الأرنب أنه إذا أتي الصباح فربما شكت اللبؤة فيه وقضت عليه وقال لنفسه.... فلنتغدي بها قبل أن تتعشي بنا.... وذهب من فوره ونظف غرفة نومهما وأتي خلسة بنبات يقال له بقا ( نبات ذو مادة صمغية لاصقة) ... ومسح بهذه المادة الكوتي ( ألواح السرير الخشبية) فأصبحت شديدة اللمعان وكأنها دهنت بكريم(Polish) ومسح ألواحه بالرماد حتي صارت غبشاء اللون.....
وحين أويا إلي مخدعهما ليلا قال الأرنب لللبؤة... لأنتي ملكة عظيمة لاتنامين إلا علي السرر الوثيرة فاختاري أي السريرين لتنامي عليه فإختارت السرير ذا الألواح اللامعة فقال لها الأرنب:
يجب أن تضجعي بهدوء ولاتتحركي كثيرا حتي لاتنزلقي من نعومة الألواح فتسقطي، فعملت اللبؤة بنصيحته وإضجعت علي قفاها (ظهرها) لتأخذ راحتها كاملة ونامت من فورها جراء مانالت من تعب خلال يومها هذا....!
عند الفجر إستيقظ الأرنب مبكرا علي غير عادته وتسلل مسرعا حيث أهل القرية وصاح فيهم:
أتريدون أن تعرفوا من سرق تيسكم بالأمس... أتعرفون من نهب الشييني منكم؟
قالوا.... بلي.
قال.... إذن دونكم واللبؤة المكارة ...هلموا إليها في وكرها فهي متخمة مما إلتهمته من كمية اللحم وغير قادرة علي الحراك.....
وفزع الناس إليها وهجموها في مرقدها وفتكوا بها... وهرب الأرنب بعد وشايته تلك وإختبأ في أروم موتكير ( شق في الأرض) تاركا أذناه الطويلتين كجذع شجرة( وتد) علي وجه الأرض ....
وبينما الناس عائدون في طريقهم للقرية لاحظوا وتدا ناتئا في دربهم فأخذوا يوصون بعضهم محذرين ويقولون:
كورتو وور تو أبود نلانق...
كورتو وور تو أبود نلانق...
أي إحذر أيها الشيخ من الوتد لايعثرنك.
فإغتاظ أحدهم وقال.... مابكم ياقوم... لماذا لاتميطون الأذي عن الطريق.... وضربه بقفا فأسه فنط الأرنب من مكمنه وخرج فإستشاط الناس غضبا وأرادوا الفتك به قائلين:
ذاك هو الأرنب صاحب اللبؤة الذي أذاقنا وإياها الويل وقض مضجعنا ... هلموا نلحقه بصاحبته....
فقال الأرنب... أنا ليس الذي تقصدونه... فلا أنا أرنب أروم( هدب) ولا أرنب شودا ( أرض جرداء) ... فأنا أرنب تعيس أخرج شوني كركري ( بذرة نبات كالعدسية) من عيوني تعبا وفقرا....( يضرب هذا المثل لإظهار الفقر وشظف العيش)...
فقالوا له.... إخرجها إذن لنصدقك....!
فأغمض عينيه وفتحهما فوقعت حبتان منها علي الأرض ( وكان قد خبأها مسبقا لهذا الغرض)... فتركوه وذهبوا لشأنهم... ونجا الأرنب بفعل ذكائه وحسن تصرفه..

تلك عزيزي القارئ كانت حكاية الأرنب الذكي التي سمعناها عن أسلافنا وكنا نستمتع بها ونلح أن تحكي لنا مرارا وننصت لأحداثها وكأنها تروي لأول مرة في حياتنا.... أتمني أن تكون نالت إعجابكم كما نالت إعجابي فأوردتها لكم.... دمتم... وصباحكمZain
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق