حرب الإبادة العرقية الثانية فى جبال النوبة تدخل عامها السادس الشهر المقبل، مع سابق اصرار وترصد من نظام المؤتمر الوطنى الاسلامو-عروبى الارهابي العنصري المسيس لمواصلة مشروعه الابادى، الذى حول وظيفة الدولة ومهامها من المحافظة على أمن وسلامه وحياة الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية والنماء وحفظ حقوق الإنسان وترسيخ الديمقراطيه والحريات، الى نظام انتهك كل تلك الحقوق، بل وذاد عليها بمشروع مخطط للاباده والقتل والاعتقال والتشريد ومحاولات الإبدال السكاني بارهابيين وطمس الهويه وسرقة الموارد.
فما حدث بالأمس بهيبان شئ مؤلم للغاية، ولكنه ليس حالة معزولة رغم تفاعل معظم الساسة والنشطاء مع هذا الحدث -منهم من تفاعل بصدق ومنهم بمكر سياسى وخاصة الذين يعلمون تلك التفاصيل منذ الحرب الاولى -، ولكنها سلسلة متكررة فى مواقع متفرقه من جبال النوبة وببشاعه نفس المشهد بل وأسوأ فى مناطق كثيرة على سبيل المثال لا الحصر حرق الجثث ودفنها فى مقابر جماعيه بمرتا شمال وكلبا وبالقرب من مدرسة تلو الثانوية بكادقلى، مذبحة سوق كرجى وقصف عدد من الكنائس والمدارس والمستشفيات والاسواق والقرى جوا وبرا واعتقالات وتصفيات مستمرة، وتقطيع الأطفال والنساء والعجزه بالطيران فى كودا وهيبان وكمى ومندى وكرنقو ودلامى وكدبر وعبرى و والى وسلارا وأبى وبلينجا وتوكو والتيس والصبى والمندل وشات الصفيه ومزارق والدمام والفيض وكجا وجلد وكرنقو ومرديس واجلن وأم دورين والفرشايه والدلنح وكركرايه وكاو نارو وكجوريه وحجر سلطان والفوس والشفر ومرنج ودابرى وأم سردبه ودلدقو وتلو وسرف الضى وخور الدليب وميرى وكحليات والازرق وابوسنون وكانقا وليما وكوفا والجوغانايه والحرزايه والمشايش والعتمور واللبو وكيقا دميك والرجفى والنتل وتنديا والكرقل والسماسم ودبى وانقارقو وطجو وجاو وكيقا الخيل والبرام والدار وطروجى والتيس وانقارتو وتلشى وجرورو وماسنق والجبال السته وهبيلا والاخوال والمساكين طوال وقصار ولقورى وتيسى وكيقا جرو وكمدا ولقاوه وتلودى وكلوقى والأزرق وابوكرشولا والليرى شرق وغرب وكيقا تميرو والفيض وهبيلا وتافرى ورشاد والكدرو وكدرو وأبو جبيهه والعباسيه والحجيرات والبييره وكتلا وجلد وتيمين وجبل الداير وتيما وطبق والشوايه وعقب وكندرمه وطابولى ومفلوع ونمر شاقو وتكو وبلنجا وام دولو وتجملا وكلولو وتمه وكافينا وأبو هشيم وكورراك وطمطم والجغيبه وكيقا لبن وططا والترتر و الرقيفى ...الخ، وقصدنا ألا نرتب هذه القرى حسب مواقعها او التصنيفات المتداولة لأننا نعلم تماما أن المساس باى جزء من جبال النوبة هو مساس بالكل، وما ذكر من قرى رمزيه تشكل 10% من مجموع القرى فى جبال النوبة، هذه القرى رغم ان كثير منها قد غير الاسلامو-عروبيين أسمائها الأصيلة المعروفه فى إطار سياسة إعادة الإنتاج والإقصاء والوصايا والتعالي الثقافى المتوهم "وسوف نتناول ذلك فى مقالات لاحقة بجانب أسماء البشر" إلا أن كثيرا من الشعب السودانى لم يسمع بالكثير من هذه القرى او يستطيع نطق بعضها بصورة صحيحه، فى الوقت الذى يعرفون الكثير عن مناطق وحارات فى أروبا وأمريكا والدول العربية والإسلامية..الخ، مما يؤكد حالة انفصام وجدانى وطنى، وعدم اهتمام عما يدور فى المناطق التى تتعرض الإبادة؛ وبالتالى المناطق التى تعرضت تاريخيا للاستهداف والمؤامرات المخططة من قبل النظام فى إطار سياسة الأرض المحروقة والابدال السكاني ونهب الموارد لن تشكل لهم كبير غرض او اهتمام بل أن الكثيرين يشكون فى صور حرق مواطنيين داخل كنائس او أسواق او منازل او أماكن عامة او مزارع باستثناء البعض المتابع.
آلاف الدانات التى اسقطت واستهدفت أطفال ونساء وعجزه، بجانب 70% من ميزانية الدولة التى توجه للحرب كانت كفيلة فى قيمتها المادية أن تحول جبال النوبة وغيرها إلى قرى ومدن نموذجية تتوفر فيها كل مقومات الحياة والتنمية بمفهومها الشامل.
وإذا رجعنا قليلا للوراء منذ ثمنينيات القرن الماضى نجد ان تصفية الكوادر فى جبال النوبة ونقلها وتشريدها وتدمير المنازل و نهب الممتلكات وحل المؤسسات وإعلان فتاوى الجهاد والاستعانة بالمراحيل الميليشيات والمرتزقه والدفاع الشعبى، ومقتل 13 طفل فى كودا بدانه فى فصل تحت شجرة وتسميم المياه، وانقطاع اقليم جبال النوبة عن العالم وأى دعم إنساني لأكثر من 10 سنوات فى حرب الإبادة الاولى، يؤكد بكل صراحة أن النخب السياسيه السودانية تاريخيا شاركت فى تعميق أزمة شعب جبال النوبة، ولكن رغم أن المثل يقول أن تأتى متأخرا خيرا من إلا تأتى، تظل مصداقية التعامل مع قضية شعب يتجاوز إعداده سبعة مليون نسمه ويشكل أكثر من 20% من مجموع سكان السودان قضية لا يجب أن تظل فى الميديا و وسائل التواصل الاجتماعى والمؤتمرات والمواثيق بفهم فهلوى سياسى يعيد إنتاج الازمة بصورة أعمق فى ظل تنامى الوعى الشعبى" المعبر عنه بكوكو عرف" وظهور جيل دوت كوم لن يسهل خداعه وخاصة الثوار والطلاب والشباب والمرأه والإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى بصفة عامه ؛ بل تتطلب اعترافات واعتذارات عن الفشل التاريخى من النخب السياسية فى تشخيص وتحليل وعلاج جذور الازمة السودانية بصفة عامة وجبال النوبة بصفة خاصة، وإعادة هيكلة وتشكيل الدولة السودانية بأسس تخاطب الخلل التاريخى وبمشاركة واقعيه وفعليه من شعب جبال النوبة سياسيا وثوريا ومنظمات مجتمع مدنى فى الداخل والمناطق المحرره والخارج فى كل خطوات المطبخ السياسى لمستقبل السودان تفاوضا او ثورة مسلحة او انتفاضة او ضغط دولي او إعادة هيكله والتوقيع فى اى ميثاق او تفاوض او وضع ملامح دستور انتقالي او دائم، ومن ثم تحديد وضعيتهم والاخرين ليس فى كيف يحكم السودان -التى يرددها بعض الساسة فحسب- بل أيضا من يحكم السودان؟.
أن الاستهداف التاريخى لشعب جبال النوبة يجب على ساسه السودان إذا ينظروا إليه ويفهموه ويقيموه ليس فى بعده السياسى فحسب بل فى بعده الاجتماعى والاقتصادي ما قبل وبعد ما يسمى باستقلال السودان، وما لم يكن اى تعبير او حل سياسى مغطى مطالب الواقع الاجتماعى الذى يشكل سبعه مليون نسمه والجانب الاقتصادى الغنى بالموارد المتنوعه معدنية وزراعيه وحيوانيه وغابيه؛ تظل خيارات البقاء فى وطن انتقائى وصائى متامر وعنصرى استعبادى وابادى، يريد أن يضع شعب جبال النوبة وحقوقه فى شكل كمبارسى مكرر فى العملية السياسية السودانية تاريخيا، خيار غير مقبول جملة وتفصيلا، ستقابله بدائل الثورة والانفكاك من دولة ترفض العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والاعتراف بالآخر. لذلك التفكير فى حل قضايا السودان الأكثر تعقيدا وتثبيتها دستوريا بما فيها وضعية جيوش التحرير والهوية والأرض والموارد وفوق ذلك حق الحياة أولا هو مدخل لحل شامل لكل قضايا السودان، وليس العكس الذى ستكون عواقبه وخيمة وتعيد الدائرة الشيطانية المفرغة فى كافة الحالات المفضيه للتغيير تفاوضا كان او انتفاضة ...الخ.
وأخيرا فإذا كانت مذبحة هيبان قد افاقت الضمير السودانى حقيقة نأمل أن ينعكس هذا واقعا فى الاعتراف بالتنوع وإدارته ونيل هذه الشعوب أعلى سقوف حقوقها ومطالبها المشروعة إذا أردنا فعلا أن ينعم هذا السودان بالوحدة والنماء والرخاء.
التحية لثورة الوعى الكبير لشعب جبال النوبة أينما وجد، فوحدته وتوحد خطابه وصموده التاريخى الثورى فى وجه الظلم والجبروت هو مفتاح وصمام الامان، لنيل حقوقه كاملة غير منقوصة... والنصر ات لا محال..
ولنجتهد جميعا كسودانيين حول العالم فى أن نجعل من الذكري الخامسة لحرب الإبادة العرقية فى جبال النوبة فى يونيو القادم عملا عبر ضغط محلى واقليمى ودولي لفضح جرائم النظام و فرض حظر طيران نظام المؤتمر الوطنى فى جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق، وضغطا دوليا لتوصيل الاغاثة للمتضررين، والعمل على إسقاط هذا النظام وبناء السودان على أسس جديدة وعادلة ومحترمة.
وثورة حتى النصر..
أمين زكريا- قوقادى
gogadiamoga@gmail.com
الموافق 14 مايو 2016
0 comments:
إرسال تعليق