حكاية الأرنب الذكي (٢) ... /محمد نياتو


سلسلة أدب الأونشو ...
... مسرح الطفل ...
...حكاية الأرنب الذكي (٢) ...
ذكرنا بالأمس عزيزي القارئ أن الأرنب سقط من عل وسط أسرة تتكون من لبؤة وأشبالها فهجموا عليه يريدون إفتراسه فإحتال عليهم بسؤال مفاجئ قائلا:
أليس لديكم كوندو ( أقرباء من ناحية الأم) في السماء...؟
فردت اللبؤة دون وعي:
بلي... لدينا.
فقال الأرنب:
ولقد جئت من طرفهم لإعانتك كأندار ( جليس أطفال) حتي تتفرغي لشؤون الأسرة وإعالتها.
ولدي سماعها لهذا الخبر إبتهجت الأم أيما إبتهاج... فقد كانت تعاني كثيرا للموالفة بين رعاية أطفالها وإدارة شؤون بيتها وكانت تجهد نفسها كثيرا حتي تنجز هذه الأمور.... وفكرت أن نزول الأرنب عليها من السماء هو قدر مسطر وهدية من رب السباع وذوات الثدي مثلها وسائر المخلوقات القوية كزوجها .... ورحبت بالأرنب ترحابا حارا وأكرمته...
وفي صبيحة اليوم التالي خرجت الأم مبكرة وهي توصي الأرنب خيرا بأطفالها وأن تهتم بهم ريثما تعود مساءا بعد أداء أغراضها وقد إطمأنت علي أشبالها في معية الأرنب....
وماإن خرجت الأم حتي عمد الأرنب إلي ذبح أحد أشبال الأسد وطبخه ثم أكل كل اللحم وترك المرقة ( الحساء) .... وفي المساء عندما عادت الأم متعبة أسرع الأرنب إليها بالحساء وكان ( مسبكا) تعبق منه رائحة البهارات الذكية... فشربته الأم وتلذذت به ثم دعت الأرنب لإحضار بنيها لإرضاعهم... فجعل يأتي بهم واحدا واحدا مدعيا أنهم لن يدعوها تستريح إذا أتي بهم جميعا فكان يأتي بالشبل فيرضع ثم يعيده لمضجعه ويأتي بآخر حتي إنتهت من إرضاعهم ولم تلاحظ أنهم ينقصون واحدا وذلك لأن الأرنب إحتال علي تكرار إحضار الشبل الذي رضع أولا ليتم العدد فإنطلت الحيلة علي الأم....
وتكرر خروج الأم لأغراضها الخارجية فإستمرأ الأرنب قتل الأشبال وإبتكار أنواع المرقة المتبلة وتلقي الإستحسان من الأم بشأن مذاق وطعم مايقدم لها... وبالتالي أصبح عدد الأشبال ينقص يوميا مما جعل الأرنب يقوم بحيلة تخرجه من ملاحظة الأم لنقص عدد أشبالها...
فقد كان عندما يعيد الرضيع يقوم بضغط الشبل الرضيع بقوة علي بطنه فيستفرغ مارضع من الحليب فيعيده لينال رضعة أخري يعوض به ما أستفرغه.... ويفعل ذلك حتي يتم العدد المألوف لدي الأم المتخمة من تناولها للمرقة اللذيذة الطعم فلا تلاحظ مايحدث...
وهكذا إلي أن أتي يوم لم يبق فيه سوي شبل واحد ففكر الأرنب بعد خروج الأم في كيفية التصرف في توفير الغذاء اليومي جراء نفاذ (المخزون الإستراتيجي) من البيت....
ولكن هيهات ... فمن أين له أن يصبر علي نداء أمعائه مع وجود ذاك الشبل السمين أمام ناظريه... فهجم علي الصغير وطبخه وأتي عليه ولم يترك حتي الحساء المعتاد للأم....
وحتي يخرج نفسه من عقاب الأم التي ستسأل حتما عن بنيها وربما ستكون نهايته هي ضربة واحدة من كفها لن تزيده وستخلع رأسه من علي كتفيه وتعجل بنهايته.... فقام بتخديش نفسه وجرح جسمه ثم أتي بكوكار ( حجر كروي يستخدم لنقش المرحاكة) فقذفه لأعلي وتلقاه برأسه كما يفعل لاعبو كرة القدم فشجه ونزف الدم منه غزيرا ... ثم ألقي بنفسه فوق كومة أوتة ( رماد) وعفر نفسه فيها وصار منظره غريبا كحمار الزرد لايكاد يبين من وجهه إلا عيونه الجاحظة من الرعب..... وجلس ينتظر مقدم الأم وهو يمني النفس بنجاح حيلته تلك.... وإلا فلتبدأ أمة الأرانب بنصب السرادق ( ويقام عليه مأتما وعويلا ) وذكر محاسنه من الآن...
وفي المساء عادت الأم مجهدة وألقت بنفسها في مجلسها المعتاد منتظرة خروج الأرنب حاملا (سرويس) الحساء المعتاد لتزدرده وتنهل منه متلذذة ... ولكن طال إنتظارها ولم يخرج صاحبها فنادت عليه فلم يجبها فتوجست شرا من صمته فولجت للداخل لتفاجأ بمنظره وخلو المكان من بنيها فأمسكت بتلابيبه قائلة:
أين الأشبال وماالذي وقع لك.... أخبرني في الحال وإلا خمدت أنفاسك.
فقال الأرنب وهو يدعي الإعياء:
لقد أتي جنود الحاكم وأخذوا أشبالك وقالوا إذا لم تأتوا غدا وفي معيتكم فدية فلن تروا الأشبال مرة أخري.
فقالت الأم:
وكم هي مقدار الفدية المطلوبة؟
فأجاب: ليس كثيرا... فقط وار كروم ( تيس خصي)... وتيريه ( إناء يصنع من روث البقر ويكال به الذرة) مليئة بالشييني ( جمع شييد وهو أمباز السمسم المتبقي بعد عصر الزيت)....
فإرتاحت أسارير الأم وقالت.... لابأس.... فليست هناك صعوبة في توفير المطلوب....
وغدا نواصل
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق