بين حدي الاستبداد والثورة يرابط الصبر، ملجأ
الشعب، الذي صبر حتى الآن اكثر من ربع قرن على نظام بلا عقل، وإن إفترضنا أن له
عقل، فهو عقل عاطل . . يسنده ضمير ميت، مثل الرماد..! كان الله في عون الشعب السوداني في محنة الجوع
والعطش والخوف والتخويف وانتهاك الحقوق المستمرة والمتفاقمة، يوماً بعد آخر منذ
30/6/1989 حتى الساعة . . ! من المفارقات العجيبة، هي تحول الجيش السوداني،
الى حمل وديع . . ! امام قائد مليشيا الدعم السريع، وقواته الباطشة، التي يقال
انها تطوق العاصمة الخرطوم، هذه الأيام . . !!؟؟ ولا ندري، أهو خوف من المعارضة .
. ؟ أم تخويف لها . . ؟ أم إبراز لعضلات القوة أمام الشعب الذي هده الفقر . . ؟
ولعن الله الفقر، أنه عدو كافر يهد إرادة الرجال. . ! وقد جعل منه النظام احد
الأسلحة ، عملاً بالمثل الذي يقول: جوع كلبك يتبعك، والهدف من التجويع، معروف، هو
الإمساك بمقاليد بالسلطة لأطول فترة ممكنة، بجانب سلاح القوة التي يستعرضها هذه
الأيام، لأسباب لا يعرف كنهها احد، ولا يفك طلاسمها سوى من بيده مفتاح الأسرار . .
والمفتاح من صنع حدادي وسمكرجية السياسة. والمعارضة السودانية، بعد كل مهرجاناتها، وصخب
اجتماعاتها ونيران تصريحاتها، منذ 1989، اخيراً ظهرت على حقيقتها المنكورة، واللا
مفكر فيها من جانبها. . انها مجموعات أصوات مبعثرة ومشتتة، وليست معارضة موحدة على
قلب رجل واحد. لذلك ظلت عاجزة حتى بلغت مرحلة عجزت فيها حتى عن
الكلام، بعد ان تقطعت بها السبل، وحار بها الدليل. . ! وما إعتصام الشعب بحبل الصبر، إلا لفقدانه الأمل
بها وبآلياتها، ولإنعدام قدرتها على إتخاذ خطوة عملية في الاتجاه الصحيح، تصحح
مسيرة الفشل. فيما لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون".
غير ان التمادي في الصبر على نظام فقد كل مقومات بقائه ، بل، هو فاقد لها منذ لحظة
مجيئه، يكشف عن علاقة غير سوية بين الشعب والمعارضة. فالحديث عن ان المعارضة، مازالت بخير وخياراتها
كثيرة ومتاحة، كلام لا ينطوي على حقائق أو صدق، بل هو كلام يطفو على سطحه،
التخدير، والتطمين والخداع. . بينما الوقائع والاحداث تشير إلى ضآلة الخيارات
المتاحة أمام المعارضة والسبب في كل ذلك هو انانيتها وانتهازية بعض اطرافها. . !
التي ظلت تطرق الأبواب الموصدة، من أجل الوصول إلى حالة من التوافق مع النظام،
تكفل لها دخول معبد الاستبداد والفساد، للتعبد مع المتعبدين في محراب الضلال
والنفاق، والغوص في وحل الفساد مع الفاسدين .. ولبلوغ غايتها تسكعت على أبواب كل
من هب ودب من الدول، وطرقت الأبواب في كل من اديس أبابا، وجيبوتي، والقاهرة
وأبوجا، وجنوب افريقيا والدوحة . . ناسية ان كل ما فعلته حتى الآن لم يَصْب إلا في
نهر خدمة النّظام، لانها بعثت برسائل شتت تفكير الشعب، وأضعفت إيمانه بطريق النضال
الخالي من المساومات، النضال المراهن على إرادة الشعب طريقاً لبلوغ فجر الثورة،
حتى وان بدا طريقاً طويلاً وشاقاً ووعراً وعالي الكلفة إلا أنه يبقى الطريق الصحيح
والأسلم. لان الحوار والمساومات هنا وهناك.. لن توصل الى
الثورة. بل في احسن الاحوال توصل الى أنصاف حلول ، وليس حلاً جذرياً . الحل الجذري لن يتحقق إلا بإعادة تشكيل الوعي
وتوحيد الصفوف ومضاعفة الجهود وتعزيز الثقة والإرادة والتصميم بالسير في طريق
النضال والثبات عليه، عندها تكون الرسالة الواصلة للشعب، رسالة واضحة، مفادها ان
لا حوار ولا مساومة، ولا أنصاف حلول مع الفاسدين مستغلي الدين. رسالة ترسم إطار النضال، وتحدد موجهاته، وتوضح
معالمه وتبين أهدافه وآلياته، ساعتئنذ يقتنع الشعب ان المعارضة ليست عبئاً عليه مثل
النظام، بل هي عون له، ومعه في معركته، وفي الصفوف الأمامية، في الخرطوم ودارفور
وكردفان والشرق والشمال والوسط، وقتها سيتمزق نمر الورق، وينهار معبد النفاق
والضلال، على رؤوس رعاة الإستبداد والفساد ويتخلص الوطن من أزمته التي ظل عالقاً
فيها أكثر من ربع قرن.
0 comments:
إرسال تعليق