إن قلتم عن الترابي أنه كاذب . . فماذا أنتم
قائلون غداً عن حميدتي . . ؟ الجرائم التي أرتكبتها الطغمة الحاكمة، بحق الشعب
السوداني، رهيبة ومفزعة، ومتعددة الصور والاشكال، حتى يصعب على الباحث المتخصص، أن
يحصرها في رقم معين. وأفظع الجرائم على الإطلاق ازهاق ارواح
الجنوبيين، بأسم الدين، تحت رايات الجهاد.. جرائم القتل والابادة لم تتوقف حتى بعد
إنفصال الجنوب، الذي نناشد قادته ان يتحلوا بالحكمة ووضع حد للحرب. بل إستمرت آلة القتل، تحصد ارواح الغلابة، في
جبال النوبة والأنقسنا ودارفور، وكل المناطق والفئات المهمشة في السودان. بجانب
جرائم الانتهاك للأعراض، والتضييق على الحريات العامة والاعتقالات التي طالت
الشرفاء من أبناء وبنات الشعب السوداني الذين رفعوا أصواتهم، أو اتخذوا مواقف
عملية تعبيراً عن رفضهم لنهج الطغمة الحاكمة، التي دأبت على مصادرة الحريات،
وحرمان الشعب من حقوقه الاساسية، في الحرية والحياة الحرة الكريمة، في وطن فيه كل
مقومات العيش الكريم .. !! بينما أغدقت على الانتهازيين، أمثال حميدتي، ليس
حباً فيه، وإنما استغلالاً لجهله، اذ أغْرَته برتبة عسكرية، منحها له جهاز أمن
الطغمة الحاكمة، توظيفاً له، لتجنيد أبناء أهله وعشيرته الذين تغلب عليهم الأمية.
. محمد حمدان المقلب ب( حميدتي) هو ومن معه من الشباب الذين وضعوا أنفسهم، أو
وضعتهم الظروف، تحت تصرف الطغمة الحاكمة، هم في الواقع ضحايا لسياسات الأنظمة التي
تعاقبت على حكم السودان التي لم تعطي اولوية لتعليم أبناء الهامش، الذين وظفتهم
حكومات المركز المتعاقبة لاسيما الطغمة الحاكمة في حروبها العبثية ضد أهلهم
ومصالحهم وتطلعاتهم المشروعة في الحياة. ولتطاول امد الحرب وضخامة خسائرها، على الوطن
والشعب ومعاشه، تضاءل الحماس بين صفوف الشّباب للالتحاق بالجيش. وأمام هذا الواقع
لم يتبقى امام الانقاذ من وقود لاستغلاله في الحروب التي أوقدتها، سوى بعض
الانتهازيين أمثال حميدتي، الذي تستغله اليوم ، كما إستغلت الترابي بالامس، للوصول
الى السلطة، لكنها ما ان وصلت اليها، ووضعت يدها على السلطة والثروة، حتى لفظته،
وتنكرت إليه، بل رماه بعض رموزها بالكذب وهو الذي علمهم فنون الرماية والخطابة . . ! ان نهج استغلال وتوظيف الآخرين كمغفلين نافعين
وشراء ذمم بعض الصحفيين والكتاب وتجنيد أقلامهم لصالحها، بغرض رسم صورة مغايرة
للواقع في اذهان الناس، من خلال إطلاق الوعود المخدرة للأعصاب، وطمس الحقائق
وتزييف التاريخ ليس نهجا جديداً على الطغمة الحاكمة. والمفارقة المحزنة ان تشتعل قلوب الأغلبية من
الشعب بؤساً وحرماناً، في حين تشق أمًوال الأغلبية المهمشة طريقها الى جيوب
الأقلية الحاكمة، لتنعم بها في مسكنها ومأكلها وملبسها ومشربها وعبثها، وتوظف ما
تبقى منها لشراء الانتهازيين والمنافقين والدجالين والسياسيين تجار المواقف،
والاعلاميين الساقطين والمثقفين اللاهثين وراء المال الحرام لينعموا ويشبعوا نهمهم
المريض. لذا نقرأ الفاتحة على الانسانية المذبوحة بسيف
الظلم والاغلبية المغيبة بألسنة وأقلام الاقزام ... حين يدور القلم مدار المال،
وصاحبه مدار الطغاة. الذين انبروا مكذبين ما قاله: الراحل د. الترابي
لبرنامج شاهد على العصر، أطلقوا لألسنتهم العنان وسكبوا مداد آقلامهم في هذا الصدد
ما شاء لهم هوى مصالحهم، ونفوسهم المريضة، وهم يعرفون غير قبل غيرهم، انهم كاذبون. تقاسموا الأدوار، وكل واحد منهم، له منطلقاته
وغاياته ودوافعه وحوافزه. . دفاعاً عن، من اشار اليهم الترابي في برنامج شاهد على
العصر، وسماهم بالاسم، وماذا فعلوا . . ؟ بعد ان وقعت الواقعة، وكيف جاءوا اليه
اذلاء ...!! يطلبون رأيه، بعد ان أخفوا عنه الخطة في باديء الامر. . الترابي لم
يذكر اسماء الذين خططوا للجريمة فحسب، بل ذكر اسماء الأشخاص الذين اجتمع بهم،
وعددهم، ومواقعهم في السلطة وجهاز الدولة. ومن كلّف في الاجتماع من الناس بمعالجة
ما حدث، وهم احياء يرزقون. ربما فضل البعض منهم ان يخرج نفسه من غابة الطغيان
ويخرج يديه من قدح الفساد. . عملاً بالقول: أن تأتي متأخراً خيراً من ان لا تأتي.
. أتوا إلى صفوف المعارضة بعد ان طفح بهم كيل الفساد وعجزوا من الإصلاح من الداخل. . ! ان ما نقوله: ليس دفاعاً عن الترابي، وإنما
دفاعاً عن الحقائق التي يحاول عبثاً ان ينفيها بعض النرجسيين المتمقلين الذين
يعرفون من أين تؤكل الكتف، بعد ان باعوا ضمائرهم للمال وسبحوا بحمد السلطان،
وحفروا لأنفسهم مواقع متميزة في غابة الطغيان، بما يملكون من براعات ولياقات فائقة
ومهارات نادرة للؤي أعناق الحقائق في وضح النهار، إرضاءاً لأولياء نعمتهم، لذلك
سارعوا بتكذيب ما قاله: الترابي. . ! حتى تبقى الطغمة الفاسدة في السلطة ممسكة
برقاب العباد، وهم تحتها يتمتعون بالمناصب والمال. . لذلك بلغت الوقاحة بالبعض
منهم ان جعلوا ممن ذكرهم الترابي وحملهم وزر جريمة محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق
حسني مبارك، مقاييس ونماذج للصدق والطهر والعفة والبراءة، ممن قاربهم في الصفات
فهو الصادق الأمين، ومن لم يكن مشابهاً لهم، فهو الكاذب الشرير. . ! وهنا نسأل د. أمين حسن عمر، والخبير الاعلامي،
ربيع عبدالعاطي، ومن سار في ركبهما، سعياً منهم لتزيين القبيح، وتقبيح الحسن،
تكذيباً لما قاله الترابي. من قال: لكم ان من تدافعون عنهم أنهم ملائكة
ومبرءون من العيوب، وَخَالون من الذنوب ومعصومون من الأخطاء . . ؟ وهنا نسأل: هل
قرار إغتيال رئيس دولة هو قرار ساهل وبسيط يمكن ان يتخذه موظفون صغار، من ذوي
الدرجات الوسطى او الدنيا، في جهاز الدولة، دون علم أو دراية قيادة الطغمة الحاكمة
. . ؟ يا من تدافعون عن رؤوس الشر ، إن الترابي لم
يُتهم تجربتكم الفاشلة بتهمة التآمر والتخطيط لاغتيال حسني مبارك، فحسب بل اتهمها
بجرائم الفساد، الذي ظهر وبان في القصور والمزارع والمباني العالية والسيارات
الفارهة. . ! فماذا أنتم قائلون عن الفساد . . ؟ أم سترددون علينا المعزوفة
المعروفة، من كان لديه وثائق عن الفساد فليقدمها للمحاكم . . يا من تدافعون عن
الظلم والظالمين، يجب ان تعرفوا ان مشكلة السودان في عهدكم الذي اكمل عامه السابع
والعشرين، ليست في غياب المستندات التي تدين الفساد ، بل هي غياب القيم والمثل
والاخلاق والثقافة التي تحارب الفساد، ثقافة يجسدها الرمز الكبير الذي يستطيع ان
يحاسب ويراقب ويطبق قانون من أين لك هذا. . ؟ السودان يفتقد للقائد الوطني الزاهد
في المال العام والسلطة، القائد الذي تهمه مصلحة الشعب والوطن . ولغياب هذا القائد
لن تقوم للسودان قائمة حتى لو بقيتم في السلطة مائة عام كما قال: احد ابواقكم
الصغار . . وماذا ستقولون غداً، عن حميدتي حينما ينتهي دوره، كما انتهى بالأمس دور
الترابي . . ؟ الطيب الزين
0 comments:
إرسال تعليق