-سلسلة مقالات غير محددة الحلقات ، عن مسكوتات جنوب كردفان-(3) عمر منصور فضل


عمر منصور فضل
omarmnsr@Yahoo. com
السلام حالة ذهنية ، شعور نفسي ، وواقع حياة .. ليس مهرجانا يا هؤلاء!!..
الحلقة الثالثة - من - ثلاثة
.. لندع إخوتي القراء والمتابعين ، جانبا ، الدخول في الربكة و (الدربكة) التي صاحبت حتى إسم وعنوان هذا المحفل الموسوم بمهرجان السلام بجنوب كردفان -بالطبع الربكة و الدربكة في إسم وعنوان المهرجان دلالة على عدم وجود هدف حقيقي أو برنامج محدد متفق عليه - ونترك ذلك لمقالات قادمة .. وندخل مباشرة في دهاليز وأقبية وسراديب المهرجان لنتساءل إن كان له أو به أي صلة بأي (سكة) تقود للسلام أو شبه سلام .. سياسي أو إجتماعي..
..لا شئ..
للسلام طريق ذو إتجاهين فقط لا ثالث لهما ، إما أي طرق أخرى فتأخذ الناس إلى إتجاهات أخرى قد تكون ذات صلة بأي شئ إلا السلام..
فإما -اﻹتجاه الأول- إمتلاك أحد طرفي الصراع (الحكومة .. الحركات المقاتلة ضد الحكومة) القوة وآليات الردع الكافية لقهر الخصم وإستلام زمام الأمر بالكامل (وحتى في هذه الحالة فإنه لن يكون هناك سلام إلا بمعنى- حالة اللاحرب -ولكن السلام بمعنى الوئام والإنسجام لن يكون موجودا لشعور الطرف المهزوم بالسلاح بالغبن والقهر والمرارة ، والتربص إلى حين مواتاة فرصة للإنقضاض على الخصم من جديد).
وإما -الإتجاه الثاني- تفاوض حقيقي ، جاد وصادق ، بدون تكتيكات سياسية أو شروط مسبقة من أي طرف ، للوصول إلى تسوية سياسية تعطي كل ذي حق حقه ومستحقه..
وقد أثبتت كل وقائع وشواهد تجربة الحرب الطويلة - ما بعد أنانيا ون- التي دخلت الآن عامها ال(33) على مستوى السودان ، و(27) عاما بجنوب كردفان ،رغم كل هيعات و)هيصات (الحسم من صيف عبور إلى صيف حاسم إلى صيف ساخن ، وآليات دفاع شعبي ، ومجاهدين إستشهاديين ، مرتزقة ايرانيين وعراقيين ، وجنجويد غرب أفريقيين ، ودعم سريع .. وجيش شعبي لتحرير السودان إلى قطاع شمال ، جبهة ثورية ، فجر جديد ، إلى آخر قائمة المراحل ، أثبتت ، أنه حل عصي المنال على أي طرف مهما إمتلك من عتاد ، ومهما جدد من وسائل وتكتيكات ، ومهما طال الأمد..
ولم يبق إلا الخيار الثاني (الحوار .. التفاوض .. التسوية السياسية) مهما إنتصبت ونصبت فيه من متاريس ومعوقات ومثبطات همم ومثبتات..
إما مثل هذه المهرجانات والكرنفالات واللافتات الخاوية الخالية لا تعدو إلا أن تكون بنود صرف إنصرافية..
بل أنه حتى بعض البرامج التي تسمي نفسها طوعية ، خيرية ، إنسانية ، مجتمعية .. باسم فئات .. شباب ، مرأة ، إلخ ، التي تتم عبر أجسام خارج الجهاز التنفيذي المباشر للدولة ، ليست هي إلا واجهات وروافد دعم وإسناد للمؤتمر الوطني بغرض إلهاء الناس عن أوجاعهم وتطلعاتهم الحقيقية ، ومحاولات يائسة لتغطية تجاعيد وترهلات وجه الحكومة- على نحو ما وصفها أحد الأصدقاء الساخرين في تعليق أسفيري- بمساحيق وكريمات نافدة وفاسدة وكاسدة .. وتخفيف خناق الغضب الشعبي على عنق النظام بالتنفيس النفسي للناس ، وتلطيف مشاعرهم .
لا سلام يرتجى ، سيدي الوالي ، سيدتي حكومة الولاية ، من مثل هذه الإلهائيات إلا كونكم (تلملمون) كوادر المؤتمر الوطني والمتحالفين معه من الأحزاب المايكروسكوبية العضوية لتبادل (السلام) بينهم ثم كلام و(السلام) وإلا فإذا هذا يحقق السلام - مثلما قالت أحدي المقالات العنكبوتية حول المهرجان- فليقوم الوالي بعد المهرجان بزيارة إلى العتمور ، أو أم سردبة ، أو أم دورين (35- 40 كيلومترا شرق مدينة كادقلي) أو حتى قرية الحمرة (20- 25 كيلومترا شرق المدينة) والتي هي من ضمن قطاع الأراضي تحت سيطرة الحكومة ، ومعقل أمراء مجاهدي الولاية..
لا سلام عزيزتي حكومة الولاية بدليل ندائكم للناس وتحذيرهم بعدم حمل (العكاكيز) والسكاكين و(الفيسان) و(الفرارات) على سبيل (الحيطة والحذر) من نشوب أي (كوماج) شعبي خلال إبتهاجات مهرجان السلام المزعوم لعلمكم بأن النفوس محتقنة و(قهرانة)..
لا سلام سيدي الوالي وأنت ترى -ربما لا ترى - الإختناق والخناق التي تعيشه مدينة كادقلي ، التي بها مكتبكم ومقر إقامتكم ، دعك من المدن الأخرى بالولاية ، من جراء الحصار التي تعانيه أطرافها وعدم وجود أرياف رافدة بالمحاصيل والمنتجات الزراعية والغابية الغذائية الاستهلاكية ، فملوة الويكة في سوق كادقلي بثمانين جنيه ، بحيث يكون تقريبا متوسط مرتب عامل حوالي خمسة أو ستة ملوة ويكة في الشهر ، ما يعني مرتب عامل في الشهر عبارة عن واحد صفيحة ويكة !!!!.. 
وملوة اللوبيا بستين جنيه ، والسمسم بثلاثين و....
قطعة القريب بعشرة جنيهات بحيث يكون مرتب ذلك العامل أعلاه عبارة عن أربعة دستة قريب في الشهر !!!!..
هل تذكرون منقة أبوجبيهة .. منقة تجملا .. منقة تاندك .. منقة ......التي عندما يأتي موسمها تكون مهمة الشغيلة من الصبيان هي نظافة الجناين من أكوام ثمار المانجو المتكومة المتعفنة تحت أشجارها ﻹلقائها خارج الجناين !!!!.. 
الآن قطعة المانجو بسبعة جنيهات في كادقلي في زمن السلام الآرتيفيشال..
لا سلام سيدي الوالي إلا ما تجده من تقارير الحواريين المنافقين المتحلقين حول كل صاحب كرسي قادم ..سعادتك -السلام- عليكم ، ثم يتلون عليك التقارير الملونة الملفقة الملتقة ..
وأطلعوني على أي تقرير من أي جهة بالولاية تم رفعها للوالي سأقول وأنا مغمض العينين .. تقرير مضلل وكاذب .. هذه ولايتنا ، و نحن (نحوم) فيها لعشرات السنين ونعرف خباياها تماما .. على مستوى جغرافيتها ، ديموغرافيتهأ ، أو أدائها الديواني ، أو تفاعلاتها الشعبية والمجتمعية..
**ملتقى كادقلي التشاوري -أيام الوالي أحمد محمد هارون- كان أول فعالية بالولاية للحديث عن الحرب والسلام بجنوب كردفان منذ إندلاع أحداث الكتمة ، وحدث في يوم إفتتاحه أول حالة تدوين لمدينة كادقلي بكاتيوشات الجيش الشعبي ، ثم صار ذلك صفة وسمة ملازمة ﻷي فعالية كبيرة تنعقد بكادقلي ، ومنها دورة سيكافا التي رشقت فيها الكاتيوشات الإستاد الجديد -جواره تحديدا- وذلك لشعور مقاتلي الجيش الشعبي بأن الحكومة بدلا من أن تخاطب قضيتهم عبرهم مباشرة بجدية تتجه إلى الإستهبال واﻹستهتار بإقامة فعاليات تخاطب فيها آخرين من أبناء الولاية الذين في غالبهم من أنصار وعناصر الحكومة نفسها وكأنها تحاور ذاتها .. وقد إعترف بذلك أحمد هارون يومئذ وقال وهو يخاطب حضور الملتقى بأن من أطلقوا الكاتيوشات معذورون حين يفكرون بهذه العقلية ولكن نطمئنهم بأننا نجلس هنا لنتفق جميعا كأبناء ولاية في كيفية مخاطبة قضيتهم بموضوعية وجدية متفق عليها وليس محاولة الإلتفاف حول مطالبهم..
لذلك كان بديهي أن يكون في مخيلة أي طفل صغير أو إمرأة ربة منزل في كادقلي أن هذا المهرجان -الأخير- سيكون أيضا مثل سابقيه وراؤه ما وراؤه من بلاوي أمنية يحصد نتائجها دائما قاطني المنطقة الذين يتحدث الجميع بإسمهم ويدعون العمل لأجلهم ، وقد كان..
وكان مدهشا -خاصة من أبناء الولاية القادمين من الولايات الأخرى- أن يكتفوا من المشهد بالنصف الممتلئ فقط من الكوب ، والإكتفاء بتلك الحالة السطحية من الحديث عن الطبيعة الساحرة والمناظر الخلابة ، والجبال والسحاب ....إلخ كأنهم سواح أمريكان أو ألمان وليس أبناء هذه المنطقة وتهمهم من باب أولى أرواح أهلهم البسطاء ودماؤهم التي تزهق وتراق دائما فداء هذه الملمات هلامية الأهداف ، صفرية المخرجات..
***قالوا : أن الأناني شخص يمكنه أن يشعل النار في (أكواخ) الحي كلها من أجل أن يسلق لنفسه بيضة يأكلها..
ما لم يقولوه ..
أن الإنتهازي : هو من يمكنه أن (يغتنم) فرصة (الحريق الشامل) هذا فيسرع ليسلق لنفسه بيضة هو الآخر غير عابئ بأصوات وصرخات وأنين المحترقين داخل اﻷكواخ المشتعلة ولا الخسائر الفادحة التي ستصيب الجميع..
وقد أثبت (البعض) بكل الوقاحة والتبجح وقوة العين كم هو أناني وإنتهازي محترف حين إختار (سلق البيض) ، بل و شواء الدجاج على أنقاض حريق الحي .. والسوح والترويح والرقص على دماء وأشلاء إخوتهم .. وسيكتب التأريخ لهم ذلك بمداد من دماء ..
****والآن أيها السادة ..
في نهاية العام الدراسي ، يوم النتائج ، إذا جاء الأطفال (يتجارون) في شوارع الحي ، في (زفتهم) السنوية التقليدية (الطيش الطيش .. دقوهو بالبراطيش) يهرولون خلف أحدهم وهو يجري أمامهم مغتبطا ، فرحا ، جذلانا ، وكأنه يجري في مقدمتهم لأنه (الأول) في سباق جري معهم وليس ﻷنهم يطاردونه في (سيرة) لكونه (الطيش) في آخر قائمة نتيجة صفه ، فصله ، فرقته ..
إذا كان حال هذا (الطيش) هو ذلك الحال ، فرحان ، جذلان ، منشرح .. وليس باكيا ، مبتئسا ، حزينا ، نادما .. لكونه (جا الطيش) فهذا يعني ببساطة أن هذا التلميذ (بليد) في الأصل ، وأنه لم يحصد هذه النتيجة المخيبة المعيبة كحالة طارئة أو نتيجة ظرف عارض وأنما كحصيلة مستحقة لقدراته العقلية ودرجة إستيعابه الحقيقية ..
لكن الأمر والأنكى واﻷسوأ في هذه الحالة هو أن هذا الطفل ليس بليدا في عقله فحسب و أنما بليد أيضا في حسه ومشاعره طالما هو يفرح ويمرح وينتشي أن يكون (الطيش)..
بكل أسف حال الطفل الخائب هذا هو حال حكومة ولاية جنوب كردفان ..
ولاية (جات الطيش) في إمتحانات الشهادة السودانية ..
الطيش ، حتى بعد ولايات دارفور التي هي أسوأ بمراحل في أوضاعها الأمنية ودرجة الإستقرار عن جنوب كردفان..
الطيش ، حتى بعد ولايات .. القضارف ، كسلا ، البحر اﻷحمر ، حيث أدروب أكثر عداءا للتعليم وإنصرافا عنه..
ولاية (تجي الطيش) في التعليم يعني ببساطة أن حكومتها هي (الطيش) بين حكومات ولايات السودان ، ليس هناك صفة غير هذه..
فقط هنا لن يجرؤ أحد إلى ل(الطيش الطيش) .. دقوهو بالبراطيش (ﻷن ذلك يدخل في خانة .. التجمهر غير المشروع ، التظاهر ، إثارة الفوضى ، الإخلال بالنظام العام ، إثارة الكراهية ضد الدولة ، وربما محاولة تقويض النظام الدستوري .. والتمرد )!!!!
فالحالة هنا ليست مجرد (طيش) أو تلميذ خايب وإنما حكومة ذات هيلة وهيلمانة ومركبات فارهة ومقار وثيرة وحراسات وحصانات ..
وهي سائلة غير مسؤول..
والولاية ولاية ذات (ظروف خاصة) التصنيف الإجرامي فيها عبارة عن ديباجات في يد المسؤول يعلقها في رقبة من يشاء في الحين الذي يشاء..
لكنها..
(الحكومة الطيش) بين حكومات ولايات السودان..
والأمر والأنكى والأسوأ ، أنها أكدت أنها بذات صفات الطفل ذاك حين مضت فرحانة جذلانة نشوانة تمرح وتقيم المهرجانات والكرنفالات (زي المافي حاجة) بل (زي التقول جات الأولى)!!..
والله لو ان حكومة الولاية حكومة مسؤولة ذات ضمير .. وفي طاقمها أفراد قلبهم عليها ، لضربت (كبسة) و(بروجي) ونداء جمع بالخطو السريع على الفور..
و أعلنت (فزعة) عاجلة ..
وقررت بكل الجدية والصرامة .. 
العام عام التعليم ..
لا صوت يعلو فوق صوت التعليم..
أوقفوا كل الصرف غير الضروري ..
بل أوقفوا حتى بعض الصرف الضروري..
أوقفوا النثريات ، البدلات ، العلاوات ، الحوافز..
خفضوا ميزانيات التسيير..
التعليم .. التعليم..
PEPSE ..
Pay Every Penny -to- Save Education..
أدفعوا كل قرش لحفظ ، صيانة ، تأمين التعليم..
على طريقة ما يقال عن أن عبارة (البيبسي) في المشروب الشهير ..
PEPSI ..
تشير إلى ..
Pay Every Penny -to- Save Israel..
أدفع كل قرش لحفظ ، صيانة ، تأمين إسرائيل..
لكن بدلا عن ذلك (التكريبة) والتحزم وربط البطون من أجل نفير عارم صارم حاسم حازم للتعليم ، مضت حكومة ولايتنا الحبيبة -عبارة الحبيبة تعود لولايتنا وليست الحكومة -مضت تفرح وتمرح وتقيم المباهج والمهرجانات ، وتماري بإسم السلام .. 
يا سلاااااام..
و بعد هذا هناك من الدجاجلة الجهاليل من يقول إحترموا حكومتنا ﻷنهم كبارنا!!!!
عليكم الله أﻻ يكفي التعبير عن بالغ إحترامنا وطيبتنا وبساطتنا ، بل وعباطتنا .. سكوتنا عن هذا العار كونهم (جابونا الطيش) ولم نخرج ل(الطيش .. الطيش ....)!!؟؟
يا حليلك يا (تلو) -مدرسة كادقلي الثانوية- وعشرة أوائل السودان في الشهادة السودانية ، زمااااان ..
دنيا فرندقس..
- إنتهى المقال -

لنا عودة للمحفل في مواضع أخرى.
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق