اليورانيوم فى جبال النوبة : لعنة الصراع الدولى والاقليمى من اجل الطاقة النووية...عثمان نواي

قالت الباحثة الامريكية *سارة فلندرز- المعروفة بنشاطها المضاد للهيمنةالامريكية بسبب الموارد – قالت فى بحث لها نشر فى يونيو 2006 فى مجلة البحوث الدولية ( ان الموارد المكتشفة حديثا جعلت السودان احد اهم المصالح الامريكية , حيث توجد به احتياطات نفط اكبر من السعودية , وبه ثالث اكبر احتياطى لليوارنيوم فى العالم ) . ان هذا الاحتياطى لليورانيوم كان قد اعلن عن وجوده مدير المتحف الجيولوجي صلاح النور حسب قناة الشروق 28مايو 2010 حيث اوردت القناة قوله " إن الخارطة الجيولوجية لتوزيع الذهب والبترول، أثبتت أن البحر الأحمر يعتبر من أغنى المناطق بالذهب بالإضافة إلى الولاية الشمالية والنيل الأزرق وجبال النوبة، فضلاً عن اليورانيوم الذي يبلغ احتياطيه 1,5 مليون طن" , وهذا القدر الكبير من اليورانيوم يوجد فى معظمه فى منطقة جبال النوبة حسب صحيفة الانتباهة التى اوردت فى تقرير لها فى 30مارس 2012 ان " قد اجريت الدراسة في نطاق المختبر لاستعادة اليورانيوم من خام الفوسفات والمنطقة البترولية في الجزء الشرقي من جبال النوبة في السودان. وتم جمع عينات خام الفوسفات، وتحليلها من أجل وفرة اليورانيوم. وأظهرت النتائج أن العينات تحتوي على نسبة كبيرة من اليورانيوم بمتوسط 310.3 ميكروغرام، والذي هو 2.6 مرة أعلى من المتوسط العالمي للفوسفات" . ان دراسة اخرى قام بها باحثون سودانيون فى معهد الذرة وبالتعاون مع جامعة الطائف فى السعودية اجريت فى يوليو 2010 , توصلت الى نتائج مماثلة للدراسة التى قالت الانتباهة انها اجرتها ادارة البحوث الجيولوجية الامريكية , والدراسة السودانية التى اخدت عيناتها من منطقة الجبال الشرقية لجبال النوبة بين رشاد وابو جبيهة فى منطقتى ارو وكرن , حيث وجد الباحثون ان نسب اليورانيوم فى العينات المأخوذة تفوق النسب العالمية بقدر عالى جدا , وان اشعاعات عالية جدا لليورانيوم تم رصدها فى المنطقة , وذلك حيث ان المتوسط العالمى لليوارنيوم فى القشرة الارضية والصخور هو 120مايكروجرام فى كل كيلو جرام , وجدوا انه 310ميكروجرام فى كل كيلو جرام , وهى نسبة 2.6% زيادة عن المعدل العالمى , مما يدل على الاحتياطيات الكبيرة على اليورانيوم فى جبال النوبة وهذا فقد فى المنطقة التى تمت دراستها .

ان الصراع على الطاقة النووية فى العالم كان احد اسباب تحطم الاتحاد السوفييتى ومبرر لغزو العراق , وكان ايضا احد اسباب انفصال الجنوب , حيث قدر كبير من الاحتياطات لليورانيوم هى فى جنوب السودان والباقى يوجد فى مناطق جبال النوبة , والنيل الازرق ودارفور, ونتيجة لوفرة اليورانيوم وقربه من السطح خاصة فى جبال النوبة فان المواد الزراعية المصدرة توجد بها اشعاعات واحيانا لاتمر من كشف الاشعاعات عند التصدير . وجود اليورانيوم بهذه الكميات الكبيرة جبال النوبة , يجعل من المنطقة مركز اهتمام كبير لعدد من الدول التى تسعى الى الوصول الى الطاقة النووية خاصة ايران والصين , فالوجود المكثف للتبادل التجارى والامنى والعسكرى بين ايران بالخصوص وبين السودا من خلفه وجود اليورانيوم والذى تحتاجه ايران بشدة لاتمام برنامجها النووى الذى يحرم عليها المجتمع الدولى الاستمرار فيه , ولذلك ان استخراج اليورانيوم من السودان وبهذه الكميات يشكل تحقيقا لمصالح ايران الكبرى والتى تطمح عبر الطاقة النووية الى ان تصبح دولة عظمى , وليس فقط لاستخراج طاقة للتنمية الاقتصادية كما تدعى , فالضطهاد التاريخى للشيعة فى الوطن العربى والاسلامى يجعل من طموح ايران للسيطرة على المنطقة عبر القوة النووية سبيلها لتحقيق امالها التوسعية . ومن خلال الحكومة السودانية التى اتهمت عدة مرات بتمرير اليورانيوم الى ايران عبر اراضيها كما ذكرت الجارديان فى تقرير لها فى 10 ينويو 2007" ان السودان يمثل نقطة الشحن لايران التى يستعملها السوق الاسود الروسى لنقل اليورانيوم" والسودان كان قد سجل زيارة عبر وفد وصل ايران فى يونيو 2007 حيث زار مفاعلات ايران النووية وفى تلك الزيارة اتفق الطرفان على ان تورد ايران للسودان صواريخ بالستية حسب نفس المقال فى الجارديان , تلك الصواريخ التى ثبت استخادمها الان فى الحرب الجارية فى جبال النوبة منذ يونيو الماضى .

ما يجرى الان فى جبال النوبة بقدر ما هو حرب حقيقية وذاتية الاسباب فى اطار الصراع بين الدولة المركزية العنصرية فى الخرطوم وبين شعب النوبة المدافع عن حريته , الا ان العنف المفرط والاستخدام لكل الوسائل التى يمكن عبرها الانتهاء من اى وجود لشعب النوبة عبر القصف والتجويع واستعمال الاسلحة المحرمة , اى عملية التطهير العرقى الجارية الان والتى وصفها الرئيس السابق للعمليات الانسانية للامم المتحدة بالسودن موكيش كابيلا بانها " سياسة الارض المحروقة التى تدفع النوبة الى الهرب والاختباء فى كهوف الجبال وتمنعهم من الزراعة " ( الجارديان 12 مارس 2012) – ان هذا السياسبة التى من خلالها يأمل النظام فى الخرطوم افراغ كامل ارض النوبة لاستغلال مواردهادون مشاركة او مواقفة اهلها حتى لا يكرر الخسارة التى تكبدها النظام المركزى فى الخرطوم نتيجة لنيل الجنوب استقلاله وذهابه باكبر موارد للنفط موجودة فى السودان . وبالتالى فان ابادة شعب النوبة او قمعهم هو التام هو الوسيلة لاستغلال تلط الموالارد لصالح المركز دونما دفع مستحقات تنمية مستوجبة لاصحابالارض واولوية تنمية تفرضها القوانين الدولية كلحق للشعوب الاصيلة التى توجد الموارد الطبيعية المستخرجة فى نطاق ارضها . وفى تجاوز حقيقى لحقوق اهل جبال النوبة فى ارضهم ومواردهااوردت الانتباهة فى عدد 30مارس 2012" ان السودان خلال الاسابيع الماضية شارك في مؤتمر خبراء المناجم العرب، وقدمت اوراق عمل عديدة، والمؤتمر الذي لم يشر اليه الاعلام وتم خلال اسبوعين وقال سيدعم تجربة فتح باب الاستثمار لمناجم اليورانيوم مع حفظ حق الدول العربية لتأمين احتياجاتها من الوقود النووي للاستخدامات السلمية، وخاصة إنشاء المحطات النووية، مع تشجيع صغار الجيولوجيين على العمل من خلال منح رخص للمناجم الصغيرة" وهنا يدخل لعبة الصراع على اليورانيوم فى جبال النوبة لاعبون جدد هم الدول العربية والتى يبيع اليها السودان امتيازات للتنقيب عن الذهب والجديد والمعادن المصاحبة والتى يمكن ان يكون ضمهنا اليورانيوم خاصة وان تلك الاتفاقيات لا يعرف احد عنها شيئا , ويفتح الباب امام الدول العربية لفتح مناجم وحتى المستوى الصغير مما يبعث على القلق على مستقبل الموارد التى تمتلكها جبال النوبة وما اذا كانت قد تم فعليا بيع حقوق التنقيب لشركات عربية , ايرانية او غيرها .

وكانت وزارة التعدين قالت انه " متوقع إبرام 50 اتفاقا آخر في 2011 للتنقيب في ولايات دارفور الثلاث وكسلا والقضارف في الشرق ومنطقة جنوب كردفان عند الحدود بين الشمال والجنوب" (رويترز 11-8-2010) وهذه الاتفاقيات معظمها لشركات سعودية , صينية , واماراتية . ان الموارد المعدنية الثمينة التى تزخر بها جبال النوبة انما تزيد من تعقيد الوضع فى المنطقة حيث انها الان ساحة لصراعات اقليمية ودولية وعلى احد اغلى واهم الموارد فى العالم حيث يبلغ سعر الباوند من اليورانيوم عالى النقاء حيث ان يورانيوم السودان يمتلك ثالث اعلى درجة نقاء فى العالم 50 دولار , ويتواصل سعره فى الارتفاع , وبحجم الاحتياطات الكبيرة الموجودة , فان هذه الثروة وحدها تجعل من جبال النوبة هدفا اساسيا للسيطرة اولا من قبل النظام السودانى فى الخرطوم المتعطش لبديل للنفط وباقصى سرعة وثانيا للطامعين من الدول الكبرى خاصة ايران والصين , واللتان يحاولان استباق الولايات المتحدة الى المنطقة عبر الابقاء النظام الحالى رغم جرائمه , والولايات المتحدة التى استطاعت ان تساعد الجنوب على الانفصال واعطت مؤخرا امتيازات تجارية خاصة , كانت لوحت للنظام السودانى برفع العقوبات عنه مقابل التهدئة والسلام فى المنطقة المحاذية لجنوب السودان والاغنى بالنفط ضمن حدود السودان الشمالى , وبالتالى فان حلبة الصراع على الموارد على المستوى الدولى والاقليمى وخاصة العربى الشرق اوسطى تحكم الخناق على مصير جبال النوبة , ومصير الموا رد التى يمتلكها مما يتطلب قدرا اكبر من اليقظة لابناء وشعب جبال النوبة وقادتهم السياسيين والاجتماعيين فى ادارة مصالح شعب والوصول الى الحفاظ على حقوق شعب النوبة فى ارضه وموارده لمستقبل الاجيال القادمة بوعى تام بطبيعة المصالح المتضاربة والشديدة التعقيد التى تؤثر فى الحرب الدائرة الان .

*رابط التقرير الذى نشرته الانتباهة :

http://alintibaha.net/portal/index.p...-18&Itemid=733

*رابط البحث الذى قام به الباحثون السودانيون حول اليورانيوم فى جبال النوبة :

http://www.aqa.org.ar/pdf9702/9702art13.pdf

*رابط تقرير سارة فلندرز حول المصالح الامريكية بالسودان :

http://www.globalresearch.ca/index.p...xt=va&aid=2592


 بقاء النظام الحالي في السودان لا يمثل قوة من هم في السلطة بقدر ما يمثل قدرتهم على قراءة  خارطة المصالح المشتركة والقوي المؤثرة في السودان واللاعبون خلف الستار.  فعدم سقوط النظام بعد ثلاثين عاما من الحكم الأكثر دموية في تاريخ السودان،  إنما هو نتيجة لقدرته على الالتقاء في نقاط مشتركة مع من يريدون للسودان أن يبقى أرضا يتمتعون فيها بامتيازات لا منتهية،  وبلا محاسبة.  

ان اي تحول ديمقراطي حقيقي في السودان يعني تقديم التنازلات التي ستكون مؤلمة للكثيرين.  تلك التنازلات ليس فقط عن كراسي السلطة بل أيضا،  عن كراسي المعارضة،  التنازل عن مقاعد النضال،  والسلطة الموازية التي تعتقد في نفسها الخيرية عن السلطة القائمة.  فالديمقراطية تفشل في السودان حتى داخل الأحزاب،  ليس لحب الديكتاتورية والتسلط،  بل لأن الممارسة الحقيقية لقيم الحرية والديمقراطية قد ينزع امتيازات القوي المسيطرة على مصير السودان منذ استقلاله. 

فحتى الأحزاب اليسارية التقدمية فشلت في تجربة الديمقراطية الداخلية،  ليس فقط لعدم القدرة على احترام الرأي الآخر،  بل لأنها تحافظ على تركيبة وتحالف مبدئي وليس تكتيكي كما تدعي،  في الحفاظ على السودان دون تغيير حقيقي. فالمواقف التي تحافظ على السودان بتركيبته المركزية التسلطية الأحادية ظل هو المنهج المشترك مع اختلاف الأدوات.  فاصحاب  الامتيازات في المركز المسيطر لا يخشون من النظام الحالي ولا يريدون تغييره لأنهم في الواقع لا يريدون فقد مكانتهم التي بنيت على التمييز ضد الآخرين،  المختلفين معهم عرقيا ودينيا أو ثقافيا. حيث رسمت خطوط وهمية لهوية هي في الحقيقة رؤية وايدلوجيا تمكنهم من عملية مستمرة من الاستغلال والسيطرة والاستبداد والاستبعاد،  دون الشعور بأي عبء أخلاقي. 

وما الإنقاذ الا ذروة عملية التمكين المستمرة منذ خمسة قرون.  وعملية قلب الطاولة ومطالبة أصحاب الحق بحقوقهم،  أمر لا يرعب الإنقاذيين وحدهم. ان الذين يتحدثون عن الحل الشامل،  ينسون حقيقة أن الحرب والقتل لم يكن شاملا،  حتى يكون الحل شاملا.  ان الاستغلال والاستبداد لم يكن شاملا حتى يكون الحل شاملا.  والشمول الذي نحتاج إليه،  هو شمولية الاعتراف بأن هناك حرب حقيقية،  وليست وهما،  والحروب لا تقوم من فراغ. فهي اما لطلب حق منزوع أو لانتزاع حق من أصحابه.  والحرب في السودان تشمل الطرفين.  فحتي يتحقق سلام حقيقي في السودان،  يجب أن تسقط الأقنعة. فلا اليسار من حزب شيوعي إلى حزب  بعث أو سواه ولا اليمين من حزب أمة أو مؤتمر وطني لديها ما يكفي من الشجاعة لتقديم التنازلات الحقيقية اللازمة. 

مرة أخرى التنازلات ليست عن الكراسي،  فهذا ليس بالأمر الصعب،  بل التنازل عن السلطة الحقيقية التي توصل المرء إلى الكرسي. سلطة الامتيازات العرقية القبلية،  الطائفية اللغوية،  تلك السلطة التي تجعل اسم شخص ولونه وشعره هو جواز مرور نحو حياة أفضل من الكثيرين.  جواز مرور إلى المنصب والوظيفة والرتبة العسكرية وبالتالي إلى الوضعية الاجتماعية ومن ثم لأبنائه وهكذا دواليك. هل من الممكن أن نفكر في معايير أخرى للامتيازات في هذا الوطن؟ هل من الممكن التنازل عن جوازات المرور بالولادة،  والتنافس مع  ملايين السودانيين الآخرين الذين هم ببساطة خارج اللعبة الحياتية كلها وليس السياسية فقط؟ 

الامر لا يتعلق بأن يكون رئيس السودان من دارفور أو جبال النوبة،  بل يتعلق أيضا بالتساؤل عن لماذا لم يكن هناك الى الان سكرتير للحزب الشيوعي( الأكثر تقدمية بين القوى السياسية كما يدعي )من تلك المناطق؟ وبعد سبعين سنه على إنشائه؟  السؤال هو لماذا لا يوجد مدير لجامعة الخرطوم أو لبنك السودان من تلك المناطق؟  والسبب لا يتعلق فقط بالتمييز على مستوى أفراد،  فمن الغالب أن لايكون هناك من هم مؤهلين لتلك المناصب اساسا،  وهذا حقيقي،  لأنهم لم يجدوا الفرصة قط ولا آبائهم لكي تتراكم لديهم الثروة والتعليم المناسب الذي يؤهل الشخص الي مسيرة مهنية مماثلة. وحتى الآن وحتى عشرين سنة قادمة،  وشكرا لحروب الإنقاذ لن تكون هناك أجيال قادرة على التنافس بقوة وبنفس عدد أقرانهم من المناطق الأخرى علي تلك المناصب أو سواها. 

ان هذا هو المشكل الحقيقي، هذا  الضمان التام للامتيازات التي يحافظ عليها كل نظام وكل كيان سياسي في السودان،  وهذا ما يستوجب التغيير. وهذا ما يستوجب العمل على الأعتراف به والاستعداد لمواجهته واختيار الخارطة المناسبة للخروج من هذه الأزمة التاريخية بأمان،  والا فإن لا خارطة امبيكي ولا وثبة البشير ستنقذ البلد مما هو قادم.عثمان نواي كنساس ستي 7/30/2016    

Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق