من هو رئيس الوزراء القادم؟



 عثمان نواى 
من أبرز مخرجات الحوار الوطني، الاتفاق على استحداث منصب رئيس الوزراء. وهذا المنصب الجديد سيتطلب تعديلا دستوريا لتغيير النظام الرئاسي الحالي إلى نظام برلماني رئاسي، لكي يتم السماح بايجاد المنصب. وقد توالت التساؤلات حول جدوى استحداث هذا المنصب وأهميته، بالإضافة إلى السؤال الأساسي حول من سيكون رئيس الوزراء المقبل. لكن السؤال الأهم على المستوى الدستوري والقانوني والسياسي أيضا هو الي اي مدى سيقلص استحداث منصب رئيس الوزراء من صلاحيات رئيس الجمهورية، وهل البشير على استعداد على التخلي عن بعض سلطاته التي أصبحت مطلقة لشخص آخر، أم أن المنصب سيكون شرفيا فقط؟
ان النظام الحالي أصبح في حالة من التوتر الداخلي الكبير، كما أن البشير نفسه وبعد تعرضه لعدد من الوعكات الصحية في العامين الماضيين أصبح يدرك خطورة فراغ منصبه، نسبه للتكدس الكامل للسلطات في يديه. أيضا خطورة احتمالية فقدان البشير اما بالموت أو العجز الصحي المفاجئ أصبح هاجس يؤرق أصحاب المصلحة في بقاء النظام داخل المؤتمر الوطني ومن شايعهم من قوى سياسية ورأسمالية مسيطرة على مقابض البلاد. إذن فإن استحداث منصب يحافظ على بقاء البشير مع إعطاء جزء من سلطاته إلى شخص آخر هو ربما إجراء احترازي للنظام للحفاظ على بقاءه. 
على مستوى آخر لا نستطيع إغفال حقيقة أن ضعف النظام وخاصة بعد هبة سبتمبر، أدت إلى اضطراره إلى إعادة فتح مسارات التوافق مع المؤتمر الشعبي وبقية المغاضبين من الإسلاميين على أمل الحصول على الدعم. ولم ولن يقبل الإسلاميون الذين حرموا من السلطة لسنوات بالبقاء على الهامش مرة أخرى. خاصة وأن مقترح المنصب يرجح أن يكون قد أتى اصلا من المؤتمر الشعبي. في الحالتين فإن الاسلاميين يعملون على التوافق بينهم من أجل الحفاظ على السلطة في أيديهم، بنظرية انا وابن عمي على الغريب. 
هنالك مسار آخر في ما يتعلق بسبب أو جدوي استحداث المنصب، وهو الضغوط من المعارضة ومحاولة النظام التوصل إلى سلام ووفاق سياسي شامل . ومع وجود شخصيات مثل الصادق المهدي في صفوف المعارضة، فإن أي تسوية سياسية تحافظ على بقاء النظام لن تكون إلا بتناول النظام عن بعض من سلطاته للمعارضة. ووجود الصادق المهدي رئيس الوزراء المعتاد للسودان في صفقات التسويات السياسية المقبلة يرجح أن يعطي الرجل منصبا مماثلا لما فقده قبل ربع قرن. كما أن تعدد الحركات المسلحة والأزمات داخل الأقاليم المختلفة يجعل من المهم وجود عدد من المناصب العليا التي قد تسهل التوافق مع تلك الحركات وتحقق التوازن بين الأقاليم المختلفة في حال حدث اي اتفاق سياسي. 
وفي ظل المبررات التي تبدو منطقية لاستحداث منصب رئيس الوزراء يتصاعد التساؤل حول من قد يكون المرشح الأقرب للمنصب. وإجابة هذا السؤال مشروطة بالواقع ومحركات الأحداث الراهنة والمتوقعة في الأشهر القليلة المقبلة . ففي الوضع الحالي ومع انحصار المشاركة في الحوار على الأحزاب الموالية للنظام، فإن الترشيحات للمنصب تبدو أقرب إلى شخص من داخل المؤتمر الشعبي ربما يكون على الحاج أو غيره من قيادات المؤتمر الشعبي. وقد وردت أنباء عن مطالبة الشعبي بالمنصب. في جانب آخر هناك شخصيات من أمثال مبارك الفاضل، والذي انضم إلى الحوار بعد خلاف مع حزب الأمة. والرجل معروف بطموحه السياسي الغير محدود، كما أن له قدرات سياسية وعلاقات دولية ربما يحتاجها النظام لتحسين صورته خارجيا. ليس بعيدا عن الصورة أيضا شخص مثل غازي صلاح الدين، والذي انضم أيضا للحوار في آخر لحظة. هذا في حال قبل المؤتمر الوطني بأن يذهب المنصب اصلا لقوى من خارجه. وهذا ليس مستبعدا رغم تصريحات نافع الأخيرة التي هدد فيها بأن لن يتم إعطاء المنصب لأي شخص خارج الوطني.
اما اذا خرج المشهد عن رتابته الحالية وحدث اي اختراق في المفاوضات حول المنطقتين ودارفور مع نداء السودان، فإن الصورة ستختلف. ولذا فإن تم تثبيت المنصب في أي اتفاق سلام قادم، فإن المرجح أنه سيكون المنصب الأكثر تنافسية بين القوى السياسية المختلفة. 
علي المستوي الدولي، فان منصب رئيس الوزراء مرتبط بالديموقراطية، لأنه مرتبط بالمحاسبة لصاحب المنصب من قبل البرلمان. وان للبرلمان الحق في مسائلة رئيس الوزراء. وفي دولة مثل مصر، يعتبر رئيس الوزراء هو المصد الذي يتحمل كل غضب الجماهير على سوء أداء الدولة، في حين يبقى رئيس الجمهورية بعيد عن العتاب والمساءلة. ويبدو أن هذا هو المسار الذي سيتخذه استحداث هذا المنصب في ظل نظام البشير، وفي ظل عدم التوصل إلى توافق سياسي شامل يشمل كل القوى المعارضة ويؤدي التي تحول ديمقراطي حقيقي.
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق