ترامبوفوبيا المتطرفين والإرهابيين فى السودان


          أمين زكريا - قوقادى                               

   لم يكن مستغربا حسب قراءتنا للواقع السياسى الأمريكى المعقد فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب، لأنه لامس فى حملته الانتخابية أهم أمر للناخب الأمريكى وهو الأمن ومحاربة الإرهاب بجانب توفير ظروف أفضل للعمل والتأمين الصحى. فحملة ترامب كانت الأكثر تنظيما،  و غطى عبر مستشارين مؤهلين ولهم من الخبرات كل دول العالم، وما يهمنا هنا الشرق الأوسط وأفريقيا التى اختار لها الدكتور وليد فارس، كشخص إعلامى وخبير فى قضايا الإرهاب والجهاد والتطرف، وتقديم الاستشارات للكونغرس،  لذلك كان ذاك الاختيار مصدر إزعاج للعديد من الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة، والتى يوجد من يتعاطف معها حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية،  ولذلك سارعت مؤسسات وجماعات بالاحتجاج، عبر كتابات تدعو الرئيس المنتخب دونالد ترامب بعدم تعيين فارس في اى موقع، وهى نفس الجماعات التى وصفت ترامب نفسه بالاسلاموفوبيا. ويبدو وكما يقول المثل السودانى ( العود لو ما فيهو شق ما بقول طق ). فتلك محاولات فاشلة لجماعة الإسلام السياسى المتطرف المتدثرة بالوسطية ظاهريا والمتعاطفة أو المشاركة مع حركات الإسلام السياسى المتطرف واقعيا.
الدكتور وليد فارس شخصية لها من الثقافة والمعرفة لقضايا الشرق الأوسط وأفريقيا ولقد جلسنا معه عدة مرات، و قرأنا كتبه وحاورناه فى العديد من القضايا، وخاصة فيما يتعلق بالإرهاب الدولى وعلاقة نظام الجبهة الإسلامية الحاكم في السودان منذ العام 1989م،  بحركة حماس والاخوان المسلمين والقاعدة وإيران والشباب الصومالي وبوكو حرام وحزب الله  ...الخ، هذة العلاقات ما زالت مستمرة رغم تظاهر نظام الخرطوم واداعائه التعاون مع الغرب وخاصة امريكا فى قضايا الإرهاب و الاتجار بالبشر،  فنظام الخرطوم نظام حربائي يحاول التلون مع الظروف التى تخدم مصالحة، ولعل ميله إلى معسكر السعودية فى حرب اليمن وتخليه النظرى الشكلى  عن إيران وقطر لهو أكبر دليل على النفاق، و اعتقاله  الاسبوع الماضى  400 من حركة الإخوان المسلمين بمصر الموجودين بالسودان والعمل مع المخابرات المصرية والانتربول لتسليمهم لمصر، هى محاولة انبطاحية لمصر رغم أن مصر تعلم بوجود قيادات كبيرة للإخوان المسلمين المصريين بالسودان وتوفير نظام الخرطوم لهم من  سكن فاخر وقروض أو هبات استثمارية بجانب معسكرات تدريب عسكرى فى مواقع مختلفة. لذلك وهن نظام الخرطوم وضعفه ومحاولات انفتاحه عالميا عبر مصر والسعودية وبعض دول الخليج، كلها لعبات سياسية مكشوفة لهذه الدول والعالم، وكل يستخدم نظام الخرطوم حسب مصالحة.
علاقة نظام الخرطوم مع الإرهاب العالمى تأكدت للغرب وأمريكا من خلال تقديمه العديد من الملفات عن الإرهاب عبر وكالة المخابرات الأمريكية، ورغم من أنه يقدم ملفات انتقائية Selective files عن الإرهاب معظمها تمويها أو تضحية بعناصر غير قيادية من الارهابيين ويحتفظ بالملفات الاسترتيجية ويدعم عدد من خلايا وتنظمات ارهابية نائمة ونشطه، فالعالم بفضل ثورة المعلومات أصبح قرية صغيرة، فما يعتبره نظام الخرطوم فهلوه سياسية وتضليل للرأى العام والمجتمع الدولي، لن ينطلى على امريكا، حتى إدارة أوباما التى تراخت مع السودان فى قضية الإرهاب فإنها تجدد سنويا حكومة نظام الجبهة الإسلامية في السودان فى قائمة الارهاب، بجانب الحظر الاقتصادى وحظر دخول عناصر مطلوبة لمحكمة الجنايات الدولية للأراضى الأمريكية وعلى رأسهم الرئيس عمر البشير.
مسارعة نظام الخرطوم بتهنئة الرئيس المنتخب دونالد ترامب وتصريحات الرئيس السودانى بالسعي إلى تحسين العلاقات مع أمريكا، هو دليل ان نظام الخرطوم شعر بالخوف خاصة تصريحات ترامب فى حملته الانتخابية حول الإرهاب والدول التى تسانده، علما أن الكونغرس ومجلس الشيوخ تقوده أغلبية من الحزب الجمهورى،  فنظام الخرطوم يعلم أن الجمهوريين أصحاب فعل وكذلك غالبا ما يطبقون كثير من ما يطرحونهم فى حملتهم الانتخابية، لذلك النظام فى السودان دخلته الترامبوفوبيا، خاصة وأن امريكا تصنف الحرب فى دارفور بحرب إبادة عرقية بجانب ما يجرى فى جبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان واستخدام الأسلحة الكيميائية والمحرمة دوليا والهجوم على المسيحيين والكنائس والنشطاء ،  واضف إلى ذلك قضايا النوبيين والسدود فى شمال السودان وانتهاكات حقوق الإنسان في كل مدن السودان وآخرها اعتقال السياسيين وقتل الطلاب،  بجانب رفع الدعم عن المحروقات والسلع الضرورية وتعويم الجنيه السودانى؛  التى قادت للاحتجاجات فى العديد من المدن السودانية وخاصة الخرطوم.
نظام الجبهة الإسلامية الحاكم في السودان رغم سعيه لتحسين العلاقات مع أمريكا فى ظل سياسة أوباما المتراخية التى أعطت اهتماما مع ما يجرى فى سوريا والعراق واليمن وليبيا وتناست إلى حد ما السودان على الرغم من أنه رأس الرمح المغذي للتطرف فى تلك الدول،  إلا أنه لم يصل ما يصبو إليه،  فامريكا مدركة ومتفهمه ضعف نظام الخرطوم ولكنها بسياستها فيما يسمى الهبوط الناعم Soft landing، منحت النظام فرصة للاستمرار على الرغم من أنها اشترطت لتطوير علاقاتها مع الخرطوم؛ حل عادل لقضية الحرب فى جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق وكل الهامش و وقف انتهاكات حقوق الإنسان في السودان والتحول الديمقراطى.
 نظام الجبهة الإسلامية في الخرطوم ظل يراوق فى المفاوضات بل إن تصريحات رئيسه الأخيرة برفض توصيل الإغاثة عبر دول الجوار وعدم وجود ترتيبات أمنية ومواصلة الحرب حتى لو استمرت مائة عام،  لهو تناقض واضح مع جزئية من خطابه لتطوير العلاقات مع أمريكا، ومثل هذا التصريح سيعقد الأوضاع في السودان.
فالادارة الجديدة للجمهوريين ستستعين بخبرات قديمة ومتجدده ومؤسسات بحثية فى التعامل مع  السودان فى كافة القضايا، لذلك لا بد من وجود مداخل لتعامل المقاومة السودانية وخاصة فى امريكا وبالأخص المناطق التى تشتعل فيها الحروبات والأكثر تهميشا فى جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق وشرق السودان  وغيرها فى العمل لفضح النظام السودانى والعمل على إسقاطه لإعادة هيكلة الدولة السودانية عبر نظام ديمقراطى ودستور يضعه الجميع يحترم التنوع وحقوق الانسان، وإذا لم يحدث ذلك فإن المطالبة بحق تقرير المصير والحماية الدولية والحكم الذاتى ستتصاعد وتيرتها  فى العديد من  الاقاليم وسيكون الخيار إذا ما تمادى النظام فى سياساته الابادية.
أخيرا كل المؤشرات تشير إلى انهيار الدولة السودانية بما فيها شروع النظام إلى بيع الأراضى ورهن مؤسسات الدولة لجهات أجنبية ، و باعتراف النظام نفسه وزبانيته الذين بدأوا  يقسمون ادوارهم كخطاب وتكتيك مرحلة بما فيه نقد بعض رموزهم للنظام أو الخروج الشكلى بما فيه انشاء أحزاب وتحالفات لتقليل حدة الصدمة وايجاد تبريرات فى حالة سقوط النظام أو المشاركة عبر سناريو حوار الوثبة، او انقلاب داخلى صورى لحماية رموزه من المحاسبة وخاصة المطلوبين للعدالة الدولية، ولكن كل ذلك مكشوف ومعلوم، وخاصة أن عوامل نضوج الثورة بات واضحا، فى ظل عجز النظام لتسيير دولاب الدولة، والمعاناة التى أصبح المواطن يحسها فى كل بقاع السودان
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق