في ذكرى مولد مارتن لوثر كينج

 عثمان نواي

 مازالت المعركة مستمرة ضد العنصرية المعلنة والخفية

لقد كانت السنوات الأخيرة لحياة مارتن لوثر كينج والذي يصادف ذكرى مولده 15 يناير، كانت الأكثر صعوبة في حياته. لم تكن تلك الصعوبة ناتجة عن ما كان يفعله إعداءه بل كان من شدة الخلافات التي اعترت حركة السود بعد أن تم لهم إجازة قانون الحقوق المدنية. فبعد أن فاز مارتن لوثر بجائزة نوبل للسلام تحول فعليا الي شخصية عالمية تجاوز تأثيرها أمريكا ليمتد لكل العالم. هذا التأثير لم يكن على مستوى الدور الذي حاول أن يلعبه في مناهضة حرب فيتنام فقط، ولكن بدرجة أكبر كان في الدور الذي حاول أن يلعبه داخل أمريكا في تغيير حياة الفقراء ونقد الرأسمالية التي كانت تفقر السود والبيض وغيرهم. مطالبة مارتن لوثر كينج بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى المساواة العرقية كانت حربه التي لم يحتمل اصدقاؤه ولا إعداءه امهاله وقتا لخوضها. 
في يناير من عام 1966 قام مارتن لوثر كينج بالانتقال للعيش في إحدى الأحياء الفقيرة للسود المسماة بالجيتو والتي هي عبارة عن تجمعات سكانية بنيت في الولايات الشمالية في شكل كانتونات معزولة لإسكان السود. وقد قرر كينج السكن هناك من أجل تحريك المجتمعات من أجل التغيير الحقيقي الذي يضمن لهم حياة كريمة في قلب الولايات الشمالية التي لم تكن تمنعهم من الاكل في نفس المطاعم مع البيض أو الدراسة في ذات الجامعات كما كان يحدث في الجنوب، ولكن كانت تصنع نظاما متكاملا صامتا يجعل منهم منعزلين على مستوى الفرص في العمل والسكن والأجور، اي ان التمييز انتقل من تمييز علني واجتماعي إلى تمييز اقتصادي يضمن بقاء السود في أدنى المجتمع ولكنه تمييز غير معلن. هذا التمييز الذي كان كينج ينوي محاربته في المرحلة التي قضت على العنصرية المتوحشة في الجنوب، ولكنه لم يجد من بني جلدته من يدعمون نظرته الثاقبة بقدر دعمهم له من قبل، فالمعركة كانت أضخم من وعي الكثيرين، لكن مظاهرات كينج التي جرت في شيكاغو قد أظهرت أن الفقراء من البيض الذين كان كينج يدافع عنهم أيضا، كانوا أكثر عنصرية من أولئك الموجودين في المسيسيبي والجنوب، رغم أن تلك العنصرية لم تكن تبدو في تصرفاتهم من قبل. ولكن عندما طالب كينج بأن يسكن السود ويعملوا في نفس الأحياء التي يسكنها البيض كان الغضب. فلقد كان البيض مرتاحين لتلك الفواصل الاقتصادية التي كانت تبعد السود عن مناطقهم وعن منافستهم في وظائفهم. قال أحد أشهر المعلقين الأمريكان على الأوضاع السياسية لحظة فوز ترمب، أن هذا الفوز هو إثر رجعي وثورة مضادة من البيض لغضبهم من أن رئيسا اسود حكم أمريكا لفترتين. وقبل أيام وجه ترمب إهانة كبيرة لقادة الحركة المدنية في أمريكا مما اخرج مظاهرات ستستمر لأسبوع متزامنة مع مولد كينج مما يدل على أن معركته لا زلت مستمرة وان رؤيته كانت حقيقية . ان الفقر والافقار الاقتصادي هو الوجه الأسوأ للعنصرية وهو ما تعاني منه أمريكا، وهو ما تعاني منه بلدنا الفقيرة اصلا ولكن هناك بين السودانيين من أهم أشد فقرا بسبب عرقهم ومناطقهم وزادتهم الحروب فقرا. في هذا العالم سواء في أمريكا أو أي مكان آخر يجب أن تستمر مسيرة كينج لازالة التمييز الاقتصادي والفقر والعنصرية المتخفية وراء الامتيازات الاقتصادية والاجتماعية، والتي يحافظ عليها أصحابها مهما كان الثمن حتى ولو كانوا غير مستفيدين من جدواها ماديا لكنها لا تزال تشبع رغبتهم النفسية في التمايز على الآخرين. ونحتاج الان قبل أي وقت مضى لمواصلة رؤية كينج وتحرير شعوبنا من هذه العنصرية والتمييز الغير معلن وتحدي تلك الامتيازات التي يحاول أصحابها إيقاف مسار التاريخ ليحافظواعليها.

Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق