اطلاق أسرى نظام القتل لدى الحركة الشعبية ولا عزاء لأسرانا في سجون الخرطوم..



عبدالغني بريش فيوف
لم أكن مخطئاً أبداً أبداً عندما قلت في مقالات سابقة لي ان القيادة المكلفة للحركة الشعبية لتحرير السودان قد فقدت بوصلتها ولم تعد قادرا على إدارة الملفات الكثيرة الخاصة بهذا التنظيم الكبير الذي ناضل من أجل هيكلة الدولة السودانية ، وبناء وطناً ديمقراطياً حراً يقوم على "المواطنة المتساوية" لا فرق فيه بين هذا وذاك -على أساس الدين أو الجنس أو ..الخ.
قلنا في مقالاتنا نقدية سابقة عن القيادة المكلفة ، بأن الهدف من نقدنا لها ليس الإنتقام أو التشفي ، إنما الهدف هو انقاذ الحال المتردي والمزري ، وانقاذ الحال يعني الكشف عن النواقص والأعطاب والإنسدادات لإصلاح البناء وجعله قابلا للعمل والفعل من جديد ...لكن لا حياة لمن تنادي ، بل اعتبروا وللأسف الشديد نقدنا لهم بأنه خيانة عظمى تستوجب أشد العقاب ، وهم بهذا لا يفرقون  بين الشخص ورأيه، بين الفرد وفعله.
القيادة المكلفة للحركة الشعبية وقعت في أخطاء كثيرة في الفترة من 2011 حتى اليوم، ولم تواجه هذه الأخطاء بمراجعة آليات عمل التنظيم ، بل عملت بثقافة القطيع وادعاء ملكية الحقيقة الثورية والعذرية الفكرية والشرعية المدعاة ، وكأنها لا تخطئ ولن تخطئ أبدا ، وزايدت بالصعود إلى الجبال متجاهلة كل الأصوات المنادية بالتصحيح حتى وقعت في خطأ تأريخي لا يغتفر.
صبيحة السبت مارس 4/2017 ، وبينما كنت اتصفح المواقع الإلكترونية وقعت عيني على خبر مفجع وحزين بعنوان "اطلاق الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال، سراح جميع الأسرى من القوات الحكومية طرفها".
وأضاف الخبر ان الأسرى تم نقلهم من مناطق سيطرة الحركة بالمنطقتين إلى العاصمة الأوغندية كمبالا تمهيداً لتسليمهم للخرطوم فجر الأحد.
وأكد الأمين العام لمبادرة "سائحون" فتح العليم ابراهيم، وصول أكثر من 200 من الأسرى إلى كمبالا على أن يبدأ وصولهم الخرطوم على متن طائرات الصليب الأحمر فجر الأحد، مشيرا إلى أن الحركة اطلقت جميع الأسرى الذين بطرفها.
وأوضح أن "السائحون" لن تكون طرفا في عملية التسليم، بل الوحدات العسكرية التي يتبع لها الأسرى الجيش والدفاع الشعبي" هي التي ستكون طرفا في إجراءات تسلمهم".
إنه فعلاً لخبر حزين ان تطلق الحركة الشعبية أسرى احتفظت بهم لأكثر من خمس سنوات في مناطق سيطرتها ، أطعمتهم ، عالجتهم ..ثم في نهاية المطاف قالت لهم ، أذهبوا وأنتم "طلقاء" دون أي مقابل من أسرى الجيش الشعبي الموجودين في سجون النظام في كل من سجن كادقلي والأبيض والدمازين وسنار والخرطوم.
ويا للألم والوجع .. تقول القيادة المكلفة للحركة أنها اتخذت الخطوة بعد مشاورات داخلية واسعة، انتهت إلى قرار باطلاق سراح جميع أسرى، وأضافت ان القرار جاء لإدخال البهجة والفرح الى قلوب الآلاف من عائلات أسرى الحرب لدى الجيش الشعبي ...لكن من يدخل البهجة والفرحة الى قلوب عائلات أسرى الحرب من الجيش الشعبي لدى النظام السوداني؟.
اننا نستغرب توقيت هذه الخطوة ، سيما وأنها تأتي بعد يومين فقط من تعيين الجنرال بكري حسن صالح رئيسا للوزراء ...وهل نفهم من أنها استجداء النظام للحوار؟.
النظام السوداني في حربه على الجيش الشعبي ، طبق سياسة الأرض المحروقة أو ما يسميها بسياسة (أكسح أمسح وما عاوزين زول حي من ناس الجيش الشعبي)، ورغم هذه السياسة ، إلآ أن سجون النظام اليوم مكتظ بأبناء الحركة الشعبية الذين تم اعتقالهم لمجرد "شبهات" أو بتهمة التخابر مع الجيش الشعبي ، وهؤلاء كان يجب تبادلهم بأسرى النظام ، لكن القيادة المكلفة مرة أخرى خذلتهم أو باعتهم ب "وهمة" حسن النوايا ،وما أدراك ما (احترام القانون الإنساني الدولي ومعاهدات أسرى الحرب).
يا سلام يا قيادة الحركة الشعبية ..قالت اظهار حسن النوايا قالت!! ... فمغفلٌ أو مزورٌ من يحلم بأن النظام السوداني يستطيع أو يريد أو يجرؤ على تغيير دمه، وتبديل لحمه وعظمه، وهو يعلم بأن التخلي عن قبضته الحديدية الضاربة هو انتحار أكيد.
إن جولة سريعة على قرار اطلاق أسرى النظام ، يكشف أول ما يكشف عن خواء القيادة المكلفة وضعفها وعدم نضجها السياسي ، خواء تترجمه كثرة الإنفرادية وغياب الانضباط التنظيمي ، وسرعة الإنزياح عن الخط الثوري والترحال إن اقتضت المواقف التي تحددها النزعات الفردية الحرة وتحركها الغايات الأنانية إلى دنيا تصاب أو مراتب ترتاد.
نعم -القيادة المكلفة بهذا القرار الإستفزازي الإستخفافي الحقير ، تكون قد أصيبت بنوع من الغشاوة الحقيقية، واضطربت مفاهيمها، واصابت مدركاتها عدم الوضوح، وسيطر على عقلها عدم الصلاحية، أصبحت مهلهلة، لا تدري أين الطريق الصحيح ، فقدت الوعي، فهي إذن لم تعد سوى جسم متحرك غير مفيد.
أما نظام القتل وسفك الدماء ، فليعلم ان دماء سياسة أمسح أكسح لن تذهب هدراً ، دماءهم ستكون لعنة تلاحق النظام في الدنيا والآخرة، وإن عمليات القتل هذه لن تسقط بالتقادم ، وسوف يتم محاسبته عاجلاً أم آجلاً، وليعلم نظام القتل أيضا أن عمليات القتل لن ترهب ولن تخيف الجيش الشعبي ، وعلى العكس من ذلك تماماً تزيدهم إيمانا بعدالة قضيته ونوعية وعنصرية من يحكم البلاد.
عملية اطلاق سراح أسرى نظام القتل ، أوضحت تماماً من الذي يمارس البلطجة ، ومن يزرع الشقاق في قلوب أبناء الحركة الشعبية والرفاق في الميدان، ومن يزيد فوق الألم ألماً آخر وفوق الشرخ شرخاً آخر وفوق الحقد حقداً مضاعفاً.. فأي عقلية هذه التي تطلق أسرى النظام مجاناً ...أي منطق وأي ستخفاف بأسرى الحركة في سجون النظام؟.
وأخيراً إلى كافة أسرى الحركة الشعبية في سجون النظام: اصمدوا اصبروا.. علموهم معنى الثبات ومعنى التضحية ومعنى الإيمان بالقضية.. علموهم الصدق.. فهموهم أنكم ستخرجوا من سجون النظام اليوم أو غد ، وأن دماء من قُتلوا على أيدي الأسرى الذين تم اطلاق سراحهم ليست رخيصة
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق