الطيب الزين
من تابع مقابلة علي عثمان محمد طه، التي بثتها احد الفضائيات، من بيته الواقع في قلب مزرعته، يقتنع تماماً ان السودان لن ينهض وطناً ودولة ومجتمع، ما لم تذهب العصابة الحاكمة.
ما نقوله : هنا ليس كلاماً فائضاً لغوياً، أو حلماً طابوياً، لا علاقة له بالواقع والحياة، أو هو تمني خاص خارج دائرة الاولويات الوطنية، كفائض الطعام الذي يبحث عنه علي عثمان محمد طه، بين موائد الأغنياء، من اجل توزيعه على الفقراء.
ما أتعس حظ الفقراء الذين يبحث لهم علي عثمان طه عن فائض الطعام، بين موائد اللئام. . .!
في وطن فيه كل مصادر الطعام، فيه نهرين، وثروة حيوانية تقدر بالملايين، واراضي خصبة تسد العين، وفيه الغاز والنفط، والمعادن، فيه الحديد، والنحاس والذهب، وفوق هذا كله، فيه الانسان الذي يتقاسم النبقة . . !
السودان كان سيشق طريقه نحو الريادة والسيادة والاكتفاء، فقط لو وجد قيادة تعرف معنى الحرية، والديمقراطية، والعدالة .. قيادة تتحلى بقيم العدل وصحوة الضمير، ويقظة العقل .
لكن بين التمني والواقع مسافة كبيرة. . .
الصفات أعلاها لا تتسق او تتلائم، مع تركيبة الطغمة الحاكمة . . . وهنا بيت القصيد، أو مربط الفرس كما يقولون.
المقابلة التي بثت، أكدت ان الإنقاذ قد هزت وخلخلة أركان المجتمع السوداني، بعد ان عبثت بالحكم والاقتصاد، كما شاء لها هوى النفس الأمارة بالسوء، فعصفت بقيم وأخلاق المجتمع، كما تعصف الرياح والعواصف والزلازل بالاشجار والمباني وتحيلها الى حطام .
المقابلة أكدت ان كل رجالات الانقاذ بلا استثناء هم أناس مسكونون بحب المال والسلطة والجاه والنعمة والثراء الحرام . . . والشاهد، إفادات الفريق طه عثمان المقال حديثاً، عن املاك عمر البشير وزوجته، وداد بابكر، وإخوته، الذين كانوا فقراء، يكدون العظام، كما يكدها الآن الفقراء. . ! سبحان الله مغير الاحوال . . ها هُم بعد ثمانية وعشرين عاماً من الحكم المطلق . . امتلكوا الأموال وبنوا القصور، لم يتركوا للسواد الأعظم من الشعب الا العظام المجرودة من اللحم، وحياة الفقر. . والفقر طبعاً هو سيد العيوب، ومبدد الجيوب .
الوضع الطبقي صار في عهدهم هو الميزان ومقياس الحكم على الناس . فصاحب المال هو الذي يتصدر المجالس، ويفتي في شؤون الحياة المختلفة. لذا لاذ الشباب الى دائرة الفن والغناء، والشيخنة . . وقد لا يعدم هؤلاء اداة الوصول الى مبتغاهم بأقصر الطرق، وأيسر الوسائل. . فالواقع المعيشي السييء في عهد الإنقاذ، باب مفتوح على مصراعيه لكل من يرى مأرباً أو مخرجاً من دائرة الفقر اللعينة. أما الفقير الذي لا حول ولا قوة له، فقد سرقت الإنقاذ ما في جيبه، فساء حاله، وخبت ملامح وجهه، فأصبح أشقى الناس . . لا يقام له عن مقعد، ولا يبش له منافق، وما أكثر المنافقين . . !
لقد جالت في ذهني صور البؤس والمعاناة وضحايا الحروب والامراض، وآخرها الكوليرا التي تفتك بالمئات إن لم تكن بالآلاف هذه الأيام . . فتكاثفت في دواخلي مشاعر الاسى والحزن لحال الفقراء وضحايا نظام اللا عدل.
لم اخلد الى النوم أو الراحة في تلك الليلة التي استمعت فيها لتلك المقابلة، برغم اني منذ ان جاءت الإنقاذ لم اطفيء سعيراً في صدري، حتى يندلع مثله آخر. . !
المقابلة عكست ان علي عثمان طه، قد حقق حلمه، بعد ان تقلب في مناصب الدولة، بدأ عهده بالإنقاذ مدبراً ومخططاً من وراء الكواليس، وحينما أطمأن خرج للعلن فتولى وزارة التخطيط الاجتماعي، وختمه بمنصب النائب الاول للرئيس، وطوال هذه الفترة التي قضاها في مواقع المسؤولية وصنع القرار عجز عن رؤية معاناة الفقراء. . . الذين هم اكثر الشرائح الاجتماعية معاناة. . . نتيجة تردي اوضاعهم المادية، وتهشم طموحاتهم، وإنحناء كواهلهم تحت أوزار الحاجة، التي فاقمتها الإنقاذ . . . وعدم قدرته على تحمل اعباء العلاج والمعيشة والتعليم، في ظل إرتفاع معدلات الغلاء الذي لم يبق لهذه الفئة احتياطياً تتكل عليه لدرء الفاقة، والوقوف في وجه الانهيارات المتواصلة، في وقت تراكم فيه المال الحرام في أيدي اللصوص الذين ثقلت جيوبهم ، وتضخمت حساباتهم المصرفية، وفاضت مقتنياتهم من الاثاث الفاخر، وكثرت عقاراتهم، وأصبح كلامهم السطحي، مثل المقابلة التي تمت مع علي عثمان طه، امثالاً تتناقلها الالسن، وتهفو إسماع البعض... اللصوص تمكنوا من التحكم بموارد الدولة، ومن ثم إشاعة ثفافة الفساد في الحياة العامة ، فكثر الانتهازيين من السياسيين والمثقفين والاعلاميين والصحفيين والكتاب المرتزقين الذين لا عد ولا حصر لهم .
وما يزيد الامر سوءاً وتشاؤماً، هو ذلك الضمور الخلقي، الذي واكب رداءة الحياة السياسية في السودان، منذ مجيء الإنقاذ، مع غياب المسَاءَلة، لذا اختلت الموازين، وانتشر الفساد كإنتشار النار في الهشيم، وتباعدت القواسم المشتركة، بين الناس، بين الأخ وأخيه، بين الأغنياء والفقراء، بين الدولة والمجتمع ...! ولم يعد، أمام الفقراء، الذين يبحث لهم علي عثمان طه، عن طعام بين موائد اللئام، سوى خيار الثورة لتنهدم الحواجز بين المواطن والوطن.
من تابع مقابلة علي عثمان محمد طه، التي بثتها احد الفضائيات، من بيته الواقع في قلب مزرعته، يقتنع تماماً ان السودان لن ينهض وطناً ودولة ومجتمع، ما لم تذهب العصابة الحاكمة.
ما نقوله : هنا ليس كلاماً فائضاً لغوياً، أو حلماً طابوياً، لا علاقة له بالواقع والحياة، أو هو تمني خاص خارج دائرة الاولويات الوطنية، كفائض الطعام الذي يبحث عنه علي عثمان محمد طه، بين موائد الأغنياء، من اجل توزيعه على الفقراء.
ما أتعس حظ الفقراء الذين يبحث لهم علي عثمان طه عن فائض الطعام، بين موائد اللئام. . .!
في وطن فيه كل مصادر الطعام، فيه نهرين، وثروة حيوانية تقدر بالملايين، واراضي خصبة تسد العين، وفيه الغاز والنفط، والمعادن، فيه الحديد، والنحاس والذهب، وفوق هذا كله، فيه الانسان الذي يتقاسم النبقة . . !
السودان كان سيشق طريقه نحو الريادة والسيادة والاكتفاء، فقط لو وجد قيادة تعرف معنى الحرية، والديمقراطية، والعدالة .. قيادة تتحلى بقيم العدل وصحوة الضمير، ويقظة العقل .
لكن بين التمني والواقع مسافة كبيرة. . .
الصفات أعلاها لا تتسق او تتلائم، مع تركيبة الطغمة الحاكمة . . . وهنا بيت القصيد، أو مربط الفرس كما يقولون.
المقابلة التي بثت، أكدت ان الإنقاذ قد هزت وخلخلة أركان المجتمع السوداني، بعد ان عبثت بالحكم والاقتصاد، كما شاء لها هوى النفس الأمارة بالسوء، فعصفت بقيم وأخلاق المجتمع، كما تعصف الرياح والعواصف والزلازل بالاشجار والمباني وتحيلها الى حطام .
المقابلة أكدت ان كل رجالات الانقاذ بلا استثناء هم أناس مسكونون بحب المال والسلطة والجاه والنعمة والثراء الحرام . . . والشاهد، إفادات الفريق طه عثمان المقال حديثاً، عن املاك عمر البشير وزوجته، وداد بابكر، وإخوته، الذين كانوا فقراء، يكدون العظام، كما يكدها الآن الفقراء. . ! سبحان الله مغير الاحوال . . ها هُم بعد ثمانية وعشرين عاماً من الحكم المطلق . . امتلكوا الأموال وبنوا القصور، لم يتركوا للسواد الأعظم من الشعب الا العظام المجرودة من اللحم، وحياة الفقر. . والفقر طبعاً هو سيد العيوب، ومبدد الجيوب .
الوضع الطبقي صار في عهدهم هو الميزان ومقياس الحكم على الناس . فصاحب المال هو الذي يتصدر المجالس، ويفتي في شؤون الحياة المختلفة. لذا لاذ الشباب الى دائرة الفن والغناء، والشيخنة . . وقد لا يعدم هؤلاء اداة الوصول الى مبتغاهم بأقصر الطرق، وأيسر الوسائل. . فالواقع المعيشي السييء في عهد الإنقاذ، باب مفتوح على مصراعيه لكل من يرى مأرباً أو مخرجاً من دائرة الفقر اللعينة. أما الفقير الذي لا حول ولا قوة له، فقد سرقت الإنقاذ ما في جيبه، فساء حاله، وخبت ملامح وجهه، فأصبح أشقى الناس . . لا يقام له عن مقعد، ولا يبش له منافق، وما أكثر المنافقين . . !
لقد جالت في ذهني صور البؤس والمعاناة وضحايا الحروب والامراض، وآخرها الكوليرا التي تفتك بالمئات إن لم تكن بالآلاف هذه الأيام . . فتكاثفت في دواخلي مشاعر الاسى والحزن لحال الفقراء وضحايا نظام اللا عدل.
لم اخلد الى النوم أو الراحة في تلك الليلة التي استمعت فيها لتلك المقابلة، برغم اني منذ ان جاءت الإنقاذ لم اطفيء سعيراً في صدري، حتى يندلع مثله آخر. . !
المقابلة عكست ان علي عثمان طه، قد حقق حلمه، بعد ان تقلب في مناصب الدولة، بدأ عهده بالإنقاذ مدبراً ومخططاً من وراء الكواليس، وحينما أطمأن خرج للعلن فتولى وزارة التخطيط الاجتماعي، وختمه بمنصب النائب الاول للرئيس، وطوال هذه الفترة التي قضاها في مواقع المسؤولية وصنع القرار عجز عن رؤية معاناة الفقراء. . . الذين هم اكثر الشرائح الاجتماعية معاناة. . . نتيجة تردي اوضاعهم المادية، وتهشم طموحاتهم، وإنحناء كواهلهم تحت أوزار الحاجة، التي فاقمتها الإنقاذ . . . وعدم قدرته على تحمل اعباء العلاج والمعيشة والتعليم، في ظل إرتفاع معدلات الغلاء الذي لم يبق لهذه الفئة احتياطياً تتكل عليه لدرء الفاقة، والوقوف في وجه الانهيارات المتواصلة، في وقت تراكم فيه المال الحرام في أيدي اللصوص الذين ثقلت جيوبهم ، وتضخمت حساباتهم المصرفية، وفاضت مقتنياتهم من الاثاث الفاخر، وكثرت عقاراتهم، وأصبح كلامهم السطحي، مثل المقابلة التي تمت مع علي عثمان طه، امثالاً تتناقلها الالسن، وتهفو إسماع البعض... اللصوص تمكنوا من التحكم بموارد الدولة، ومن ثم إشاعة ثفافة الفساد في الحياة العامة ، فكثر الانتهازيين من السياسيين والمثقفين والاعلاميين والصحفيين والكتاب المرتزقين الذين لا عد ولا حصر لهم .
وما يزيد الامر سوءاً وتشاؤماً، هو ذلك الضمور الخلقي، الذي واكب رداءة الحياة السياسية في السودان، منذ مجيء الإنقاذ، مع غياب المسَاءَلة، لذا اختلت الموازين، وانتشر الفساد كإنتشار النار في الهشيم، وتباعدت القواسم المشتركة، بين الناس، بين الأخ وأخيه، بين الأغنياء والفقراء، بين الدولة والمجتمع ...! ولم يعد، أمام الفقراء، الذين يبحث لهم علي عثمان طه، عن طعام بين موائد اللئام، سوى خيار الثورة لتنهدم الحواجز بين المواطن والوطن.
0 comments:
إرسال تعليق