بعد الدوحة حصار الخرطوم.. لِمَ لا؟!

محمد لطيف 

اليوم التالى: 

بعضنا ينكر التاريخ.. وبعضنا يتجاهله.. وبعضنا لا يعرفه.. والمحصلة النهائية واحدة.. يتآكل شرف الوطن من أطرافه.. ما الذي يمنع أن تكون الخرطوم شيئا مذكورا.. بين العرب.. حين نطالب أن يكون للخرطوم دور في احتواء الأزمة الناشبة الآن في منطقة الخليج.. يدفع البعض بالمنطق الذي أشرنا اليه أعلاه.. رغم أن التاريخ حاضر.. يعدد للخرطوم أدوارا مذكورة مركوزة في التاريخ.. لا تزال لاءات الخرطوم في العام 1967 تزين جيد الوطن.. ولا يزال الدور المحوري للأزهري والمحجوب في رأب الصدع العربي حاضرا.. ثم.. لا تزال الذاكرة تحتضن مشهد النميري.. الرئيس السوداني.. مهما اختلفنا معه وحوله.. وهو يقتحم الجحيم لإيقاف شلالات الدم الفلسطيني.. في مذبحة أيلول الأسود 1970.. كان القادة العرب كلهم في القاهرة ينتظرون بين مصدق ومكذب.. والرئيس السوداني وحده يخوض النار في الأردن لحقن الدم العربي..!
وعلى ذكر الدم الفلسطيني.. فمن غير السودان ظل ثابتا على مبدأ أخلاقي لا يتزعزع.. التزاما نحو القضية الفلسطينية.. حتى حين تخلى عنها بعض أهليها.. لقد اختلف السودانيون في كل شيء.. إلا في أمر فلسطين.. في 67 في العهد الديمقراطي والسودان يضمد جراح عبد الناصر كانت فلسطين حاضرة.. وفي العهد المايوي.. ونميري يغامر بحياته كانت فلسطين حاضرة.. حتى في عام الانتقال بقيادة المشير سوار الذهب والبروفيسور الجزولي اعتاد الصحافيون على استقبال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات كل أسبوع.. كان عرفات لا يغادر الخرطوم إلا ليعود إليها.. ثم جاء العهد الديمقرطي الثالث بقيادة السيد الصادق المهدي.. بردا وسلاما على القضية الفلسطينية ومناصريها في السودان.. وتوالت الأحداث تطربهم.. إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر.. تعليق مؤسسات ومشاريع وحتى شعارات التكامل كافة مع مصر.. ثم أصبح اسم مصر مرة أخرى.. مصر كامب ديفيد.. وفي كل هذا كان الرصيد الفلسطيني يتنامى في السودان.. ثم جاءت الإنقاذ.. بشعاراتها المنادية بإهلاك اليهود.. بل والنصارى.. وبلغت العلاقات مرحلة اللاعودة.. حتى أصبحت الخرطوم.. مأوى للإرهابيين.. وهذه نثبتها لأنها مهمة وسنعود إليها..!
إذن.. السرد أعلاه.. وعلى إيجازه.. يؤكد أمرا واحدا.. أن السودانيين.. في ظل كل الأنظمة.. بمختلف تصنيفاتها ومسمياتها.. ولدى كل الساسة بمختلف توجهاتهم.. ظلت فلسطين.. هي قضيتهم المركزية.. كما هي قضية العرب المركزية.. إن صدقوا.. إن كان هذا تاريخ السودان المعاصر مع العرب.. فما الذي يجعل الخرطوم الآن دون الجاهزية في القيام بدور الوسيط..؟ وهذا التاريخ الذي ينكره البعض ويأباه البعض الآخر.. وحده.. دون المعطيات الحاضرة.. كفيل بأن يفرض على السودان موقف.. الحياد.. ليكون مؤهلا بالفعل للقيام بدور الوسيط.. وأبسط شروط الوسيط أن يكون.. على مسافة واحدة من طرفي النزاع.. ولا شيء غير ذلك..!
أما بالعودة إلى قصة أن الخرطوم مأوى للإرهابيين.. فالمشهد يبدو كالتالي.. إن كانت واشنطن ما تزال تدرج الخرطوم ضمن العواصم الراعية للإرهاب.. وواشنطن هذه.. هي نفسها التي تدير شؤون المنطقة بالتنسيق مع حلفائها.. بدءا من تأسيس وتمويل تنظيم القاعدة.. وحتى حصار قطر.. ولئن كان الأستاذ فيصل محمد صالح قد استعار المثل العربي الأشهر.. أكلنا يوم أكل الثور الأبيض.. محذرا من تبعات الصمت على إغلاق قناة الجزيرة.. كما طالبت دول الحصار.. فإننا هنا نستعير ذات المثل لنحذر من تبعات حصار وإسقاط قطر بدعوى محاربة الإرهاب.. ذلك أن السؤال المنطقي الوحيد هو.. ما الذي يمنع أن يكون السودان هو التالي لقطر؟.. فإن كانت قطر محاصرة لمجرد إيوائها للإرهابيين.. فهؤلاء الإرهابيون يحكمون السودان..!!
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق