محمود جودات
لقد صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد مشاهدة
الانتهاكات التي حدثت للإنسان جرا الحرب العالمية
الأولى والثّانية فقدان الإنسان القيم الاخلاقية الحسنة ولقد كان من الواجب أن تفكر
الأمم على مستوى العالم في كفية صون وحماية حقوق الإنسان والعمل على تضمينها في ميثاق
الأمم المتّحدة، لحمايته من الانتهاكات والجرائم العظمى التي ترتكب ضده خارج نطاق القانون
ولقد تمّ ذلك عام 1945م، بعدها تم إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليُرسّخ حقوق
الإنسان، ويُلزم الدّول التي وقّعت عليه باحترام وحماية هذه الحقوق ومعاقبة كل من يتعدّى
عليها، وذلك عام 1948م إلا أن مازالت بعض الدول التي تحكمها أنظمة دكتاتورية مثل نظام
المؤترم الوطني في السودان لا تحترم تلك المواثيق بل وتتحداها بارتكاب ابشع الجرائم
ضد شعبها لذلك اوجدت المواثيق ماخرج اخرى لمثل هذه الحالات تمثلت في حقوق الشعوب المطالبة
بالخروج من زمة النظام القمعي بحق تقرير مصيرهم والمطالبة حتى بالحماية الدولية أو
الانفصال النهائي عنها ودول جنوب السودا مثال .
الكلام عن أن مجلس التحرير لاقليم جبال النوبة في
قراراته التي صدرت في 7 مارس 2017م رفع شعار المطالبة بحق تقرير المصير لشعب جبال النوبة
ادعى البعض بأنه مجرد رفع سقف للتفاوض بين النظام والحركة الشعبية شمال هذا كلام خاطي
ومضلل ولقد كتبت بعض الاقلام المناويئة للتغير وتصحيح المسار الثوري للحركة بعد إقالة
القائدين ( مالك وياسر) من منصبيهما في قيادة الحركة الشعبية وقادت تلك الاقلام المسمومة
حملة اعلامية ضارية لتشويه مطالب النضال لدي شعب جبال النوبة التي جأت عبر قرارت مجلس
التحرير كل هذه الجهات التي وقفت ضد قرارات مجلس التحرير أقليم جبال النوبة وعملت على
التقليل منها وتشويه صورة الثورة التصحيحية داخل الحركة الشعبية هم مجموعة من الانتهازيين
والمتسلقين على ظهر الحركة الشعبية والجيش الشعبي ولا يرون فيها غير انها قطار يقوده
مالك وياسر لإيصالهم المحطة التي يريدونها ولا يهم الخسائر التي يتكبدها ابناء النوبة
والنيل الازرق من حملة السلاح ومعانات المواطنين ولكن بفضل الله لقد سقطت الاقنعة وانكشفت
المؤامرة الكبرى.
والحقيقة أن المطالبة بحق تقرير المصيرهي مطالبة جماهيرية
اصلية نابعة من ايمانهم القاطع بعدم قبول الأخر ( ابناء المركز ) لهم للعيش في وطن
واحد وليست سياسية ولا عسكرية بل مطلب له دوافعة الجوهرية التي توجب التعامل معه بقدر
عالي من المسئولية المشترك بين الراغبين في السلام المستدام في دولة المواطنة المستقرة
في سودان جديد والنخبة التي تحكم المركز بهدف السيطرة وإقصاء الاخرين منه .
تقرير المصير ضرورة ملحة وعلى حسب الواقع الحالي فهو
مفروض على كل السودان لأن في أن يتفكك ويعاد تركيبه من جديد وفق ضوابط ونظم محكمة الوضع
الحالي والحالة التي وصلت أليها ما يعرف بدولة السودان فيه اسوأ ما في الوجود من العنصرية
والتكبر والتعالي وهي حالة لا تشجع للبقاء معا تحت قبة نظام واحد يكيل الامور بيننا
بمكيالين يعطي من نسميهم المستعربين النسب الأعلى ويعطي الاخرين صفر بذلك لابد من تفكيك
هذه الراكوبة المشلحة وإعادة بنائها من جديد وتوثيق أعمدتها بشكل افضل وهو الطريق الامثل
للسودان الجديد
.
ونكررها هنا بغرض الفهم العام المطالبة بحق تقرير
المصير لشعب جبال النوبة مطلب جماهيري أصيل للحفاظ على وحدة السودان وليس العكس وليس
موضوعا لرفع سقف المطالب كما يروجه البعض وهو مطلب بني على أسس التعايش السلمي لتوحيد
مكونات الشعب السوداني عن طريق إعادة الثقة بينه ومبني على حرية الاختيار في أن يعيش
اي شعب على ارضه الحياة التي يرتضيها وتبعد عنه المخاطر والحروب والدمار بسبب رغبة
الاخرين التسلط على الضعفاء ومصادرة حقوقهم وممتلكاتهم وثرواتهم فلابد من إنهاء عملية
فرض السيطرة والتسيد والاستغلال السلبي وعمليات طمس الهوبة بسبب احساس الاخرين بأنهم
افضل مخلوقات الله والبقية قردة وعبيد وما شابه ذلك .
المخاوف من مطالبة شعوب الهامش بحق تقرير المصير ليس
لها مبررات مقنعة لتلك الشعوب إلا أن يكون الغرض منها إبقائهم تحت عجلة الطحن التي
تديرها المركز في تفتيت وتذويب هذه الشعوب في عمليات حرب الابادة الموجهة من قبل المركز
ضدهم لذلك على تلك الشعوب ألا تتهاون في هذا الامر لطالما الأنظمة المتعاقبة في المركز
مازالت تطبق نظرية الاحتلال للوطن باشكالها المختلفة مرنكزة في تفريغ للإراضي من إنسانها
وإحلالها بمن تريد .
وعلى مر الستين سنة ونيف الماضية من عمر السودان الحديث
وبعد جلاء الاستعمار الانجليزي وتسلم النخبة السودانية مقاليد السلطة في المركز ظلت
تعمل هذه النخب ومازالت تعمل وبصورة ممنهجة على تعميق الفجوة بين المركز والهامش لدرجة
أن الحرب الأهلية التي اندلعت بين الجنوب والشمال بسبب المظالم وانتهت بتوقيع اتفاق
نيفاشا للسلام الشمال عام 2005 م لم يثمر عن شيئا وتعتبر اقصى ما خرجت به هو الانفصال
عن الدولة السودانية فهي خسارة للجنوبيين كشعب
سوداني وفقد وطنه ليشتري سلامة نفسه وتحريرها من العبودية القصرية وفي ذلك يتوهم الشماليين
بان إنفصال الجنوبيين مكسب للنخب في عملية تقليص عدد الأصول الأفريقية لتخفيف حدة المقاومة
ضد تنفيذ برنامجهم العروبي الاسلامي ولكن لقد اخطأت تقديراتهم في المركز بإعتبار ان
ما قاموا به سوف يحقق لهم ما يهدفوا إليه فهم اخفقوا لأن ما تبقى على أرض السودان من
عناصر افريقية اصيلة مايزالوا يشكلون الغالبية العظمي من السكان بما فيهم اصحاب المشروع
ذاته مما يجعل مشروعهم المنادي بالعروبية والاسلام فاشلا فشلا ذريع على أرض افريقة
الحرية وشعبها الاصيل .
وما كان يحاك من مؤامرة ضد ثوار المنطقتين خلف الكواليس
في الحركة الشعبية مبني على فكرة الحصول على السلام ويتم إنها الحرب ودمج الجيش الشعبي
في مليشيات النظام وخلاص تؤد الثورة وتخمد نيرانها نرى أن هذا الامر بهذه الطريقة كارثة
حقيقية ولكن بفضل الله ويقظة قيادات الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان والمتمثلة
في مجلس التحريرلقد اجهضت ذلك المخطط ، وهذا الامر لن يحدث وليس من السهل ان يتبقله
شعب المنطقتين لأن الاندماج في دولة جعلت من المستحيل تقارب المركز مع الهامش من رابع
المستحيلات وإذا عاد إنسان الهامش إلى المركز
أنه لا يتساوى مع إنسان المركز فأن ذلك غير ممكن لوجود التفاوت الكبير في القدرات العلمية
والسياسية والسيطرة الاقتصادية والتحكم في كل مفاصل الدولة من قبل ابناء المركز وهذا
يرجع إلى السياسات التي اتبعها النظام الحاكم في السودان بقيادة حزب المؤتمر الوطني
في تكريث العنصرية والجهوية والتوجه الاحادي وخلق روح العداوة بين ابناء المركز والهامش
أدى ذلك إلى الفرقة وعدم توحد الوجدان بين الهامش والمركز وهذا يجعل من الصعب قبول
الطرفين بعضهما في المستقبل القريب لإنعدام التقارب وانعدام الثقة ووجود فوارق عميقة
وعدم وجود التكافؤ فتصعب المشاركة اليومية في كافة اوجه الحياة بعد ان تقلصت فرص تواجد
إنسان الهامش في مظهر الصورة العامة للسودان، وتلك من نجاحات النظام الحاكم في الخرطوم
في تقويض روح المواطنة وتعميق الفجوة بين الهامش والمركز على قاعدة سياسة فرق تسد ليتسنى
له القيام بمزيد من عمليات تدمير ابناء الهامش دون أن يعترض عليها أبناء المركز،
لهذه الاسباب والمبررات لقد تضمن نضال شعب جبال النوبة
مشروع حق تقرير المصير منذ مؤتمر كاودا في عام
2002م لكل النوبة واجمعوا فيه على ذلك فقد أتى القائد عبد العزيز آدم الحلو
في تقديم استقالته امام مجلس التحرير اقليم جبال النوبة ليؤكده مرة أخرى كحق مشروع
لشعب جبال النوبة وهو لأنه شعب يعاني من التهميش والحروب واضطهاد العرقي والثقافي لأكثر
من قرن من عمر تكوين السودان الحالى وهو شعب حر لا يقبل المهانة والعبودية فحارب حتى
الاتراك والانجليز لتحرير السودان وارضه قبل ظهور ألانظمة العنصرية في المركز وعلى
رأسهم نظام المؤتمر الوطني فلا يجوز لايه جهة
كانت ان تروج شائعات وكتابات تعترض على حق النوبة في تقرير مصيرهم او تزايد على نضالهم
بالصاق تهم القبلية والعنصرية ضدهم زيفا.
وتستند المطالبات بحق تقرير المصيرإلي المواثيق الدولية
التي فندت ذلك في أنواع حقوق الإنسان وما تتصف به من قيم عميقة تحفظ للإنسان كيانه
وكرامته وبأنها حريات أصيلة ممنوحة من الخالق اولا وحريات مكتسبة بموجب المواثيق والدساتير
والقوانين الوضعية وتخضع دائما للتطور مع حركة دوران الحياة فهي جملة عوامل غير ساكنة وتتميز بالتنوع الفج في حرية منضبطة لإختيارات الإنسان
وفق المعطيات في الزمان والمكان وتشكل ذلك مصدرَ إثراء لهذه الحقوق، ووضع تصنيفها وفقا
لمعايير كثيرة تحكم تعددها ومن تلك المعايير
هي:
حقوق أساسية من حيث الأهمية. وهي التي تمثل الحقوق
الضروريّة لسلامة الإنسان وصون حياته والمحافظة عليها سليمة دون أضرار وهذه الخاصية
يكتسبها الفرد كمستحق إنساني يلزم التمتع بها دون عوائق من أي طرف أو جهة تأثر عليه
سلبا أو تصادره فهي تعتبر من القواعد التي لا يجوز تعطيلها أو تجاهلها ومن الأهمية
بما كان وجوب تأمينها كأساس لتحقيق كافة الحقوق الأخرى التي يجب أن يتمتع بها الإنسان
ومنها حق الحرية الفردية في التعبير عن الذات والتي لا تؤدي إلى الإضرار بالأخرين ولا
تخدش حياء الاخرين وحرية الراي والمشاركة فيه مع الأخرين وحرية التملك بأنواعه وكل
هذه حقوق لصيقة بسعادة الإنسان.
أن الله خلق الإنسان وكفل له حريته وإختياره حتى في
العبادة وأمره بأن يقرر مصيره ويصلح حاله وجعل ذلك من أوجب مسئولياته كإنسان عليه تدبير
أموره بنفسه ليرتقي ويتبوء مكانته بين مجتمعه
وحيث يجد مكانه في الصورة العامة التي تشكل المكون العام الذي يعكس مظهر الدولة بأكملها
تحفظ فيها كرامته وإنسانيته وكافه حقوقه اسوةً مع بني جنسه من البشر .
ومن حق الإنسان الاحتفاظ بحقوقه الخاصة من ممتلكات
ومكتسبات تاريخية وثقافية وله الحق في التعبير عنها في إطار حرية التعبير المكفولة
له بالطريقة التي يراها بدون تدخلات سلبية من اي طرف لطالما يراعى في ذلك أحترام حقوق
الأخرين بعدم التجريح أو الاساءة والاعتداء على مشاعر الأخرين كما له حرية المشاركة
السياسية والمدنية في المؤسسات والجميعات تكوينها أو الإضمام إليها بمحض إراديته وهذه
حقوق فردية يجب أن يتمتع بها اي مواطن في حدود أطر دستورية وقانونية متوافق عليها بين
المجموعات المتعايشة على أرض واحدة .
ومن أجل التعايش والانصهار في وطن واحد لابد من الحصول
على نوع من تقرير المصير كضرورة علاجية ايضا لإزالة الغبن والضغينة وأعادة تأهيل لأنسان
الهامش نفسيا ومعنويا وتعويضه عن ايام الخوف والجزع بالطمئنينة والأمان وإعطائه جرعات
مكثفة من النواقص التي فقدها في حياته ليتمكن في التخلص من مضاعفات الاحداث والحروب
التي كانت تدار ضده دون ان يعلم بأن السبب هو فقط لأنه مختلف عن الأخر في خلقته التي
خلقه الله عليها دون ان تكون له يد فيها فهو يحتاج لإستيعاب الموقف ويحتاج هذه الانسان
ليهيئ نفسه لقبول الاخر بدون توجس وخوف محتاج ليجلس مع نفسه لينسى عمليات الاغتصاب
والقتل والدمار التي تمت بيد إجرام الدولة ضد آهله
ونعلم أن ليس هناك حريات مطلقة وإلا ان تكون الدينا
فوضى فهي مقيدة بذات الحقوق الفردية والجماعية بكافة مكوناتها عرقية أثنية ثقافية دينية
أوعقائدية حقها في حرية التعبير عن نفسها بموجب ما تمتلك من خصوصية وتعمل للمحافظة
عليها ويجب ان تجد مكانها من الاحترام والتقدير من كافة الجهات الأخرى، وتشجيعها للتطور،
الحريات تجعل الإنسان مبدعا وخلاق لأنه يجد نفسه في مساحة رحبة لإزكاء الفكر وعصف الذهن
وإخراج المواهب فالحالة السودانية غير متوافقة لذلك مما جعل السودان ينزوي ويسقط إلى
القاع في كافة نواحي المعرفة والتقدم بالمقارنة لدولة قريبة منه ولمعالجة هذه الزاوية
لابد من تفكيك هيكل السودان القديم ويعكف كل شعب في تطوير نفسه وحدوث تنافس شريف بين
المقسمات في دائرة الوطن ثم يحدث الدمج المرحلي اوالاتحادات وفقا لمعايير يتفق عليها
للدخول إلى دولة مواطنة كاملة .
النضال مستمر حتى النصر الأكيد
0 comments:
إرسال تعليق