الدعوة للمشاركة في انتخابات النظام هي مشروع إنتحار...!



الطيب الزين
لم تعرف البشرية على مدى تاريخها الطويل على الارض ظاهرة مدمرة كما " الطغاة" الذين انكوت الانسانية بنارهم، حتى أكثر من أي ظواهر طبيعية مدمرة أخرى كالزلازل أو البراكين. لان الطاغية يفرط في استعمال القوة والعنف والهيمنة والابتزاز والتهديد والإغراء وإثارة الرعب والرهبة وإنتهاك الحقوق الاساسية للإنسان . لذلك تكبر المأساة حينما يطالع المرء دعوات البعض للمشاركة في مسرحية انتخابات 2020، التي سيعدها ويخرج فصولها، بدءاً من الاحصاء والتسجيل والتصويت والفرز .. نظام الطاغية "عمر البشير"
الدعوة المطلقة لم اجد تعبيراً يليق بها سوى، تسميتها: إنها دعوة مبعثها اليأس، ونتيجتها الإنتحار السياسي ..! 
قبل الخوض في الأسباب التي تجعلنا نرفض هذه الدعوة التي أطلقها مولانا سيف الدين حمدنالله، فلنقف عند ماذا تعني هذه الدعوة. . ؟ وعن ماذا تعبر . . ؟ مع كل الاحترام والتقدير لمولانا حمدنالله في شخصه ومواقفه المصادمة والمقاومة لسياسات نظام الانقاذ طيلة الفترة الماضية.
إلا ان دعوته لا تعبر عن وعي واستشراف وقراءة صحيحة للاوضاع في السودان والمنطقة والعالم، لأن الديمقراطية مهما طال الزمن هي التي تنتصر، وحكم الفرد هو الذي سيخسر. لذلك نقول: انها دعوة تعبر عن حالة يأس وغربة وقراءة متعجلة للأحداث، مع أن السياسة لا تنفع معها قراءة الغربة والعجلة واليأس
في تقديري أن أول خطوة ينبغي ان نخطوها ونحن نواجه ألاعيب النظام الكثيرة، هي أن نفهم فهمًا سليماً ماذا يعني نظام الانقاذ. . ؟ وما هي طبيعته ..؟ وما هي أساليبه واهدافه ..؟ وكيف يعمل للوصول اليها ...؟ 
بكل بساطة ، أن الذي نحتاج إليه للإجابة على الاسئلة الواردة أعلاه، هو القراءة الصحيحة لتجربة حكمه خلال الثمانية وعشرين عاماً الماضية، التي ستمدنا بكل ما نحتاجه لتصحيح فهمنا وتجديد عزمنا للمضي قدماً في طريق النضال والصبر والمثابرة، حتى نستعيد الديمقراطية، لان كل التجارب التي عرفها الشعب مع هذا النظام، تقول: أنه نظام لا تهمه مصلحة الوطن، لا في ارضه، ولا في انسانه، ولا في ماضيه، ولا في حاضره، ولا في مستقبله . . ! كما أن ليس لديه جديد يقدمه لوضع حد لواقع الازمة الوطنية، كل الذي يهمه هو بقاءه في السُلطة، لذلك قضى على الديمقراطية، وقطع الطريق لاستعادتها مرات عديدة ، ومازال مصراً على ذَلِك والدليل هو، إنفاقه المستمر والمتزايد على الأمن والدفاع. . ! والانفاق على الأمن والدفاع ، ليس من أجل الدفاع عن الوطن وحدوده ، وتحرير أراضيه المحتلة، بل من اجل قهر ارادة البسطاء. في وقت فرط في الوحدة الوطنية ، وافرط في القهر والعبث والفساد والتلاعب بالمال العام، وأخل بالعهود والمواثيق التي وقعها مع أكثر من طرف في الساحة الداخليّة، وسعى بشكل مستمر لتفتيت كل القوى السياسية مستغلاً السلطة والمال، والشاهد تقسيمه للاحزاب والحركات، وتضييقه على الشرفاء، وتساهله وتراخيه مع الانتهازيين من : سياسيين، ومثقفيين، وصحفيين وكتاب.
حتى الادارة الأهلية لم تسلم من عبثه فأعاد صياغتها لمصلحته، بما يخدم سياساته ويرسخ دعائم حكمه الظالم
لهذا لا جدوى من التعويل على مسرحية الحوار الوطني، أو مسرحية إنتخابات 2020.
كل ما يتم تداوله عن عدم رغبة البشير في الاستمرار في الحكم، هو مجرد خداع وتلاعب بعقول البسطاء، أما الحقيقة التي يحاول النظام اخفاءها، وهي انه لن يفرط في السلطة
فالبشير ونظامه المكروه، إن بقيا في السُلطة حتى عام 2020، سيترشح ويفوز، وهذا ليس شيئاً غريباً عليه لانه طاغية.. والطاغية لن يغادر السُلطة، إلا بثورة شعبية، تطيح به ونظامه، أو يحل به الأجل المحتوم...! أو ان يقتل عبر مؤامرة أو إنقلاب ينفذه ضده أركان نظامه
لذلك لا معنى من المشاركة في مسرحية إنتخابات نتيجتها معروفة مسبقاً . . ! ولا فائدة ترجى وتنتظر ان يحققها مالك عقار وياسر عرمان، لأنهما فشلا في إقناع الحركة الشعبية في تبني خيار الوحدة الوطنية، بل قبلا ان يكونا مجرد مطايا وأبواق رخيصة لصالح مشروعها الانفصالي. . ! 
مالك عقار وياسر عرمان لم يفعلا شيئاً إبان مشاركتهما في مواعين حكم النظام بعد توقيع اتفاقية نيفاشا، إذ لم ترفع الرقابة عن الصحافة، ولم تُصفر السجون من المعتقلين، ولم تعالج قضية دارفور ، ولم ترفع المعاناة عن المواطن، بل واصل النظام إنتهاكاته وتجاوزاته ومُرر قانون الأمن عبر مساومة رخيصة بين النظام والحركة الشعبية وقتها . . ! كما إنهما فشلا في تقديم قيادة وطنية تنتصر للقيم الديمقراطية، وقد تجلى ذلك حينما تمسكا بقيادة الجبهة الثورية، ورفضا تنفيذ اتفاق أطراف الجبهة الثورية. اي تداول مسؤولية الرئاسة بين الأطراف المكونة للجبهة الثورية. . ! 
فالذي يرفض تنفيذ بنود اتفاق وهو في المعارضة، فحتماً، لن يفعل إن وصل إلى سدة الحكم ، كما فعل النظام منذ 1989 وحتى الآن. . ! 
لهذه الأسباب، نقول: لا معنى للدعوة المطلقة للمشاركة في الانتخابات، ولا أمل ينتظر من الأسماء المقترحة لمنازلة النّظام، ولا جدوى من مسرحية الانتخابات من الأصل، التي يروج لها النظام والمرتبطين به، لانها في النهاية لن تقود إلا إلى إضفاء شرعية على نظام هو فاقد لها ...؟
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق