ميزانية الحكومة السودانية للعام ٢٠١٨: زيادة رهق الحياة على كاهل المواطن




اثارت الموازنة العامة التي أجازها النظام السوداني للعام ٢٠١٨، ضجة بالغة فاقمت من حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد. وكشفت الموازنة التي تم ايداعها واجازتها من قبل البرلمان في بحر خمسة ايّام قبل نهاية العام السابق عن حجم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الحكومة السودانية نتيجة لاختلال أولويات صرفها.

مضت الميزانية الحالية في ذات المنوال بتخصيص جل أوجه صرفها لبنود الامن والدفاع والمخصصات الرئاسية. واحتوت الميزانية على تخفيض جديد لقيمة العملة السودانية مقابل الدولار الامريكي الذي ارتفع سعره الرسمي من ٦.٩ جنيه الي ١٨ جنيه بنسبة ارتفاع قدرها ٢٦٠٪؜، وهو ما أدى بدوره الي ارتفاع كبير في قيمة كافة السلع المستوردة والتي يعتمد عليها السوق السوداني بشكل اساسي

وخصصت الميزانية ٢٣ مليار و٨٨٨ مليون جنيه لقطاع الامن والدفاع بالاضافة الي ١٠ مليار و ٧٠٥ مليون الي ما سمي بالنظام العام وشئون السلامة فيما بلغت ميزانية قوات الدعم السريع وحدها ٤ مليار و ١٧٠ مليون جنيه مقابل تخصيص ٢ مليار و٩٤٢ مليون لقطاع الصحة و ٥ مليار و٣٢٦ مليون جنيه لقطاع التعليم! وكذلك تم تركيز اغلب منصرفات الميزانية على المركز الذي حاز على نسبة ٧٢٪؜ من منصرفات الموازنة العامة مقابل تخصيص نسبة ٢٨٪؜ من الميزانية لكافة الولايات.

كما اشتملت الميزانية على رفع الدعم مرة اخرى عن القمح الذي ارتفع سعر الجوال زنة ٥٠ كيلو منه من ١٦٥ جنيه الي ٤٥٠ جنيه (بالرغم من ان سعره العالمي لم يتجاوز ما يعادل 162 جنيه سوداني) وسط توقعات بازدياد سعره مرة اخرى في مقبل الأيام ليصل الي ٥٥٠ جنيه. وهو ما أدى الي تضاعف سعر رغيف الخبز الواحد وتناقص وزن الخبز ليصل الي سعر جنيه واحد للرغيفة. وأدى ذلك أيضا الي ندرة وشح الخبز وتزايد المخابز المغلقة واتحاد المواطنين في صفوف أمامها.

وتصل قيمة العجز في الميزانية المجازة للعام ٢٠١٨ الي ٨٣ مليار جنيه من مجمل الميزانية البالغة ٢١٠ مليار، وفيما اعلنت الحكومة عن عجز في الميزانية بقيمة ٢٨ مليار فإنها عمدت الي تغطية بقية قيمة العجز البالغة ٥٥ مليار بالاستدانة من النظام المصرفي والديون الخارجية، وهو ما سيؤدي الي زيادة الكتلة المالية المتداولة دون تغطية وزيادة التضخم الاقتصادي بشكل كارثي. وكان معدل التضخم الشهري قد تفاوت بين 33% الي 37% خلال العام 2017 في السودان.

وتكشف هذه الموازنة عن الاختلال الهيكلي في الاقتصاد السوداني الذي يعاني من امراض الفساد المستشري وسوء الادارة واختلال توزيع الاولويات، وهو ما أدى الي عدم الاستفادة من رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت تفرضها الولايات المتحدة على الحكومة السودانية منتصف العام السابق.
المجموعة السودانية للديمقراطية اولا
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق