رسالة لكل مثقف.


 الطيب الزين

نعم انها رسالة لكل مثقّف، وإن أردت من خلالها أن أوجه سؤالا، لبعض المثقفين الذين باعوا كرامتهم لنظام الانقاذ الاستبدادي، الذي أصبح مزبلة من مزابل التاريخ، تجمع فيها كل ذباب عصر الظلام، من سياسيين وإعلاميين وكُتاب ودبلوماسيين، جعلوا من إنفسهم أدوات خرساء وعمياء وصماء، لا تسمع ولاترى ولا تنطق، الا ما يراه الطاغية، لذلك تتقياء أكاذيبها في الصحافة والفضائيات والمواقع على الإنترنت بخطابات ومقالات انتهازية تضليلية، زاخرة بالمدح والإشادة والدفاع والإطراء للطاغية وسخافاته وبذاءاته، لخداع الجهلاء وتهدئة البسطاء لتأمين إستمرار حكمه، لأنه يحقق لهم مصالحهم، أو لأنه يوفر لهم وظيفة في وزارة او سفارة يعتاشون من ورائها، لذلك يستميتون في الدفاع عنه، بلا حياء،
في وقت لم يعد للطاغية مكاناً، أو دوراً،
في حياة الأمم الحية، بل هي تعاديه وتشن عليه الحرب، وتقاتله مثل قتالها للامراض الخطيرة ، مثل أمراض الإيدز والسرطان، لأن الطاغية داء عضال، لانه رأس أفاك، لانه غسق هائل، لانه ظلام دامس. . ! 
لكن مع ذلك تجد بعض المثقفين الانتهازيين يكتبون عنه بلغة ميتة، تكشف ذواتهم المريضة، التي ماتت فيها القيم والمشاعر، لغة حولت الوطن وما فيه من إنسان وتاريخ وقيم، إلى حطام وعذابات وجراحات وأشلاء ومقابر، وهياكل بشرية متحركة في متاهة الطغيان . . ! 
الواقع وما فيه من مرارات، و حقائق صارخة، لم توقظ ضمائر المثقفين الانتهازيين في بلادي، وما أكثرهم . . ؟ او تلفت حتى أنظارهم، لحجم جرائم الطاغية، وتجاوزاته وانتهاكاته لحقوق الانسان . . ! 
لذا، يتساءل المرء عن حال هذه الطائفة من الناس، الذين يتظاهرون بمظاهر الدين ويدعون العلم والمعرفة والثقافة، ومع ذلك يسترخون على كراسيهم، ويتثاءبون وينامون في إسرتهم نوماً عميقاً، دون أن يشعروا بعذابات شعبهم في عهد الظلام والطغيان، أو أن يشعروا بوخز الضمير . . ؟ !!
أوجه هذه الرسالة لكل المثقفين في بلادي، لاسيما، الإنتهازيين منهم ، متسائلاً فيها بغضب، بحسرة، بألم، بشفقة، برثاء،
لكل من باع عقله وضميره للطاغية. . ؟؟!!!
ما قيمة الثقافة، إن لم تكن وعياً فاعلا في حياة الناس. . ؟! !
لأن الوعي مشروط بمعرفة الإنسان لعقله وضرورة إستخدامه، ومشروط كذلك بإدراكه لذاته الحرة، والمعرفة التي تمنحه مسافة التأمل في الواقع، والتفكير والتفكر، وشساعة الفهم والتفهم، ووضوحاً في البصر والبصيرة والتبصر، والتعمق في الواقع بكل تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأخلاقية والفنية والإبداعية. لأن عقله مشحون بالوعي والمعرفة والعلم، فالأمل والمرتجئ منه، حينما تدلهم الخطوب، ويعم الظلام وتتسع دائرة الفساد وتتشعب دوربه وتتلون أساليبه
أن يكون المثقف طليعة شعبه، في نشر الوعي والدفاع عن المظلومين والكادحين وأن يكون لسان حق، لكل الذين قطع الجهل ألسنتهم، وحال، دون أن يوصلوا اصواتهم للطاغية وحاشيته.
أن يصير المثقف أفقاً ملهماً، وطريقاً منيراً للخلاص من الإستبداد والظلم والقهر والحروب والسجون والمعتقلات، وظروف الفقر، والمجاعات، وكل شروط الحياة المؤلمة، ومتاريس القهر والطغيان، ليصبح الوطن، وطناً عَزِيزا ومهاباً بانسانه، وطن قوياً ومتماسكاً بوحدته، كما قال الاستاذ المبدع عبد الكريم الكابلي، من امريكا، مؤخراً، في آخر رسائله وهو يتساءل: لماذا حققت امريكا قوتها . . ؟ وأجاب في الوقت ذاته، إنها الوحدة .
نعم انها الوحدة التي تعلو فوق القبيلة والطائفة والمصالح الخاصة، إنها الوحدة والحريّة التي نتطلع إليها، ليصبح الوطن قوياً بحكم الشعب، وعامراً بجهد السواعد، وإبداعات العقول الخلاقة ، العقول المنفتحة التي تفتح كل نوافذ الحياة والوطن لتغمره أشعة الشمس وتزدهر فيه كل حقول الحياة والمعرفة ، وترفرف رايات الحرية والديمقراطية، في كل أرجاء الوطن، وعندها تنطوي صفحة الظلام وتزول الظروف التي تجعل بعض المثقفين يبيعون ضمائرهم للطغيان. التحية لكل المثقفين الشرفاء، والحرية لكل المعتقلين.
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق