مشروع مجلس الشباب : رؤية عملية نحو التغيير



بقلم عثمان نواي
في إطار جهوده المخلصة والدؤوبة والنادرة من أجل البحث عن حلول ناجعة وعملية لأزماتنا الوطنية المستعصية، كتب الدكتور فيصل حسن منذ فترة رؤية مفصلة عن التغيير تهدف إلى استشراف المستقبل وتجاوز عقبات الأزمة التي نشأت عن استمرار نخب تاريخية في قيادة مشاريع التغيير في السودان، مما أدى إلى انسداد الأفق وانعدام الأمل في صناعة تحول حقيقي في الدولة السودانية. والدكتور فيصل رجل معروف بأكاديميته و منهجيته العلمية بطبيعة خبراته الواسعة في مجال الإدارة بشكل خاص . حيث اجتهد في وضع تصور عملي يصنع الفارق بين الماضي والمستقبل مستلهما الشروط العملية والمتطلبات الواقعية للراهن السياسي في البلاد.
اقتر ح دكتور فيصل حسن ان تكون هناك خطة عملية تهدف إلى الإجابة على سؤال البديل الذي يصدح به المششكين في مشاريع التغيير، وكذلك صناعة قيادة لمشروع التغيير بعيدة عن التحالفات الحزبية الهشة والقيادات النخبوية التاريخية التي فشلت في أن تقنع الشعب بمصداقيتها وقدرتها على إزاحة النظام وإنتاج بديل له يحقق طموحات الشعب السوداني . ويكمن المقترح الفريد والموضوعي في تشكيل مجلس للشباب يقود البلاد للتخطيط لعملية التغيير ومن بعد ذلك يقود فترتها الانتقالية. هذا المجلس مكون من 16 شاب يمثلون أقاليم السودان الثمانية حسب التقسيم القديم، وذلك تجاوزا لتفتيت السودان الذي قام به النظام عبر تقسيم البلاد إلى ولايات ومحافظات تفوق اي منطق إداري رشيد. حيث أن هذا المجلس من شأنه أن يقوم بدور القيادة لعملية التغيير و إدارة البلاد بعد إسقاط النظام، بشكل مستقل بعيدا عن صراعات الأحزاب السياسية التي أفسدت قديما وحديثا تجارب الديمقراطية والتخلص من الأنظمة المستبدة. ويعضد الدكتور الفكرة بأن يكون المجلس مختارا بشكل مباشر من قبل الأقاليم بواسطة ترشيح شعبي مباشر ودون أي اعتبار للاثنية أو الدين أو النوع، وان يكون المرشحون من الشباب المستقل والواعي ومن أصحاب المؤهلات والقدرات العلمية والتجارب العملية. وهنا اتفق مع الدكتور في رؤيته الواثقة في قدرات الشباب ، خاصة وأن هناك داخل الكيانات السياسية والاجتماعية المختلفة شباب في الخلف في قيادة تلك الكيانات من الصف الثاني أو الثالث لهم قدرات وروى تفوق القياده التي تسيطر على الكيانات المختلفة، ولكن لا يتم منحهم اي فرصة لصناعة القرار وقيادة التغيير. وإذ تم العمل بمقترح دكتور فيصل سيتم وضع هذه القيادات الشابة في المقدمة حتى تصنع تغييرا حقيقيا يعجز عن تنفيذه كبار السن المتحكمين في مسيرة العمل السياسي منذ عقود. وبالتالي يتم تجاوز الكثير من أزماتنا المزمنة المتمثلة في الاحتكار للسلطة من قبل أفراد وشخصيات معينة وبشكل ابوي ديكتاتوري. وفي المقابل فإن أعضاء المجلس يجب أن يكون عمرهم بين 20 الي 45 سنة. وبهذا تحدث قطيعة حقيقية مع أزمة أخرى مهمة وهي الكهولة و ذهنية العقول القديمة التي فشلت ولكنها لا زالت تصر على القيادة رغم أن جميع تجاربهم قد انهارت ، الا انهم ما زالوا في الثمانين من العمر مصرين على احتكار المستقبل.
هذا المقترح يفسح مساحة واسعة جدا للحركة نحو التغيير الحقيقي في السودان بشكل عملي عبر إزالة حواجز هامة متعلقة بمن يجب أن يقود سودان ما بعد التغيير. خاصة وأن التمثيل يضع الأقاليم والخصوصيات لأوضاعها في الحسبان مما يجعل التمثيل يخلو من التميز الاثني لمجموعة معينة. وبالتالي يتم التحرك بشكل جاد نحو التغيير بحوافز تضع حلولا في مرحلة صناعة التغيير نفسها تؤكد على أن ما بعد التغيير سيكون مبشرا. حيث انه يجب أن ندرك أن الغموض وانعدام الرؤية الواضحة حول كيفية التعامل مع حالة الاضطراب التي ستنشا نتيجة للتغير هو أهم مصادر الخوف لدى كثير من السودانيين الذين يخشون من المستقبل الغامض، كما أنهم يخشون بقدر أكبر من تكرار تجارب الماضي في الثورات السابقة والدخول مرة أخرى في حلقة الثورة التي تؤدي إلى فترة ديمقراطية هشة مليئة بالصراع بين الأحزاب السياسية تؤدي في النهاية إلى نظام ديكتاتوري أكثر قسوة وسوءا من سابقه. لذلك فإن تجاوز التجارب من الماضي يتم مبدئيا عبر مقترح دكتور فيصل من خلال أحداث نقلة نوعية من هذه الحلقة المفرغة. هذه النقلة يمكن أن تتم فعليا عبر وضع الشباب في دفة القيادة. حيث أن هذه الفئة هي التي ستدفع كل أخطاء الماضي التي ارتكبها الأجيال السابقة ولذلك من حقها أن تقود الحركة نحو المستقبل برويتها هي وشروطها حتى تحدث ذلك التحول الذي يمنع استمرار وتكرار الأخطاء.
يستكمل دكتور فيصل المقترح عبر مزيد من التفاصيل وذلك من خلال التأكيد علي اهمية الحكم الرشيد ما بعد التغيير ، واختيار مجلس استشاري بشروط مهنية وعلمية لا تتقيد بأي شروط للتمثيل السياسي أو الإقليمي حتى بل فقط يستند على الكفاءة والخبرة. ويقوم هذا المجلس بدور في اختيار بقية الوزراء والكفاءات التي تدير دفة الدولة. وبذلك يرتفع مستوي أداء الدولة ويخرج عن دوامة الترضيات والمحاصصة السياسية بين القوى الحزبية وغيرها. هذه الرؤية لأداء الدولة يمكن أن تؤدي إلى قدر من الفاعلية التي تخرج الدولة من أزمة عدم القدرة على النمو وخدمة الشعب كما يجب، ومحاربة الفساد وانعدام البرامج. حيث أن البرنامج سيكون هو آليات علمية فعالة تستهدف حل المشكلات التي يعاني منها المواطن بشكل يومي ، من تعليم وصحة وعدالة في التوزيع للثروة. وحتي النزاعات يمكن أن تجد حلول عبر خبراء فض النزاعات وآليات التمييز الإيجابي التي تخضع لإرادة شابة لا تخشى رد الحقوق ولا تتمسك بالماضي وقادرة على تقديم تنازلات شجاعة وحلول مبتكرة حتى لا تضحي بفرص المستقبل الأفضل للجميع . ان رؤية دكتور فيصل هي في الحقيقة تشكل خطة عمل قابلة للتطبيق واتمنى ان يتم الحوار حولها والأهم أن يتم تبنيها حتى يتم أحداث تغيير يتجاوب مع تحديات الحاضر وآمال المستقبل التي لا يمكن أن يحققها الا شباب حر واعي وجاد مليئ بالطاقة والحيوية والأمل في صناعة سودان أفضل للجميع.
nawayosman@gmail.com

Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق