حمدان تيمور يرد على مقال رشا عوض -حول مسالة الاصطفاف الاثنى


بقلم : حمدان تيمور 
فى البدء لايمكن مصادرة حق اى سودانى فى تقديم نقد لحركات الهامش اوضد اى قوى اخرى وبشكل ديمقراطى وهذا حق انسانى وبنفس القدرقبوله بنفس النقد , وتعقيبا على مقال الاستاذة رشا عمر فى صحيفة التغيير وبغض النظر عن الدوافع والهدف من كتابة مقال يستعدى جميع حركات المقاومة بالهامش ويستفذ مقاومتها لمركز الهيمنة والاقصاء هذا المقال حالة نادرة من الوصاية والتعالى الاجوف الذى لا يستند لا على معرفة او فكر اوقضية انها حالة مقاربة لاعقلانية ولا تتسم بالنزاهة وهى مهادنة للوضعية المختلة بالبلاد ولا ترتبط بفكر ومعرفة .هى حالة من الاتكاء على وسادة المركز المهيمن دون وعى والتعاطى السطحى النمطى السائد فى تربة الوعى الاجتماعى السودانى، لا يوجد انسان يتسم برجاحة العقل والمنطق ويصدر احكام قاطعة مثل ما ورد بالمقال ويكتسب هذا الكم الهائل من الاعداء من كل جماهير الهامش وحركات المقاومة والمناصرين لعدالة قضية حركات المقاومة بالهامش هذا المقال بوعى او دونه هو يعمل على تعميق الفواصل بين حركات المقاومة بالهامش وبقية المناطق السودانية ويدفع بحركات المقاومة وجماهير الهامش للحلول الجذرية والنهائية لانهاء حالة الاقصاء والتهميش .
موضوع الهوية وعقلية الاصطفاف الاثنى
بداء المقال بتشخيص الازمة السودانية من منصة سؤال الهوية كمحدد لتشخيص الازمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالبلاد وتوصل الى ان حركات المقاومة بالهامش تبتسر ازمة الصراع الاجتماعى السودانى ولا تستطيع التمييز بين النظر إلى “أزمة الهوية” وما ترتب عليها من عنصرية وتهميش كأحد عناصر الأزمة الشاملة في البلاد واختزال أزمة السودان المركبة والمعقدة في عامل واحد هو عنصرية الشمال والوسط وما يسمى “بثقافة المركز الإسلاموعروبي”، وتوصلت الكاتبة الى نتائج وخلاصات ان منهج حركات المقاومة بالهامش منهج مضر جدا بقضية المهمشين في السودان لأنه يؤسس عقلية الاصطفاف السياسي على أسس عرقية وجهوية ويصور الصراع السياسي كمواجهة ثنائية بسيطة بين (من يعرفون انفسهم عرب وافارقة ) سودانيين (انتهى الاقتباس )
لايمكن فصل محتوى هذا المقال عن خلفية الصراع الاجتماعى السودانى فهو يشكل خطاب سياسى ومتتطابق كليا مع خطابات سياسية اخرى ضد تجربة حركات المقاومة بالهامش فهو يدعم وضعية الحفاظ على النظام الاجتماعى القائم فى الصراع السودانى الذى يضمن بقاء مجموعات صفوية اثنية فى السلطة ومجموعات اخرى كمصدر للعمالة الرخيصة وان تظل اراضيها مصدرا لموارد مركز السلطة فالازمة الوطنية نتجت عن اصرار المركز على المضى بتركة السياسية الاستعمارية فى ادراة شئون البلاد,بالرغم من ذلك ساهمت حركات المقاومة بالهامش وبشكل تاريخى والى اليوم وعبر مبادرات ونضالات عظيمة وعبر الوسائل السياسية والقانونية واخير عبر الكفاح المسلح لقيام دولة المواطنة كبديل منصف لكل السودانيين الا ان التجربة النضالية لقوى الهامش اكدت على الدوام تطابق مواقف بعض قوى المعارضة وشاكلة هذا المقال مع النظام فى مسالة قيام دولة المواطنة لاخفاء طبيعة السيطرة العميقة المختبئة خلف الشعارات الوطنية والتعميم المخل للقضية الوطنية.فليس من العدالة والانصاف تحميل حركات الهامش مسئولية الاصطفاف الاثنى والجهوى هذا المقال ليس له علاقة بطبيعة الصراع الاجتماعى السودانى من ناحية معرفية وفكرية ولا يقدم تحليل معرفى او منهجى او حلول لنتائج الازمة الحالية بالبلاد بل المقال نفسه هو حالة من الاصطفاف الاعمى فى اطار الصراع الاجتماعى . فوضعية الاصطفاف الاثنى السودانى هى نتاج للصراع الاجتماعى المتراكم والذى اسست له جميع الحكومات الوطنية ( سرا المركز المسيطر ) و منذ 60 سنة فقد عمد هذا المركزعلى تقسيم السودانيين للسيطرة عليهم عبر وسائل السيطرة المختلفة ومنها مسالة الهوية نفسها الواردة فى المقال فقد عمد على السيطرة على الشمال النيلى والوسط بالهوية العربية والاسلامية وتخويفهم من بقية سكان السودان وخلق حالة من التحالف اللاوعى بينهم واستخدمهم عبر اجهزة الدولة المختلفة للسيطرة على بقية المكونات السودانية لضمان بقاءه الدائم فى مركز السيطرة فى ظل وحدة وطنية لا تتمتاز بالشرف القومى بل قامت على سياسات الاقصاء والتهميش وسرقة موارد الهامش عبر امتلاك قلة من السودانيين ادوات السيطرة كلها بداء بالقانون والدستور والنظام التعليمى والخدمة المدنية وجميع الوسائل المختلفة الاخرى ,الجيش والشرطة والاجهزة الاخرى بجانب امتلاك ثروة البلاد هذه الوضعية تضع الجميع امام مسئولية قومية وتاريخية ولن يستمر الوضع الحالى ولن تنعم بلادنا بالاستقرار فى ظل هذه الوضعية
حركات المقاومة بالهامش يستحيل ان تنجح في بناء مؤسسات سياسية ذات فاعلية
ذكرت الكاتبة (ولكنها يستحيل ان تنجح في بناء مؤسسات سياسية ذات فاعلية وجدوى في قيادة شعوبها نحو التقدم عبر مكافحة أمراض التخلف المستوطنة في السودان وهي أمراض عابرة للأعراق والثقافات والمناطق، ولا سبيل لمعالجتها إلا بتكريس مبادئ الحكم الراشد وعلى رأسها قيم الشفافية والمحاسبة والمؤسسية وسيادة حكم القانون في سياق توجه ديمقراطي وتنموي، وهذا بكل أسف ظل غائبا عن حركات الهامش السوداني المسلحة وعلى رأسها الحركة الشعبية بجناحيها الحاليين وكل أجنحتها) انتهى الاقتباس
ان التعميم المخل والبساطة فى نقد التجربة النضالية للحركة الشعبية الواردة فى المقال لا تستحق الرد لكن ما يهم فى الامر هو حالة التجنى والعداء السافر والغير مبرر لحركات مقاومة الهامش وبالاخص الحركة الشعبية عبر النبؤة الواردة فى انها(حركات المقاومة ) لن تستطيع بناء مؤسسات سياسية فاعلة لقيادة جماهير الهامش يضع كاتبة المقال امام موقف اخلاقى وسياسى حول منطلقاتها السياسية ومصداقيتها فى تاسيس فهم يستند على النبؤة (او رمى الودع ) فقد مضى اكثر من 60 سنة فشلت فيها النخبة فى الوسط والشمال فى حكم البلاد بل عمقت ازمات البلاد بشكل اكثر من كارثى .فالمقال يعانى من حالة انغلاق ذاتى ولايتضع اى اعتبار للمتغيرات العميقة التى حدثت على مستوى القضايا النضالية للحركة الشعبية او على مستوى المتغيرات الجزرية فى الصراع السودانى . فحكومات المركز وعلى مدى عمر الاستقلال لا يمكن التفاوض معها للوصول الى تسوية تاريخية فهى لاتكتفي بقمع الهامش وإسكاته، بل تريد نفيه وإلغاءه. لذلك يتخذ الصراع معها طابعاً شمولياً لأنه لا يطال مسائل الحقوق فقط بل يمتد الى حق الوجود للسودانيين بالهامش
اعادة النظر فى مشروع السودان الجديد
اقتباس (ظننا – وليس كل الظن إثم- أن الجرائم التي ارتكبتها الحركة الشعبية والجيش الشعبي في جنوب السودان ستكون نقطة تحول تاريخي تدفع مثقفي الهامش تحديدا وكل مثقف سوداني انتمى أو تعاطف مع ما يسمى “بمشروع السودان الجديد” إلى إعادة النظر في هذا المشروع وتناوله بصورة نقدية تستكشف جذور أزمته، فبعد الذي حدث في جنوب السودان أصبح التشكيك في أهلية الحركة الشعبية لخدمة قضايا المهمشين) انتهى الاقتباس
ان القفزة المفاهمية التى توصلت لها كاتبة المقالة باعادة النظر فى مشروع السودان الجديد ودعوتها للتشكيك فى اهلية الحركة الشعبية لخدمة قضايا المهمشين دون ان تقدم لجماهير الهامش بديل نضالى واستندت على الاستراتيجية الاعلامية والسياسية للنظام فى ظروف سياسية وعسكرية مختلفة عن الان فى ربط الفرقة التاسعة والعاشرة للجيش الشعبى (شمال ) بدولة جنوب السودان لتعضيد اطروحتها يضع الكاتبة فى محك اكثر من اخلاقى النظام له اهدافه ومنطلقاته فالتطابق فى الموقف لاستمرار الوضعية المختلة الحالية كبديل للسودانيين وان يتخلى الهامش عن قضية النضال من اجل الحقوق الوطنية ودولة المواطنة وان يستسلم الهامش بكل قواه للوضعية الراهنة ولا اعتقد ان يحدث ذلك هذه حالة نقدية استثنائية لا تتم الا فى حالات الحرب وتقوم بها اجهزة الدولة وعبر امكانياتها الاعلامية المختلفة هذا المقال فارغ المضمون ويبحث عن اضواء فقط لانه ليس طبيعيا ان يقوم نقد على رفض المشروع والرؤية والقيادة وجماهير الهامش دون تقديم بديل
ان الصفعة الحقيقية التى سوف يواجهها هذا المقال هو موقفه من حالة نهضة وتطور الوعى الشعبى والحقوقى لجماهير الهامش فى جميع مواقعها ودور هذه الجماهير فى مسائل التغيير وتكوين الكتلة التاريخية وقضية السلام والحرب .ودون المزايدة على احد لا يوجد ثمة حل نظري أفضل من دولة المواطنة، بل لا يوجد حل أفضل من الرؤية العميقة التى اوجدتها رؤية مشروع السودان الجديد التي الهمت عدد كبير من السودانيين على مستوى التنظير وعلى مستوى القضايا النضالية اليومية من أجل خلق دولة المواطنة التي تحقق السلام، والاستقرار، والتقدم، والتسامح، والعدالة، وازالة المظالم للشعوب السودانية. فقد خاطبت الرؤية كافة عناصر الدولة السودانية وقضاياها المطروحة متمثلة فى أزمة الحكم، الدستور، علاقة الدين بالدولة، قضايا الهامش السوداني"أزمة الهوية ،التنمية غير المتوازنة، والوحدة الطوعية العدالة، المساواة وخاطبت الروية جميع السودانيين لتوحيد قضاياهم و النضال عبر جميع الوسائل بما فيها ممارسة حق تقرير المصير مع مركز التهميش فى السلطة لانتزاع حقوقهم الوطنية وممارسة حكم اقليمهم والتحكم فى ثروات الاقاليم وايقاف عمليات نهب هذه الموارد باسم الدولة الوطنية ودعاوى الوحدة القسرية المفروضة وتاسيس نظام حكم جديد يجمع جميع السودانيين فى وحدة طوعية حقيقية يتمتع فيه كل اقليم بصلاحيات ممارسة السلطة وصرف موارد الاقليم فى التنمية والتعليم والصحة والخدمات وهذه الرؤية قامت لبناء دولة المواطنة وهى رؤية حرة لكل السودانيين عبر قواهم المختلفة .
حمدان تيمور
06/03/2018
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق