منذ العام 1989 شهد السودان حقبه جديدة من نظام الحكم أستند في فلسفتة علي الإسلام السياسي الذي تم التقديم له بإسم ” المشروع الحضاري” كمنفستو سياسي ، و الذي هدف إلي إنفاذ الدولة الدينية الإسلامية ، الأمر الذي باعد بين مشروعيته و المكونات الثقافية والاجتماعية والتاريخية والاثنية للمجتمع السودانى الذي يتسم بالتعدد والتنوع ، ليتم الدفع بحزم ماعرف بقوانيين النظام العام كاحد الروافع المساندة لإنفاذ المشروع عبر اليات القهر و المنع و الفصل بين ما ظل راسخا كجزء من الوجدان السوداني لكونه يتعارض مع مفهوم الاسلام السياسي سواء بوصمها بمخالفة مقاصد الدين الإسلامي في رغبة سياسية من اجل توسيع نطاق العقوبات الجسدية المعاقب عليها في جرائم الحدود لتشمل أفعال أخري
، بشكل عام هدفت حزم النظام العام إلي إبدال كامل لمنظومة القيم و الأعراف ومحمول الثقافات و التقاليد التي ظل المجتمع يتعامل معها بإدوات تتسق وطبيعتها بعيداً عن التجريم و العقاب القانونيين إستناداً علي أن ضمير المجتمع هو “القاضي المجتمعي ” الذي يحق له ممارسة تلك السلطة و تحديد اليات العقاب والاباحة علي نسق الاستهجان او الاستحسان و القبول
بالنظر إلي الأهداف الاساسية لتلك الحزم فهي ظلت تستهدف حمل الواقع السوداني إلي تقبل قسري للمشروع الحضاري سواء عن طريق التماهي مع السلطة أو القبول بشرعيتها بالصمت و النأي عن معارضتها ، تستند حزم النظام العام ايدلوجياً علي شعار ” إعادة صياغة الإنسان السوداني ” علي نسق سياسي يعبر عن السلطة الحاكمة أكثر من كونها قوانيين مرتبطة بالحفاظ علي المصلحة العامة و الردع الخاص ، قوام حزم قوانيين النظام شكلت خليط من النصوص القانونية التي تم سحبها من القانون الجنائي السوداني لسنة
1991م إلي جانب نصوص أخري إستمدت ” من الأوامر المحلية ” ، العقوبات إنحصرت بين العقوبات الجسدية “الجلد ” والغرامة بالإضافة إلي عقوبة السجن البديلة .
بالتقصي لتطبيق حزم قوانيين النظام العام نجد أن هنالك إستهداف ممنهج للمرأه في الفضاء العام عبر التربص الذي تحمله النصوص الفضفاضة ، قوانيين النظام العام تشكل إنتهاكاً لإلتزامات السودان الدولية و الإقليمية و الوطنية بتغليب تطبيق “قوانيين خاصة ” بطريقة إيجازية ترسخ لمخالفة منهجية لمعايير المحاكمة العادلة ، مما ظل ينتج عنها بإستمرار أنتهاك للخصوصية ،حرية التعبير و التنظيم والحركة ، هذا فضلا عن كون هذه القوانيين تمثل “ترسانات” تعيق تطبيق
الضمانات التي تعمل علي مناهضة العنف ضد المراة
0 comments:
إرسال تعليق