(حريات)
اوردت شبكة الأنباء الإنسانية (ايرين) أمس إنه برغم رفع العقوبات
الأمريكية على السودان قبل ستة أشهر فإن الحكومة السودانية لم تخفف القيود على
وصول المساعدات الإنسانية للمناطق التي ظلت لفترة طويلة خارج التغطية.
وأكد التقرير أن جبال النوبة والنيل الأزرق لا تزالان بغير وصول ،
كما تطرق لأثر تقليص اليوناميد السلبي في دارفور، مؤكداً تراجع أولوية مسألة وصول
المساعدات الإنسانية في الأجندة الأوربية والأمريكية.
وذكر التقرير الذي حررته كيتلين تشاندلر أن منظمات الإغاثة أعربت بعد
رفع العقوبات الأمريكية عن أملها (في أن تخفف الحكومة السودانية القيود المفروضة
على عمليات الإغاثة وأن تسمح بوصولها لأجزاء من البلاد ظلت خارج التغطية
لفترة طويلة. لكن وبعد ستة أشهر من هذا التحول الكبير في إستراتيجية التعامل مع
الرئيس عمر البشير، يشكك عمال الإغاثة والمدافعون عن حقوق الإنسان في أن تترجم
التغييرات البيروقراطية التي رأوها في الخرطوم إلى زيادة في تلقي الناس للمساعدات
الإنسانية على المدى الطويل. كما يشعرون بالقلق من أن أي تعاون جديد قد يحدث
تراجعاً بينما يطبع السودان علاقاته مع المجتمع الدولي، خاصة إذا تم حذفه من
القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، مما يفتح الطريق أمام الاستثمارات
الأجنبية وتخفيف عبء الديون)..
وقال أحد عمال الإغاثة في جبال النوبة، والتي ظلت على مدى عقود
هدفاً للقمع والتطهير العرقي وعمليات مكافحة التمرد الوحشية: “إن الطريقة
التي ننظر بها جميعاً للأمر هو أن التحسن في وصول المساعدات عبارة عن تدبير مؤقت
يتخذ لإرضاء الحكومات الغربية، فليس هناك تغيير جوهري في سلوك الحكومة”..
“وعندما يحصلون على ما يريدون ، سيعود الحال إلى ما كان عليه.”
واضاف التقرير إن الأمم المتحدة أطلقت في فبراير الماضي نداءً
للمطالبة بمليار دولار من المساعدات لـ4.3 مليون شخص يحتاجون للمساعدة في السودان
أي نحو 10% من مجموع سكان البلاد , وان المانحين تعهدوا حتى الآن ب3% فقط منها.
واستدرك التقرير بالقول (لكن حتى لو تم الحصول على الأموال المطلوبة بإلحاح أشد، فإن
مدى وصول المساعدات للمحتاجين إليها هو أمر آخر. إذ للحكومة السودانية تاريخ طويل
من منع الوصول. وقد كان تخفيف تلك القيود شرطا للولايات المتحدة التي لا تزال أكبر
مانح للمساعدات للسودان، لترفع العقوبات الاقتصادية على السودان التي استمرت لـ19
عاماً. ولكن معايير تقييم التقدم ظلت مائعة ، وتظل المناطق التي يسيطر عليها
المتمردون غير ممكن الوصول إليها، والحكومة بدأت في إعادة النظر في التزاماتها
السابقة بتسهيل الوصول).
ونعى التقرير على المجتمع الدولي تدني قضية الوصول الإنساني في قائمة
أولوياته فـ(بينما يركز الاتحاد الأوربي على وقف الهجرة عبر السودان، كذلك
الولايات المتحدة تركز على جهود مكافحة الإرهاب).
ويورد التقرير وجود تقدم ضئيل فيما يتعلق بتقليل بعض القيود على سفر
عمال الإغاثة والسماح لمشاريع جديدة، مع بقاء قيود أخرى , إذ لا يزال السفر خارج
الخرطوم يتطلب تصريحًا من الحكومة ، ويمكن أن يستغرق استخراج التصاريح أيامًا أو
حتى أسابيع. كما تشارك الحكومة بشكل كبير في عمليات التوظيف وفحص واختيار الموظفين
في المنظمات الدولية وتراقب بشكل صارم جماعات العمل الإنساني والمجتمع المدني
السودانية.
وقال التقرير إن منظمات الإغاثة والعاملين في السودان بشكل عام لا
يتحدثون عن هذا السجل خوفاً من ردود فعل الحكومة السودانية. (ففي عام 2009 ، وبعد
أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية لائحة اتهام ضد البشير بتهمة ارتكاب جرائم ضد
الإنسانية ، وجرائم حرب ، وإبادة جماعية في دارفور ، أمر الرئيس بطرد 13 منظمة
إنسانية دولية من البلاد. وفي عام 2015 ، قصفت الحكومة السودانية مستشفى منظمة
أطباء بلا حدود في جبال النوبة ، مما دفع أحد أقسام منظمة أطباء بلا حدود إلى
إغلاق برامجه. وفي نهاية ذلك العام ، أغارت الحكومة على مكاتب تيرفند Tearfund ، وهي مؤسسة خيرية مسيحية كانت تعمل في دارفور ، وصادرت أموالها
وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بها وطردتها في يناير 2016).
وذكر التقرير أن النيل الأزرق وجنوب كردفان لا تزالان مقطوعتين عن
الإغاثة. يقول التقرير: (وفقا للأمم المتحدة ، يقدر عدد النازحين في النيل الأزرق
وجنوب كردفان بحوالي (545000) شخصاً. يتخطى سوء التغذية المزمن مستويات الطوارئ في
أجزاء من جنوب كردفان، وفي النيل الأزرق تعاني نحو 40٪ من الأسر من انعدام الأمن
الغذائي الشديد، مما يعني أنها تواجه خطر الجوع. منعت الحكومة عمال الإغاثة
الدوليين من السفر للمناطق التي يسيطر عليها المتمردون في جنوب كردفان والنيل
الأزرق منذ بداية النزاع. لقد كان وصول المساعدات بمثابة نقطة الخلاف في مفاوضات
السلام التي تمت في أديس أبابا في فبراير. كلا الجانبين لم يتمكنا من إيجاد حل وسط
للسماح بالمساعدات. حيث تصر الحكومة السودانية على أن جميع المساعدات يجب أن تأتي
مباشرة من الخرطوم لمنع تهريب سلع أخرى، كالأسلحة. وتقول الحركة الشعبية لتحرير
السودان – شمال إنها تريد أن تأتي على الأقل بعض الإغاثة عبر كينيا أو إثيوبيا أو
جنوب السودان، وهي دول تعتبرها حليفة لها).
وأورد التقرير عن مراقبين قولهم إنه من غير المستغرب عدم تغيير
المتمردين لموقفهم. كما أورد عن عامل إغاثة بجبال النوبة قوله: “إذا سمع الناس
بمساعدات تأتي من الخرطوم، فإنهم لا يصدقونها”، وأضاف: “إنهم يعتقدون أن الطعام
سيكون ملوثًا. فالناس هنا لا يثقون بحكومة الخرطوم على الإطلاق – ولديهم مبرر لعدم
الوثوق بهم”.
وحول دارفور تحدث التقرير عن نزوح 1.6 مليون شخص يعيشون في حوالي 60
معسكراً، وعن مخطط الحكومة لمغادرة النازحين للمعسكرات بينما العديد من أهالي
دارفور الذين يعيش بعضهم في المعسكرات منذ أكثر من عقدين من الزمان يقولون إن
العودة مستحيلة لأن منازلهم وأراضيهم السابقة تم إعادة توطين ميليشيات موالية
للحكومة فيها.
وتطرق التقرير لقوات اليوناميد التي ظلت تعمل لحماية المدنيين في
دارفور منذ 2007م وضمت حوالي 20,000 ضابطا في صفوفها، والتي أطاح بها الجدل بما في
ذلك تقارير حول فشل قواتها في وقف العنف ضد النازحين في دارفور أو الإبلاغ عن
انتهاكات حقوق الإنسان. يقول التقرير: (في يونيو الماضي ، قامت الأمم المتحدة
بإعادة هيكلة يوناميد وبدأت في تقليص عملياتها، وأغلقت 10 مواقع لها في دارفور،
وسلمت مركزي شرطة مجتمعية للحكومة السودانية ، وخفضت أفراد الجيش والشرطة. وفي
الوقت نفسه، تحاول فتح قاعدة في جبل مرة حيث يستمر الصراع بين الجماعات المتمردة
والحكومة السودانية. ولا تزال المعلومات المتعلقة بكيفية تأثير تقليص اليوناميد
على عمليات الأمن والإغاثة نادرة. ويمكنه أن يحد من وصول وكالات الأمم المتحدة
التي تنص قواعدها الأمنية على أن يسافر جميع أفرادها في دارفور تحت حراسة مسلحة
تابعة للبعثة).
واورد التقرير إن أحد عمال الإغاثة في دارفور فضل حجب اسمه قال “إن
القواعد الأمنية للأمم المتحدة في دارفور تقيد من وصول الأمم المتحدة” . بينما قال
مادي كروثر، المدير التنفيذي المشترك لمنظمة ويدجنق بيس
Waging Peace العاملة في مجال حقوق الإنسان
“تقريباً لا يوجد أي شخص على الأرض لرصد التطورات” “التغيرات تحدث في الظلام. على
سبيل المثال ، أغلقت اليوناميد العديد من مواقع فرقها، ولكن بدلاً من تسليمها
لهيئات مدنية ، هناك تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع استولت عليها في بعض
الحالات”.
وذكر التقرير في النهاية الأولويات السياسية لكل من الولايات المتحدة
والاتحاد الأوربي التي قللت من أولوية قضية وصول الإغاثات للمدنيين. فمع أن
الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وعدد من دوله كالنرويج كانوا تقليدياً من
الداعين الرئيسيين من أجل وصول الإغاثات، إذ يعتبر الاتحاد الأوربي ممولًا رئيسيًا
للمساعدات الإنسانية في السودان، وقد قدم 46 مليون يورو في عام 2017 تركزت
غالبيتها على المساعدات الغذائية. إلا أنه: (ورداً على الآلاف من طلبة اللجوء من
إريتريا وإثيوبيا والصومال والسودان، والذين يمرون عبر الخرطوم في طريقهم إلى
ليبيا أو مصر ثم إلى أوروبا ، ظلت بروكسل تكثف من الضغوط على السودان للسيطرة على
الهجرة، حيث خصصت حوالي 200 مليون يورو للمبادرات المتعلقة بالهجرة).
وقال مادي كروثر: “على الرغم من أن وصول المساعدات الإنسانية يظل
مطلباً أساسياً للاتحاد الأوروبي ، إلا أنه في السنوات الأخيرة تراجع لأولويات
أخرى، لا سيما الهجرة”.
وفيما أشار التقرير للأزمة الاقتصادية في السودان
واحتجاجات يناير وقمعها الوحشي من قبل النظام قال: يحذر المدافعون عن حقوق الإنسان
من أن اليقظة المستمرة مطلوبة ، ليس فقط من أجل فضح انتهاكات حقوق الإنسان ، بل
أيضاً لضمان وفاء الحكومة السودانية بوعودها بشأن وصول المساعدات. وعلى لسان
كروثر: “نحتاج لوضع الفرامل على عجلة تطبيع العلاقات مع السودان قبل إجراء إصلاحات
جوهرية”. “تقع على عاتق الدول الأعضاء مسؤولية الموازنة بين أولوياتها الداخلية –
على سبيل المثال بريطانيا بحاجة لإيجاد شركاء جدد لمرحلة ما بعد الاستفتاء Brexit – في مقابل الشعب السوداني، الذي
يستحق أن يحكم بدون استخدام الإكراه أو التهديد به”. و””الآن بعد أن لوحت الولايات
المتحدة بجزرة إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يجب أن تحتل معايير
الوصول الإنساني وحقوق الإنسان مكان الصدارة للاطلاع على التقرير من المصدر اضغط هنا
0 comments:
إرسال تعليق