الحلقة المفقودة بين النظام والمعارضة . . !




الطيب الزين
بعد ثلاثة عقود من حكم نظام الإنقاذ الإنقلابي. وجدنا أنفسنا، أمام فشل ذريع من جانب النظام، وعجز تام من جانب المعارضة. . ! واقع الحال البائس، أدخل البلاد والشعب، في حالة من الإلتباس والتعقيد، فالناس ظلت طوال ثلاثين عاماً ترى مظاهر حُكم، لكن دون ان ترى حكومه شرعية ! وفي الطرف الآخر ظل الشعب يسمع ويرى مظاهر معارضة، لكن دون أن يرى معارضة حقيقية . . !
التناقض ليس قاصراً على الطرفين، النظام والمعارضة، بل ممتد إلى طرف ثالث، وهو شريحة المثقفين، الذين يشكلون الحلقة المفقودة في المعادلة. . !
لذلك رأينا مظاهر ثقافة، دون أن نرى حضور ثقافة، تملأ الفراغ الذي نجم عن فشل النظام وعجز المعارضة.
لذا باءت كل المحاولات بين النظام والمعارضة بالفشل الذريع. . !
ومع ذلك ما زال الجميع يدور في إطار الحلقة المفرغة، دون ان يفكر المثقف في خيارات جديدة، تخلص الوطن من معاناته وتنتشله من ترنحه، بين نظام فاشل، ومعارضة مشتتة، لتظل الأوضاع تدور كالساقية في حركتها المقفلة على محورها القديم منذ عهد الأزهري وعبود . . !
التساؤل الذي يطرح نفسه: كيف الخروج من شبكة العنكبوت. . ؟ لكن قبل الإمساك بتلابيب الإجابة على هذا السؤال، يداهمنا سؤال آخر، إذا سلمنا بفشل النظام الذي بات واقعاً معاشا في حياة الشعب اليومية، في مأكله وشرابه بل حتى وصل إلى النقص في النقود والوقود. . ! مضافاً إليه عجز المعارضة التي فشلت، هي الأخرى، في توحيد صفوفها، وترتيب بيتها، وتحديد آلياتها. . !
فما المبرر الذي يحمل شريحة المثقفين على تقبل قدرها الأوديبي، ولا تستطيع الخروج عليه، وكسر جرة الجمود، لكي تشق للوطن والشعب المغلوب على أمره، ثغرة في صخرة الواقع الكئيب. . ؟
ثغرة تسمح للشعب برؤية الصورة الحقيقية للأزمة، حتى لا يعول على المعارضة التائهة، ويسارع إلى الإمساك بناصية المبادرة، وتدارك نفسه قبل السقوط في شبح المجاعة الشاملة، التي حتماً ستقود للسقوط في بئر التاريخ الذي لا يرحم، وتصبح المسؤولية في رقبة المثقفين مثل حبل المشنقة.
شريحة المثقفين في داخل السودان وخارجه، مطالبة بتحمل مسؤوليتها ولعب دورها التأريخي، في قيادة المجتمع والوطن، كون المثقف خالق ومنتج للأفكار والرؤى، بجانب دوره النقدي المقوم للحياة، لذلك على شريحة المثقفين مسؤولية كبيرة، ودور عظيم يجب الاضطلاع به، دون الانتظار لأحد، أو الخضوع لأي ضرب من ضروب الوصاية والتبعية السياسية او الأيديولوجية، أو الكهنوتية، التي حولت المثقف إلى عضو أثري غير مبادر أو منتج، يدور في الحلقة المفرغة، بين النظام والمعارضة كالرحى.
لذا لابد من تجاوز ثقافة الإنزواء والانطواء وتربيع الأيدي والإنتظار على الرصيف، بل المطلوب المبادرة والإنطلاق في ميادين الحَيَاة الفكرية والثقافية والسياسية لتعرية النظام العاري، والمعارضة العارية، بدل التستر أو الفرجة على عريهما. . !
المرحلة تفرض على المثقفين تجاوز المشهد التراجيدي.فهذه دعوة صادقة للتحرك والبحث عن خيارات جديدة، تحقق الخلاص، وتقوم البناء الوطني، وتخلصه من الاستبداد، والتخلف، ورموز الطوائف والقبائل، الذين يتصدرون المشهد السياسي!
أي تأخير في تحمل المسؤولية وأداء الدور المنوط بالمثقف، معناه، مزيداً من المعاناة والتشظي ومزيداً من مشاهد التراجيديا، والإنسداد في الآفاق والأفق والوريد السياسي والفكري والثقافي.
لابد من تجاوز رموز المعارضة القديمة وأطر نضالها القعيمة التي أطالت عمر الطغيان، لانها رؤى بالية قد تجاوزها الزّمن، وأصبحت خارج دائرته، بل هي عالة على الحياة والمجتمع والوطن. لذا على المثقفين والوطنيين الأحرار والشباب، أن يتقدموا الصفوف، لانجاز التغيير المنشود، الذي يصنعوه بوعيهم ونضالهم .
الثقافة في كل الدول التي أحرزت التقدم والإستقرار، هي التي قادت السياسة ووجتهها نحو العقلانية والموضوعية.
لذا على المثقفين، مسؤولية تاريخية كبيرة يجب تحملها بصدق وأمانة وتفاني، حتى نخرج بلادنا من آبار الفشل، والمأزق التاريخي.


Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق