الطيب الزين
الليلة الفائتة أرسل لي، أحد الأصدقاء رسالة عبر الواتساب، فحواها تسجيل لرئيس النظام الطاغية عمر البشير، يخاطب فيه مجموعة من العسكريين، قال فيه: حتى أمس الناس إتكلموا كثير جداً، وشاغلين نفسهم بعشرين عشرين، انا والله ما مشغول بيها. قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء. والله لا أخليها لمؤتمر وطني، ولا حركة إسلامية، ولا لمجلس وطني، ولا لإي مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى.
هذا هو نص مخاطبة عمر البشير لأولئك العساكر، الذين كان بعضهم يقول: الله أكبر وهو يتحدث إليهم.
للأمانة إستمعت لهذه الرسالة لأكثر من ثلاثة مرات، حتى أتأكد أن مما أسمعه وأتبين فهمه، وحصيلة سماعي وفهمي، تقول: أن الإنقاذ في حاجة لمن ينقذها من نفسها. . ! قيادة الإنقاذ، التي بيتت النية السيئة، قبل ثلاثين عاماً، للنظام الديموقراطي، وهيأت الأجواء المناقضة للحرية والديمقراطية ، ورسمت الخطط الشريرة في الخفاء وكتبت بيان الإنقلاب بدهاء ماكر، وقامت بعمليات متعددة الأوجه والصفحات من أجل التغطية والتمويه، لضمان نجاح مؤامرتهم على الديمقراطية . . ! منها سفر علي الحاج للخارج قبل الإنقلاب بغرض التمويه والخداع، وذهاب الترابي للسجن بعد إذاعة البيان، وتواري علي عثمان محمد طه، بعد ذلك لاستكمال صفحات المؤامرة، وتسليم عمر البشير مفاتيح القصر الجمهوري ، بل تسليمه كل مفاتيح البلاد، معتقدين أن من جاءوا به سيطيعهم وينفذ لهم رغباتهم ويحقق لهم أشواقهم وأحلامهم، ويوفر لهم فرصة تاريخية ذهبية ليقفزوا فوق الأرض، وجاذبيتها، وسكانها، وأمراضها وعللها وعيوبها ونواقصها وشرورها ، ويصبحون سادة وقادة ومطهرين للأرض والنَّاس، يملؤن أرض السودان وفضائها، بالضجيج والصراخ ويخاطبون الشعب بلغة السماء، لان الشعب حسب تصورهم المريض مصاب بامراض لا عد ولا حصر لها، لذلك هُم مكلفون بإصلاح الخلل في بنيته ومعالجة العلل في روحه، لذلك جاءوا بعمر البشير ليسهل لهم مهمة الصعود الي السماء، لكن فات عليهم طبائع النفس البشرية. . !
وها هو من جاءوا به فزع، تحول إلى جوع، تناسلت منه أوجاع كثيرة لا عد ولا حصر لها ، أوجاع للوطن والشعب، والحريّة، والقيم والاخلاق والأفكار والتصورات ، والنساء والأطفال والشيوخ والشباب، بل أصبح وجعاً مؤرقاً لمن جاءوا به من الحضيض، من التراب، ووضعوه في فوق هامة الوطن والشعب. . !
فها هو الآن قد اصبح لهم آمراً وناهياً وساباً ولاعناً وقاهراً ، وباطشاً وقامعاً، ومهدداً ومتوعداً وجازماً ومصراً على الاحتفاظ بالسلطة إلى يوم الدين، وإنه لن يسلمها لمخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى. إنهم جاءوا بعمر البشير لكي يفتكوا به الشعب، وقد فتكوا بالشعب للحد الذي جعلهم يشعرون إنهم قد انتصروا وتفوقوا عليه وعلى كل أشكال معارضاته، ووصل بهم الغرور مرحلة، حتى راحوا يحفرون لبعضهم البعض، لكي يفتكوا ببعض البعض، من أجل حيازة المزيد من المال والجاه. . !
أن أفعالهم تقول انهم لا يهربون من احد بقدر هرّبهم من أمسهم التعيس تاريخهم البائس، بكل القسوة والتوحش وشهية والفتك والافتراس. . !
وها هو الطاغية يقول: لقادته، انا لم أعرف هذه الرذائل والمفاسد والتوحش من قبل، وإنما تعلمتها واكتسبتها منكم، لذلك اجازيكم بهذه الاظافر والأنياب، واسقيكم من ذات كأس الخيانة، الذي ذقيتم منه الشعب.
فالسؤال هو ، من ينقذ الإنقاذ من نفسها. . ؟ ! ! وأهلنا بيقولوا: التسوي كِريت في القرض تلقاه في الدباغ.
0 comments:
إرسال تعليق