المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً
مبادرة الشفافية السودانية
قرى العمال الزراعيين بمشروع الجزيرة(الكنابي): تهميش واهمالوعنصرية ة
مبادرة الشفافية السودانية
قرى العمال الزراعيين بمشروع الجزيرة(الكنابي): تهميش واهمالوعنصرية ة
2 أكتوبر 2018
بدأت نشأت قرى العمال الزراعيين التي تعرف ب (الكنابي)[1] بولاية الجزيرة عقب سقوط الدولة المهدية في العام 1899، والتضييق و المطاردة ، من قبل سلطات الاستعمار الإنجليزى ، على المجموعات السكانية التي هاجرت من غرب السودان مناصرة للثورة المهدية خاصة بمنطقة امدرمان، فانسحب الكثير منهم الى منطقة الجزيرة جنوب الخرطوم بعد أن قطع عليهم الجيش الانجليزي طريق العودة الى مناطقهم . هذا بالاضافة الى الهجرات اللاحقة لسكان الكنابي التي وفدت الى المنطقة عقب قيام مشروع الجزيرة في العام 1925 للعمل كعمال زراعيين لسد النقص في العمالة بالمشروع و الذي تقدر مساحته الحالية بـ 2 مليون و 200 ألف فدان ، حيث واجه المشروع منذ نشأته نقصـــــــاً حاداً في القوى العاملة، الامر الذي قاد سلطات الاحتلال الانجليزي الى استقدام عمالة من خارج الاقليم، لذا قدمت للمشروع بعض المجموعات القبلية من غرب افريقيا ، بالاضافة الى بعض المواطنين السودانيين المنحدرين من غرب السودان من اقليمي دارفور وكردفان. بينما قدمت المجموعة الثالثة الى الجزيرة في العام 1984م بسبب الجفاف والتصحر الذي ضرب مناطق غرب السودان آنذاك.
تُشيًد الكنابي على الأراضى الزراعية التي تقع في نهاية المساحات المزروعة، واحياناً يقتطع المزارع صاحب االحواشة ( الارض المخصصة لكل مزارع) جزء بسيط من ارضه يمنحها للعمال للسكن في مقابل الخدمة التى يقدمها العمال مثل عمليات تحضير الارض و الزراعة والحصاد والنظافة وغيرها و ذلك وفقاً لعلاقة انتاج محدده . لذلك نجد ان اغلب الكنابي تتواجد على اطراف القرى وحول قنوات الري ومصارف المياه .
شجعت السلطات الاستعمارية فى ذلك الوقت على إستخدام العمال الزراعيين الوافدين الى مشروع الجزيرة كعمالة موسمية لسد النقص في العمليات الزراعية التي لا يستطيع المزارع واسرته القيام بها، و عملت على تنظيم توزيعهم وتوطينهم في مجمعات سكنية بالقرب من القرى ورئاسات التفاتيش حتى يسهل على المفتش الزراعي الوصول اليهم عند الحوجة، وكانت ادارة المشروع تدفع مستحقاتهم المالية خصما على نصيب المزارع في علاقات الانتاج التي تربطه بادراة المشروع و الحكومة ، الامر الذي نتج عنه وجود ثلاثة انواع من الكنابي على النحو الاتي :
بدأت نشأت قرى العمال الزراعيين التي تعرف ب (الكنابي)[1] بولاية الجزيرة عقب سقوط الدولة المهدية في العام 1899، والتضييق و المطاردة ، من قبل سلطات الاستعمار الإنجليزى ، على المجموعات السكانية التي هاجرت من غرب السودان مناصرة للثورة المهدية خاصة بمنطقة امدرمان، فانسحب الكثير منهم الى منطقة الجزيرة جنوب الخرطوم بعد أن قطع عليهم الجيش الانجليزي طريق العودة الى مناطقهم . هذا بالاضافة الى الهجرات اللاحقة لسكان الكنابي التي وفدت الى المنطقة عقب قيام مشروع الجزيرة في العام 1925 للعمل كعمال زراعيين لسد النقص في العمالة بالمشروع و الذي تقدر مساحته الحالية بـ 2 مليون و 200 ألف فدان ، حيث واجه المشروع منذ نشأته نقصـــــــاً حاداً في القوى العاملة، الامر الذي قاد سلطات الاحتلال الانجليزي الى استقدام عمالة من خارج الاقليم، لذا قدمت للمشروع بعض المجموعات القبلية من غرب افريقيا ، بالاضافة الى بعض المواطنين السودانيين المنحدرين من غرب السودان من اقليمي دارفور وكردفان. بينما قدمت المجموعة الثالثة الى الجزيرة في العام 1984م بسبب الجفاف والتصحر الذي ضرب مناطق غرب السودان آنذاك.
تُشيًد الكنابي على الأراضى الزراعية التي تقع في نهاية المساحات المزروعة، واحياناً يقتطع المزارع صاحب االحواشة ( الارض المخصصة لكل مزارع) جزء بسيط من ارضه يمنحها للعمال للسكن في مقابل الخدمة التى يقدمها العمال مثل عمليات تحضير الارض و الزراعة والحصاد والنظافة وغيرها و ذلك وفقاً لعلاقة انتاج محدده . لذلك نجد ان اغلب الكنابي تتواجد على اطراف القرى وحول قنوات الري ومصارف المياه .
شجعت السلطات الاستعمارية فى ذلك الوقت على إستخدام العمال الزراعيين الوافدين الى مشروع الجزيرة كعمالة موسمية لسد النقص في العمليات الزراعية التي لا يستطيع المزارع واسرته القيام بها، و عملت على تنظيم توزيعهم وتوطينهم في مجمعات سكنية بالقرب من القرى ورئاسات التفاتيش حتى يسهل على المفتش الزراعي الوصول اليهم عند الحوجة، وكانت ادارة المشروع تدفع مستحقاتهم المالية خصما على نصيب المزارع في علاقات الانتاج التي تربطه بادراة المشروع و الحكومة ، الامر الذي نتج عنه وجود ثلاثة انواع من الكنابي على النحو الاتي :
- كنابي حول القرى
- كنابي حول مكاتب التفتيش
- كنابي حول تجمعات المياه.
تعاملت السلطات الحكومية و إدارة مشروع الجزيرة مع هذه الكنابى كمناطق سكن مؤقته للعمال الزراعين، يُهجر معظمها بنهاية الموسم الزراعى وذلك برجوع معظم العمال لمناطقهم الاصلية التى قدموا منها . هذه الوضعية المؤقته للسكن و الاقامة المعزولة عن القرى المجاورة انعكست سلبا على حياة العمال الزراعيين الاجتماعية والاقتصادية بالرغم من دورهم الكبير في عجلة الانتاج بمشروع الجزيرة، اذ ظلت تخيم على حياتهم العزلة التامة والفقر و إنعدام الخدمات، الامر الذي يعزى الى حد كبير الى السياسات الحكومية المتبعة وممارسة التمييز القائم علي اساس النوع والعرق والثقافة . و ترجع جزور الكنابى و السكن المؤقت للأسباب التالية :
1/ عدم تخطيط إدارة المشروع أو أي جهة إدارية أخرى لإيجاد سكن دائم لهؤلاء العمال.
2/ عدم رغبة العمال الزراعيين في ذلك الوقت في الإستقرار بمنطقة الجزيرة، وإنما كان يغلب على تفكيرهم فكرة العودة إلى مناطقهم الأصلية.
3/ حافظت الإدارة البريطانية والمزارعين على خيارات السكن المؤقت لأنها تضمن لهم مصدراً للعمل الرخيــــص، وتحررهم من مسؤلية إسكان هؤلاء العمال خاصة في فترات توقف أو غياب العمل الزراعي بالمشروع.
احصائيات عن عدد الكنابي بمشروع الجزيرة:
لا توجد احصائيات رسمية منشورة عن عدد الكنابي بمشروع الجزيرة وتعداد سكانها، ويعتقد الكثير من الناشطين والمهتمين بشان المشروع بأن هذه الاحصائيات متوفرة لدي الجهات الحكومية، ولكن تكتمت عليها وحجبتها عن النشر حتى لا يتم مواجهتها بالوضع المتردئ لهذه الكنابي ومقارنته بعددها وتعداد سكانها، والتقديرات المتوفرة عن عدد الكنابي بالمشروع هي تلك التي أجراها ونشرها مؤتمر الكنابي بحسب تصريحات الامين العام للمؤتمر جعفر محمدين والتي قدرتها بعدد (2095) كمبو، يقطنها حوالي (2.495.000) نسمة يمثلون نسبة (39%) من جملة سكان ولاية الجزيرة الذي وصل الى حوالي (5) مليون نسمة، بينما يبلغ عدد القرى الاخرى بالمشروع (1572) قرية ، الأمر الذي يشير الى مدى الانفجار السكاني الضخم في هذه الكنابي، و لقد صنفت ذات التقديرات سكان الكنابي على النحو الاتي : (التاما 65% - البرقو 25% - الارنقا 5% - قبائل دارفور الاخرى 5%)[2]
علاقات الانتاج بين المزارعين اصحاب الارض والعمال الزراعيين
كانت علاقة الانتاج التي تربط المزارعين اصحاب الارض والعمال الزراعيين في بداية العمل بالمشروع تقوم على اساس العمل بالاجرة فى مقابل القيام بالعمليات الزراعية (عمال يومية)، وكان العمال الزراعيين يسكنون في الأماكن التي يجدون فيها العمل ويستمرون في البقاء بذات المكان بقدر الفترة التي تسمح بانجاز العمل الزراعي المعين.
ثم تطورت علاقات الانتاج لاحقاً واصبحت شراكة بين الطرفين، يساهم فيها المزارع صاحب الارض بتوفيرالارض، بينما يلتزم العمال الزراعيين بكل العمليات الزراعية كزراعة المحاصيل ونظافة الحشائش والاشراف على عمليات الري وحصاد المحاصيل، و من ثم يتم تقاسم الارباح وفق نسبة يتفق عليها، والتي غالبا ما تكون مناصفة بين الطرفين، والجدير بالذكر بان الطرفين يتقاسمان تكلفة تحضير الارض والضرائب والرسوم المفروضة من الدولة.
ثم لاحقاً تطورت هذه العلاقة الى قيام العمال الزراعيين بتاجير الحواشات من اصحابها وزراعتها لمصلحتهم الخاصة وفق ما يعرف ب (الدوقنتي)، خاصة بعد تدهور المشروع خلال حقبة الانقاذ، وهجر الكثير من ملاك الارض بالمشروع للزراعة، وقيامهم بتاجير (حواشاتهم) الى العمال الزراعيين من سكان (الكنابي)، بل ان بعضهم قام ببيع الحواشات الى العمال الزراعيين فامتلك بذلك بعض العمال الزراعيين الحواشات بمشروع الجزيرة.
اثر طبيعة ملكية الارض بمشروع الجزيرة على قرى العمال الزراعيين بالمشروع:
من المعلوم ان جزء كبير من الاراضي التي انشأ عليها مشروع الجزيرة مملوكة ملكا حرا للعديد من المواطنين، حيث بلغت مساحة تلك الاراضي بمشروع الجزيرة وامتداد المناقل (980.000) فدان تمثل 40% من جملة مساحة المشروع البالغة (2.200.000)فدان، في حين بلغت مساحة الاراضي الحكومية (1.300.000) فدان تمثل 60% من جملة مساحة المشروع.
لجأت سلطات الاستعمار البريطاني الى استئجار الاراضي المملوكة ملكآ حرآ ، ايجاراً قسرياً من ملاكها و ضمها الى الاراضى الحكومية حتى تتمكن من أقامة المشروع دون ان تلجأ الى نزعها منهم، لتخوفها من ان يؤدى ذلك الإجراء الى ثورات واضطرابات من قبل الاهالي، بالاضافة الى تخوفها من فشل زراعة القطن، علاوة على التكلفة العالية للتعويضات المالية التي كانت ستدفعها لملاك الاراضي في حالة نزعها، وحُددت الاجرة بواقع عشرة قروش (ريال) للفدان الواحد، وعلى هذا الاساس صدر قانون اراضي مشروع الجزيرة لسنة 1927.
الجدير بالذكر بان عقد الايجار القسري لهذه الاراضي انتهى في مارس من العام 1967، وفشلت الحكومات المتعاقبة منذ ذلك التاريخ في معالجة قضية ملاك الاراضي بمشروع الجزيرة برغم اللجان العديدة التي انشات لذلك الغرض . ففي العام 1991 اوصت احدى اللجان برفع قيمة الايجار الى 25 جنيها الى الفدان، وفي العام 2003 اوصت لجنة اخرى بنزع اراضي الملك الحر من ملاكها مع وضع اعتبارات خاصة لتعويض ملاك تلك الاراضي، وفي العام 2005 صدر قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 الذي تضمن مادة خاصة بتلك الاراضي واوصى بتسجيل الحواشات باسماء المزارعين من اصحاب الملك الحر.
وبالرغم من مرور تسعة عقود على صدور قانون اراضي مشروع الجزيرة، ومضي اكثر من خمسة عقود على انتهاء عقد ايجار هذه الاراضي الا انه لم يتم اتخاذ اي اجراءات قانونية بشان تجديد هذا العقد او تعديله، كذلك برغم مرور (13) عاما على صدور قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 الا ان مشكلة ملاك الاراضي بالمشروع ازدادت تعقيدا، وهناك العديد من القضايا بشانها امام المحاكم و امام المحكمة الدستورية.
لا شك ان هذا الوضع المعقد ألقي بظلاله على اوضاع قرى العمال الزراعيين التي اقيم اغلبها كما اسلفناعلى هذه الاراضي، الامر الذي اثر سلبا على تطورها وتقنينها وتخطيطها . فلقد ظلت قضية سكان الكنابي لا تجد سوى التجاهل من الحكومات المتعاقبة بالسودان، بالاضافة الى انها لم تحظى باهتمام الباحثين والكتاب واجهزة الاعلام المختلفة و إتحادات المزارعين و المؤسسات النقابية المختلفة داخل وخارج المشروع، فحين تأسيس مشروع الجزيرة تجاهلت سلطات الاحتلال الانجليزي تمليك العمال الزراعيين الاراضي لانشاء القرى ، بل كانت تمنعهم من تشييد مساكنهم بالمواد الثابتة. وواصلت الحكومات الوطنية بعد الاستقلال في نفس سياسات تهميش العمال الزراعيين و كنابيهم، وتعاملت مع القضية وفقاً للمكاسب السياسية . فكان يتم تخطيط وتوفير الخدمات ببعض الكنابي في العهود الديمقراطية وفقاً لهذه المعطيات، فسكان الكنابي قوة انتخابية لا يستهان بها، و الكثير منهم كانوا ينتمون الى حزب الامة القومي وساهموا في اكتساحه الى بعض الدوائر الانتاخبية بالاقليم الاوسط في انتخابات العام 1986، وعلى صعيد آخر كان ايضا يتم حجب التخطيط وتوفير الخدمات عن الكنابي وفقا لذات المعطيات السياسية، كسباً لود قرى المزارعيين وملاك الاراضي بالمشروع . إلا أن الثابت أن نسبة الكنابي التي تم تخطيطها وتوفير الخدمات بها ضعيفة جدآ مقارنة بعددها الكلي بالمشروع، و لقد تركز مثل هذا الإجراء على بعض الكنابي التي تقع على اطراف القرى التى تم تخطيطها، على سبيل المثال كمبو قرية (ود سلفاب) بمحلية الحصاحيصا، او بعض الكنابي التي تحولت الى قرى بعد ان قام سكانها بشراء مساحة من الارض اقاموا عليها القرية، وتحملوا كافة نفقات التخطيط و إعادة البناء و توفير الخدمات من كهرباء ومياه وغيرها.
وخلال حقبة نظام الانقاذ، بذلت الحكومة الوعود بتوفير الخدمات والتخطيط بالكنابي لجذب سكانها الى صالحها و لضمان مشاركتهم في الحشد والإنتخابات، الا ان اغلبها كانت وعوداً كاذبة، حيث تم توفير بعض الخدمات لعدد محدود من الكنابي على سبيل المثال لا الحصر كنابي (جلسو – ملكال – طويل – شلن – 50 ام القرى – دار الفرح). وبعد اندلاع النزاع المسلح بدارفور انضم العديد من ابناء الكنابي للحركات المسلحة بدارفور، ووصل بعضهم الى مناصب قيادية عليا بهذه الحركات، بل ان حركة العدل والمساواة ضمنت بملفها التفاوضي بابوجا قضية الكنابي وحقوق سكانها، الامر الذي استبعده الاتحاد الافريقي وحصر التفاوض في اقليم دارفور الجغرافي، الامر الذي قاد الحكومة الى الربط بين بعض الكنابي والحركات المسلحة، و من ثم تم حجب الخدمات والتخطيط عنها، بالاضافة الى تعرضها للمداهمة والتفتيش من قبل الاجهزة الامنية.
ظلت اغلبية الكنابي منذ انشائها وحتى الان تفتقر لخدمات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء، وتعتمد على الخدمات المتوفرة بقري المشروع المجاورة لها، حيث ظل ابنائهم يلتحقون بمدارس تلك القرى، ويتلقون خدماتهم الصحية بالمرافق الصحية المتوفرة بها، اما المياه فاغلبية هذه القرى تعتمد على آبار المضخات اليدوية (الكرجاكات) التي انشأتها المنظمات التطوعية كمشروع العون الايرلندي، والقرى القليلة التي تتوفر فيها آبار المضخات الميكانيكية لا توجد بها شبكات لتوزيع المياه، وتتوفر المياه عبر منفذ واحد عند المضخة يصطف عنده السكان للحصول على المياه . اما خدمات الكهرباء فظلت حصرا على قرى المشروع دون قرى العمال الزراعيين(الكنابي)، فأغلبيتها غارقة في الظلام في الوقت الذي تعبر فوقها شبكات توصيل التيار الكهربائي لانارة قرى المشروع الاخرى، فعلى سبيل المثال وكما ورد بسلسلة مقالات الاستاذ عبد العزيز سام فان قرية (ود المنسي) التي تتكون من (200) منزل توجد بها اربعة آبار للمياه، بينما تنعدم آبار المياه بالكمبو المجاور للقرية الذي يحتوي على (250) منزل، وفي ذات المقالات صرح احد مواطني قرية (ام شديدة) غرب المناقل بان هناك (كرجاكة) واحدة للمياه مخصصة لكل (1000) شخص.[3]
العلاقة بين سكان القرى بمشروع الجزيرة وسكان الكنابي:
العلاقة بين سكان قري مشروع الجزيرة وسكان الكنابى من العمال الزراعيين ليست ذات وتيرة ثابتة، ففي ذات الوقت الذي يتوفر فيه التعايش السلمي بينهم و يوافق فيه سكان تلك القرى على تقديم الخدمات التعليمية والصحية لسكان قرى العمال الزراعيين (الكنابي)، و تمتد أواصر التواصل الاجتماعي بينهم، الا انه في جانب آخر نجد حالات صدام بين سكان بعض القرى وسكان الكنابي، بسبب رفضهم قيام هذه الكنابي على اراضي مملوكة ومسجلة باسم بعض المواطنين او بسبب الضغط على الخدمات المتوفرة بتلك القرى، كالاحداث التي شهدتها على سبيل المثال منطقتي (وادي شعير) و(محمد زين) في السابق، ووصلت حدة التوتر في بعض الاحيان الى حد اضرام النيران في بعض قرى العمال الزراعيينكما حدث في كمبو (أفطس) بمحلية الحصاحيصا في ابريل 2018، عندما نشب صراع بين قريتين حول ارض تابعة لمشروع الجزيرة حسمته المحكمة لصالح احدى القرى، ليتم بعدها اتهام اهالي كمبو افطس بانهم غير سودانيين والمطالبة بترحيلهم من المنطقة، والاستعانة بالشرطة التي قامت باضرام النيران بالقرية، الجدير بالذكر بان السلطات الحكومية ظلت تتقاعس في استخراج الوثائق الشخصية للعديد من سكان الكنابي بدعوى انهم غير سودانيين.
وتتصاعد عادة حدة التوتر بين سكان قرى المشروع والعمال الزراعيين عند رفض سكان بعض القرى لاسباب عنصرية قيام سكان الكنابي بشراء المنازل المهجورة ببعض قرى المشروع التي غادرها سكانها الى المدن بعد التدهور الكبير الذي حل بمشروع الجزيرة، حيث يصل الامر فى بعض الحالات الى جمع المالمن سكان القرية وإعطاءه لصاحب المنزل المعنى للحيلولة دون اتمام عملية البيع .
كما أن التدهور الذي حل بالمشروعوما صاحبه من انهيار في العلاقات الانتاجية دفع بالعديد من العمال الزراعيين من سكان الكنابي الى ترك العمل بالزراعة والاتجاه الى العمل في المدن بنشاطات إقتصادية مختلفة كالتجارة او العمل بالتعدين الاهلي للذهب ، حيث صارت هذه العمالة تشكل بحسب احصائيات مؤتمر الكنابي حوالي (70%) من العاملين بالتعدين الاهلي للذهب بالسودان.
مشروع السكن الاضطراري ونهب اموال سكان الكنابي
اعتمدت حكومة ولاية الجزيرة مشروع السكن الاضراري الذي كان يهدف الى تجميع الكنابي في قرى نموذجية تتوفر بها كل الخدمات الضرورية، وكونت لذلك المشروع (مفوضية السكن الاضطراري)، إلا ان هذا المشروع يعاب عليه بانه ينطلق من إفتراضات أثنية، وانتهى بنهب اموال سكان الكنابي دون وضع حد لمعاناتهم، حيث قامت السلطات الحكومية باجهاض المشروع واغلاق مكاتب المفوضية وضمها الى مكاتب الاراضي بالمحليات، بعد ان قامت المفوضية بجمع مبالغ طائلة من رسوم الاستمارات التي تم توزيعها على سكان الكنابي، وتبخر المشروع الذي علاوة على فشله، وصف بانه كان يحمل أبعادآ عنصرية في تسميته، ولا يهدف الى دمج سكان الكنابي في المجتمع المحلي.
قادت هذه المعاناة والاوضاع المتردية سكان الكنابي الى تكوين تنظيمات مطلبية مختلفة، والتي تجمعت فيما يعرف بمؤتمر الكنابي الذي تشًكل بالقاهرة في مارس من العام 2013 للمطالبة بحقوق ابناء الكنابي السياسية والاجتماعية والإقتصادية ولوضع حد لحالة التهميش التي يعانون منها. الجدير بالذكر بان السلطات الحكومية تمنع قيام كيانات تمثل ابناء الكنابي، بينما تسمح في ذات الوقت بقيام كيانات قبلية داخل هذه الكنابى ( كرابطة ابناء التاما) و(رابطة ابناء الزغاوة) وغيرها من الكيانات القبلية، الامر الذي فسر بانه يهدف الى تشتيت مجتمع الكنابي.
1/ عدم تخطيط إدارة المشروع أو أي جهة إدارية أخرى لإيجاد سكن دائم لهؤلاء العمال.
2/ عدم رغبة العمال الزراعيين في ذلك الوقت في الإستقرار بمنطقة الجزيرة، وإنما كان يغلب على تفكيرهم فكرة العودة إلى مناطقهم الأصلية.
3/ حافظت الإدارة البريطانية والمزارعين على خيارات السكن المؤقت لأنها تضمن لهم مصدراً للعمل الرخيــــص، وتحررهم من مسؤلية إسكان هؤلاء العمال خاصة في فترات توقف أو غياب العمل الزراعي بالمشروع.
احصائيات عن عدد الكنابي بمشروع الجزيرة:
لا توجد احصائيات رسمية منشورة عن عدد الكنابي بمشروع الجزيرة وتعداد سكانها، ويعتقد الكثير من الناشطين والمهتمين بشان المشروع بأن هذه الاحصائيات متوفرة لدي الجهات الحكومية، ولكن تكتمت عليها وحجبتها عن النشر حتى لا يتم مواجهتها بالوضع المتردئ لهذه الكنابي ومقارنته بعددها وتعداد سكانها، والتقديرات المتوفرة عن عدد الكنابي بالمشروع هي تلك التي أجراها ونشرها مؤتمر الكنابي بحسب تصريحات الامين العام للمؤتمر جعفر محمدين والتي قدرتها بعدد (2095) كمبو، يقطنها حوالي (2.495.000) نسمة يمثلون نسبة (39%) من جملة سكان ولاية الجزيرة الذي وصل الى حوالي (5) مليون نسمة، بينما يبلغ عدد القرى الاخرى بالمشروع (1572) قرية ، الأمر الذي يشير الى مدى الانفجار السكاني الضخم في هذه الكنابي، و لقد صنفت ذات التقديرات سكان الكنابي على النحو الاتي : (التاما 65% - البرقو 25% - الارنقا 5% - قبائل دارفور الاخرى 5%)[2]
علاقات الانتاج بين المزارعين اصحاب الارض والعمال الزراعيين
كانت علاقة الانتاج التي تربط المزارعين اصحاب الارض والعمال الزراعيين في بداية العمل بالمشروع تقوم على اساس العمل بالاجرة فى مقابل القيام بالعمليات الزراعية (عمال يومية)، وكان العمال الزراعيين يسكنون في الأماكن التي يجدون فيها العمل ويستمرون في البقاء بذات المكان بقدر الفترة التي تسمح بانجاز العمل الزراعي المعين.
ثم تطورت علاقات الانتاج لاحقاً واصبحت شراكة بين الطرفين، يساهم فيها المزارع صاحب الارض بتوفيرالارض، بينما يلتزم العمال الزراعيين بكل العمليات الزراعية كزراعة المحاصيل ونظافة الحشائش والاشراف على عمليات الري وحصاد المحاصيل، و من ثم يتم تقاسم الارباح وفق نسبة يتفق عليها، والتي غالبا ما تكون مناصفة بين الطرفين، والجدير بالذكر بان الطرفين يتقاسمان تكلفة تحضير الارض والضرائب والرسوم المفروضة من الدولة.
ثم لاحقاً تطورت هذه العلاقة الى قيام العمال الزراعيين بتاجير الحواشات من اصحابها وزراعتها لمصلحتهم الخاصة وفق ما يعرف ب (الدوقنتي)، خاصة بعد تدهور المشروع خلال حقبة الانقاذ، وهجر الكثير من ملاك الارض بالمشروع للزراعة، وقيامهم بتاجير (حواشاتهم) الى العمال الزراعيين من سكان (الكنابي)، بل ان بعضهم قام ببيع الحواشات الى العمال الزراعيين فامتلك بذلك بعض العمال الزراعيين الحواشات بمشروع الجزيرة.
اثر طبيعة ملكية الارض بمشروع الجزيرة على قرى العمال الزراعيين بالمشروع:
من المعلوم ان جزء كبير من الاراضي التي انشأ عليها مشروع الجزيرة مملوكة ملكا حرا للعديد من المواطنين، حيث بلغت مساحة تلك الاراضي بمشروع الجزيرة وامتداد المناقل (980.000) فدان تمثل 40% من جملة مساحة المشروع البالغة (2.200.000)فدان، في حين بلغت مساحة الاراضي الحكومية (1.300.000) فدان تمثل 60% من جملة مساحة المشروع.
لجأت سلطات الاستعمار البريطاني الى استئجار الاراضي المملوكة ملكآ حرآ ، ايجاراً قسرياً من ملاكها و ضمها الى الاراضى الحكومية حتى تتمكن من أقامة المشروع دون ان تلجأ الى نزعها منهم، لتخوفها من ان يؤدى ذلك الإجراء الى ثورات واضطرابات من قبل الاهالي، بالاضافة الى تخوفها من فشل زراعة القطن، علاوة على التكلفة العالية للتعويضات المالية التي كانت ستدفعها لملاك الاراضي في حالة نزعها، وحُددت الاجرة بواقع عشرة قروش (ريال) للفدان الواحد، وعلى هذا الاساس صدر قانون اراضي مشروع الجزيرة لسنة 1927.
الجدير بالذكر بان عقد الايجار القسري لهذه الاراضي انتهى في مارس من العام 1967، وفشلت الحكومات المتعاقبة منذ ذلك التاريخ في معالجة قضية ملاك الاراضي بمشروع الجزيرة برغم اللجان العديدة التي انشات لذلك الغرض . ففي العام 1991 اوصت احدى اللجان برفع قيمة الايجار الى 25 جنيها الى الفدان، وفي العام 2003 اوصت لجنة اخرى بنزع اراضي الملك الحر من ملاكها مع وضع اعتبارات خاصة لتعويض ملاك تلك الاراضي، وفي العام 2005 صدر قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 الذي تضمن مادة خاصة بتلك الاراضي واوصى بتسجيل الحواشات باسماء المزارعين من اصحاب الملك الحر.
وبالرغم من مرور تسعة عقود على صدور قانون اراضي مشروع الجزيرة، ومضي اكثر من خمسة عقود على انتهاء عقد ايجار هذه الاراضي الا انه لم يتم اتخاذ اي اجراءات قانونية بشان تجديد هذا العقد او تعديله، كذلك برغم مرور (13) عاما على صدور قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 الا ان مشكلة ملاك الاراضي بالمشروع ازدادت تعقيدا، وهناك العديد من القضايا بشانها امام المحاكم و امام المحكمة الدستورية.
لا شك ان هذا الوضع المعقد ألقي بظلاله على اوضاع قرى العمال الزراعيين التي اقيم اغلبها كما اسلفناعلى هذه الاراضي، الامر الذي اثر سلبا على تطورها وتقنينها وتخطيطها . فلقد ظلت قضية سكان الكنابي لا تجد سوى التجاهل من الحكومات المتعاقبة بالسودان، بالاضافة الى انها لم تحظى باهتمام الباحثين والكتاب واجهزة الاعلام المختلفة و إتحادات المزارعين و المؤسسات النقابية المختلفة داخل وخارج المشروع، فحين تأسيس مشروع الجزيرة تجاهلت سلطات الاحتلال الانجليزي تمليك العمال الزراعيين الاراضي لانشاء القرى ، بل كانت تمنعهم من تشييد مساكنهم بالمواد الثابتة. وواصلت الحكومات الوطنية بعد الاستقلال في نفس سياسات تهميش العمال الزراعيين و كنابيهم، وتعاملت مع القضية وفقاً للمكاسب السياسية . فكان يتم تخطيط وتوفير الخدمات ببعض الكنابي في العهود الديمقراطية وفقاً لهذه المعطيات، فسكان الكنابي قوة انتخابية لا يستهان بها، و الكثير منهم كانوا ينتمون الى حزب الامة القومي وساهموا في اكتساحه الى بعض الدوائر الانتاخبية بالاقليم الاوسط في انتخابات العام 1986، وعلى صعيد آخر كان ايضا يتم حجب التخطيط وتوفير الخدمات عن الكنابي وفقا لذات المعطيات السياسية، كسباً لود قرى المزارعيين وملاك الاراضي بالمشروع . إلا أن الثابت أن نسبة الكنابي التي تم تخطيطها وتوفير الخدمات بها ضعيفة جدآ مقارنة بعددها الكلي بالمشروع، و لقد تركز مثل هذا الإجراء على بعض الكنابي التي تقع على اطراف القرى التى تم تخطيطها، على سبيل المثال كمبو قرية (ود سلفاب) بمحلية الحصاحيصا، او بعض الكنابي التي تحولت الى قرى بعد ان قام سكانها بشراء مساحة من الارض اقاموا عليها القرية، وتحملوا كافة نفقات التخطيط و إعادة البناء و توفير الخدمات من كهرباء ومياه وغيرها.
وخلال حقبة نظام الانقاذ، بذلت الحكومة الوعود بتوفير الخدمات والتخطيط بالكنابي لجذب سكانها الى صالحها و لضمان مشاركتهم في الحشد والإنتخابات، الا ان اغلبها كانت وعوداً كاذبة، حيث تم توفير بعض الخدمات لعدد محدود من الكنابي على سبيل المثال لا الحصر كنابي (جلسو – ملكال – طويل – شلن – 50 ام القرى – دار الفرح). وبعد اندلاع النزاع المسلح بدارفور انضم العديد من ابناء الكنابي للحركات المسلحة بدارفور، ووصل بعضهم الى مناصب قيادية عليا بهذه الحركات، بل ان حركة العدل والمساواة ضمنت بملفها التفاوضي بابوجا قضية الكنابي وحقوق سكانها، الامر الذي استبعده الاتحاد الافريقي وحصر التفاوض في اقليم دارفور الجغرافي، الامر الذي قاد الحكومة الى الربط بين بعض الكنابي والحركات المسلحة، و من ثم تم حجب الخدمات والتخطيط عنها، بالاضافة الى تعرضها للمداهمة والتفتيش من قبل الاجهزة الامنية.
ظلت اغلبية الكنابي منذ انشائها وحتى الان تفتقر لخدمات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء، وتعتمد على الخدمات المتوفرة بقري المشروع المجاورة لها، حيث ظل ابنائهم يلتحقون بمدارس تلك القرى، ويتلقون خدماتهم الصحية بالمرافق الصحية المتوفرة بها، اما المياه فاغلبية هذه القرى تعتمد على آبار المضخات اليدوية (الكرجاكات) التي انشأتها المنظمات التطوعية كمشروع العون الايرلندي، والقرى القليلة التي تتوفر فيها آبار المضخات الميكانيكية لا توجد بها شبكات لتوزيع المياه، وتتوفر المياه عبر منفذ واحد عند المضخة يصطف عنده السكان للحصول على المياه . اما خدمات الكهرباء فظلت حصرا على قرى المشروع دون قرى العمال الزراعيين(الكنابي)، فأغلبيتها غارقة في الظلام في الوقت الذي تعبر فوقها شبكات توصيل التيار الكهربائي لانارة قرى المشروع الاخرى، فعلى سبيل المثال وكما ورد بسلسلة مقالات الاستاذ عبد العزيز سام فان قرية (ود المنسي) التي تتكون من (200) منزل توجد بها اربعة آبار للمياه، بينما تنعدم آبار المياه بالكمبو المجاور للقرية الذي يحتوي على (250) منزل، وفي ذات المقالات صرح احد مواطني قرية (ام شديدة) غرب المناقل بان هناك (كرجاكة) واحدة للمياه مخصصة لكل (1000) شخص.[3]
العلاقة بين سكان القرى بمشروع الجزيرة وسكان الكنابي:
العلاقة بين سكان قري مشروع الجزيرة وسكان الكنابى من العمال الزراعيين ليست ذات وتيرة ثابتة، ففي ذات الوقت الذي يتوفر فيه التعايش السلمي بينهم و يوافق فيه سكان تلك القرى على تقديم الخدمات التعليمية والصحية لسكان قرى العمال الزراعيين (الكنابي)، و تمتد أواصر التواصل الاجتماعي بينهم، الا انه في جانب آخر نجد حالات صدام بين سكان بعض القرى وسكان الكنابي، بسبب رفضهم قيام هذه الكنابي على اراضي مملوكة ومسجلة باسم بعض المواطنين او بسبب الضغط على الخدمات المتوفرة بتلك القرى، كالاحداث التي شهدتها على سبيل المثال منطقتي (وادي شعير) و(محمد زين) في السابق، ووصلت حدة التوتر في بعض الاحيان الى حد اضرام النيران في بعض قرى العمال الزراعيينكما حدث في كمبو (أفطس) بمحلية الحصاحيصا في ابريل 2018، عندما نشب صراع بين قريتين حول ارض تابعة لمشروع الجزيرة حسمته المحكمة لصالح احدى القرى، ليتم بعدها اتهام اهالي كمبو افطس بانهم غير سودانيين والمطالبة بترحيلهم من المنطقة، والاستعانة بالشرطة التي قامت باضرام النيران بالقرية، الجدير بالذكر بان السلطات الحكومية ظلت تتقاعس في استخراج الوثائق الشخصية للعديد من سكان الكنابي بدعوى انهم غير سودانيين.
وتتصاعد عادة حدة التوتر بين سكان قرى المشروع والعمال الزراعيين عند رفض سكان بعض القرى لاسباب عنصرية قيام سكان الكنابي بشراء المنازل المهجورة ببعض قرى المشروع التي غادرها سكانها الى المدن بعد التدهور الكبير الذي حل بمشروع الجزيرة، حيث يصل الامر فى بعض الحالات الى جمع المالمن سكان القرية وإعطاءه لصاحب المنزل المعنى للحيلولة دون اتمام عملية البيع .
كما أن التدهور الذي حل بالمشروعوما صاحبه من انهيار في العلاقات الانتاجية دفع بالعديد من العمال الزراعيين من سكان الكنابي الى ترك العمل بالزراعة والاتجاه الى العمل في المدن بنشاطات إقتصادية مختلفة كالتجارة او العمل بالتعدين الاهلي للذهب ، حيث صارت هذه العمالة تشكل بحسب احصائيات مؤتمر الكنابي حوالي (70%) من العاملين بالتعدين الاهلي للذهب بالسودان.
مشروع السكن الاضطراري ونهب اموال سكان الكنابي
اعتمدت حكومة ولاية الجزيرة مشروع السكن الاضراري الذي كان يهدف الى تجميع الكنابي في قرى نموذجية تتوفر بها كل الخدمات الضرورية، وكونت لذلك المشروع (مفوضية السكن الاضطراري)، إلا ان هذا المشروع يعاب عليه بانه ينطلق من إفتراضات أثنية، وانتهى بنهب اموال سكان الكنابي دون وضع حد لمعاناتهم، حيث قامت السلطات الحكومية باجهاض المشروع واغلاق مكاتب المفوضية وضمها الى مكاتب الاراضي بالمحليات، بعد ان قامت المفوضية بجمع مبالغ طائلة من رسوم الاستمارات التي تم توزيعها على سكان الكنابي، وتبخر المشروع الذي علاوة على فشله، وصف بانه كان يحمل أبعادآ عنصرية في تسميته، ولا يهدف الى دمج سكان الكنابي في المجتمع المحلي.
قادت هذه المعاناة والاوضاع المتردية سكان الكنابي الى تكوين تنظيمات مطلبية مختلفة، والتي تجمعت فيما يعرف بمؤتمر الكنابي الذي تشًكل بالقاهرة في مارس من العام 2013 للمطالبة بحقوق ابناء الكنابي السياسية والاجتماعية والإقتصادية ولوضع حد لحالة التهميش التي يعانون منها. الجدير بالذكر بان السلطات الحكومية تمنع قيام كيانات تمثل ابناء الكنابي، بينما تسمح في ذات الوقت بقيام كيانات قبلية داخل هذه الكنابى ( كرابطة ابناء التاما) و(رابطة ابناء الزغاوة) وغيرها من الكيانات القبلية، الامر الذي فسر بانه يهدف الى تشتيت مجتمع الكنابي.
التوصيات بشان الحلول العملية لمشكلة الكنابي بالسودان
هذه التوصيات عبر عنها مؤتمر الكنابي الذي انعقد بالقاهرة في العام 2013 كما اسلفنا، بالاضافة الى الورقة التي قدمها شباب ولاية الجزيرة في مؤتمر الحوار الشبابي الذي نظمه مركز الايام للدراسات الثقافية والتنمية بالتعاون مع السفارة الهولندية والتى كانت تحمل عنوان (الاقصاء الاجتماعي الكنابي نموذجاً)[4] وجاءت تلك التوصيات على النحو الاتي:
هذه التوصيات عبر عنها مؤتمر الكنابي الذي انعقد بالقاهرة في العام 2013 كما اسلفنا، بالاضافة الى الورقة التي قدمها شباب ولاية الجزيرة في مؤتمر الحوار الشبابي الذي نظمه مركز الايام للدراسات الثقافية والتنمية بالتعاون مع السفارة الهولندية والتى كانت تحمل عنوان (الاقصاء الاجتماعي الكنابي نموذجاً)[4] وجاءت تلك التوصيات على النحو الاتي:
- ضرورة تخطيط الكنابي لتصبح قرى تتوفر فيها مقومات الحياة من مياه وكهرباء ومدارس ومراكز صحية.
- ضرورة المشاركة في كافة الفعاليات وابراز قضية الكنابي كقضية راي عام .
- الاعتراف بان سكان الكنابي جزء من النسيج الاجتماعي بالولاية وتعتبر قوة اقتصادية داعمة للاقتصاد الوطني، وضرورة تسهيل حصولهم على الوثائق الثبوتية التي تثبت بانهم مواطنين سودانيين.
- ضرورة اجراء مسح ميداني للكنابي بمشروع الجزيرة.
- اعادة توزيع الكنابي ذات المساحات الصغيرة على الكنابي ذات المساحات الكبيرة.
- انشاء مكتب مختص بشئون الكنابي في كل محلية.
- تعيين لجنة بكل كمبو تكون مسئولة مسئولية مباشرة عن عملية حصر الكنابي.
- دمج الكنابي في المجتمع المحلي منعا للخلافات والاحتكاكات مع اهالي القرى بالمشروع، والغاء التمييز الواقع بين اهالي الكنابي والقرى.
- اشراك ابناء الكنابي في السلطة التشريعية والتنفيذية والمشاركة في العملية السياسية بالبلاد، والاعتراف بان الكنابي كقوة اجتماعية لا يستهان بها وأصواتهم الانتخابية لها قيمتها.
- السماح لسكان الكنابي بتكوين الروابط والنقابات والجمعيات التي تمثلهم.
0 comments:
إرسال تعليق