لكى لا ننسى: الكيزان ضيعوا حق الوطن قبل حق المواطن


عثمان نواي
بينما ينتشر بسرعة هاشتاج " يسقط بس"، الذى يعبر فيه الناس عن أسباب حنقهم على النظام ويعددون الأسباب التى تجعل المطالبة بسقوطه أمرا مشروعا، فإنه من الملاحظ ان التجارب الشخصية الأليمة والأزمات التى يعانى منها كل فرد سودانى مهما كان وضعه الاجتماعى او حتى الاقتصادى هى فى قلب الأسباب التي تم سردها. هموم السودان الوطن والأرض كانت حاضرة أيضا، من حروب وتقسيم لأرض الوطن وتبديد موارد الدولة وغيرها، كاسباب أيضا جرى ذكرها كثيرا. ومن الجدير بالذكر أن هذه الشخصنة لأسباب الثروة هى باعث قوى على الثقة في احتمالات وصولها غاياتها، حيث ان كل شخص أصبح له ثأره الخاص الذى يدفعه بشكل فردى لتغيير هذا النظام. وربما الدور المنوط بالحراك الحالى هو توحيد هذه الدوافع الفردية لتتحول الى فعل جماعى مؤثر، وهذا ما بدأ يتخلق فعليا على الأرض.
لكن من المهم ان ننتبه الى ان الكيزان قد اضروا بالسودان الوطن بقدر كبير، لدرجة ربما لا يتصورها البعض. وان الانشغال الكامل للسودانيين بمعاناتهم الشخصية لكسب القوت والنجاة اليومية، ربما جعل هذا الجانب غائبا عن الكثيرين رغم انهم جميعا يشعرون به بشكل فردي كل يوم ولكن كل من زاويته. فالكيزان ليسوا أبدا حكام للدولة السودانية، وليس لهم اى حس وطنى ولا اى أهداف وطنية، بل هم فى الحقيقة ليسوا سوى شركة أعمال تقوم على استثمار كل موارد وشعب السودان وأراضي البلاد وسيادتها وعلمها ومؤسساتها والدولة ككل لخدمة جيوبهم الشخصية وملء بطونهم وذلك استنادا على فكر الإخوان المسلمين الذى لايرى حسب سيد قطب فى الانتماء للوطن سوى تكتيك مرحلة لبلوغ الدولة الإسلامية او الخلافة التى بها يحلمون. وعليه فإن شركة الكيزان قد خصخصت مؤسسات الدولة بأكملها، واصبحت الدولة السودانية مجرد جزء من شركتهم القابضة للاستثمار. بما فى ذلك مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء وغيرها من الأجهزة الحكومية السيادية التى يفترض بها ان تمثل أركان الدولة. عليه فإنه كل موظفى هذه المؤسسات هم موظفين في شركة الكيزان الخاصة، ولائهم لا يتعلق بالوطن، بل فقط بالمرتبات والعلاوات، لذلك فإن زيادة التعويل على هذه المؤسسات على انها تمثل الدولة هو رهان خاطئ. هذا لا يعني ان الأفراد العاملين ليس داخلهم شعور وطنى قد يدفعهم الى اتخاذ مواقف وطنية قوية، لكن المؤسسات ككل، لا يمكن أبدا التعويل عليها بعد ان خصخصها الكيزان.
بالنتيجة فان خسارة الوطن لمؤسسات الدولة هو جانب واحد فقط من أزمات وكوارث هذا النظام. على سبيل المثال الوضع السيادي للحدود السودانية التى هى مفتوحة وغير محمية وتتعرض لانتهاكات مستمرة من قبل دول الجوار مما يجعل خارطة السودان نفسها غير محددة بسبب هذا الوضع الحدودي الغير مستقر فى كل الاتجاهات. هذا لأن الجيش السوداني أكثر انشغالا بمحاربة المواطنين من حماية حدود الوطن. فى ذات الاتجاه نجد الاستثمارات الخارجية خاصة فى مجالات التعدين والزراعة أكثر الموارد أهمية في العالم، نجد ان الشركة الكيزانية إنما تبيع الأرض بما فوقها وتحتها للخليج والصين وروسيا وبينما تفعل ذلك هاهم جميعا المستفيدين من شركة الكيزان من العملاء ال VIP جميعهم يقفون ضد مصلحة السودانيين وفى حماية مصالحهم فى بقاء السمسار البشير. هذا بالطبع مع هدر كرامة الشعب السوداني عبر المشاركة في حرب اليمن التى اوصلت ثلث الشعب هناك الى مجاعة كاملة، وخسارة السودانيين لأحد أكثر الشعوب العربية تقديرا للسودانيين عبر علاقات تاريخية طويلة.
ولذلك فإن الذى سيجعل الثورة الحالية واضحة الأهداف والدوافع والغايات، هو استصحاب الوعى بهذا الحساب الثقيل للكيزان في تدمير الوطن، وكذلك تدمير المواطن في نفس الوقت وفرصه في العيش الكريم حتى نسترجع الوطن الذى يسمح لكل واحد منا ان يكون مواطنا مكرما فى موطنه.
#تسقط_بس
nawayosman@gmail.com

Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق