دماء الشهداء توحدنا : الشعب السوداني يجهض مؤامرات التفرقة العنصرية


بقلم عثمان نواى
ان الأوضاع التى أجبرت الشعب السوداني على الخروج منذ ١٩ ديسمبر توضح ان خيارات هذا الشعب أصبحت واضحة وواعية. وان كل أساليب الترهيب والتخويف من سيناريوهات التخريب واللعب على وتر العنصرية والتخويف من الحركات المسلحة، ومن الصوملة ومصير سوريا وغيرها، ان كل هذا لن يؤدي إلى إرجاع الحشود من الشارع. فالذين خرجوا بداية من أولئك فى شمال ووسط السودان، لم يعودوا يبحثون في من يقودهم ان يكون من أصحاب اللحى ودعاة التدين، ولم يعودوا يعبئون بما إذا كان من سيقود البلاد وهذا الشعب نحو حياة كريمة من الذين يقلبون العين الى الف ممن ليست العربية لغتهم الام ام لا. لأن الذين خرجوا من عطبرة الى بربر الى الدامر ودنقلا وكريمة والقضارف، وغيرها، وضربوا بالرصاص الحى يعلمون جيدا من الذى اطلق عليهم الرصاص. انهم ذات مدعى التدين والحاكمين باسم الاسلام والقرابة من بيت النبى، هم أنفسهم الذىن أطلقوا النار على المتظاهرين السلميين. اذن من يقتلون الناس ليسوا ابدا قادمين من الاحراش ولا الادغال ولاوحتى من يأمرهم، كما يحاول الكيزان تصوير الأمر، كما ان المتظاهرين يعلمون جيدا من خطط للتظاهرات من بينهم ومن يقودها.
و ناهيك عن القتل بالرصاص، ان القتل بالجوع والمرض طوال سنوات، قد صنع وعيا مختلفا فى الشعب السوداني. فالشعب باحث عن من يحسن إدارة الدولة ويؤمن للناس الحياة الكريمة والحقوق المتساوية وينهى الفساد ويجدد روح الأمل، فلن يهمهم الأصل والفصل بل القدرة والمصداقية . اى كان سحنة ولون ودين هذا او هؤلاء الذين سيسمح لهم الشعب بتولى الأمور ويختارهم.ظ، فإن الشروط القديمة التى يفترض النظام العنصرى انها شروط قيادة التغيير في السودان لم تعد فاعلة. الشعب السوداني الان قد جرب المشايخ جميعا والمتدينين وفصحاء العربية وما انابه من حكمهم وقيادتهم للبلاد والعباد الا الدمار والجوع والظلم، وهذا الطريق الثورى الذى يتم حفره بدماء اليافعين من المتظاهرين السلميين لن يسمح بأن تكون نهايته تلك اللحى والعمائم والخطابات الرنانة الكاذبة من قبيل "لا لدنيا قد عملنا" و "هى لله لا للسلطة ولا للجاه" فقد اتضح انها لم تكن ابدا لله وأنها فقط للسلطة والجاه التى أنست الكيزان حتى أهلهم فى مناطقهم الأصلية فكانوا اول من ثار عليهم.
ان خطوط التفرقة بين السودانيين يمكن ان يمحوها الدم الذى سال ويسيل فى كل مكان في السودان . وإذا كانت النخب عاجزة عن صناعة كتلة تاريخية واعية تمحو فواصل الاثنية والعنصرية والنزاعات، فإن الشارع الذى ينتفض الان ملتحقا بثورات طال زمنها في مناطق النزاعات فى السودان، إنما يبدأ برسم الطريق نحو شكل جديد من التقدم نحو تحقيق سودان أكثر اتساقا مع واقعه وتركيبه الاجتماعي الاثنى المتنوع . ان بالترهيب والإرهاب ومحاولة تصوير ما يجرى من تظاهرات على أنه مؤامرة من المقاومة المسلحة، ومن سموهم بالمندسين إنما هى سيناريوهات التفرقة التى يسعى النظام لاستخدامها. ولكنه ينسي انه يتعامل مع اى أجيال واى شعب. ان الشباب الذى خرج وبقية الشعب السوداني الذي يعبر عن غضبه كل يوم لم يعد يرى عدوا للسودان وشعبه غير تنظيم الإخوان المسلمين وحزبه الحاكم، ولذلك كانت البداية بحرق دور المؤتمر الوطني رسالة وعى واضحة بالهدف من هذا الحراك. انه حرق مرحلة كاملة من تاريخ السودان كانت تفرض على هذا الشعب حكام متلبسين باسم الدين. وآخرين من خلفهم يدّعون المعارضة ولكنهم تجار دين من أمثال المهدي، والذين حتى بعد الانتفاضات يشغلون الناس بنقاشات الدستور الإسلامي كما حدث بعد ثورة أكتوبر ويعجزون ويتجابنون عن إنهاء قوانين الشريعة التى كانت وبالا على السودان، كما فعل المهدي أيضا بعد ثورة أبريل. ولكنهم جميعا يتساقطون الآن.
واذا كان لاقدار هذا الشعب ان تتغير في مقبل الايام، فإن الإصرار على الخروج رغم الترهيب واستخدام كافة أساليب الحشد العنصرى البغيض لتخويف الناس من التغيير، هذا الإصرار هو الذى يمكنه إعادة كتابة تاريخ السودان وتصحيح مساره. لأن مقاومة الشعب الثائر للدعاية العنصرية من قبل النظام سوف تدل على وعى كبير يزيد من إمكانيات بناء وطن معافى قادر على احتواء كل مكوناته وليس فقط قبولهم. حيث ان الثأر لدماء الشهداء في كل السودان لن يكون سوى بتحقيق حلمهم فى وطن يستحق الأثمان الغالية التي دفعوها من أرواحهم في كل السودان الذى أصبح بفضل هذا النظام ارضا للشهداء من غربه الى شرقه ومن شماله الى جنوبه والى وسطه . وان لم توحد السودانيين دماء أبنائهم فمالذى عساه يفعل؟
التحية لكل الشهداء.. حتى القصاص لهم في جمعة الشهداء غدا...
nawayosman@gmail.com


Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق