من أدب الثورة السودانية..


 بعض من أجمل ماقرأت في حساب بإسم (صباح بلادي)..ثائرة سودانية توصف مشاركتها في الثورة المجيدة“ إسمي صباح... وبعد قليل سأخرج إلى المظاهرة ، لا أدري بالتحديد إلى أين سأذهب .. لكنني حتمآ سأخرج " ..
في سبتمبر ٢٠١٣ خرج الشعب في ثورة.. تلك الكلمة التي لم أسمع بها سوى في الكتب.. ولأول مرة في حياتي.. أشعر بالانتماء لشيء.. لم أنتمي لا للجامعة ولا للأرض ولا للحي الذي أعيش فيها.. استيقظت على أصوات المتظاهرين... وأنا أنفض عني غطائي وغبار السنين الذي لحق بي.. كنت أحاول استيعاب المشهد.. مظاهرات في حيّنا؟ و بالقرب من منزلي ؟ كانت الدهشة أكبر من أن توصف ...
.
وصلت إلى منتصف المظاهرة.. “الشعب يريد إسقاط النظام”.. لم أشعر بنشوة كتلك من قبل.. جسمي منتعش كما لو أنه يوم زفافي.. ترقص أطرافي فرحاً مع الطبل والهتاف.. يتحركان دون إحساس مني.. كما لو أن المظاهرة بعض من أجزاء الكون الكبيرة.. الذي حولي هم مجرة درب التبانة.. وأنا الأرض.. نتحرك كلنا معاً في تناسق إلهي عجيب.. كنت أشعر بكل كلمة وكل حرف وكل هتاف.. سيّال من مشاعر الفرح والخوف والرهبة والانتقام معاً. كل ذلك قطعه صوت رصاص الأمن الذي اقتحم الساحة فجأة.. وفتح النار.
ولم أخبر أحد أنني ذهبت ...
في غرفتي المنذوية . أشرب الشاي .. يدي ترتجف.. أحك رأسي 4 مرات في الثانية.. وأفكر في كل شيء.. هل سوف أعتقل؟ ما هو شعور أول عصا؟ هل سوف يحصل لي مثل ما قرأت في كتاب “القوقعة”؟ ترتجف يدي أكثر.. أشرب كوبآ آخر .. قرأت عن واحد طلب منهم فقط أن يرى أبنائه.. فأخذوه ثم وضعوا يده بين باب الحديد وبين الحائط.. ثم بدأوا يغلقون عليها الباب مرات عديدة بقوة حتى انفصل اللحم عن العظم.. أرتجف أكثر.. وأبكي من دون قصد.. نظرت في كوب الشاي تماماً.. تذكرت أن أول وأبسط أشكال التعذيب هو الحرق.. ومن غير سابق إنذار سكبت جزء منه في باطن كفي.. ثم صرخت!
الآن أصرخ أكثر.. مرّت نحو ٥ سنوات على صرخة كوب الشاي تلك.. كل شيء تغيّر.. ومات أبي..
في منتصف الباص أنا ، بالقرب مني نساء طاعنات في السن ، يقفن أيضآ بالرغم من الإنحناء البادي على ظهورهن ، يبدو عليهن أنهن كنا وما زلنا من حزب أبي " حزب المشي جانب الحائط " ، ضحكت في نفسي كثيرآ عندما قلت لإحداهن مطمئنة لا تخافي يا أمي فالباب محكم الإغلاق فقالت : " يا بتي الخواف ربى عياله " !!.
الخواف يا أمي ... ظلم أبنائه ، سلبهم حق الصراخ ... حق الهتاف .. حق الرفض ... ولذة أن تقول (لا) ...
أسمي صباح.... أنا أقترب الأن من صينية القندول ... ولا أعرف إن كنت سأعود للبيت ... لغرفتي المنذوية ... للشاي .. للقراءة ... لفيروز ... أم لااا ... ولكنني لست خائفة ...

Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق