تجمع المهنيين بين تحديات الساعة وافق القيادة


بقلم عثمان نواى
@OsmanNawayPost
من محامد الثورات انها تفتح آفاق واسعة وحرة للنقاش والتدبر فى كل ماهو مطروح على الساحة . ومما أثار كثير من الجدل في الايام الماضية، كان جسم تجمع المهنيين ومن يمثل ومن اللذين يمثلهم، وكثرت التحليلات فى اتجاه انه واجهة عمل لبعض الأحزاب السياسية. واى كان فإن نجاح التجمع على أرض الواقع في تسيير مواكب عدة فى الأيام الماضية كان له دور مهم في تصعيد الحراك الثورى سياسيا وإعلاميا. ومما لا شك فيه ان وجوده في الأصل حدث لملء فراغ قيادة الشارع نحو توجهات ومطالب سياسية معينة. واذا كانت بعض الأحزاب السياسية من خلف هذا التجمع تستخدمه كواجهة عمل جماهيرى، فإن هذا لا يؤكد سوى على الوعى العالى للجماهير واستقلالية الحراك الثوري نفسه، وبالتالى ان الأحزاب اضطرت الى ان تذوب هويتها لكى تتعامل مع قوة الشارع الحرة المستقلة. وبل يجب ان ينظر الى هذه الفرضية ان صحت على أنها دلالة على سواقة الشارع للأحزاب وليس العكس، لأن الشارع اضطرها الى ان تنزع عنها ضيق قوالبها لكى تستطيع الاندماج في الشارع الواسع المتسع يوما بعد اخر لكل السودانيين على عديد اختلافاتهم .
ويجب التذكير بان الفراغ الذى ملاه تجمع المهنيين، كان من الممكن ان يُملأ بواسطة آخرين. وكل الخشية أن يملاه الإسلاميون بألوان تنظيماتهم المختلفة، فبعد الانشقاقات الأخيرة، يتضح اشواق كثير منهم الى الالتحاق بنظام جديد والتأكد من أنهم سيتخلصون من عبء النظام القديم الحاكم الان. كما ان هؤلاء ضيقهم بالبشير ورهطه يبدو انه وصل الحد. وبالتالى لا ننسى ان رحيل البشير هو مطلب ليس فقط للشارع او المعارضة المناهضة للنظام، بل ان داخل الإسلاميين وداخل النظام نفسه هناك من يريدون رحيله. فالرجل أصبح عبئا ثقيلا، ولكن يصعب على الإسلاميين أنفسهم إيجاد بديل له من بينهم. لذلك فإن حراك الشارع الآن هو بمثابة منقذ لهذه الفئة منهم. ولكى يتم تجنب الوقوع في براثن الإسلاميين مرة أخرى فإن كيان مثل تجمع المهنيين ربما يشكل نواة يمكن الالتفاف حولها.
ومن المهم التركيز على أنها نواة ويجب ان تفتح وتنفتح اذرعها للتشاور والتواصل مع كل مكونات الشعب السوداني، حتى تزرع نفسها فى الشارع ووضع الاعتبار لحقيقة ان هناك فئات كثيرة وكيانات كثيرة مؤثرة يجب على القائمين على تجمع المهنيين التواصل معها وإشراكها فى صناعة التغيير واتخاذ القرارات المناسبة لتصعيد الحراك .
حيث ان المهنيين أنفسهم فى السودان إذا كانوا يستلهمون تجارب الدول الأخرى مثل تجربة الاتحاد التونسي للشغل، فإن عليهم استيعاب الفئات كافة من العمال وأصحاب اتحادات العمل الصغير والمسمى هامشى أيضا. هذا من جانب آخر، فإن الانفتاح والخروج عن الغموض ودوائر السرية سوف يكون لها أهمية كبرى في التواصل وحشد التأييد. وان كان هناك مخاوف أمنية على القيادات، فإن قيادة كيان كهذا يجب ان تصنع درجات بديلة عديدة لكى تظهر في النور وتخاطب الناس فلا جدوى ابدا لإصدار البيانات المكتوبة فقط، فى عهد اللايف والقدرة على إدارة حوار مباشر وتفاعلى والإجابة على كل التساؤلات والحصول على كل الاقتراحات بشكل منفتح وديمقراطي ووسائل السوشيال ميديا تساعد كثيرا في هذا، اضافة الى اهتمام الإعلام بحراك السودان والذى يجب ان يستغله التجمع افصل استغلال عبر شخصيات ووجوه ترسل رسائل للداخل والخارج معا، والداخل اهم من الخارج في هذه المرحلة لذلك يمكن الاستفادة من الاعلام الإقليمى والدولى فى توضيح كل اللبس وصناعة تواصل قوى مع الشعب السوداني، عبر خطاب واعى مؤثر وموحد ووجوه شابة قوية الحجة. لأن هذه التفاعلية هى التى سوف تصنع الثقة وتصنع القدرة على ممارسة تمارين الحوار الديمقراطى الذى يجب أن يبدأ منذ الآن خلال صناعة التغيير ولا يجب ان ينتظر حتى ينتهى التغيير لكى تبدأ هذه المشاركة الديمقراطية لكل الشعب السوداني فى صناعة مصيره، وهذا هو اول خطوات التغيير بل هو التغيير نفسه الذى ينشده الجميع .
على كل فإن الثورة في الشارع تصحح نفسها ويمكن النظر الى تجمع المهنيين كأحد منتجات الثورة التى يجب عليها ان تكون منفتحة على التطوير والتعديل المستمر حتى تحافظ على صلتها وملكية الشارع لها وليس العكس. ولذلك فإن ثقة الشارع والشعب فى انه صاحب الكلمة النهائية عبر خروجه الى الشوارع يجب ان لاتنتهي وان الشرعية الوحيدة هى شرعية أصوات الجماهير الحقيقية التى تهز الشوارع وليس البيانات والاعلانات. وعليه فإن انقاد تجمع المهنيين او غيره لإرادة الجماهير وتمكن من تمثيلها خير تمثيل فسيكون له الدعم وان لم يكن فإن الشارع قادر على صناعة غيره. ولكن اللحظة الراهنة تقترح التعامل مع ماهو موجود وتحسينه، وعلى التجمع ان يصبح أكثر تفاعلية وأكثر انفتاحا وان يتحرك هو اتجاه القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المختلفة، وخاثة الشباب الثائر في الشارع والسوشيال ميديا واستخدام خبرات متوفرة عديدة سوف تساعد في تطوير هذا التجمع لكى يصبح ماعون يقف في وجه تحديات الثورة وأهمها هو محاولات الإسلاميين إيقاف المد الثورى عند حد تغيير البشير وليس اقتلاع نظامهم الفاسد من جذوره. وهذا هو التحدي الأكبر الذى يفرض غلى كل القوى الثورية والشباب في الشارع الوعى به وصناعة كافة المصدات له ودعم المنصات التى تقف في مواجهته.

nawayosman@gmail.com

Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق