بقلم عثمان نواي
مع دخول هذه الثورة الى جمعتها السابعة يتضح جليا انها ليست ابدا ثورة مساجد وجمعات، بل انها ثورة تتفرد بخميسات براقة صاخبة وملتهبة. وهكذا كان خميس الامس.. ومن المعروف فى الثقافة المحلية السودانية ،ان نهاية الأسبوع فى الخميس تحمل دوما طعم الترفيه وصناعة الفرح على المستوى الشخصي والجماعى. حيث ان معظم الأفراح والمناسبات تتم فى الخميس كما ان الأفراد يجدون الوقت اخيرا للاستجمام وتوطيد علاقتهم الأسرية والصداقات عبر جلسات ومرقات وقعدات الخميس. والان إضافت الثورة لخميس السودانيين المعتاد طعما وطنيا جديدا حول مزحهم الى جد وحول الترفيه الى نضال تتم التضحية فيه بأغلى الأثمان من أجل حاضر ومستقبل افضل .
والحقيقة ان المراقب لهذه الثورة السودانية يرى انها دون شك ولاول مرة هى صناعة سودانية محلية خالصة. بشعاراتها واشعارها وتحدياتها ومخاوفها وتعقيداتها وصعود موجاتها وهبوطها. حتي ضبابية مالاتها تبدو وليد شرعى للواقع السودانى المعقد المفكك العصى على الإمساك به داخل مصطلحات وافكار محددة. ولكن مما يبشر بان خطوات ما تسير بالسودانيين نحو تحولات حقيقية هو ان الغياب الملحوظ لما اعتادته ثورات الربيع العربى من خروج من المساجد وجمعات الشهداء تجاوزه السودانيون بفرض سودانيتهم عبر خميسات الشهداء والمعتقلين وغيرها. والأمر هنا له دلالات كثيرة منها الانفكاك الذى يحدث من العمق مع التوجه الاسلاموى للدولة السودانية وانحلال السياسة من ربطتها بالدين التى افشلت السياسة واعاقت الدين. من جانب اخر فإن العادات الثورية المُتخلّقة خلال ايام الخميس العرمرم هذه، إنما تزلزل أيضا اى محاولات إقليمية وحتى دولية لأجل تحليل المناخ الثورى السودانى المنتمى الى أفريقيا جنوب الصحراء الحارة الاستوائية التى ليس فيها ربيع بل تتكون فصولها من شتاء وصيف و خريف لا ربيع فيها. واختلاف المناخ الطبيعى تبعه بالمنطق اختلاف المزاج والاختلاق الثورى الذى يتبدى كل يوم في أشكاله المختلفة. ابتداءا من وجود النساء المكثف وإظهار السودانيين لاحترامهم الكبير لشقائقهم ،بعكس ما جرى فى مصر مثلا فى ثورة يناير حيث تم اغتصاب والتحرش بالمتظاهرات وبل حتى بصحفيات اجنبيات فى ميدان التحرير.. لكن السودانيون أحفاد الدولة النوبية والكوشية استاعدوا تقديسهم للام والمرأة القائدة، التى حاول نظام الإسلاميين المتطرفين الحط من قدرها و تحويلها الى جسد بلا عقل ولا روح، فقط كما فى مخيلاتهم المريضة. ولكن مساحات الحرية في شوارع الثورة حطمت كل مخلفات المشروع الحضارى البائس واثبتت ان السودانيين لا يعانون ابدا من رهاب الجنس الاخر الذى يعانيه المتأسلمين.
على وقع الخميس أيضا تتوالى الحان الثورة تخفق الأعلام من داخل سيارات الاعتقال فى بهجة عميقة سكنت جوف الشباب طويلا فى شوقهم للحرية. ولذلك لم يكن ابدا غلق شارع النيل وإيقاف الحفلات وتضييقات النظام العام على محلات الشيشه هى أسباب الخروج الى الشارع كما يتوهم قوش ورئيسه. لكن زفرات العشق الممنوع للحرية هى التى أطلت عبر كل خميس جعلت الشباب يتغنى بالحرية ويتخذ البمبان وسيلة للاحتفال والرصاص اعراسا لشهداء حقيقيين لم تغسل ادمغتهم دعايات دينية جوفاء. على وقع أنغام الخميس وليس على وقع اذان الجوامع تخرج أفراح السودانيين نحو عشقهم للحرية.
وربما لم يتمكن الشعب السودانى المتنوع من ايجاد رابط وجدانى يجمعه فى اطار سياسى او اجتماعى او ثقافى. لكن ما يحدث الان من احتفالات بالحرية وشغف بها يؤكد ان السودانيين بكل تنوع منابتهم ونضالاتهم والاماهم، خاصة هذا الجيل الشاب الثائر ،هؤلاء يجمع بينهم الشغف الملتهب بالحرية. عبد العظيم الذى وقف وحيدا فى وجه طلقة الرصاص قبل خميسين، كان يعانق الحرية في وقفته العصماء التى لا تماثل سوى احتضان عبد الفضيل الماظ لمدفعه وحيدا فى وجه دبابات الانجليزي فى ثورة الحرية عام ١٩٢٤ من مطلع القرن الماضى ، وكذلك كان من قبل والى الان، شعوب جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق ومن قبلها الجنوب ما ضحت بآلاف بل وملايين الشهداء الا من اجل الحرية ذاتها. فإن كاان السودانيين لهم فخر فيجب ان يفخروا بان الحرية هى غاية عليا ربما لم يضحى لأجلها شعب مثلما ضحت شعوب السودان خاصة فى الهامش ،من أجل الوصول إليها ولازالوا بها مؤمنين . وفى الطريق الان تتخلق الحرية من هذا النظام، والتى يجب ان تكون الخطوة الأولى نحو عشق سودانى سامى لان يكون كل سودانى حرا فى معتقده فى أحلامه وفى ثقافته وفى اختيار السبيل لتحقيق ذاته وكذلك المجتمعات التى ترى نفسها في حاجة الى كيانات تمثلها فى حريتها فى صناعة ما يمثلها . الثورة السودانية التى تطيح بالنظام تهز معها مسلمات عديدة وتصنع فى كل خميس خطوات جديدة نحو غد يصنع قطيعة كاملة مع الماضي نحو وطن مختلف بشروط مختلفة. وفى الخميس القادم، ثورة الحب للوطن يجب ان تتحلى بشجاعة القلوب الشابة المحبة للحياة، وعله فالنتاين يقدم فيه الشباب السودانى حبهم للحياة هدية للشهداء والحرية واحلام المستقبل الجميلة.. ويعانقون الحرية معشوقة السودانيين.
nawayosman@gmail.com
#تسقط_بس#موكب٧نوفبر
على وقع الخميس أيضا تتوالى الحان الثورة تخفق الأعلام من داخل سيارات الاعتقال فى بهجة عميقة سكنت جوف الشباب طويلا فى شوقهم للحرية. ولذلك لم يكن ابدا غلق شارع النيل وإيقاف الحفلات وتضييقات النظام العام على محلات الشيشه هى أسباب الخروج الى الشارع كما يتوهم قوش ورئيسه. لكن زفرات العشق الممنوع للحرية هى التى أطلت عبر كل خميس جعلت الشباب يتغنى بالحرية ويتخذ البمبان وسيلة للاحتفال والرصاص اعراسا لشهداء حقيقيين لم تغسل ادمغتهم دعايات دينية جوفاء. على وقع أنغام الخميس وليس على وقع اذان الجوامع تخرج أفراح السودانيين نحو عشقهم للحرية.
وربما لم يتمكن الشعب السودانى المتنوع من ايجاد رابط وجدانى يجمعه فى اطار سياسى او اجتماعى او ثقافى. لكن ما يحدث الان من احتفالات بالحرية وشغف بها يؤكد ان السودانيين بكل تنوع منابتهم ونضالاتهم والاماهم، خاصة هذا الجيل الشاب الثائر ،هؤلاء يجمع بينهم الشغف الملتهب بالحرية. عبد العظيم الذى وقف وحيدا فى وجه طلقة الرصاص قبل خميسين، كان يعانق الحرية في وقفته العصماء التى لا تماثل سوى احتضان عبد الفضيل الماظ لمدفعه وحيدا فى وجه دبابات الانجليزي فى ثورة الحرية عام ١٩٢٤ من مطلع القرن الماضى ، وكذلك كان من قبل والى الان، شعوب جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق ومن قبلها الجنوب ما ضحت بآلاف بل وملايين الشهداء الا من اجل الحرية ذاتها. فإن كاان السودانيين لهم فخر فيجب ان يفخروا بان الحرية هى غاية عليا ربما لم يضحى لأجلها شعب مثلما ضحت شعوب السودان خاصة فى الهامش ،من أجل الوصول إليها ولازالوا بها مؤمنين . وفى الطريق الان تتخلق الحرية من هذا النظام، والتى يجب ان تكون الخطوة الأولى نحو عشق سودانى سامى لان يكون كل سودانى حرا فى معتقده فى أحلامه وفى ثقافته وفى اختيار السبيل لتحقيق ذاته وكذلك المجتمعات التى ترى نفسها في حاجة الى كيانات تمثلها فى حريتها فى صناعة ما يمثلها . الثورة السودانية التى تطيح بالنظام تهز معها مسلمات عديدة وتصنع فى كل خميس خطوات جديدة نحو غد يصنع قطيعة كاملة مع الماضي نحو وطن مختلف بشروط مختلفة. وفى الخميس القادم، ثورة الحب للوطن يجب ان تتحلى بشجاعة القلوب الشابة المحبة للحياة، وعله فالنتاين يقدم فيه الشباب السودانى حبهم للحياة هدية للشهداء والحرية واحلام المستقبل الجميلة.. ويعانقون الحرية معشوقة السودانيين.
nawayosman@gmail.com
#تسقط_بس#موكب٧نوفبر
0 comments:
إرسال تعليق