يقول المفكر وعالم الإجتماع الأول "ابن خلدون" في
مقدمته: (لا تولوا السفلة والسفهاء قيادة الجنود ومناصب القضاء وشؤون العامة لأنهم
إذا أصبحوا من ذوي المناصب إجتهدوا في ظلم الأبرياء وأبناء الشرفاء وإذلالهم بشكل
متعمد نظرا لشعورهم المستمر بعقدة النقص والدونية التي تلازمهم وترفض مغادرة
نفوسهم مما يؤدي في نهاية المطاف إلى سقوط العروش ونهاية الدول).
نستعرض لكم في هذا التقرير أنموذجا حياً لسفلة وسفهاء ولصوص سطوا
على السلطة القضائية في بلادنا، فظلموا وانتهكوا الحرمات وخاضوا في الأعراض وأحطوا
بالعدالة وبمبدأ استقلالية القضاء، وحولوا شعار القضاء وميزانه الراجح إلى كفتين،
كفة تميل لصالح جهاز الأمن والأخرى لصالح مجرم ينتحل صفة رئيس تطارده العدالة
الدولية، ولا ريب ان تحققت مقولة "ابن خلدون" فأهتزت عروشهم وانتهت
دولتهم إلى دولة فاشلة، يقودها ثلة من الأغبياء والفشلة، ينعدم عندهم الخبز
فيستوردون المخابز ! وكأن المشكلة في المخبز لا في الخبز، وكأنها مشكلة ماكينات لا
زراعة!!
التقرير طويل وفيه من المخازي ما يقصر من عمر البشر وينفطر من هوله
غلظ الحجر، وأصدقكم القول ان عيناي قد أدمعت وخنقتني عبرة وغصة وانا أكتبه، فليس
هناك أمن بعد خيانة القاضي، ولا أمان بعد سقوط العدالة، ولكني سأختصر هذا الجزء من
التقرير في (4) قضاة – وأجد شبه تواطؤ مني في تعريف مجرمين بوصفهم قضاة، واعتذر عن
ذلك، ولكني استخدم الوصف اصطلاحاً للتعريف بوظائفهم الحالية - هؤلاء القضاة
الأربعة يمثلون عينة مختارة لمئات بل آلاف من الإسلامويين والمجرمين الذين دخلوا
السلك القضائي من بوابة جهاز الأمن ومن القرابات الفكرية والجهوية والقبلية التي أقعدت
بالبلاد وجعلتها أسفلين سافلين.
هؤلاء القضاة يتحكمون في السلطة القضائية من أعلى رئيس القضاء إلى
أصغر كاتب عادل في أبعد محكمة ريفية، يعيثون فسادا مالياً وحكمياً، يفصلون وينقلون
ويسرقون، يتحكمون في الترقيات و"الرفديات" وحتى في الأحكام القضائية-
ويا للهول!
ويترأس هذا التشكيل العصابي داخل السلطة القضائية أربعة قضاة، هم:
مروان التجاني الطيب، محمد مختار محمد، ابو الحسن عبد الرحمن محمد الامين والقاضي
حاتم الطيب، والثلاثة الأوائل يمثلون التنظيم السري للحركة الإسلامية داخل السلطة
القضائية، وهذا التنظيم يرأسه علي عثمان طه وينوب عنه ابراهيم أحمد الطاهر، بينما
الرابع يمثل جهاز الأمن، ويعتبر عينه الفاحصة داخل السلطة القضائية، ويرأسه مدير
عام جهاز الأمن.
الأول في تشكيل عصابة القضاة هو القاضي (مروان التجاني الطيب)
التحق بالسلك القضائي في الأول من أغسطس من العام 1994، بالتعيين ولم يمكث 4 سنوات
في المنصب حتى تم تعيينه كوزير بولاية النيل الأزرق، وتنقل بعدها في عدة وزارات
لمدة تفوق الـ8 سنوات ، رغم أن ذلك يخالف مبدأ استقلال القضاء، وعدم الرجوع للسلطة
القضائية مرة أخرى على الأقل أخلاقيا، لاشتغاله بالعمل السياسي وبوصفه عضوا بحزب
المؤتمر الوطني ، إلا أنه عاد وعمل كقاضي بمحاكم امدرمان حتى تم تعيينه مرة أخرى
كوزير للصحة في ولاية شمال دارفور عام 2018 وذلك ضمن حصة الحزب الحاكم بالقوة -
لاحظوا قاضي يعين وزيرا للصحة، ويا قلبي لا تحزن- مع العلم انه ظل يتقاضى كامل
مخصصاته كقاضي طوال فترة تخريبه لصحة المواطنين بشمال دارفور!
بعد حل الحكومات الولائية في فبراير ٢٠١٩ الماضي ، تم الحاقه بقرار
جمهوري رقم ١٤٠ لسنة ٢٠١٩ بتاريخ ١٠ مارس ٢٠١٩ للعمل في ديوان الحكم الاتحادي لمدة
٣ سنوات، على أن تتحمل السلطة القضائية مرتبه و مخصصاته، في هدر واضح لاستقلالية
القضاء، والأغرب ان نفس الخطاب – مرفق- نص على فك راتبه شاملا الفترة التي كان
فيها وزيرا بأثر رجعي بالرغم من تقاضيه لمرتب الوزير ومخصصاته!
علماً بان خطاب فك المرتب الصادر من إدارة شئون القضاة بالسلطة
القضائية موقع من صديقه الشخصي وزميله في العصابة "محمد مختار محمد"
الذي يشغل منصب نائب الأمين العام لشئون القضاة ، تم ذلك رغم وجود الأمين العام
لشئون القضاة الذي أصدر القرار الاول بتجميد المرتب.
الثاني في تشكيل عصابة القضاة هو القاضي (محمد مختار محمد)، وهو
قاضي فاسد متعدد الولاءات " أمني – حركة إسلامية، فساد..الخ" ، وهو
المسؤول الآن حالياً عن تدمير القضاء وإرهاب القضاة، حيث يشغل وظيفة حساسة، حيث
انه المسؤول الأول والأخير عن تنقلات القضاة، هذا بجانب منصب نائب الأمين العام
لشئون القضاة.
وسبق وتم انتداب هذا القاضي الفاسد لوزارة العدل، كما سبق وعمل
بجهاز الأمن قبل ان يعود للعمل في القضاء بمحكمة مخالفات الأراضي، وعاد لوزارة
العدل مرة أخرى، في تجاوز كبير لأعراف القضاء وقوانين الخدمة التي لا تسمح
بالانتداب أكثر من مرة،
الثالث في التشكيل العصابي هو القاضي الفاسد مالياً وضميرياً (أبو
الحسن عبد الرحمن محمد الامين)، تم انتدابه للعمل بوزارة العدل زهاء الـ٣ سنوات
قبل ان يعود للعمل في السلطة القضائية، ثم تم انتدابه مرة أخرى للعمل بـ
"شركة الراوات لعمليات البترول" وهي شركة يملكها جهاز الأمن، ويتقاضى
منها راتبا شهريا عبارة عن (7000) دولار! ورغم تجاوز فترة الانتداب والإجازة بدون
مرتب وفي ظل تجميد وظيفته لكن تم ترقيته إلى قاضي استئناف، وذلك بتوصية من جهاز
الأمن- كما يظهر اسمه في كشف الترقيات –المرفق- الذي صدر في ٢٠١٨.
الرابع في التشكيل العصابي هو القاضي (حاتم الطيب) وهو العين
الفاحصة لجهاز الأمن داخل السلطة القضائية ، يرفع تقارير يومية عن القضاة وسير
العمل في السلطة القضائية.
وهو قاضي فاسد مالياً وضميرياً ، ورخيص - بحسب وصف زميل له من قضاة
الأمن - حيث سبق وتم ارساله لإحضار أثاث لدار القضاة من الصين، بوصفه الأمني وكعضو
في لجنة دار القضاء التي يسيطر عليها جهاز الأمن، وفي تلك المأمورية تورط في فساد
مالي كبير يقدر بمئات الآلاف من الدولارات، ولكن تم التستر عليه بواسطة جهاز
الأمن! ويعمل في الآن في السلطة القضائية بوظيفة نائب الرئيس العام لإدارة المحاكم.
ان الحديث عن فساد قضاء وقضاة "الإنقاذ" طويل طول فساد
دولتهم التي انتهت إلى دولة مجرمين ومطارديد ، يرأسها مجرم مطارد ومطلوب للعدالة
الدولية ، ينوب عنه مجرم محظور مالياً، ويعاونهم أهبل وأهطل مطارد ومطلوب مع صديقه
ورئيسه، ويرأس حزبهم السياسي مجرم متورط شخصياً في قتل المواطنين ودفنهم في مقابر
جماعية، تطارده عدالة العالم وتطالب بالقبض عليه بتهم خطيرة وكبيرة.
سنواصل سلسلة فضح عصابات السلطة القضائية، وسنتناول في تقريرنا
القادم ونكشف سقوط العدالة رسمياً ، كما نكشف بالتفاصيل والأدلة الأحكام الجاهزة
التي تأتي من جهاز الأمن ويتلوها القاضي أمام المتهم كما المذيع، كما نكشف تدخلات
متنفذين في حكومة "الإنقاذ" وتسييرهم السلطة القضائية ، ومنها تدخل
"علي عثمان محمد طه" الذي حدث الأسبوع الماضي، لصالح ترقية قريبه القاضي
(بدري حسن بكري) المنتهية إعارته حديثاً من دولة قطر، والذي ورغم انتهاء مدة خدمته
القضائية تم تعيينه "قاضي محكمة عليا"، كما نكشف تفاصيل تدخل "أحمد
إبراهيم الطاهر" لصالح ترقية القاضي "الأمين موسى" المعار في سلطنة
عمان، والذي تم تعيينه كسلفه – أعلاه- مما أثار ضجرا وتذمر وسط قضاة المحكمة
العليا وقضاة محكمة الاستئناف ولجان التفتيش، كما نكشف لكم هوان وضعف وخوف من
يفترض انه رئيس قضاء السودان.
انها كوارث ومخازي لم تخطر على بال "ابن خلدون"، لم
يتناولها في مقدمته، تجعله يتقلب في قبره وهو يضرب أخماس لأسداس، حسرة على سقوط
العدالة بهذا الشكل السافر وعلى منصات القضاة التي تصدرها أناس تحولوا إلى ماهو
أسوأ من الشياطين!
لذلك، ولغير ذلك من المخازي والكوارث الكبيرة والكثيرة، يجب ان
نخرج جميعاً، وفي كل أنحاء البلاد، في موكب الإنتفاضة المجيدة، موكب 6 ابريل، وان
لا نتوقف حتى (تسقط بس) فهذه السلطة الفاسدة يجب ان تسقط بس.
0 comments:
إرسال تعليق