تجمع المهنيين السودانيين معاناة أطفال السودان في عهد الطغيان

 
المعاناة الصحية ( ١ )
لأنهم لبنات بناء المستقبل وبهجة الحاضر وضمان استمرارية الوجود البشري للأمم، تهتم الحكومات الوطنية في شتى بقاع العالم بقضايا الطفولة وتوليها بعداً إستراتيجياً من مختلف الزوايا التي تضمن جودة الرصيد البشري صحياً وعلمياً وثقافياً ومعرفياً، بل أن التخطيط الإستراتيجي للأنظمة المتطلعة لبناء أوطانها وتبوء مكانة مرموقة بين الدول يرتكز في خططه المؤطرة بعامل الزمن على إيلاء الأطفال بعداً ذو خصوصية وأهمية كبيرة جداً.
إسقاطاً على واقع الطفولة في عقود حكم الإسلاميين الثلاث الموغلة في البؤس والعشوائية والتدمير الممنهج لذخيرة السودان البشرية بما فيها الفئات العمرية الأقل من ثمانية عشر عاماً، نجد أن الأطفال في رقعة الوطن الممتدة كانوا المتأثر الأكبر بالسياسات التي أفضت إلى الحروب والإقتتال التي دائماً ما يكون الأطفال هم أوائل الضحايا فيها لسبب هشاشة هذه الفئة وعدم الإهتمام بهم في ظل ظروف الحرب التي تفرز واقعا ً من التشرد والنزوح والهجرة والفرار من مناطق سكنهم إلى مناطق أخرى طلباً للأمن والسلامة ويصاحب ذلك فقدان لخدمات الرعاية الصحية والعلاجية مما يرتب ضعف في الحالة الصحية لديهم يصاحب ذلك الفقر والعدم والسحق الإقتصادي نتيجة عدم عدالة التنمية والإستئثار بالثروة والسلطة، فتكالب ثالوث الجهل والفقر والمرض على زهور سودان اليوم وثمار مستقبله في الغد، ذلك الثالوث الذي فتك ببنيتهم الجسدية وبنمو عقولهم نمواً صحياً تماهياً مع المستوى المعيشي الذي فرض على أسرهم إلى ماهو دون خط الفقر بنسب مقلقلة للغاية.
وبتسليط الضوء على الجوانب الصحية، وإستناداً على تقارير منظمة اليونيسيف فإن نسبة الوفيات بين الأطفال في السودان دون سن الخمس سنوات هي 63 وفاة من كل 1000 طفل وأن نصف أطفال السودان لم يتم تحصينهم بالكامل، بينما تبلغ نسبة الأطفال المسجلين عند الولادة 60٪ فقط.
نسبة لعدم كفاءة الخدمات الصحية ولسوء التغذية فإن الأطفال يكونون عرضة للإصابة بالإسهالات المائية الحادة والملاريا والحصبة وأمراض فقر الدم وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، كما أن ثلث أطفال السودان يعانون من نقصان الوزن الشديد والمتوسط، بينما يعاني 35٪ منهم من التقزم.
أضف إلى ذلك وكنتيجة للأوضاع المعيشية والإقتصادية الطاحنة التي انسحبت على صحة الحوامل والأجنة بحيث أنهن لا يتلقين التغذية الكافية ولا الرعاية والمتابعة الصحية المطلوبة في أغلب مدن الوطن وقراه مما يعرضهن للإجهاض وفقدان الأجنة وربما فقدان الأمهات وحتى في حال إكتمال حملهن تنتج مواليد يعانون من مشاكل صحية معقدة قد تودي بوفاتهم في أعمار مبكرة جداً، ولا ننسى كذلك الآثار الصحية السالبة التي يتعرض لها الأطفال والأجنة نتيجة إستخدام الشركات الصناعية الطفيلية لمواد كيميائية شديدة السمية كالسيانايد في مناطق التعدين في مناطق جنوب كردفان والشمالية وغيرها وقد ظهر ذلك بأرتفاع نسبة وفيات الأطفال والتشوهات الخلقية والولادات المشوهة وقد تلاحظ ذلك في مقاومة أهالي تلك المناطق التي تشهد التعدين الأهلي التي تفتقر لأبسط مستلزمات الحماية للمنطقة والأهالي والأطفال من خطر المواد المستخدمة في التعدين وقد قام الأهالي في هذه المناطق بمقاومة شركات التعدين بعد أن لاحظو تأثير ذلك على المواليد والحوامل وحتى على المواشي في مناطق جنوب كردفان (الليري وتلودي والترتر وكلوقي ومناطق أبو جبيهة) والشمالية إلا أن النظام والشركات الطفيلية قابلت ذلك الاحتجاج المشروع والمقاومة بالعنف والاعتقال والتهديدات لأن صحة المواطن والأطفال هي آخر اهتمامات الحكومة هذا إضافة إلى ازدياد حالات السرطانات في مناطق الشمالية والجزيرة والتي لم يسلم منها الأطفال أيضاً ولم تلفت انتباه حاكم أو مسئول.
استناداً على ماسبق فإن جميع الحلول التي لاتشمل إسقاط هذا النظام وإحلاله بنظام ديمقراطي يعمل بتجرد ونزاهة وإخلاص وإستراتيجات علمية واضحة مدروسة، كلها تبقى حلولاً عبثية تسوق إلى المزيد من الدمار لأطفال السودان وإنسانه بصورة عامة، لذلك نحن في تجمع المهنيين السودانيين مع جميع شركائنا في الكيانات المهنية والسياسية والمدنية ماضون في إصرار وعزيمة جمة في طريق ثورة ديسمبر المجيدة التي باتت ملامح النصر فيها تتراءى في الافق.
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق