الشعب السوداني ليس قطيعاً . . !



الطيب الزين

لسنا قطيعاً يباع في سوق النخاسة بحفنة دورلات . . ! 
أو قطعة إثرية قديمة للبيع في بازرات السياسة الإقليمية والدولية
عزتنا وكرامتنا ووحدتنا الوطنية وحريتنا وآحلامنا وأشواقنا وتطلعاتنا في أن نحيا حياة حرة كريمة، في بلادنا سلة غذاء العالم، التي حولها الطغاة، إلى ساحة إستجداء وفوضى وخراب ودمار وحروب عبثية إستنفدت كل طاقات وقدرات البلاد في قمع الشعب وكبت الحريات العامة، والإنفراد بالرأي والقرار فتراكمت الأخطاء وتجمدت الطاقات، لذلك أصبح السودان ساحة مفتوحة للغاشي والماشي، لكل طامع وحاقد وحاسد، ودجال ومنافق وإنتهازي وحرامي طوال سنوات حكم الطغاة الثلاثة لاسيما عمر البشير الذي حول السودان إلى مزرعة خاصة يسرح ويمرح فيها خنازير الجهل والتخلف والخيانة والتآمر . . ! 
الشعب السوداني بحق شعب معلم.
ما نقوله : هنا ليس من بنات أفكارنا، أو إدعاءاً فارغاً، أو خداعاً نمارسه ضد الذات . . !
إنما هي حقيقة ناصعة ماثلة في ساحات الإعتصام والنَّاس صيام في طقس تصل درجة حرارته الأربعين وأكثر . . !
شعب بهذا الوعي والصبر والصمود، هو جدير بالتقدير والإحترام لأنه فهم مصدر معاناته وآلامه وجراحاته وحدد خياراته وتطلعاته: في دولة مدنية حديثة، تحفظ له كرامته وتكفل له حرياته.
دولة مدنية حضارية تزواج بين حاضره البائس ومستقبله المنشود وماضيه الناصع الضارب في عمق التاريخ منذ ترهاقا وبعانقي، وكنداكة والمهدي، وعلي دينار والسلطان عجبنا، وعبد القادر ود حبوبة، وجمعية اللواء الأبيض، ومؤتمر الخريجين والإستقلال، وثورة إكتوبر وإنتفاضة مارس أبريل، وصولا إلي ثورتنا الشعبية المجيدة الظافرة بعون الله وإرادة الشعب وقيادة تجمع المهنيين.
لذلك إحتشدت ثورتنا المجيدة بمفردات كبيرة منذ أن إنطلقت في الدمازين وعطبرة وإتسعت دائرتها فشملت كل قرى ومدن السودان، تحت شعار : حرية ، سلام وعدالة . . الثورة خيار الشعب
شعبنا المعلم من أجل بلوغ غايته وظف أرثه التاريخي، ورصيده النضالي، فأصبحنا كل ثائرات بلادي كنداكات من حلفا الى نيالا والنيل الأزرق وجبال النوبة والجزيرة وكسلا وبورسودان والخرطوم، إعتزازاً بالملكة كنداكة التي حكمت مصر ألف عام
شعب بهذا الوعي والفهم والتجلي والحضور، الذي إستحضر كل رموز النضال ومعانيه ودلالاته وأبعاده .
ثورة بهذا الأفق والتطلع، حتماً هي عصية على التدجين والتهجين .
ثورة بهذا العنفوان والشموخ لن تقبل بالمساومات الرخيصة
الثورة وضعت أصبعها على مكان الداء ، ومصدر الألم والجرح .
ثورة حددت خياراتها وآلياتها وغاياتها
أن يكون حصاد نفيرها الوطني، دولة مدنية مكتملة الأركان، تضع حداً لحالة الفوضى والخراب والعبث التي مارسها الطغاة ومن خلفهم الإنتهازيين والمهرجين
دولة مدنية تكفل الحريات العامة لكل إنسان في هذا الوطن المستباح . . !
دولة القانون والمؤسسات، التي تحقق العدل والعدالة الإجتماعية وتنشر السلام بين الناس بالأفعال وليس بالأقوال
دولة مدنية تحترم التعدد والتنوع وتحتفي به وتفتح الآفاق والنوافذ وتشجع المبادرات وتضع لنفسها أهداف واضحة ومحددة وتلتزم بها بصدق وإخلاص بمنتهى الجدية والمرونة والإنفتاح، وتحشد طاقة الشعب كلها للبناء والعمل والإنتاج مستفيدة من العقول النيرة والسواعد الفتية وتطلعات الشعب السوداني بالخلاص من واقع الفقر والمعاناة والبؤس.
دولة مدنية يكون فيها الشعب هو سيد نفسه، وليس قطعة إثرية في قصر الطاغية، أو قطيعاً في إحدى مزارعه
دولة مدنية تحارب الفقر والفساد والفاسدين . دولة مدنية تقيم علاقات خارجية غير مرتبطة بالمحاور ، علاقات تحفظ للسودان مصالحه ودوره ومكانته في الساحة الإقليمية والدولية
ثورة بهذه الضخامة والطموح، وشعب بهذه النضارة والبهاء والصبر والمثابرة والصمود والتطلع لن يقبل بخيارات القطيع.
لذلك نقول: للحالمين بسرقة الثورة وحرفها عن مسارها الوطنيّ، أنتم حالمون.
الشعب السوداني، قد خبر المعاناة وإستخلص منها الدروس والعبر.
وثورته المحروسة بالإعتصام في كل مدن السودان غير قابلة للمساومة، لأنه شعبٌ ليس قطيعاً للبيع
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق