البنية التحتية للبحث العلمي نقصد بالبنية التحتية للبحث العلمي المرافق، التسهيلات
والموارد والخدمات ذات الصلة التي يستخدمها المجتمع العلمي لإجراء أبحاث على أعلى
مستوى في مجالات التخصص وتشمل البنية المعدات العلمية الرئيسية، مجموعة الموارد
التي تعتمد على المعرفة مثل قواعد البيانات أو أي مجموعة أخرى ذات طبيعة فريدة
ضرورية لتحقيق التميز في البحوث. وبتأمل بسيط في واقع واقع البنية التحتية للبحث
العلمي في السودان نجده غير مشجع على الاطلاق. فالبنية فقيرة للغاية، ولاتساعد
الباحثين لأداء واجبهم على الوجه الافضل. فالدولة، في المقام الأول، تعاني من قلة
المراكز البحثية المؤهلة التي تؤدي دورها بالكفاءة المطلوبة، مما يلقي عبئا كبيرا
على الباحثين لكي يؤدوا دورهم بالطريقة المثلى التي ننتظرها منهم. ولا زلت اذكر
معاناة اخي في سبيل أداء بعض المهام التي تخص بحثه في تكنولوجيا النانو. ولظروف
الندرة، فقد تعيّن عليه ان يذهب إلى المعمل الوحيد المخصص لهذه المهمة في جامعة
الخرطوم، بدلا من جامعة بحري التي يعمل فيها كمحاضر، أو مدينة إفريقيا التكنولوجية
التي اكمل فيها الدراسات العليا.
أحد المظاهر غير المشجعة للبحث للباحثين من
اقاليم السودان المختلفة هو تركز البنية التحتية في الخرطوم نتيجة لتركز مؤسسات
التعليم العالي ومراكز البحث في العاصمة القومية والاقليم الاوسط. ويصبح من
الصعوبة بمكان إنجاز البحوث للباحثين من اقاليم السودان المختلفة في المرافق التي
توجد في مراكز بحثية أو جامعات بعينها دون غيرها في ظل شح الموارد المالية في
التعليم العالي. المظهر الثاني هو ان ضعف البنية التحتية في السودان لا يمكن البحث
العلمي المشاركة في تنفيذ وانجاز المشاريع الضخمة التيتعمل فيها فرق بحثية او
مجموعة كبيرة من العلماء ذوي الخلفيات العلمية المختلفة لتساهم في تنمية وتطور
البلاد. و يرجع ذلك الضعف لعدة أسباب نفصلها فيما يلي:
1). السياسات غير الرشيدة التي اتبعها النظام البائد
والتي تتمثل في التطبيق المتعجل لثورة التعليم العالي، دون تخطيط مسبق ودون تجهيز
للبنية التحتية بصورة مناسبة. اثرت سياسات الحكومة البائدة في بنية البحوث العلمية
السيئة في السودان. فثورة التعليم العالي افرزت جامعات، معاهد وكليات تفتفر لابسط
معايير المؤسسلت التعليمية العليا,
2). الحظر الاقتصادي على السودان الذي حد من استيراد
التكنولوجيا والمعدات،
3). عدم اهتمام الدولة الكافي تحسين بيئة العمل البحثي،
4). عدم وجود التخطيط الاستراتيجي الفعال لسياسة البحث
العلمي.
وبالتالي فنحن الان في اشد الحاجة للاستثمار في
البنية التحتية لنغيير و تحسين الوضع الحالي لكي تخلق بنية تحتية مستديمة للبحث
العلمي في السودان لتخدم الاغراض التالية:
1). يمكن للفرق البحثية المختلفة من التعاون والعمل معا
في مشاريع ضخمة. وفي كثير من الاحيان تلعب البيئة دورا كبيرا في جذب أفضل الباحثين
للعمل في مجموعات لحل المشاكل المعقدة التي لا يمكن حلها بمنظور علمي واحد.و
بالتالي لا بدَّ من إيجاد نقطة محورية تجمع تخصصات مختلفة تستخدم منشأت بحث واسعة
النطاق.
2). تزيد كفاءة البحوث العلمية وتساهم في تنمية المجتمع
بتنمية القدرات وزيادة فرص العمل. فمن مزايا المرافق البحثية انها تخلق ما درج على
تسميته برأس المال الاجتماعي، وهي ميزة تنشأ من الشبكات التي يتم تكوينها من خلال
العمل في المشاريع المختلفة، فيتم تبادل المعرفة بين الاطراف المعنية، وتبنى
الفدرات عبر التدريب للباحثين الشباب والفنيين. وتقول الدراسات ان نسبة كبيرة من
الاستثمارات في هذا المجال تعود بالنفع على الأقتصاد الوطني من خلال خلق فرص العمل.
3). البنية التحتية هي الشرط الاساسي لتسهيل التعاون بين
الدولة، الجامعة، والقطاع الصناعي،
4). تساعد في وضع الاستراتيجيات والتخطيط طويل المدى
للنشاط البحثي،
5). وضع الاستراتيجيات يساعد في إدارة والتحكم في تمويل
البحوث العلمية.
و أول ما نقوم به هو ان نحلل و نمحص الوضع
الراهن، ونقييم حجم و مردود المرافق الموجودة في الوقت الحاليو ثم نقارن ذلك بالوضع
الذي نريده ان يكون في المستقبل.. وبناءا على نتيجة تحليل الفروق Gap Analysis نبدا في سد الثغرات ونعيد صياغة الاحتياجات المستقبلية، ثم نضع
الخطة المناسبة بتحديد الاولويات و التنسيق حول كيفية الاستغلال الامثل للمرافق. و لكي نضع الخطة يجب ان ننظر للعالم من حولنا ونعيد أيضا
تخطيط المجالات العلمية بما يناسب البحث العلمي بمفهومه الحديث، حيث يتجه العالم
إلى دمج العوم المتقاربة من حيث المحتوى في مجموعات بحثية أكبر لكي يسهل التنسيق
بينها مثل 1) علوم الفيزياء، 2) علوم الطاقة، 3) علوم البيئة، 4) علوم الطب الحيوي،
5) العلوم الاجتماعية والانسانية، 6) تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبنية
التحية الإلكترونية، 7) و علوم الهندسة. لا توجد طريقة واحدة، أو نموذج وحيد تأخذ به الدول في
بناء وتمويل البنية التحتية للبحوث. لكن من الشائع جدا وضع ما يسمى ب"خارطة
الطريق" لكل المرافق الحيوية التي تحتاجها البحوث بصورة عامة في كل دولة، أو
" دراسة حالة" لكل مرفق، مؤسسة، أو إقليم على حدة، ومن ثم وضع خطة
لمستقبل كل منهم.و لا يعني هذا عدم التنسيق والتوافق بين كل من الاتجاهين. ولا يتم
البحث العلمي دون بنية نحتية تشمل الاتي:
1) مرافق ومنشأت ضخمة يحتاج الباحثون، وقطاع كبيرا من العاملين في الحقل
البحثي إلى مباني، مقار، مباني، ومرافق ضخمة واسعة النطاق لكي يؤدوا بحوثهم بالشكل
المطلوب. لكن في كثير من الاحيان تتطلب هذه المرافق تمويلا كبيرا واداريين وفنيين
على قدر عال من الاحترافية لا تستطيع موارد الجامعات ومراكز البحوث الذاتية
المحدودة الايفاء بها. وتقسم هذه المرافق إلى ثلاثة اقسام رئيسية هي: 1). مرفق
واحد في شكل قطعة أو جهاز واحد من المعدات، أو قطع من المعدات المتعددة في موقع
واحد، أو 2). شبكة من الأدوات الموزعة أو المكونات المنفصلة، لكنها مجتمعة تشكل
منشأة واحدة، او3). منشأت موزعة على مواقع متعددة ترتبط بمنشأة أساسية مركزية لدعم
البحوث.
2) معامل ومختبرات المعامل والمختبرات هي مرافق توفر بيئة وظروفًا محكومة
يمكن فيها إجراء البحوث العلمية والتكنولوجية. وتستخدم معدات المختبرات بشكل عام
إما لإجراء تجربة أو لإجراء قياسات وجمع البيانات. وتتخذ المختبرات المستخدمة
للبحث العلمي أشكالًا متعددة بسبب اختلاف متطلبات المتخصصين في مختلف مجالات
العلوم والهندسة. وقد يحتوي مختبر الفيزياء على مسرع للجسيمات أو حجرة مفرغة من
الهواء، بينما مختبر المعادن يمكن أن يحتوي على جهاز لصب المعادن أو تكريرها أو
لاختبار قوتها على سبيل المثال.
3) ورش لاداء التجارب الغرض من التجارب هو الإجابة على التساؤلات من خلال
اختبار الفرضيات المختلفة. وقد تجميع الكثير من المعلومات أو البيانات. لكن هذه
البيانات ليست مفيدة للغاية ما لم يتم تنظيمها ومناقشتها. ولذاك تقام الورش. و
فيها و بواسطة عددا محدودا من الباحثين أو المشاركين تتم مناقشات السيناريوهات في
ورش تفاعلية فعالة. كا اننا حوجة للورش الهندسية لتصنيع وعمل التجارب في هذا
المجال خاصة في البحوث ذات الطابع التطبيقي لترجمة المعارف الهندسية و نظرياتها
الى واقع معاش.
4) نظم بحوث رقمية النظم الرقمية تهدف إلى تطوير طرق، اليات وتقنيات جديدة
لبناء نظم حاسوب ذكية تمكن من إنتاج اجيال جديدة من التطبيقات، المنتجات والخدمات
عن طريق المحاكاة والنمذجة. وتوجد هناك الكثير من نظم البحوث الرقمية المعقدة في
العالم في المجالانت المختلفة كالبيئة، علوم الاحياء، المعمار، تطوير البرمجيات،
تخطيط المدن والشبكات. فمثلا نظم الحوسبة التخزينية ترفد الكمبيوتر السوبر بمصادر
كثيرة على حسب الطلب بحيث يمنكك الاستفادة من ميزات ذلك الكبيوتر بمنتهى السهولة
والسرعة.
5) قواعد بيانات شاملة قواعد البيانات تختص بتجميع المعلومات بطريقة منظمة.
ونظرا لانه, يصعب التعامل مع الكمّ الهائل من البيانات من حيث البحث والتصنيف ففد
ظهرت الحاجة إلى التكنولوجيا لمعالجة البيانات بشكل رقمي. وعن طريق محركات البحث
الخاص بالبيانات تتم عمليات البحث والاسترجاع للبيانات الضخمة بطريقة سهلة. ولكي
يتم ذلك بنجاح لا بدَّ ان تتوفر القواعد للبنية التحتية السليمة. اما مهمة البنية
التحتية الإلكترونية فهي توفير مجتمع البحث العلمي بمحفظة شاملة لخدمات تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات بالشفافية المطلوبة عبر منصة موحدة لتكنولوجيا البحث وتكون
تحت التصرف مما يمكن الباحث من التركيز على البحث بدلا من الجري وراء المعلومة
واهدارالوقت، المال، الجهد البدني والذهني المطلوب لانجاج بحث علمي محترم دون
الحاجة إلى معالجة المعلومات أو تخزينها.
عملية توفر المعلومات لأغراض البحث العلمي في
السودان تتطلب اهتماما ودعما كبير من قبل القائمين على الأمر حتى يتمكن الباحثون
من الحصول على المعلومات والبيانات الضرورية لإجراء البحث العلمي، وهذا يتطلب
الإعداد الجيد والدقيق للبيانات والمعلومات بصيغ حديثه تتناسب وطبيعة العمل في
البحوث ومتطلباته من أجهزة حواسيب مختلفة وأدوات إحصائية ملائمة واشتراك في الشبكة
الدولية للمعلومات (مكتبات الكترونية على الإنترنت بما فيها اشتراكات سنوية)،
وتوفير المصادر العلمية الحديثة، وإغناء مكتبات الجامعات بما ينشر حديثًا من كتب
ودوريات ومجلات. و تعتبر
ScienceDirect من شركة í Elsevier من المصادر الرئيسية لمصادر
البحث العلمي في العلوم، التقنية والطب. ونجد أيضا اسميرالد Esmerald، كلينيكال كي
ClinicalKey،
ابسكو EBSCO، بروكويست ProQuest التي توفر قواعد بيانات الآلاف
من النصوص الكاملة للدوريات، والرسائل العلمية، وأوراق العمل، والمجلات المتخصصة
في فروع العلم المختلفة مثل:
Health and Social Care – Esmerald الصحة والرعاية
الاجتماعية
Applied Science & Technology Full Text – EBSCO العلوم
التطبيقية ة التكنولوجيا
Political Science Complete – EBSCO العلوم السياسية
Art & Architecture Complete – EBSCO الفنون
والعمارة
Communication and Mass Media Complete – EBSCO الاتصالات
و ووسائط الاتصالات الجماهيرية
Banking Information Source – ProQuest المصارف
Pharmaceutical News Index – ProQuest الطب البيطري
Accounting & Tax – ProQuest المحاسبة والضرائب
Social Science Journals – ProQuest العلوم الاجتماعية
Health Management – ProQues إدارة الصحة
Science Journals – ProQuest العلوم
Criminal Justice – ProQuest عام الجريمة
Computing – ProQuest الحاسوب
ClinicalKey – Physician الطب
6) شبكة خبراء شبكة الخبراء هي الوسيلة التي تجمع بين اعداد كبيرة من
المهنيين في المجالات المختلفة والمؤسسات التي تحتاج إلى خبراتهم بشيئ من المرونة
في التعامل عبر استشارات موجهة وحلول محددة تواجه جواهر المشاكل في زمن وجيز.
ولهذه الشبكات اشكالا كثيرة يمكن حصرها, تنظيمها للاستفادة منها تحت مظلة رسمية واحدة
يمكن مثل:
- اساتذة الجامعات والمراكز البحثية في السودان
- تجمع الاساتذة السودانيين في الخليج العربي – السعودية
مثالا
- تجمع الاساتذة السودانيين في الولايات المتحدة
- تجمع خريجي الجامعات السودانية – تجمع خريجي جامعة
الخرطوم في الولايات المتحدة
- السودانيون العاملون في في المنظمات الدولية الاممية
والاقليمية
- الباحثون المستقلون الذين يعملون بالمشاهرة وكخبراء
واسنشاريين
- منصات تجمع الباحثين من المجالات المختلفة ,
- الباحثون في المعاش.
الاقتراحات
1). إيجاد مبنى موحد للمركزالقومي للبحوث الحالي أو
المجلس القومي للبحوث المقترح تجمع فيه ادارات المراكز المختلفة إنشاء مقرات ثابتة
لمجلس البحوث المقترح في الاقاليم مع مراعاة التوزيع الجغرافي. ولأن البنية
التحتية هي العمود الفقري لادارة وتنفيذ أي بحث علمي جيد، ولكي تستمر البحوث بذات
المستوى يجب ان تكون هنالك رؤية بحثية واضحة، وارادة سياسية قوية تلتزم بتمويل
وتحديث البنية التحتية للبحث العلمي على المدى الطويل.
2). إيجاد سبل لمشاركة القطاع الخاص في بناء وتأهيل
البنية التحتية للبحوث،
3). تأهيل كفاءات قادرة على تسيير والحفاظ على البنية
التحتية،
4). إنشاء الشبكة الرقمية السودانية Sudanese Digital Liberary للمنتوج البحثي في السودان وربط ذلك برسائل الجامعات وبحوث
مراكز البحوث، مكتبة السودان بجامعة الخرطوم، مصلحة الإحصاء، و دار الوثائق
القومية،
5). الاستفادة من الشباب لخلق ثورة المعلومات في البحث
العلمي بتوظيفهم لتحديث البنية التحتية الإلكترونية في البلاد، خاصة ان الثورة
السودانية ابرزت اهمية التقنية الحديثة في احداث التغيير.
6). الاهتمام بالصفحات الإلكترونية لمراكز البحوث
والجامعات السودانية. فالملاحظ ان الصفحات الإلكترونية لنلك المؤسسات ان وجدت فهي
بطيئة جدا، وفقيرة جدا أو غير مكتملة، أو غير محدثة لدرجة تشعر النقس بالاحباط في
زمن ننعم فيه بالتقنية العالية وسرعة وسائل الاتصال في الوقت الحالي,
7). ادخال البحثين السودانيين تحت مظلة قاعدة بيانات
موحدة بمعايير مختلفة كالتخصص, مكان الاقامة, سنوات الخبرة’, التمكن من اللغات
العالمية و المحلية..الخ لتسهيل الاتصال حال الحوجة.
0 comments:
إرسال تعليق