عثمان نواي
فضحت صحيفة المونيتور الانجليزية اليوم ان شركة موانئ دبى القابضة
قامت بابرام عقد بقيمة ٥ مليون دولار لأجل السيطرة على موانئ السودان البحرية،
وابرم العقد مع نفس الشركة الأمريكية التى كان قد تعاقد معها حميدتى العام الماضي
لتثبيت قدميه وتقوية موقف المجلس العسكرى ايام التفاوض على التسليم، وهى شركة تتبع
لرجل إسرائيلى وعضو سابق فى الموساد. والشركة تعمل فى ما يسمى مجال مجموعات الضغط
التى تقوم بعمليات معقدة تشمل احيانا دفع الرشاوي او استخدام معلومات وعلاقات مع
أشخاص فى السلطة العليا ومراكز اتخاذ القرار فى الدول او الشركات وذلك لدفع أصحاب
المناصب تلك لتبنى سياسات او قرارات تخدم مصلحة العميل الذى يدفع لمجموعة الضغط.
ما ترغب به الإمارات منذ اكثر من ٥ أعوام هو توسيع نفوذها البحرى
عبر شركة دبى للموانئ. وحسب التقرير فإن فشل الشركة فى السيطرة على عقود إدارة بعض
الموانئ الأمريكية فى عهد جورج بوش بعد رفض الكونجرس للعقد، دفعها لكى تتعلم من
الدرس وتتجه الى مناطق استراتيجية أخرى وأيضا لكى تستخدم مجموعات الضغط لضمان
سيطرة الشركة على متخذى القرار فى الدول. من المعلوم ان حكومة البشير كانت وقعت مع
شركة فلبينية تحت مظلة موانئ دبى عقد بقيمة ٢.٤ مليار دولار لإدارة الميناء فى
بورتسودان، ولكن الرفض الشعبى والاضرابات اضطرت الحكومة لوقف التسليم وقامت
الحكومة بالغاء العقد بعد الثورة. ولكن يبدو ان الإمارات التى تولغ فى التدخل فى
عدد كبير من دول المنطقة تصر على السيطرة على موانئ السودان وباى ثمن.
ذكر موقع المونيتور أيضا ان رئيس مجموعة الضغط قال انه يعمل الان
لصالح المجلس السيادى بعد اتفاق الجانب العسكرى والمدنى ويخدم مصالح سودانية وله
علاقات وثيقة بالمسؤولين السودانيين لذلك طلبت منه موانئ دبى التدخل وتعاقدت معه
نسبة لصلاته الوثيقة بالمسؤولين فى السودان. على ذات المنوال قال المسؤول فى
المجموعة انهم يريدون الوصول الى علاقة مستقرة بين جنوب السودان والسودان حتى يتم
تصدير البترول الجنوبى عبر موانئ بورتسودان. وأنه يبحث اتفاق يشبه عبور أنابيب
النفط فى دول الاتحاد الأوروبي يضمن تصدير نفط الجنوب عبر بورتسودان . اذن ما يحدث
فى السودان يحتاج الى قراءة تتعدى ما اعتدنا عليه من تحليلات معزولة عن واقعنا
الإقليمى والدولى. بل ان أمريكا ربما تقوم بدعم موقف موانئ دبى فى الضغط على
السودان.
ان مصالح الدول الإقليمية فى السودان يتضح يوم بعد الاخر ان تلعب
دور مهم جدا فى ما يجرى من احداث فى مل البلاد من الخرطوم الى الأطراف ،والمؤسف ان
القوى السياسية الحاكمة فى احسن الظن لا يبدو أنها مطلعة بشكل وثيق على كل خيوط
الترابطات بين المصالح الدولية والاقليمية التى أصبحت تتدخل بشكل دقيق فى الوضع فى
السودان من دارفور وحتى بورتسودان. والجميع يعلم ما فعلت الإمارات فى اليمن حتى
تتمكن من التحكم فى الموانئ هناك. كما ان ما يحدث فى ليبيا الان ليس خارج عن اطار
توسعات استراتيجية له ذات الظلال الاستراتيجية المتعلقة بصالح معقدة فى الإقليم .
لكن فى ذات الوقت فان الأزمة ليست فى مصالح الدول الأخرى فى السودان بقدر ما ان
الأزمة فى قدرة الحكومة السودانية و قواها السياسية على إدارة تلك المصالح بما
يخدم السودانيين ويحقق لهم التنمية والرخاء وليس بما يزيد من بؤسهم ويفجر الصراعات
ويحرق الوطن ويهدد سيادته. الأزمة الكبرى ليست دوما فى ان هناك دول لها اطماع او ترعى
مصالحها لكن السؤال هو كيف ترعى النخب الحاكمة مصالح السودان ؟ هل ترعى مصالحها
الشخصية او ترتقى لمراعاة مصلحة الوطن والشعب السودانى. ؟ للأسف ان تاريخ السودان
الحديث منذ الاستعمار التركى ومرورا بالحكم الثنائي وحتى تاريخ ما بعد الاستقلال
يضع النخب الحاكمة فى محل شك ٤هى دوما خدمت مصالحها الشخصية عاى حساب الوطن والان
الخطر الداهم كبير للغاية كما ان الفرص كبيرة ،فهل ستكفر النخب الحاكمة عن تاريخها
وتقدم مصلحة السودان على نفسها ام انها سوف تقايض مستقبل الشعب السوداني بمنصابها
وثرواتها الشخصية؟ السودان الان فى طريق خطير ولأول مرة فى تاريخه يصيح لاعب فى
الإقليم بسبب تداخل المصالح، ولذلك فإن من يحكمون السودان الان اما ان ينقلوا
البلاد الى بر الامان او الهلاك المؤكد.
nawayosman@gmail.com
nawayosman@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق