مفاوضات جوبا والتلاعب بحقوق شعوب جبال النوبة والنيل الأزرق


مفاوضات جوبا والتلاعب بحقوق شعوب جبال النوبة والنيل الأزرق
صراع المصالح  المتواصل بين الثلاثي ( الحلو عقار وعرمان )
سيكون سبباً لضياع كل الحقوق
      
 بقلم/ الأستاذ صديق منصور الناير

لا شك  أخي القارئ وأختي القارئة إن ما يحدث في جوبا عاصمة جنوب السودان من تفاوض بين ممثلي حكومة الأمر الواقع والحركات المسلحة جعلنا نقف وقفة المتأمل لمراجعة كل ما يحدث في صمت وهدوء كاملين  ووجدنا بأن الأمر لا يعدو لأكثر من تهافت على السلطة على حساب الحقوق الأساسية التي حملنا من أجلها السلاح خاصة من قبل قيادات الحركات المسلحة بمختلف تكويناتها سواء كانت ذلك من تحالف الجبهة الثورية التي جمعت كل الحركات الضعيفة وبعضها لم تكن موجوده أصلا على أرض الواقع هذا من جانب ومن الجانب الآخر نجد أن الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الحلو التي لم تبارح مكانها في المطالبة بعلمانية الدولة ودونها فإن خيارهم الوحيد هو ممارسة حق تقرير المصير !! مما يحرج مواقفهم مع التحول السياسي الذي يشهده البلاد أما عبدالواحد محمد نور فهو الآخر نأى بنفسه من هذه الهرجلة السياسية لذلك إختلت موازين التفاوض وأصبحنا لا نميز حتى بين الحركات المسلحة نفسها من الحركات التي ظهرت مؤخراً في جلابيب الحركات المسلحة.
 ويبدو أن الصراع الذي طغى على أطراف التفاوض حول المنطقتين ونعني الصراع على قيادة ورئاسة الحركة الشعبية بين الحلو وعقار جعلهما يركزان على تحقيق مكاسبهما السياسية أكثر من الحقوق الأساسية التي خرجنا من أجلها .. لذلك ظهرت الإنتقادات السافرة والمخلة بالقيم والمبادئ التي تصون العلاقات التي وردت في وثائقنا وهو ما نراه الآن في الشبكات العنكبوتية بين الطرفين ومؤيدوهما مما جعلهما يعملان للظهور بمظهر الأبطال في نظر مؤيدي كل منهما وهما يستعرضان عضلاتهما أمام الوسطاء في منابر التفاوض في سعيهما لتحقيق المكاسب السياسية.. فعقار يدعي بأنه الرئيس الشرعي حتى الآن إي بعد فرز الكيمان ولا ندري من أين جائته الشرعية .. لان المعروف هو أن ثلاثتهم كانوا  مكلفين من المكتب السياسي لإقامة مؤتمر عام حتى لو كان إستثنائياً خلال ثلاثة شهور من تارخ التكليف لتوفيق أوضاعهم إلا أن ذلك  لم يحدث حتى تارخ كتابة هذا المقال .. وبالتالي يكون قد فقدوا شرعية التكليف .. لكننا نراه لا زال يتحدث عن إنقلاب الحلو عليه ويرددها في كل المنابر دون حياء رغم إنخراطه في التفاوض مع الحكومة الإنتقالية كتنظيم سياسي بإسم الحركة الشعبية. الحلو من طرفة إستند على قاعدته العسكرية ليرفض حتى المصالحة مع القيادات السياسية والإستراتيجية وبدأ يناور أطراف التفاوض رافضا حتى توحيد منبر التفاوض حول المنطقتين مع مجموعة عقار ربما خوفا من ثعلب الحركة الشعبية الرفيق ياسر سعيد عرمان الذي يريد السيطرة على كل مفاصل الحركة الشعبية وتسييرها حسب رغبته وطموحاته وهو ما يحدث الآن في الحركة الشعبية التي يقودها عقار ... لذلك أصبح ما يحدث في الحركة الشعبية والمفاوضات الحالية كالمسرحية السيئة الإخراج في مقابل التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء الولايتين من المناضلين الخُلّص الذين بقوا على قيد الحياة ليتفرجوا على طرفي الصراع وهم يعضون أصابعهم  ندماً وحسرةً  لضياع ما قدموه من تضحيات وسط الإنتهازية المفرطة التي سيطرت على المشهد السياسي الذي نراه الآن، وهو ما سنتناولة في النقاط التالية بإجاز للتذكر وتوصيل الرسائل المطلوبة للمتفاوضين حول المنطقتين للإستدراك حتى لا تضيع الحقوق كما حدث في نيفاشا.
أولاً / المسارات التي وضعت للتفاوض وآثارها السالبة .
كان واضحاً السعي الدؤوب لحكومة البشير التي قسمت القوى السياسية إلى أحزاب مواليه، أحزاب معارضه ومتمردين بل حتى الكيانات الموجودة أيضا تمت تقسيمها إلى زرقة .. عرب ، مسلمين وكفار كل ذلك حسب رؤيتهم وإستراتيجيتهم للإستمرار في السلطة  عبر مسرحيات التفاوض السابقة اللانهائية  .. أمتد هذا التقسيم للمعارضة المسلحة ( المتمردين ) لإضعاف مواقفهم التفاوضية وتفتيت وحدتهم من ناحية وكسب الوقت لأطالة أمد التفاوض من الناحية الأخرى .. المراوغات التي كانت تتم منهم كثيرة بدءاَ بمؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا، مفاوضات أبوجا، إتفاق مرغني قرنق إنتهاءاً بنيفاشا التي فرضت فيها حكومة البشير سياسة تقسيم الحركة الشعبية إلى المناطق التي ظهرت في إتفاق نيفاشا النهائي  وهو ما أدى إلى تقسيم السودان وعلى إثر ذلك جاء بروتوكول المنطقين خالية من أبسط الحقوق التي قاتل من أجلها الثوار من أبناء الولايتين لذلك بدأت الحرب الثانية في ٢٠١١م وإستمرت حتى الآن حيث المفاوضات ووقف إطلاق النار من الطرفين.
ونؤكد بأن منهج المسارات التي تم تصميمها في هذه المفاوضات هي نفس سياسة نظام المؤتمر الوطني البائد وواضح أن حكومتهم الموازية هي التي تخطط لقيادات اللجنة الأمنية التي تسيطر على فعاليات المشهد السياسي في المفاوضات الحالية. هذة المرة تم تكوين المسارات بدعم من بعض قيادات الهبوط الناعم في الحركات المسلحة والغرض هو إضعاف الموقف التفاوضي للحركات المسلحة خاصة الحركة الشعبية المنقسمة على نفسها أصلاً وبذلك تنازلت الحركة الشعبية عن قواعدها في كل الشمال والوسط والغرب والشرق لمن لا يستحق التفاوض نيابة عنه وبناءاً عليه تم إقحام مجموعات لم تكن موجودة في ميادين القتال ليفاوضوا بإسم الحركات المسلحة, هذه هي الفوضى والعبث السياسي التي وصلنا إليه في مفاوضات جوبا الحالية.
ثانياً / القوى السياسية بكل تحالفاتها والقوى الحديثة المتمثلة في المهنيين هم من إختطفوا الثورة وسيكونوا السبب في ضياع حقوق الثوار في الحركات المسلحة
 الواضح أخي القارئ الحصيف هو أن القوى السياسية الرجعية والطائفية قد فشلت في الإختطاف المباشر لثورة الشباب والسبب في ذلك هو إصطدامهم بجدار العسكر والمهنيين لذلك أصبحوا خميرة عكننة في لعب الأدوار السالبة بتحالفاتهم التي إبتكروها ( قوى نداء السودان، الجبهة الوطنية العريضة، قوى الإجماع الوطني وختامها كانت قوى الحرية والتغيير ) وكل ذلك لتشتيت وتفتيت أي برنامج وحدوي لقوى الهامش المتمثلة في الحركات الثورية المسلحة .. ورغم فشلهم في إختطاف مشروع ثورة الشباب إلا أنهم فرضوا وجودهم مع المهنيين الذي سيطروا على مفاتيح قيادة الثورة في تحالف قوى الحرية والتغيير وهو تحالف الثعالب كل يترص بالآخر لذلك فشلوا في تكوين قيادة موحده ومؤسسات واضحة لإدارة المرحلة وقد ظهر ذلك بجلاء في ضعف هذا التحالف أمام القيادات العسكرية في شراكتهم المختلة لذلك دخلوا في مأزق  من نوع آخر حول علمانية الدولة أم الدولة المدنية الحديثة مع الحركات الثورية .. المهنيين ومعظم القوى السياسية متفقة مع علمانية الدول بإستثناء بقايا الإسلام السياسي والطائفية إلا أن القيادات العسكرية في مجلس السيادة ترفض ذلك والهدف في رأينا ليس لحماية الدين بقدر ما هو لحماية قياداتهم في الإسلام السياسي الذين يقبعون في السجون وخلف القضبان ولولا الثوار الذين يدفعون الثمن لحماية الثورة لحسم الأمر من قبل العسكر من البداية  لكن قوة الإرادة لدي الشعب والثوار هو الذي يحمي هذه الثورة من العسكر حتى الآن.
ثالثاً / دور اللجنة الأمنية لحكومة البشير ( العسكريين شركاء قحت في الحكومة الإنتقالية).
سال لعابهم بعد أن أجبروا  للإطاحة بقائدهم وإعتقدوا في بادئ الأمر بأن الأمور ستسير لصالحهم كما كان يحدث في كل الإنقلابات السابقة إلا أنهم إصطدموا بقوة ثورة الشباب والتأييد الشعبي والدولي لذلك قرروا أن يتعاملوا مع هذا الواقع الذي فرض نفسه بسياسة لعبة القط والفأر لذلك تم تصنيفعم كقيادات حكومة الظل لنظام الجبهة الإسلامية السودانية خاصة بعد فض الإعتصام بالصورة الوحشية التي رآها كل الفضائيات رغم التعتيم وبذلك أكدوا كل الجرائم السابقة طيلة الثلاثين سنة الماضية في حكمهم ضد الشعب السوداني .. زد على ذلك التباطؤ  والتواطؤ في إتخاذ القرارات المرتبطة بمحاسبة رموز نظامهم البائد خاصة اللصوص والقتله مما يضعهم في قفص الإتهام حال تطبيق النظام الديمقراطي وسيادة حكم القانون .. ولكن رغم كل ذلك يجب الإعتراف بدور بعض العسكريين في حفظ التوازن بدرجة لا يمكن تجاهلها أو إغفالها حتى الآن وواضح أنهم يعيشون لحظات ما بين الخوف لمصيرهم وأطماع السلطة التي تعشعش في دواخلهم وهو الإستمرار في الحكم .. لذلك نجد أداءهم متذبذب حتى في شراكتهم مع قحط ويلاحظ عدم الإنسجام بل عدم إمتلاك القرار السياسي لحسم العملية التفاوضية مع الحركات المسلحة حول جدل علمانية الدولة من عدمها .
رابعاً/  المعارضة المسلحة ( الجبهة الثورية ) :-
رغم ضعف هذه الحركات وهي منفرده  إلا أن تجمعها تحت قيادة واحدة في منبر جوبا للتفاوض أعطتهم القوة التي يتحدث عنها دائما أبونا فلب عباس غبوش ( في الوحدة قوة ) لذلك يمكننا أن نقول مبروك لحركات درافور في هذا التحالف لأنها إستفادت من تجاربها السابقة وتحالفت تحت مظلة الجبهة الثورية وبالتالي وحدوا منبرهم التفاوضي بجمع كل الفصائل حتى الضعيفة منها للتفاوض مع حكومة المرحلة الإنتقالية تحث قيادة الدكتور الهادي عيسى رغم حداثة عهده وضعف حركته المبعثرة والمتناقضة في ذاتها بالمقارنة مع قيادات الحركات الكبيرة الأخرى ... حقيقة لقد إستفات حركات درافور من الصراعات التي كلفتهم الكثير من الأرواح والوقت لذلك بدأوا ينتزعون حقوقهم الواحدة تلو الأخرى لأنهم أشركوا كل كوادرهم وقواعدهم حتى الإدارات الإهلية وممثلي النازحين واللاجئين فمشاوراتهم تجري على قدم وساق مع النخب السياسية وبيوت الخبرة المحلية والعالمية .. وبذلك إنتزعوا 20% من حقوقهم في الخدمة المدنية المركزية بعد أن ضمنوها على مستوى إقليمهم كما ثبتوا مبدأ التعويضات الجماعية والفردية بمطالبتهم ب خمسمائة مليون دولا سنوياً وثلاثون ألف دولا للأفراد وهذا في رأينا حق مستحق للتضحيات والخسائر الكبيرة التي لحقت بالارواح والممتلكات هناك، فلما لا يطالبون بالتعويضات التي من الممكن أن تذيل ولو القليل من الغبن والإحتقان .. أبناء دارفور يتقدمون في إنتزاع الحقوق الآن للمشاركة في السلطة الأتحادية حسب حصتهم ، وفي رأينا المشكلة الوحيده التي ستقف أمامهم هو كيفية طرد المستوطنين الذين تم إستجلابهم عن طريق النظام البائد هؤلاء هم من يصولوا ويجولوا بلا رقيب في إرتكاب جرائم القتل والنهب والإغتصاب الممنهج حتى الآن ولا نعتقد بأن الإستقرار والأمن سيسودان ما لم يتم معالجة مشكلة المليشيات التي وفدت من الخارج السودان كمستوطنين جدد في دارفور وحواكيرها.
خامساً / الحركة الشعبية شمال بقيادة عقار:- 
فقدت البوصلة وإختلت موازينها بعد أن خسرت الحلو لذلك لم يجدوا بداً إلا أن يوَفِقُوا أوضاعهم في إطار الهبوط الناعم مع حكومة الفترة الإنتقالية .. وواضح أنهم يتحدثون بمرارة وحسرة كبيرين وهم بنتقدون الحلو بالإنقلاب على شرعيتهم الزائفة  كما يبنون برامجهم على أنتقادات ممنهجة لبرامج الحلو حول العلمانية وحق تقرير المصير في إطار الصراع المحتدم بينهم بعد أن فشلت كل المحاولات في توحيد الحركة الشعبية وإصلاح ذات البين وهو ما نعيبه عليهم وكنا قد طالبناهم بذلك كثيراً في مقالاتنا السابقة لأن العمل السياسي مفتوح والدوائر ستدور ربما للوحدة بعد السلام المتوقع أو التحالف على الأقل لمواجهة ودفع فاتورة الإنتخابات،   .. ولكن يبدوا أنهم يعملون لتحويل صراعهم مع الحلو إلى الداخل بخلق تحالفات إستراتيجية جديدة تمهيدا لما بعد السلام لذلك يتعجلوا عملية التفاوض كسباً للوقت لدخول الخرطوم قبل الحلو ليبدأوا بعد ذلك تصفية حساباتهم عبر أصول الحركة في الداخل، المتحركة منها والثابتة وربما السائلة التي يتحكمون عليها، هذه هي بوابة الصراع المرتقب والتي ستقود في رأينا إلى متاهات كثيرة لا قبل لها ولا آخر لكن نقول لهم في التأني السلامة وفي العجلة الندامة لأن الإستعجال سيكون سبباً في  إغفال أو نسيان الكثير من الأمور المهمة وعلى سبيل المثال لا الحصر مبدأ التعوضات لشعوب المنطقتين لم ترد بصور واضحة ومفصلة كما يحدث في مسار دارفور فلا ندرى من الذي يقف وراء هذا التجاهل؟ ولماذا؟ وهل النوبة تحديداً لا يستحقون التعويضات للخسائر البشرية والمادية طيلة سني الحروبات التي عاشوها منذ نشأت ما يسمي بالدولة السودانية ؟... إستغلال، عبودية، قتل، نهب وإغتصاب  ووو... الخ لا وألف لا لهذا المنهج والتغافل عن حقوق النوبة ..  بل أن الولايتين يستحقان أكثر من تعويض كل حسب مساهماته في مسار تارخ السودان القديم والحديث،  قيادات المؤتمر الوطني نهبوا المليارات من الدولارات البشير لوحده يمتلك في حساباته الخاصة بسويسرا أكثر من 9مليار دولار وما خفي اعظم أما زبانيته فالبنوك الأوربية والأمريكية والماليزية ستتحدث لوحدها فماذا يعني الخمسمائة مليون دولار سنويا كتعويضات جماعية لإقليم دارفور حتى تتوقف عندها حكومة الشراكة الإنتقالية ، لا ياعقار لا تتلاعب بحقوق الولايتين نحن نطالب حتى حكومة دولة جنوب السودان لتخصيص التعويضات المناسبة لجبال النوبة كمنطقة ولأبنائها كأفراد على أن يتم مناقشة ذلك اليوم قبل الغد لأن قيادات اليوم هم من يعرفون حجم التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناءنا في سبيل تحرير السودان والذي تحول في غفلة من الزمان إلى تحرير جنوب السودان فهذه الحقوق يجب أن لا تضيع ناهيك عن التعويضات المطلوبة من الحكومة السودانية  والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية مقابل الإرث الثقيل الذي تركته الحروبات المتتالة لفرض العبودية والإستحقار فهذه هي القضايا الجوهرية التي يجب تناولها في هذه المرحلة المفصلية من تارخ السودان لا تحويل الصراع على القيادة إلى الداخل  ...هذا هو الصراع السالب الذي نرفضة لذلك نطالب كل الأطراف بالحكمة والتروي لأن السلام الحقيقي لم يأت بعد وطبيعة الصراع قد تتغير طالما تخلى عقار ومجموعته من النضال المسلح حسب تصريحات رئيس وفده في التفاوض لذلك لابد من وجود خيط ولو رفيع للتواصل .
سادساً / الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال/ قيادة الحلو
من الواضح أخي القارئ إن القائد عبدالعزيز آدم أبكر (الحلو) بعد أن فض شراكتهم المختلة مع عقار وعرمان إتجه لتأسيس إمبراطورية الغابة المقفولة وذلك خوفا من أن يلدغ من جحرهم مره أخري فالأول عندما زحلقه عرمان من قطاع الشمال إلى جبال النوبة حيث يطيب له المقام والثانية عندما سحب منه البساط بتآمر واضح من رفيقيه الذين تأكدا من إستقواء الحلو بجبال النوبة وهو ما دفعه للإستقالة بهدف رد كرامته والتخلص من قبضة الإثنين .. الحلو لازمة الخوف من قيادات الصف الأول من جبال النوبة بل حتى من الكوادر والنخب السياسية في الحركة الشعبية لذلك رفض التصالح معهم بعد أن تخلص من رفيقيه ...  ولا زال الحلو وحاشيته يختبؤن من مواجهة الحقائق بدفن الرؤس في الرمال كالنعام لذلك ضحى بكل الكوادر حتى من المقيمين في دول المهجر خاصة الذين ساهموا في الترويج عن مشكلة جبال النوبة للرأي العام العالمي منذ بداياتها حتى الآن ليس هذا فحسب بل يتخوف حتى من معالجة إشكاليات الجيش الشعبي وقياداته المتبقية في جنوب السودان وهذه قصة طويلة لا مجال لبحثها هنا لكننا سنتناوله في منبر خاص لاحقاً . ويبدو أن الأنانية و الخوف من المستقبل السياسي للحلو هو الذي غيب حكمتة لإدارة هذا المشروع الكبير وواضح أن ثوار دارفور قد إستفادوا من تجاربهم السابقة أكثر من الحلو رغم حداثتهم عهدهم في العمل السياسي والثوري .. الحلو وحاشيته لم يستوعبوا التحول السياسي والتغيير الكبير الذي حدث في السودان بعد نجاح ثورة الشباب السلمية التي أطاح بأكبر دكتاتوري في العالم لذلك إرتكب ولا زال يرتكب الأخطاء الإستراتيجية التي ستفقدنا الكثير من الحقوق التي حارب الجيش الشعبي لإنتراعها من المركز وستحاول ذكر البعض من هذه الأخطاء ربما يستفيد منها حال دخوله في التفاوض الجاد والتحول الديمقراطي المرتقب إن لم يهرب بجلده خوفا من المحاسبة و المصاعب الكثيرة التي ستواجهه.
أولا /  قبول مبدأ تقسم عملية التفاوض إلى المسارات التي ظهرت أخيرا كان من أكبر الأخطاء في إستراتيجية الحلو لأنه بذلك يكون قد حصر الحركة الشعبية هذا التنظيم الكبير في المنطقتين فقط ويبدوا أن صراعة مع عقار وعرمان هو الذي ألقى بتلك الظلال الكئيبة على عمله، لأنه عندما أقام المؤتمر الإستثنائي في كاودا كون مؤسسات الحركة الشعبية بقيادات من المنطقتين فقط بتجاهل متعمد للشمال والغرب .. الشرق والأوسط بما في ذلك العاصة الخرطوم وبذلك ترك كل قواعد الحركة الشعبية ومكاتبها في كل السودان والتي كانت تشكل القوة المحركة والدافعة للحركة الشعبية وكأنه أراد أن يقول لعقار وعرمان ( أنا شلت جبال النوبة والنيل الأزرق وخليت ليكم كل السودان خُمّوا وصُرّوا ) ولا يدري بأنه يقزم الحركة الشعبية بل يحاصر ويعزل في جبال النوبة صُرّة السودان وقلبه النابض.
ثانياً / رفضه الدخول في تحالف الجبهة الثورية التي تشكلت من قوى الهامش لمواجهة تحديات التفاوض هذا الرفض لم يأتي إلا لوجود عقار وعرمان بها رغم قوة تأثيره الذي يؤهلة لقيادتة هذا التحالف إنطلاقاً من جبال النوبة مما تسبب في عزلته السياسيه وعوضاً عن لذلك أصبح يتخبط في تحالفاته الهشة والضعيفة مرة مع الطاهر حجر الذي سرعان ما تخلى عنه بعد أن إكتشف بأن الحلو يعمل برزق اليوم باليوم بدون تنظيم وخطط إستراتيجية  لينضم للجبهة الثورية التي تحاصر الحلو بفعل عقار وعرمان الذين يوجهان كل حرابهما لإظهار التواضع السياسي للحلو في كل المنابر. وبعد أن خسر  الطاهرحجر دخل مرة أخرى في تحالف غريب من نوعه مع الحزب الإتحادي الديقراطي الذي شارك كل الحكومات المستبدة الطاغية في الخرطوم وآخرها حكومة البشير حتى إنهيارها .
ثالثاً / رفضه المصالحات لترتيب أوضاع الحركة الشعبية الداخلية وبذلك غض الطرف عن الجيش الشعبي من أبناء جبال النوبة والموجود في جنوب السودان حتى الآن بالإضافة للقيادات الإستراتيجية التي تقوده وكأن ذلك لا يعنية، ففي رأينا كان من يفترض أن يلملم كل مكونات التي تساقطت من الحركة الشعبية بفعل سياساتهم بعد المفاصلة والإستقالة .... والآن يريد التفاوض والدخول بدون ترتيب أوضاع هذه القوة  ومعرفة مصيرهم هذه حقيقة يؤكد ضعف الحلو وخوفه من مواجهة الواقع السيئ الذي سببه هو بنفسه في الحركة الشعبية وفي صراعة على القيادة رغم توفر كل مقومات النجاح لذلك .. الحلو ومن معه لم يكتفوا بذلك بل يقوم بتهميش حتى الضباط الإصلاحيين  رمضان حسن ومجموعته الذين أعيدوا للحركة مؤخراً بقرار منه ويبدو أنه أراد إسكات الأصوات الكثيرة التي كانت تطالب بمعالجة أوضاعهم لا أكثر .. تم إعادتهم ليبقوا تائهين بلا مهام ولا مشاركة فعلية في إتخاذ القرارات وتسيير العمل السياسي والإسترايجي رغم أنهم يعتبروا من الضباط المستنيرين والإستراتيجيين في الحركة الشعبية .. ذهب الحلو لأبعد من ذلك ليستعين بمن لا علاقة مباشرة لهم بالحركة الشعبية أمثال الدكتور محمد يوسف والدكتور محمد جلال هاشم الذي ينظر ويتبجح في منابر التفاوض ويهدد بالحرب وكأنه كان محارباً بارعا في ساحات القتال مع  الشهداء يوسف كوه ومحمد جمعة نايل.. تلفون كوكو ويوسف كره الذين بقيا على قيد الحياة ليتفرجا بحسرة لما يحدث في أروقة الحركة الشعبية  
 رابعا مبدأ علمانية الدولة وحق تقرير المصير :-
من الواضح أن مسألة علمانية الدولة أصبح من الأمور المرحب بها خاصة من قبل الطبقات المستنيرة في كل السودان وذلك لقطع الطريق أمام المتاجرين بأسم الدين من قيادات الإسلام السياسي إلا أننا تأكدنا من أن الحلو يتمسك  بهذا الخيط الرفيع ليكون طوق نجاة له بعد أن فشل في إدارة مشروع السودلن الجديد تزامن ذلك بالضربة الكبيرة الغير متوفعة والتي تفاجأ بها وهو نجاح ثورة الشباب السلمية في الإطاحة بإمبراطورية الجبهة الإسلامة في السودان والمؤسف هو أنه أي الحلو وجماعته لم يستوعبوا هذه الدروس المجانية حتى الآن. فبدلا من الدخول المباشر في التفاوض لإنتزاع الحقوق التي خرج من أجلها أبناء المنطقتين درج ليتحاجج بالعلمانية وإلا فحق تقير المصير هو خيارهم الأخير مع العلم أنه يدرك تماماُ بأن حق تقرير المصير له إستحقاقاته ومتطلباتهه ودون ذلك فإنها ستصبح حبر على ورق وقد يكون مردود ممارسته سلبياً وهو ما حدث للمشورة الشعبية رغم ضعفها عندما فشلت الحركة الشعبية لسياساته الرعناء في تحقيق الأغلبية في البرلمان الولائي المنوط بممارستها عبر التفاوض مع الحكومة المركزية حول الإستحقاقات الإدارية والدستورية ولكن قبل الوصول لمرحلة الممارسة هذا الحق إشتعلت الحرب التي اصبحت طوف نجاه لإخفاقاته  .
ففي رأينا لا زال الحلو قائدا ورئيساً للحركة الشعبية لذلك ننصحه النصيحة الأخيرة ونقول له ولكل من معه أن يفكر بعقلية القائد المسئول عن هذا المشروع الكبير وقبل كل ذلك عليه أن يلتفت يميناً ويساراً لتقييم أداءه كقائد ووضعه كتنظيم مبعثر ومشتت بقواعده التائهة، لأن ممارسة حق تقرير المصير يحتاج للأجماع والوحدة في المنطقة حول موضوع الإستفتاء، فهل كل النوبة متفقين لممارسة هذا الحق؟ بل هل كل النوبة في الحركة الشعبية متفقين على طريقة الممارسة لذلك الحق ؟ وعلينا أن نذهب إلى أبعد من ذلك هل كل مواطني ولاية جنوب كردفان/جبال النوبة  بما في ذلك كل القوميات الأخرى على قلب رجل واحد للمشاركة في التصويت لصالح هذه الممارسة.
هذه الاسئلة يجب وضعها في الإعتبار قبل التهديد بممارسة حق تقرير المصير حال رفض الحكومة بعلمانية الدولة  . بل على الحلو العمل لتوحيد أبناء المنطقتين وكل الهامش السوداني إذا اراد  تطبيق العلمانية وسيكون الجميع في خندق واحد لإنتزاع  كل الحقوق  بل فرض حتى العلمانية وحينها سينتفي الإبنزاز وكل المساومات التي تحدث.
إلى الأمام والكفاح الثوري مستمر والنصر أكيد بإذن الله.
Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق