بقلم عثمان نواي
كتب حيدر ابراهيم مقال فى الأيام
الماضية يهاجم فيه مطالبة الحركة الشعبية لتحرير السودان بان تكون العلمانية جزءا
من الدستور، ويقول فى المقال " لم أكن مرتاحا لطرح مطلب العلمانية في مفاوضات
السلام بجوبا . "( المقال منشور بتاريخ ١٩ أبريل فى صحيفة التغيير الإلكترونية.
) ولكن فى الأيام الماضية تحدث القيادى الشاب بحزب المؤتمر السودانى خالد سلك عبر
الراديو وبلغة سودانية بسيطة قائلا انه" مطلب العلمانية يجب ان يكون مطلب كل
السودانيين، وأنه يكون مطلب كل السودانيين هو وجود " دستور علمانى. "
هذا مثال الحقيقة على الفرق الشاسع بين جيل الشباب الحالى جيل التضحيات الحقيقية
وبين جيل" الشياب " جيل الكوارث المدمرة. هذا الفرق فى الرؤية لازمات
السودان هو الذى سيصنع الفرق بين سودان الأمس والغد وبين ماضي البلاد ومستقبلها.
وقد استمر حيدر ابراهيم بالقول"
أقول أن واجب هذه الحركات هو تسهيل عملية السلام والإسراع بها حتي نبدأ في بناء :
وطن موحد قومي ديمقراطي تقوم دولته علي حقوق ا لمواطنة والمساوة بين الجميع
مشاركين في السلطة والثروة بلا تمييز، وفي هذا السودان الجديد يمكن وضع بنيات
ثابتة للعلمانية ." بينما قالها خالد سلك واضحة" ان الدولة السودانية
تحتاج الى دستور علماني حتى تخرج من سلسلة الحروب ". ونجد ان خالد سلك مدرك
تماما للحقيقة وهى ان الصراع حول إدارة الدولة السودانية يحتاج الى دستور واضح
يصنع المرجعية التاريخية للمستقبل ويصنع القطيعة مع ماضي التمييز والابادة
الجماعية. ولكن جيل حيدر ابراهيم يحب العيش فى الاوهام والوعودات الشفاهية التى لا
تؤسس بنية دولة لازالت فى طور التكوين. ويستدل حيدر على مطلبه، بعدم كتابة
العلمانية فى دساتير الدول المتقدمة، متناسيا ان السودان دولة ترزح تحت التخلف و
حكم الاصولية والطائفية ولها تاريخ طويل من تحطيم الثقة بين مكونات شعبها ، لذلك
فان أضعف الإيمان هو ان يتم توثيق الاتفاق على علمانية الدولة فى الدستور بناءا
للثقة وتأكيدا على صدق النوايا تجاه بناء وطن للجميع . ولا نجد قلم جيل حيدر ولا
أصواتهم ابدا فى ذات شجاعة وانصاف ومصداقية جيل خالد سلك. ولذلك لم يطالب حيدر الحكومة
الانتقالية وقحت بتحقيق مطالب الحركات المسلحة لاحلال السلام، ولكنه ينطلق من موقف
اصطفاف كامل مع القوى التى تعرقل تحقيق السلام برفضها تضمين العلمانية فى الدستور.
وبالمقابل يقولها خالد سلك واضحة ان مطلب الحركة الشعبية يجب ان يكون مطلب كل
السودانين فى موقف واضح وشجاع يصنع التوعية والتنوير ويقف فى الجانب الصحيح من
التاريخ بينما جيل حيدر ظل دوما يقف فى الجانب الخطأ من التاريخ، وهذا ما اثبتته
استمرارية حكم الكيزان ٣٠ عاما عجز خلالها ذلك الجيل رغم كل الامكانيات التى توفرت
له من تحقيق الثورة حتى جاء جيل تربى على يد الكيزان أنفسهم ليثور على الجميع.
وليس من حق حيل حيدر السيطرة ولا الوصاية هلى الجيل الذى صنع التغيير بدماؤه وعرقه.
وليس حيدر ابراهيم وجيله عمى او جهلاء
عن واقع أهمية كتابة العلمانية فى دستور السودان، ولكنهم من جيل المشافهة والونسة،
ورغم ان حيدر ابراهيم يتحدث كثيرا عن أهمية الكتابة والتوثيق، الا ان جيله لم
يستوعب أهمية ذلك التوثيق عمليا ،فهو جيل الحكايات التى يتم إعادة صياغتها حسب
مقتضيات الحاجة وبما فى ذلك حكايات وتواريخ الشعوب والأوطان، لذلك جرى على أيدى
ذلك الجيل الكثير من التزييف والتشويه لتاريخ مجموعات مقابل الاعلاء من شان
مجموعات اخرى فى عملية ممنهجة لخدمة مصالح مجموعات معينة وبنظرة متعالية على
ألاخرين . لكن جيل خالد سلك هو جيل التويتر والفيس بوك، حيث كل شئ موجود علنا
والتاريخ يسجل لحظة بلحظة، ولا يمكن تزييفه ولا تزويره ولا صياغته من قبل الآخرين.
فكل فرد يكتب تاريخ حياته وحياة شعبه بنفسه على صفحات علنية فى كل ثانية. ولا حاجة
بعد اليوم للمحكاوتية لكى يكتبوا للاخرين قصصهم بما يخدم مصالح فئات دون أخرى.
وبين طيات التاريخ السودانى الذى يكتب
الان، فان جيل حيدر ابراهيم وجب عليهم الصمت بهدوء والتنحى بكرامة. والاقرار
الواضح بالفشل وترك الاجيال الشابة من أمثال خالد سلك وغيرهم قيادة التغيير في
السودان نحو المستقبل الذى سيعيشون فيه ولن يعيش فيه هؤلاء الشياب الذين يريدون ان
يسرقوا المستقبل بعدما ضيعوا الماضي.
nawayosman@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق